يُعدّ تسمم الحمل من أكثر المضاعفات شيوعًا أثناء فترة الحمل والذي يُمكن أن يكون خطيرًا في حال لم يتم التعامل معه بشكل صحيح. ومن المُمكن أن تساعد معرفة أسباب تسمم الحمل وعوامل خطر الإصابة به في التنبؤ بحدوث المشكلة مبكرًا والأخذ بجميع الاحتياطات اللازمة لتقليل خطر الإصابة بها. [1]

وفي المقال التالي سنناقش كل ما يخص أسباب الإصابة بتسمم الحمل والعوامل التي تزيد من احتمالية إصابة الحامل بهذه المشكلة الصحية.

أسباب تسمم الحمل

إنّ تسمم الحمل (بالإنجليزية: Pre-Eclampsia) هي حالة تؤثر على بعض النساء الحوامل، والتي تتمثّل بارتفاع ضغط الدم المفاجئ والمستمر أثناء فترة الحمل، وقد تترافق هذه الحالة مع مضاعفات أخرى خطيرة، مثل: تلف الكلى أو الكبد، ممّا يُشكل خطرًا على صحة الأم والطفل. [1][2]

يُمكن أن يُسبّب تسمم الحمل أعراضًا أخرى، مثل: وجود الكثير من البروتين في بول الأم، وكذلك تورّم في الساقين، والقدمين، واليدين، وتكون شدة هذه الأعراض متراوحة من خفيفة إلى شديدة. [1][2]

يحدث تسمم الحمل عادةً خلال الثلث الثالث من الحمل، أي بعد تجاوز الأسبوع 20 من الحمل، إلّا أنّه يحدث في معظم الحالات بين الأسبوعين 24 - 27 من الحمل، كما من المُمكن أن يحدث بعد الولادة بفترة قصيرة، وهي حالة تسمى تسمم الحمل بعد الولادة (بالإنجليزية: Postpartum Preeclampsia). [2][3]

إلى الآن لم يتم تحديد أسباب تسمم الحمل بشكلٍ دقيق، ومن المُمكن أن تساهم عوامل وأسباب عديدة بحدوثها، بما في ذلك وجود مشكلة في المشيمة أو تدفّق الدم إليها، أو الإصابة باضطرابات الجهاز المناعي، والعوامل الوراثية وغير ذلك الكثير. [1][2]

وفيما يلي سنذكر الأسباب المحتملة للإصابة بتسمم الحمل:

مشاكل متعلقة بالمشيمة

من الأسباب الرئيسية التي من المُمكن أن تؤدي إلى الإصابة بتسمم الحمل هي عدم تطوّر المشيمة بشكل صحيح وهو أمر يحدث نتيجةً لوجود مشكلةٍ ما في الأوعية الدموية التي تغذي المشيمة. [1][4]

تتطوّر المشيمة خلال الحمل، وتقوم بإمداد الطفل بالأكسجين، والمواد المغذية، والأجسام المضادة من دم الأم إلى الطفل عبر الحبل السري، والذي يحمل فضلات الطفل أيضًا إلى دم الأم ليتخلص الجسم منها. [4]

لا تحصل المشيمة في حالة تسمم الحمل على كمية كافية من الدم، وبالتالي قد لا تنمو وتتطوّر بالشكل الصحيح، وهذا ما يؤدي إلى إلى تعطّل تدفّق الدم بين الأم والطفل. كما ينتج عن المشيمة التالفة إشارات أو مواد تؤثر على الأوعية الدموية للأم، الأمر الذي يُسبّب تطوّر أعراض تسمم الحمل متمثلةً بارتفاع ضغط دم، بالإضافة إلى تسرّب بروتينات معينة من الدم إلى بول الأم في بعض الأحيان، وهي حالة يُطلق عليها اسم البيلة البروتينية. [4][5]

ومن المُمكن أن تعود أسباب عدم تطوّر المشيمة ونموّها بشكل طبيعي إلى وجود خلل في نموّ الأوعية الدموية التي تغذي المشيمة خلال الحمل، حيث يتغيّر شكل هذه الأوعية خلال المراحل المبكرة من الحمل، لتصبح أوسع وأكثر استرخاءً، الأمر الذي يسمح بتدفّق كميات كبيرة من دم الأم نحو المشيمة. [4][6]

