تُخلِّف الحروب لدى الناجين منها آثارًا نفسية سيئة فقد يعاني بعضهم من صدمة نفسية إثر ما عايشوه من أهوال الحرب، وربما فقدان الأهل والأصدقاء، علاوة على الخسائر المادية والتهجير القسري في بعض الحالات. يقع على عاتق الجميع في هذه المرحلة الصعبة التعامل مع ضحايا الحروب بطريقة صحيحة واحتوائهم وتقديم العون والدعم النفسي لهم حتى يصلوا إلى بر الأمان ويتمكنوا من العودة إلى ممارسة حياتهم الطبيعية. [1]

نناقش في هذا المقال كيفية التعامل من الناحية النفسية مع ضحايا الحروب، وطرق تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمساهمة في تجاوز هذه المحنة، وكذلك الأمور التي يجب تجنبها في التعامل مع الناجين من الحرب.

كيفية التعامل مع ضحايا الحروب

يعد مساندة ضحايا الحروب وتقديم الحب والدعم النفسي لهم حتى لو بأبسط الإمكانات كقضاء الوقت معهم والاستماع لتجاربهم، وسيلة فعالة في مساعدتهم على تجاوز مشاعر الحزن والعجز والحد من الألم النفسي الذي يعتريهم. [2]

ومن أبرز الإرشادات الهامة حول كيفية التعامل مع ضحايا الحروب ما يلي: 

  • الإصغاء الجيد دون مقاطعة

يعد من أهم الطرق الصحيحة في التعامل مع ضحايا الحروب إعطاؤهم المساحة الكافية للتعبير عما بداخلهم والاستماع الجيد لما يقولونه وإبداء الاهتمام حتى لو تكرر الحديث عن تجاربهم المؤلمة، بل يمكن أيضًا تشجيعهم على التحدث للإفصاح عما في نفوسهم ولكن دون ضغط. [2]

يوصى أيضًا باتباع الإرشادات التالية عند الاستماع لرواية ضحايا الحروب حول ما مروا به: [3]

  • طمأنتهم وإبداء الاهتمام بهم، وإخبارهم أن أمرهم يهمك ويعني الكثير.
  • الإصغاء والانتباه أثناء حديثهم دون مقاطعة.
  • احترام مشاعرهم وتجنب إطلاق الأحكام عليهم.
  • منحهم الوقت للحديث عمّا يريدون.
  • الامتناع عن لومهم أو انتقاد ردة فعلهم على التجارب المؤلمة التي عاشوها في الحرب.
  • تجنب تقديم النصائح والحكم أثناء الحديث عن ما مروا به، فهم فقط بحاجة إلى من يستمع لآلامهم ويقدر مشاعرهم.

  • معرفة المحفزات التي تثير الذكريات المأساوية

قد تستمر معاناة ضحايا الحرب بعد انتهائها خاصة لمن أصيبوا بصدمة نفسية، حيث يمكن أن تثير بعض المواقف أو الأحداث، مثل الأصوات العالية أو المدوية الذكريات المروعة التي مروا بها وتعيد مشاعر الألم إليهم مرة أخرى.

لذا من المهم عند التعامل مع ضحايا الحروب معرفة هذه المحفزات والعمل على تجنيبهم من التعرض لها قدر الإمكان. [3]

  • تقديم الدعم النفسي والاجتماعي

ينبغي العمل على تقديم الدعم النفسي لضحايا الحروب فهم يكونون في أمس الحاجة لذلك، والحرص على عدم تركهم ينعزلون بأنفسهم مع الحرص على احترام مساحتهم الشخصية، حيث أن الانعزال والابتعاد عن الآخرين لن يجدي نفعًا بل ربما يزيد من معاناتهم وتكرار استعادة الذكريات المؤلمة. [4]

تتضمن الطرق الفعالة في التعامل مع ضحايا الحروب وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم ما يلي: [1][2][4]

  • إظهار الحب وقضاء الكثير من الوقت معهم.
  • مساعدتهم على العودة إلى الانخراط في الحياة الطبيعية.
  • تشجيعهم على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والتواصل مع الآخرين، لتجنب الانسحاب الاجتماعي.
  • تقديم المساعدة في المهام اليومية، مثل إعداد الطعام أو التسوق أو التنظيف، فقد يعاني ضحايا الحروب من صعوبة التركيز وعدم القدرة على القيام بأبسط المهام اليومية لما يمرون به من إرهاق نفسي شديد.

