القهوة بالنسبة للكثيرين أكثر من مجرد مشروب صباحي؛ فهي طقس يومي يمنحك دفعة من التركيز، ويحسّن مزاجك، ويزوّد جسمك بجرعة عالية من مضادات الأكسدة التي تحمي الخلايا من التلف. ومؤخرًا كشفت دراسة حديثة عن فوائد جديدة للقهوة: فقد تبيّن أنّ شربها يوميًا يبطئ الشيخوخة، خصوصًا لدى الأشخاص المصابين باضطراباتٍ نفسية شديدة.
فما سر هذه الفائدة؟ وما الكمية المناسبة منها؟ وهل لها أي أضرار؟ إليك ما تقوله الدراسات!
ما فوائد القهوة للشيخوخة؟ هل فعلًا تطيل العمر؟
تحتوي القهوة على مضادات أكسدة قوية ومركبات نباتية مثل حمض الكلوروجينيك (CGA)، ويُعتقد أنّها السبب وراء فوائدها للشيخوخة، وقد أكدت عدة دراسات الآتي:
- تبطئ هذه المركبات تلف الخلايا الناجم عن الشيخوخة والتقدم في العمر.
- تُخفف الالتهاب وتحارب الإجهاد التأكسدي، وهي مؤشرات ترتبط بالشيخوخة المبكرة.
- تحمي الحمض الوراثي والتيلوميرات، وهي الأجزاء الطرفية من الكروموسومات التي يتناقص طولها مع التقدم في العمر.
دراسة نرويجية تؤكد: القهوة قد تجعل خلاياك أصغر بـ 5 سنوات!
أجرى باحثون من النرويج دراسة لبحث فوائد القهوة للشيخوخة على مجموعة من المصابين باضطرابات نفسية شديدة، وكشفت النتائج الآتية:
- كان طول التيلوميرات أقصر لدى الأشخاص الذين لا يشربون القهوة، مما يشير إلى شيخوخة أسرع وعمر بيولوجي أكبر.
- كان طول التيلوميرات أطول لدى من تناولوا القهوة يوميًا، ولوحظ أنّ عمرهم البيولوجي أصغر بما يُعادل 5 سنوات مقارنةً بغيرهم.
لماذا ركّزت الدراسة على مرضى الاضطرابات النفسية؟
اختار الباحثون دراسة تأثير القهوة على مرضى الاضطرابات النفسية الشديدة، مثل الفصام، وثنائي القطب والاكتئاب الشديد، لأنّهم يمتلكون تيلوميرات أقصر مقارنةً بأقرانهم، أو بمعنى آخر يشيخون بشكلٍ أسرع، بل ذكرت دراسات سابقة أنّ متوسط أعمارهم يكون أقل بنحو 15 عامًا بسبب ارتفاع خطر إصابتهم بأمراض القلب والسرطان.
لهذه الأسباب، أراد الباحثون تحديد ما إذا كانت القهوة قادرة على إبطاء هذه الشيوخة، وقد كشفت الدراسة التي جمعت بيانات من عام 2007- 2018 أن الأشخاص الذين شربوا القهوة يوميًا امتلكوا تيلوميرات أطول، وكان عمرهم البيولوجي أصغر بحوالي 5 سنوات تقريبًا.
كمية القهوة المناسبة: ما الحد الذي يمنحك الفائدة دون مخاطر؟
أكدت نتائج الدراسة إلى أن الاعتدال في شرب القهوة هو الأفضل للحصول على فوائدها، وقد لاحظوا أنّ أفضل تأثير ظهر عند شرب 3- 5 أكواب يوميًا، فالمجموعة التي التزمت بهذه الكمية كان عمرها البيولوجي أصغر بـ 5 سنوات تقريبًا.
وبالمقابل، أكد الباحثون أن تناول كمية أعلى لم يُقدم أي فائدة إضافية، بل على العكس زادت شكوى المشاركين في الدراسة من أضرار القهوة، مثل الأرق ومشكلات الجهاز الهضمي.
أفضل وقت لشرب القهوة: متى تحصل على أكبر فائدة؟
لم تُحدد الدراسة أفضل وقت لشرب القهوة، ولكن ذكرت دراسة حديثة أخرى أنّ الأشخاص الذين تناولوا القهوة قبل الظهر كان أقل عرضة لخطر الوفاة المبكرة، خصوصًا المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وحذّر الباحثون من شرب القهوة بعد الساعة 4 مساءً؛ لأنّ الكافيين قد يظل في الجسم لساعات طويلة، مما يؤثر على جودة النوم ويزيد من الأرق.
أضرار الإفراط في القهوة: متى تتحول الفوائد إلى مخاطر؟
بالرغم من فوائد القهوة، إلا أنّ الإفراط فيها يُسبب العديد من الأضرار، أبرزها:
- اضطرابات النوم والأرق؛ لأن الكافيين مادة منبهة تزيد شعورك باليقظة وتُقلل جودة النوم، مما يُسرع الشيخوخة.
- زيادة القلق والتوتر، مما يزيد اضطرابات القلق والهلع سوءًا لدى بعض الأشخاص.
- مشكلات في الجهاز الهضمي، مثل الحموضة وتهيج المعدة.
- تراجع امتصاص الكالسيوم مع مرور الوقت إذا كانت الجرعة عالية جدًا.
قد يهمك: كيفية التخلص من الكافيين في الجسم.
نصيحة الطبي
للاستفادة من فوائد القهوة للشخوخة وطول العمر، احرص على شربها باعتدال يوميًا، وخلال ساعات الصباح أو قبل الظهر لتجنب الأرق وضعف جودة النوم، ولكن تجنب إضافة السكريات والمبيضات إليها، ولا تتناولها مع الحلويات.
وتذكّر أن الإفراط قد يقلب الفائدة إلى ضرر، خاصة لدى من يعانون من القلق أو مشكلات الجهاز الهضمي. وإذا كنت مصابًا باضطراب صحي أو تتناول أدوية معينة، فمن الأفضل استشارة الطبيب لتحديد الكمية الأنسب لك.