لكن تتعطل هذه العملية لدى النساء المصابات بتسمم الحمل، الأمر الذي يجعل الشرايين التي تزود المشيمة بالدم أضيق وأقل استرخاءً لديهن، ممّا يتسبّب في وصول الدم إلى المشيمة عند مستويات أعلى من ضغط الدم. الأمر مشابه لعملية تدفق الماء في الخرطوم، حيث يؤدي استخدام الخرطوم الضيق إلى خروج الماء منه عند ضغط أعلى مقارنةً بخروجه من الخرطوم المتسّع. [6]

إلى الآن لم يتم التعرّف على أسباب عدم تغيّر هذه الأوعية الدموية بالشكل الصحيح، ومن المحتمل أن يكون للعوامل الوراثية دور في ذلك، خاصةً أنّ الحالة غالبًا ما تنتقل عبر العائلات، ولكن من المحتمل أن يكون هناك أسباب وعوامل أخرى تُسبّب ذلك. [4]

ويجب التنويه إلى أنّه لا تكون المشيمة غير طبيعية أو تالفة لدى جميع النساء المصابات بتسمم الحمل، كما لا تُصاب جميع النساء اللاتي لديهن مشيمة تالفة بتسمم الحمل، وهذا ما يدعم وجود أسباب أخرى للإصابة بتسمم الحمل. [6]

اقرأ أيضًا: أعراض تسمم الحمل المبكرة والمتقدمة

اضطرابات الجهاز القلبي الوعائي

يُشكل الحمل ضغطًا كبيرًا على الجهاز القلبي الوعائي للأم، حيث يتعيّن على هذا الجهاز أن يُوزع الدم في جميع أنحاء جسم الأم كالمعتاد وأن يُزود المشيمة بالدم لدعم نموّ الجنين. ومن المهم أن يتكيّف كل من قلب الأم والأوعية الدموية على هذا الضغط الكبير وتحمله بهدف الحفاظ على صحة الحمل، ولهذا نجد حجم الدم مرتفعًا وتكون الأوعية الدموية مسترخية بشكل كبير عند المرأة الحامل. [6]

ومن المُمكن أن يؤدي عدم حدوث التكيّف في الجهاز القلبي الوعائي الطبيعي أثناء الحمل إلى تطوّر بعض الاضطرابات في قلب الأم والأوعية الدموية لديها الأمر الذي يزيد من خطر إصابتها بتسمم الحمل. [6][7]

وممّا يدعم هذا السبّب المحتمل من أسباب تسمم الحمل هو أنّ النساء اللاتي يُصبن بتسمم الحمل تكون لديهن وظائف الجهاز القلبي الوعائي غير طبيعية تتميّز بانخفاض حجم الدم مع انخفاض مستويات استرخاء الأوعية الدموية. كما أنّ النساء الحوامل اللاتي يُصبن بتسمم الحمل الشديد لديهن ناتج قلبي أقل بكثير في الثلث الثاني من الحمل مقارنةً بالنساء الحوامل الأصحاء. [6]

أيضًا، يُمكن أن يتطوّر تسمم الحمل نتيجة إصابة الحامل بما يسمى بارتفاع ضغط الدم الحملي، والذي يُعرَّف على أنّه ارتفاع مستويات ضغط الدم أثناء الحمل لأكثر من 140/90 مليمتر زئبقي والذي لا يُرافقه حدوث أي تلف الكلى أو الكبد أو وجود بروتين في البول. ويُمكن أن تتراوح نسبة الإصابة بتسمم الحمل ما بين 15 - 25% من النساء اللاتي تم تشخيصهن بارتفاع ضغط الدم الحملي، كما يكون خطر الإصابة بتسمم الحمل أعلى بالنسبة للنساء اللاتي تم تشخيصهن بارتفاع ضغط الدم قبل بدء الحمل. [2][3]