ينصح أيضًا بتقديم الدعم المادي لضحايا الحروب إذا أمكن ذلك، حيث قد يواجه العديد من ضحايا الحروب من صعوبات مادية نتيجة لخسارتهم أملاكهم وأشغالهم. [4]

اقرأ أيضًا: ما هي الآثار النفسية للحروب والصراعات؟

  • إعادة بناء الثقة وبث الطمأنينة والأمل

قد يفقد ضحايا الحروب الثقة فيمن حولهم وتتغير نظرتهم للعالم فيصبح بمثابة مكان مروع لا يمكن العيش فيه، وهنا ينبغي علينا إعادة بناء الثقة وإحياء الأمل في نفوس هؤلاء الضحايا ليستطيعوا المضي قدمًا في الحياة. [2]

يمكن أن تساهم النصائح التالية في التعامل مع ضحايا الحروب بأسلوب صحيح يعيد الشعور بالثقة والأمان ويبث الطمأنينة في نفوس ضحايا الحروب: [2]

  • طمأنة الشخص بأنك ستظل بجانبه إلى أن تمر هذه المحنة ويستطيع العودة لممارسة الحياة الطبيعية ليدرك أنه ليس وحيدًا في هذا العالم.
  • التحدث عن المستقبل بإيجابية أمامه، والتخطيط له، وإعطاء الأمل حول تغير الظروف للأفضل.
  • مساعدته على بناء الثقة بنفسه بالتركيز على نقاط القوة لديه والعمل على دعمها.
  • عمل روتين واضح ليومه بدءًا من تحضير الفطور معًا، ومن ثم القيام بالواجبات المنزلية، وترتيب المهام اليومية إلى موعد النوم، حيث يمنح ذلك الفرد شعورًا بالاستقرار والأمان.
  • تخصيص مهام للشخص للقيام بها فذلك يساعد في استعادة ثقته بنفسه وقدراته.

اقرا ايضاً :

 هل من اختلاف بين عقل الرجل وعقــــل المــــرأة؟

  • إعطاء مساحة شخصية

ينبغي عند التعامل مع ضحايا الحروب احترام خصوصيتهم وإعطائهم الحرية في قضاء بعض الوقت مع أنفسهم دون تدخل من أحد وعدم الضغط عليهم طوال الوقت للتحدث أو التحكم في ردود أفعالهم، فهم يكونون بأمس الحاجة إلى الشعور بالأمان والاستقرار للتمكن من تجاوز أهوال الحرب التي مروا بها. [1]

  • التشجيع على المشاركة في الأنشطة الترفيهية

يمكن أن تفيد بعض الأنشطة الترفيهية في الترويح عن النفس وصرف تفكير الشخص ولو لبعض الوقت عن تكرار استعادة الأحداث التي عاشها في ظل الحرب، يعد ذلك من الوسائل الفعالة في التعامل مع ضحايا الحروب خاصة الأطفال، ومن أمثلة الأنشطة التي يمكن ممارستها ما يلي: [5] 

  • الرسم والتلوين وقراءة القصص السعيدة.
  • إلقاء الدعابة والضحك واللعب.
  • الأنشطة البدنية أو الهوايات المفضلة.
  • ممارسة الرياضة معًا مثل الجري أو السباحة أو أي رياضة محببة.

اقرأ أيضًا: كيف نتعامل مع أطفالنا وقت الحرب بطريقة صحيحة؟

  • تقديم المساعدة دون تحكم

يتعين على ضحايا الحروب في بعض المواقف اتخاذ قرارات مصيرية الأمر الذي يجعلهم في حيرة من أمرهم، فالشخص في هذه المرحلة يكون في حالة من التخبط والإحساس بالعجز وربما يواجه صعوبة في القدرة على التفكير واتخاذ القرارات السليمة، هنا يتعين علينا مساعدتهم في التفكير وليس اتخاذ القرارات بالنيابة عنهم، فعلى سبيل المثال يمكن حثهم على الانتظار وعدم التسرع في اتخاذ أي قرار، ووضع جميع الاحتمالات الإيجابية والسلبية لأمر ما، ويمكن طرح عدة حلول للمشكلة، دون اتخاذ القرار عنهم. [5]

