تُعدّ الغدة الدرقية إحدى الغدد المهمة مهم جدًا في جسم الإنسان، فهي تلعب دورًا رئيسيًا في عملية التمثيل الغذائي، وبالتالي فهي تؤثر على وظائف الأعضاء بشكل كبير. ومن المُمكن أن تؤثر اضطرابات الغدة الدرقية على الصحة العامة لمختلف أعضاء الجسم، بما في ذلك الفم، ومن المُمكن أن تكون هذه الاضطرابات هي السبّب الرئيسي وراء انبعاث رائحة كريهة من الفم. [1]
وفي هذا المقال سنتعرف على العلاقة ما بين الغدة الدرقية ورائحة الفم، وكيف يُمكن التخلص من هذه المشكلة.
محتويات المقال
علاقة الغدة الدرقية ورائحة الفم
تنتج رائحة الفم الكريهة بشكل رئيسي عن إطلاق مركبات الكبريت المتطايرة، والتي تنتج بسبب تراكم البكتيريا في الفم. ويزداد إنتاج هذه المركبات لدى الأشخاص الذين يعانون من سوء نظافة الفم ومشاكل اللثة والفم، كما يُمكن أن تزداد أيضًا لدى أولئك الذين يعانون من اضطرابات الغدة الدرقية والأمراض المزمنة الأخرى. [1]
ومن الجدير ذكره أنّ رائحة الفم الكريهة لا ترتبط ارتباطًا مباشرًا باضطرابات الغدة الدرقية، بل يُمكن أن تكون نتيجةً لتأثير هذه الاضطرابات على وظائف الجسم المختلفة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تؤدي اضطرابات الغدة الدرقية إلى جفاف الفم واضطرابات في الجهاز الهضمي، وقد يترتب على ذلك زيادة احتمالية الإصابة برائحة الفم الكريهة. [1][2]
بالإضافة إلى ذلك، إنّ نشاط الغدة الدرقية يُمكن أن يرتبط بمتلازمة شوغرين، وهو ما يُمكن أن يؤثر على إفراز اللعاب، وبالتالي يزيد من احتمالية حدوث رائحة الفم الكريهة. [1][2]
وفيما يلي نذكر الأسباب الكامنة وراء العلاقة ما بين أمراض الغدة الدرقية ورائحة الفم الكريهة بالتفصيل:
جفاف الفم
من بين المضاعفات التي يُمكن أن تنتج عن أمراض الغدة الدرقية وتؤدي إلى رائحة الفم الكريهة، يأتي انخفاض إنتاج وإفراز اللعاب من الغدد اللعابية في المقدمة، والذي غالبًا ما يُسبّب جفاف الفم. [1][2]
ويعود السبّب في هذا الانخفاض في إنتاج اللعاب لبطء عملية التمثيل الغذائي المرتبطة بقصور الغدة الدرقية. بالإضافة إلى تسبب قصور الغدة الدرقية في التنفّس عبر الفم أثناء النوم والشخير، وهي إحدى الأسباب الشائعة جدًا لجفاف الفم ورائحة الفم الكريهة. [1][2]
وفي حين أن جفاف الفم يرتبط غالبًا بقصور الغدة الدرقية، إلا أنّه من المُمكن أن يحدث أيضًا مع مجموعة أخرى من أمراض الغدة الدرقية، والتي تشمل: [2]
- فرط نشاط الغدة الدرقية غير المعالج أو غير المسيّطر عليه، ولكن السبّب وراء هذا الارتباط غير واضح حتى الآن ويحتاج إلى المزيد من البحث والدراسة.
- التهاب الغدة الدرقية لهاشيموتو (بالإنجليزية: Hashimoto's Thyroiditis)، وهو أحد أنواع أمراض المناعة الذاتية التي تُسبّب قصور في وظائف الغدة الدرقية.
- التهاب الغدة الدرقية تحت الحاد (بالإنجليزية: Subacute Thyroiditis)، والذي قد ينجم عن أسباب مختلفة، مثل: الإصابة بأنواع أخرى من التهاب الغدة الدرقية، أو استخدام بعض الأدوية، أو الإصابة بعدوى، ويُمكن أن تؤدي هذه الحالة إلى تطوّر قصور الغدة الدرقية أو فرط نشاطها.