اضطرابات الجهاز المناعي

يُمكن أن يكون للجهاز المناعي أدوارًا محتملة للإصابة بتسمم الحمل، وتشمل هذه الأدوار ما يلي:

  • المعاناة من اضطرابات المناعة الذاتية 

على الرغم من عدم اعتبار تسمم الحمل اضطرابًا مناعيًا ذاتيًا إلى أنّه يُمكن أن يكون هناك دور لآليات المناعة الذاتية في تطوّر المرض، وهذا ما يُمكن أن يُفسّر ارتفاع خطر الإصابة بتسمم الحمل لدى النساء اللاتي يُعانين من أمراض المناعة الذاتية، مثل: مرض الذئبة الحمامية الجهازية أو متلازمة أضداد الفوسفوليبيد. [4][5]

  • ارتفاع مستويات الأجسام المضادة لمستقبلات الأنجيوتنسين II من النوع الأول

يُمكن أن ترتبط الإصابة بتسمم الحمل بالأجسام المضادة التي ترتبط بمستقبل الأنجيوتنسين II من النوع الأول (بالإنجليزية: Angiotensin II Type I Receptor Antibodies or AT1-AA)، وتتضمّن الأدلة التي تدعم ذلك أولًا ارتفاع مستويات الأجسام المضادة لمستقبلات الأنجيوتنسين II من النوع الأول لدى 80% من النساء المصابات بتسمم الحمل. كما أنّ هناك رابط ما بين مستويات هذه الأجسام المضادة في مصل الأم الحامل ومدى شدة ارتفاع ضغط الدم والبروتين في البول لديها. [5][7]

فمن المُمكن أن يكون للأجسام المضادة الذاتية لمستقبلات الأنجيوتنسين II من النوع الأول تأثير مستدام على تضيق الأوعية الدموية ويُمكن أن تُسبّب تلف الخلايا البطانية، وهذا بدوره يؤدي إلى الإصابة بتسمم الحمل. أما حول الأسباب المحتملة لارتفاع هذا النوع من الأجسام المضادة، فمن المُمكن أن يعود لنقص تروية المشيمة الذي يحدث بعد انخفاض ضغط تدفّق الدم الرحمي. [5][7]

حساب موعد الولادة التقريبي(بسيط)

تستعمل هذه الحاسبة لتحديد موعد تقريبي لتاريخ الولادة، وتعتمد في ذلك على عمر الحمل المرتبط بآخر دورة شهرية.
يتم تحديد عمر الحمل المرتبط بآخر دورة شهرية عن طريق حساب عدد الأيام المنقضية منذ أول يوم من آخر دورة شهرية، كما يمكن تحديد تاريخ الولادة المتوقع عن طريق إضافة 280 يوم (40 أسبوع) إلى تاريخ اليوم الأول من آخر دورة شهرية.

التاريخ الحالي
تاريخ أول يوم لآخر دورة
×إغلاق

نتائج العملية الحسابية

تاريخ الولادة المتوقع

عمر الحمل التقريبي

  • وجود استجابة مناعية تجاه وجود الجنين داخل الرحم

أيضًا، تتضمّن أسباب تسمم الحمل المحتملة وجود رد فعل مناعي تجاه وجود الجنين داخل الرحم، فعلى الرغم من أنّ الجنين هو عبارة عن مزيج بنسبة 50/50 تقريبًا من الأم والأب، إلّا أنّه في الحالات الطبيعية يجب ألّا يتفاعل الجهاز المناعي للأم مع وجود الجنين داخل الرحم، حيث تعمل المشيمة كحاجز بين الطفل والجهاز المناعي للأم، كما يتم قمع الجهاز المناعي للأم الحامل أيضًا لتقليل احتمالية حدوث رد فعل مناعي تجاه الطفل. [6][7]