  • التشجيع على تلقي الدعم النفسي من مختصين

لا شك أن تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والمادي لضحايا الحروب يلعب دورًا كبيرًا في تجاوز هذه المحنة، ولكن قد لا يفي ذلك بالغرض، إذ أن معظم من مروا بكوارث الحرب يكونون بحاجة إلى استشارة مع معالج أو أخصائي نفسي للتمكن من تجاوز الأمر. [2]

يمكن أن يرفض بعض الأفراد اللجوء إلى العلاج النفسي، لذا ينصح تشجيعهم باتباع أساليب غير مباشرة، مثل: [2]

  • التحدث عن إيجابيات العلاج ودور المهارات التي يكتسبها الفرد منه في المساعدة على التعامل مع مشاعره والأفكار السلبية والذكريات التي تنتابه.
  • التركيز على مشاكل محددة، فعلى سبيل المثال يمكن إخبار الشخص بأن العلاج النفسي يمكن أن يساعده في التغلب على القلق الشديد، أو أنه سيقلل من الغضب الداخلي ويساهم في التحكم في عواطفه.
  • ذكر تجارب حقيقية لأشخاص خضعوا للعلاج النفسي بعد مرورهم بأزمة معينة وكيف تبدل حالهم واستطاعوا العودة إلى الحياة الطبيعية.
  • الاعتراف ببعض الحقائق عن العلاج النفسي بأنه ليس علاجًا سحريًا وربما يستغرق بعض الوقت، ولكن العودة إلى الحياة الطبيعية والتمتع بصحة نفسية جيدة أمر يستحق التجربة.

اقرأ أيضًا: كيفية علاج الصدمة النفسية

أشياء يوصى بتجنبها عند التعامل مع ضحايا الحروب

يجب على الشخص عند التعامل مع ضحايا الحروب توخي الحذر والانتباه لحديثه وتصرفاته.

نوضح فيما يلي بعض الأمور التي ينبغي تجنبها عند التعامل مع ضحايا الحروب: [1][2][3][5]

  • الضغط على الشخص للتحدث أو سرد ما مر به.
  • عدم الإنصات للشخص عندما يرغب في الحديث عن أهوال الحرب.
  • التقليل من هول الأزمة والكوارث التي مر بها الشخص.
  • إخبار الشخص بأنه محظوظ وأن الآخرين تعرضوا لخسائر أكبر.
  • إخبار الشخص بأن الحرب قد انتهت ويجب تركها وعدم النبش في الماضي والنظر إلى المستقبل.
  • إلقاء اللوم على الشخص بأي شكل من الأشكال.
  • انتقاد ردود فعله العاطفية أو الاستخفاف بمشاعره.
  • قول عبارات مثل أنا أشعر بما تشعر به أو أنا أعرف هذا الشعور.
  • قول عبارات مثل انظر للجانب المشرق وغيرها عند التحدث مع ضحايا الحروب.
  • اقتحام المساحة الشخصية وعدم احترام خصوصيات الضحايا والمصابين أو النازحين.
  • تقديم النصائح والحكم دون أن يطلب الشخص ذلك.
  • الإصرار المبالغ فيه على الخضوع للعلاج النفسي.

اقرأ أيضًا: كيفية الحفاظ على الصحة النفسية في ظل اندلاع الحرب

نصيحة الطبي

يعد التعامل مع ضحايا الحروب من الناحية النفسية ليس أمرًا سهلا؛ لذا يجب الوعي بالطرق الصحيحة لاحتوائهم ودعمهم، وعدم الاستسلام فقد يستغرق تعافي ضحايا الحروب وقتًا طويلًا يصل إلى عدة أشهر أو سنوات وربما يمرون خلالها بانتكاسات، ولكن مع تلقي الدعم النفسي والاجتماعي بجانب العلاج لدى مختص نفسي يساعد على التعافي إلى حد كبير والعودة إلى ممارسة الحياة الطبيعية.

عندما أواجه شخص ما أو أقف إماما بالناس فالصلاة قلبي يدق بسرعة ولا أستطيع أخذ نفسي ولا أستطيع النطق وتزداد الرعشة، خصوصا عند القدمين بحيث لا أستطيع الوقوف طويلا فما الحل؟