- قصور الغدة الدرقية غير المشخّص (بالإنجليزية: Subclinical Hypothyroidism)، حيث يُمكن أن يعاني الأشخاص المصابون بقصور الغدة الدرقية في مراحل مبكرة من أعراض غير ملحوظة جدًا، بما في ذلك جفاف الفم.
- مرض جريفز (بالإنجليزية: Grave's Disease)، وهو نوع من أنواع فرط نشاط الغدة الدرقية الشائعة، والذي يُسبب أعراضًا مثل: فقدان الوزن، والأرق، وجفاف الفم.
وإلى جانب الأمراض التي تصيب الغدة الدرقية، تُعدّ متلازمة شوغرن (بالإنجليزية: Sjogren's Syndrome) واحدة من المتلازمات الأكثر شيوعًا لدى الأشخاص المصابين بالتهاب الغدة الدرقية هاشيموتو والتي تُسبّب جفاف الفم ورائحة الفم الكريهة. وفي الوقت نفسه، يُعتبر مرضى متلازمة شوغرن أكثر عرضة لخطر الإصابة بمشاكل في الغدة الدرقية. [1][3]
متلازمة شوغرن هي إحدى الأمراض المناعية الذاتية التي تؤثر بشكل أساسي على الغدد التي تنتج الدموع واللعاب، مما يؤدي إلى جفاف العين والفم. ويعتبر هذا النقص في إنتاج اللعاب سببًا رئيسيًا يجعل الفم بيئة خصبة لنمو البكتيريا، مما يؤدي إلى انبعاث رائحة كريهة من الفم. [1]
ولا تقتصر العلاقة بين اضطرابات الغدة الدرقية ورائحة الفم الكريهة الناتجة عن جفاف الفم بالأمراض بحد ذاتها، ولكن يُمكن أن تُسبّب بعض علاجات أمراض الغدة الدرقية جفاف الفم لدى المريض، ومن بينها: [2]
- العلاج الإشعاعي: حيث يُمكن أن يؤثر العلاج الإشعاعي المستخدم في علاج سرطان الغدة الدرقية على الغدة الدرقية، الأمر الذي قد يؤدي إلى تلف الغدد اللعابية، ممّا يقلل من كمية اللعاب التي يتم إنتاجها في الفم.
- العلاج باليود المشع: فمن المُمكن أن يؤدي استخدام اليود المشع إلى قصور الغدة الدرقية وانخفاض كمية اللعاب المفرزة من قبل الغدة اللعابية. ومن الجدير بالذكر أن اليود المشع يستخدم لعلاج سرطان الغدة الدرقية وبعض أنواع فرط نشاط الغدة الدرقية.
- العلاج الهرموني: فعلى الرغم من أن استخدام العلاج البديل لهرمون الغدة الدرقية يساعد في تحسين جفاف الفم، إلا أنّه في بعض الحالات قد يؤدي إلى جفاف الفم.
أمراض الفم واللثة
تُسبّب اضطرابات الغدة الدرقية غير المسيطر عليها زيادة خطر الإصابة بالعديد من الأمراض التي تؤثر على الفم واللثة، والتي تُعدّ من أبرز أسباب رائحة الفم الكريهة. وتشمل اضطرابات الفم الناتجة عن اضطرابات الغدة الدرقية ما يلي: [3][4]
- ضعف صحة اللثة.
- تأخر التئام الجروح في الفم.
- تسوس الأسنان.
- هشاشة الفك العلوي والسفلي.
- متلازمة الفم الحارق.
