جميعنا نعرف التأمل كوسيلة للاسترخاء والهدوء، وعند ذكره، غالبًا ما يتبادر إلى أذهاننا صورة شخص جالس بهدوء على الأرض، يتنفس بعمق، لكن التأمل في الواقع هو أكثر من ذلك بكثير.

في هذا المقال، سنتعرف بشكل أعمق على ممارسة التأمل، وفوائده المتعددة، وكيفية ممارسته بشكل صجيح للمبتدئين.

ما هو التأمل؟

التأمل (بالإنجليزية: Meditation) هو ممارسة تهدف إلى تحقيق حالة من الهدوء والتركيز والسلام الداخلي من خلال دمج العقل والجسم معًا، ومن خلاله يتعلّم الإنسان كيفية تخفيف التوتر، وقمع ضجيج الأفكار المستمر في عقله، مما يؤدي إلى تحسين الصحة النفسية والجسدية. [1]

التأمل ليس بشيء جديد، إذ نشأت هذه الممارسة منذ آلاف السنين، وتطورت بأشكال مختلفة حول العالم، وعادةً ما تعتمد على الجلوس بهدوء، التنفس بعمق، أو تكرار كلمة أو عبارة مهدئة، وقد أظهرت الدراسات الحديثة باستخدام تقنيات مثل تخطيط الدماغ الكهربائي (EEG)، والتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) تأثيرات إيجابية للتأمل على الدماغ والصحة العامة. [2]

أنواع التأمل

تطوّرت ممارسة التأمل عبر العديد من الثقافات والأديان والفلسفات المختلفة، مما أدى إلى ظهور تقنيات متنوعة حسب الهدف من الممارسة، ومن أبرز أنواع التأمل: [3]

  • التركيز على التنفس:

ملاحظة حركة التنفس بوعي، مثل الشعور بدخول وخروج الهواء من الأنف، أو عد الأنفاس بإيقاع معين.

تقبّل المشاعر والأفكار والأحاسيس الجسدية كما هي، بدون محاولة تغييرها أو إصدار أحكام عليها.

  • إفراغ الذهن:

تصفية العقل عبر السماح للأفكار الداخلية بالمرور دون التمسّك بها أو التركيز عليها.

  • التأمل البصري:

التركيز على شكل أو صوت أو ملمس شيء معين، مثل شمعة مضيئة، أو صورة، أو شجرة، أو أي شيء له معنى، وملاحظة تفاصيله بهدوء.

  • التأمل الحركي:

الجمع بين الحركة والتنفس، مثل ما يحدث في رياضات اليوغا أو التاي تشي، حيث تساعد الحركات البسيطة والمنسقة على تهدئة العقل، كما يمكن ممارسة التأمل أثناء الجلوس، أو الاستلقاء، أو المشي، أو الوقوف.

  • تكرار الكلمات (المانترا): 

تكرار كلمة أو عبارة معينة بصوت عالٍ أو بصمت داخليًا؛ للمساعدة على التركيز وزيادة الوعي.

تأثير التأمل على الدماغ

مع التطور التكنولوجي، أصبح العلماء قادرين على دراسة تأثير التأمل في الدماغ بشكل أدق، وقد أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين يمارسون التأمل بانتظام لديهم تغيرات واضحة في الدماغ، مثل زيادة كثافة الأنسجة في مناطق معينة أو كبر حجمها، وهذا يعني أن الروابط بين الخلايا العصبية في هذه المناطق أصبحت أقوى وأكثر فعالية. [2]

أكثر مناطق الدماغ تأثرًا بالتأمل كانت تلك المسؤولة عن الحواس، والتفكير، والتركيز، ومعالجة المشاعر، وهذا يجعل الدماغ أكثر صحة، وأقل عرضة للتدهور مع التقدم في العمر، وحتى أفضل في التعامل مع المشاعر السلبية، كالغضب، والخوف، والحزن. [2]

sina inread banner image
مساعدك الشخصي من الطبي للاجابة على أسئلتك الصحية
الطبي يطلق سينا، ذكاء اصطناعي لخدمتك الصحية!
اسأل سينا

فوائد التأمل

إن ممارسة التأمل بشكل منتظم يحقق العديد من الفوائد الصحية والنفسية التي أثبتتها الدراسات، ومن أبرزها: [4][5]

  • تقليل التوتر:

يساعد التأمل على تخفيف التوتر، وتحسين أعراض الحالات المرتبطة به، مثل متلازمة القولون العصبي (IBS)، واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، والألم العضلي الليفي (بالإنجليزية: Fibromyalgia).

  • تحسين الذاكرة:

يعزز التأمل التركيز والوضوح الذهني، مما يساعد على تحسّن الذاكرة، والوقاية من مشاكل الذاكرة المرتبطة بالتقدم في العمر والخرف.