​لكن، ونتيجةً لخلل ما في وظائف الجهاز المناعي للأم ستتطوّر استجابة مناعية غير طبيعية تجاه وجود الجنين داخل الرحم. مع ذلك، غالبًا ما يؤدي التعرّض المُسبق لبروتينات الأب قبل الحمل بالتقليل من تطوّر الاستجابة المناعية تجاه الجنين، وبالتالي يُمكن أن يُقلل ذلك من خطر الإصابة بتسمم الحمل، ويتم هذا التعرّض من خلال ممارسة الجنس المهبلي غير المحمي وتعرّض المرأة للسائل المنوي لفترات زمنية طويلة. [6][7]

كل ذلك يُفسّر زيادة خطر الإصابة بتسمم الحمل في الحالات التالية التي يكون فيها تعرّض الأم لبروتينات الأب قليل نسبيًا: [2][6][7]

  • الحمل لأول مرة. 
  • الحمل من شريك جديد.
  • الحمل الذي تم بعد الجماع الأول بفترة وجيزة.
  • الحمل باستخدام تقنيات الإخصاب الاصطناعي.
  • الحمل بعد مضي أكثر من 10 سنوات من آخر حمل تم لدى المرأة.

أسباب أخرى

تتضمّن أسباب تسمم الحمل المحتملة أيضًا ما يلي: [8]

  • نقص تروية الرحم، وهي حالة يحدث فيها ضعف أو عدم تدفّق الدم الكافي إلى الرحم خلال الحمل.
  • كثرة حدوث الحالات الالتهابية خلال فترة الحمل.
  • حدوث خلل في توازن الهرمونات التي تحافظ على حجم ومدى اتساع الأوعية الدموية.
  • تلف بطانة الأوعية الدموية التي تساعد على منع الدم من التجلط، وتحسّن من مرونة الأوعية الدموية، وتحافظ على السوائل والبروتين داخل الأوعية الدموية.
  • نقص الكالسيوم، حيث يساهم الكالسيوم في الحفاظ ضغط الدم الطبيعي وسلامة الأوعية الدموية، وقد يؤدي نقصه إلى ارتفاع ضغط الدم خلال الحمل.
  • إصابة الأوعية الدموية بسبّب زيادة تدفّق الدم أو الضغط الزائد.

عوامل خطر الإصابة بتسمم الحمل

بالإضافة إلى أسباب تسمم الحمل المذكورة سابقًا، هناك بعض عوامل الخطر التي يُمكن أن تزيد من احتمالية الإصابة بهذه الحالة أيضًا، والتي تشمل ما يلي: [1][2]

  • العوامل الوراثية: ففي حال كان هناك تاريخ عائلي للإصابة بتسمم الحمل، تكون المرأة أكثر عرضةً للإصابة به.
  • الإصابة سابقًا بتسمم الحمل: يُمكن أن تكون المرأة التي أصيبت بتسمم الحمل في حملها الأول أكثر عُرضة للإصابة به في حالات الحمل اللاحقة.
  • الحمل المتعدد: حيث يكون خطر الإصابة بتسمم الحمل أعلى عندما تكون المرأة حاملًا بطفلين أو أكثر.
  • حالات مرضية معينة: فمن المُمكن أن يزيد خطر الإصابة بتسمم الحمل في حال كانت المرأة تعاني من:
  • السمنة: تكون النساء اللواتي يعانين من السمنة وزيادة الوزن، أي يكون لديهن مؤشر كتلة الجسم أعلى من 30، أكثر عُرضةً للإصابة بتسمم الحمل.
  • التقدم بالسن: حيث يكون خطر الإصابة بتسمم الحمل أعلى لدى النساء اللاتي تجاوزت أعمارهن 35 عامًا.

نصيحة الطبي

يُمكن أن يتسبّب تسمم الحمل بحدوث مضاعفات تضر بصحة الأم والجنين، ولذلك يجب على كل امرأة حامل أن تتبع نمط حياة صحي يساعدها في تجنُّب الإصابة بهذه الحالة، ومن الضروري عدم إهمال أي عرض غريب يمكن أن يواجهها، وإجراء الفحوصات الدورية لضمان صحتها وصحة الجنين.

ويمكنك الآن استشارة أحد أطباء موقع الطبي للتعرف على معلومات أكثر حول أسباب تسمم الحمل.

اقرا ايضاً :

تداعيات الحمل على  بشرة الوجه