اضطرابات الجهاز الهضمي
ترتبط اضطرابات الغدة الدرقية مع رائحة الفم الكريهة أيضًا نتيجةً لتأثيرها على صحة الجهاز الهضمي، حيث تؤدي اضطرابات الغدة الدرقية، وعلى وجه الخصوص قصور الغدة الدرقية، إلى إبطاء عملية التمثيل الغذائي، ما يُسبّب إبطاء حركة الطعام في الجهاز الهضمي، والذي غالبًا ما يؤدي إلى مشاكل في الهضم، والإصابة بالإمساك، والارتجاع المريئي. [1]
ويُعدّ الارتجاع المريئي من الأسباب الشائعة للإصابة برائحة الفم الكريهة لسببين، وهما: [1][4]
- يحدث ارتجاع المريء عندما تتدفق محتويات المعدة، مثل: حمض المعدة وبقايا الطعام غير المهضوم، بشكل عكسي إلى المريء، مسببًا رائحة الفم الكريهة.
- يؤدي ارتجاع المريء إلى تآكل طبقة مينا الأسنان، ممّا يزيد من خطر الإصابة بتسوس الأسنان والتجاويف، والتي تُعدّ أيضًا من أسباب رائحة الفم الكريهة.
علاج رائحة الفم الناجمة عن الغدة الدرقية
تُعدّ الخطوة الأولى في علاج رائحة الفم الكريهة هي تحديد السبّب. وعندما تكون اضطرابات الغدة الدرقية هي سبب هذه المشكلة، غالبًا ما يقوم الطبيب بوصف دواء يعمل على تعديل مستويات هرمون الغدة الدرقية في الجسم، ممّا يساعد وظائف الجسم بالعودة إلى وضعها الطبيعي، وبالتالي سيتم علاج رائحة الفم الكريهة المرتبطة بالغدة الدرقية. [1][5]
وتشمل طرق علاج اضطرابات الغدة الدرقية الشائعة ما يلي: [5]
- في حال الإصابة بقصور الغدة الدرقية، سيصف الطبيب دواء بديل لهرمون الغدة الدرقية، ويُعرف باسم الليفوثيروكسين (بالإنجليزية: Levothyroxin).
- في حال الإصابة بفرط نشاط الغدة الدرقية، فيتم علاجها باستخدام اليود المشع، والأدوية المضادة للغدة الدرقية، وقد يلجأ الطبيب إلى الجراحة.
وإلى جانب استخدام العلاج المناسب لاضطرابات الغدة الدرقية، يُعدّ الحفاظ على نظافة الفم أمرًا ضروريًا للتخلص من رائحة الفم الكريهة، وهذا يتضمّن ما يلي: [1][4]
- تنظيف الأسنان مرتين يوميًا لمدة دقيقتين على الأقل، باستخدام معجون أسنان يحتوي على الفلورايد.
- استخدام غسول الفم يوميًا.
- تنظيف الأسنان بالخيط مرة واحدة على الأقل يوميًا.
- تنظيف اللسان مرة واحدة على الأقل يوميًا.
- زيارة طبيب الأسنان بانتظام.
كما يوصى بعلاج جفاف الفم والوقاية منه، وذلك من خلال اتباع النصائح التالية: [1][2][4]
- الإكثار من شرب الماء طوال اليوم.
- مضغ العلكة الخالية من السكر أو تناول الحلوى الخالية من السكر.
- الامتناع عن تناول الأطعمة التي يُمكن أن تزيد من جفاف الفم، مثل: الأطعمة المالحة واللحوم المجففة.
- تجنّب التدخين، والمشروبات الغازية، والمشروبات الغنية بالكافيين، والكحول.
- تشغيل جهاز ترطيب الهواء في غرفة النوم طوال الليل.
- استخدام اللعاب الصناعي، لزيادة تدفق اللعاب في الفم.
نصيحة الطبي
في الختام، يعتبر الحفاظ على صحة الغدة الدرقية أمرًا أساسيًا لصحة الجسم العامة، وفي حال وجود شكوك حول الإصابة باضطراب في الغدة الدرقية ورائحة الفم الكريهة، فمن الضروري أن الحصول على المشورة الطبية على الفور. وفي حال وجود تساؤلات حول علاقة الغدة الدرقية ورائحة الفم، يمكنك التواصل مع أطباء موقع الطبي للحصول على اسشارة طبية عن بعد على مدار الساعة.