  • زيادة التركيز:

يعزّز التأمل من الانتباه إلى التفاصيل، والقدرة على التركيز لفترات أطول.

  • تعزيز الإرادة:

يطوّر التأمل الانضباط الذهني اللازم للتغلب على العادات السلبية.

يساعد التأمل على النوم بسرعة، ويحسّن من جودته.

  • تقليل الألم:

يمكن أن يخفف التأمل الألم، ويساعد على تنظيم المشاعر المرتبطة به، مما يدعم علاج الآلام المزمنة عند دمجه مع الرعاية الطبية.

  • خفض ضغط الدم:

يقلل التأمل من ضغط الدم تدريجيًا، مما يخفف العبء على القلب والأوعية الدموية، ويقلل خطر الإصابة بأمراض القلب.

  • تقليل القلق:

يساعد التأمل على تخفيف القلق وتحسين الصحة النفسية، بما في ذلك القلق الاجتماعي، والفوبيا، والسلوكيات القهرية.

  • تهدئة الذهن:

يقلل التأمل من الضجيج الداخلي والفوضى الذهنية، مما يمنح عقلًا أكثر هدوءًا وصفاءً.

  • الوقاية من الاكتئاب:

بفضل فوائده النفسية العديدة، وقدرته على تحسين المزاج، قد يساعد التأمل على الوقاية من الإصابة بالاكتئاب مستقبلًا.

  • تعزيز التعاطف:

يساعد التأمل على فهم الذات بشكل أفضل، وزيادة المشاعر الإيجابية تجاه الآخرين، وتحفيز السلوكيات الطيبة.

  • تقوية المناعة:

يعزز التأمل النظام المناعي، مما يساعد الجسم على مقاومة الأمراض والتعافي بسرعة أكبر.

كيفية ممارسة التأمل

يمكن ممارسة التأمل للمبتدئين من خلال هذه الخطوات البسيطة: [5][6]

  • اختيار مكان هادئ:

اجلس في مكان هادئ وخالٍ من الإزعاج، وأطفئ كل ما قد يُشغلك من الهاتف، أو التلفاز، أو أي مصدر تشتيت آخر.

  • تحديد مدة زمنية:

إذا كنت مبتدئًا، ابدأ بجلسات قصيرة تتراوح بين 5-10 دقائق في وقت معيّن كل يوم، كالصباح مثلًا.

  • اختيار وضعية مريحة:

اجلس في أي وضع مريح، سواءً كان ذلك على الأرض أو على كرسي، فالمهم أن تكون مرتاحًا، وقادرًا على الجلوس لفترة دون انزعاج.

  • التركيز على التنفس:

خذ أنفاسًا عميقة وهادئة، واشعر بتمدّد بطنك أثناء الشهيق وعودته أثناء الزفير، وركّز على إحساس كل نَفَس يدخل ويخرج.

  • مراقبة الأفكار بهدوء:

الهدف من التأمل ليس إفراغ الذهن تمامًا، فمن الطبيعي أن يتشتت عقلك بين الحين والآخر، وعندما يحدث ذلك، ببساطة أعد انتباهك إلى تنفسك دون حكم أو تحليل زائد.

  • اختتام الجلسة بهدوء:

عندما تكون مستعدًا، افتح عينيك ببطء إذا كانت مغلقة، وركّز على الأصوات من حولك، ولاحظ شعور جسمك وأفكارك ومشاعرك في تلك اللحظة.

مدة التأمل

التأمل لمدة 15 إلى 30 دقيقة يوميًا هو وقت كافي غالبًا للاستفادة من فوائده، فخلال هذه المدة يتمكّن الشخص من لالتأمل بشكل عميق دون إرهاق، مما يجعل من السهل الاستمرار على ممارسته بانتظام. [5]

 أضرار التأمل

على الرغم من فوائد التأمل العديدة، إلا أنه من المهم ممارسته بطريقة متوازنة وآمنة، ولا ينبغي استخدام التأمل كوسيلة للهروب من الواقع، أو تجنب التعامل مع المشكلات الشخصية والعملية، وإنما للتعامل معها بشكل أفضل. [3]

بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية خطيرة (مثل الفصام)، يجب أن يتم التأمل تحت إشراف متخصص؛ منعًا لحدوث نتائج سلبية. [3]

نصيحة الطبي

تشير الأبحاث إلى أن التأمل المنتظم يقدّم فوائد عديدة للجسم والعقل، مثل إدارة الألم، وتصفية الذهن، وتخفيف التوتر، وتحسين النوم والكثير غيرها، ويوفّر الطبي أطباء معتمدين وجلسات أونلاين تساعد على تعلم تقنيات التأمل المختلفة لتهدئة العقل، والتعامل مع التوتر بشكل أفضل.

اقرا ايضاً :

أشعة الشمس والتدخين ابرز أسبابها  العوامل المؤدية لشيخوخة الجلد