صحيح أنّ الآثار الجانبية للعلاج الكيماوي مزعجة، ولكن عند النظر إلى نهاية رحلة العلاج، فإنّ هذه الآثار تُصبح في العادة لا قيمة لها، أيضًا من المهم أن نعرف أنّ الآثار الجانبية قد لا تظهر عند الجميع، كما أنها تختلف في شدتها بين مريض وآخر، ولكنها في العادة تكون مؤقتة ولا تُسبب آثارًا طويلة الأمد. [1]

اقرأ المقال لتعرف لماذا يُسبب العلاج الكيماوي آثارًا جانبية، وما هي هذه الآثار، ومعلومات أخرى مهمة.

سبب ظهور الآثار الجانبية مع العلاج الكيماوي

من المعروف أنّ الخلايا السرطانية تنمو بسرعة كبيرة، لذلك تم تصنيع الأدوية الكيماوية (أو العلاج الكيماوي) بحيث يستهدف الخلايا سريعة النمو، ولكن لأنّ العلاج الكيماوي لا يكون موضعيًا، وإنما يمر عبر خلايا الجسم؛ فإنّه سيؤثر بالخلايا السليمة سريعة النمو أيضًا، لذلك تظهر الآثار الجانبية. [1]

بمعنى آخر؛ إنّ جميع الخلايا السليمة سريعة النمو ستتأثر بهذا العلاج الكيماوي، ولأنها خلايا غير مريضة؛ فإنّ تأثرها يُسبب ضررًا، نُسميه بالآثار الجانبية. من أهم الخلايا السليمة سريعة النمو التي تتأثر بالكيماوي: [1]

  • بصيلات الشعر.
  • نخاع العظم الذي يُنتج خلايا الدم.
  • خلايا الجلد.
  • خلايا الجهاز الهضمي.

أيضًا يمكن أن يؤثر العلاج الكيماوي في بعض الحالات في خلايا القلب، والكلى، والمثانة، والرئتين، والجهاز العصبي. [1]

اقرأ أيضًا: العلاج الكيمياوي: خرافات ومعتقدات خاطئة

الآثار الجانبية للعلاج الكيماوي

إنّ الآثار الجانبية للعلاج الكيماوي تكون قصيرة الأمد في الغالب، بمعنى أنّها لا تستمر طويلًا؛ حيث يبدأ المريض بالشعور بالتحسن فور إيقافها، كما أنّ الطب قد تطور كثيرًا؛ فتم تصنيع العديد من الأدوية التي يصفها الأطباء خلال رحلة العلاج لتخفيف الآثار الجانبية التي يُسببها العلاج الكيماوي. [2]

كما تختلف هذه الآثار الجانبية باختلاف عوامل عديدة، منها نوع العلاج الكيماوي، جرعته، وعدد جلسات العلاج التي يتلقاها المصاب، ومدى التزامه بتعليمات الطبيب، ومن أهم الآثار الجانبية للعلاج الكيماوي ما يأتي:: [4]

التعب

من الطبيعي أن يشعر الشخص الذي يأخذ العلاج الكيماوي بالتعب معظم الوقت أو عند ممارسة أنشطته اليومية، ومن النصائح التي تساعد لتخفيف الشعور بالتعب: [3]

  • أخذ قسطٍ كافٍ من الراحة.
  • تجنب ممارسة الأنشطة المُرهقة أو الصعبة.
  • ممارسة الرياضة البسيطة عند الاستطاعة، مثل المشي لوقت قصير أو اليوغا.
  • طلب المساعدة من الأهل والأصدقاء.
  • أخذ الإجازات المرضية أو تغيير العمل ليُصبح دوامًا جزئيًا بدلًا من الدوام الكامل.

صحيح أنّ الشعور بالتعب طبيعي مع العلاج الكيماوي، ولكن إذا كان شديدًا أو مفاجئًا؛ يُوصى بمراجعة الطبيب، وخاصة إذا رافقه ضيقٌ في التنفس. [3]

فقر الدم

ذكرنا سابقًا أن العلاج الكيماوي يُؤثر على خلايا نخاع العظم، مما يُؤدي إلى انخفاض عدد كريات الدم الحمراء، وهذا يُؤدي للإصابة بفقر الدم وظهور الأعراض الآتية: [3][4]

  • التعب الشديد أو المفاجئ.
  • ضيق التنفس.
  • خفقان القلب.
  • شحوب البشرة.

ومن الضروري مراجعة الطبيب فورًا عند ظهور الأعراض السابقة؛ إذ قد يصف الطبيب أدويةً تُحفز نخاع العظم على إنتاج كريات الدم الحمراء، أو ربما يلجأ إلى نقل الدم إذا كان فقر الدم شديدًا. [4][5]

الغثيان والتقيؤ

يُعد الغثيان والتقيؤ من الآثار الجانبية الشائعة للعلاج الكيماوي؛ حيث يُقدر أنهما يُصيبان 80% من المرضى،[3][4] وغالبًا ما يبدأ الغثيان والتقيؤ بعد عدة أيام من جلسة العلاج الأولى للمريض، ويُمكن أن يستمر الغثيان لعدة ساعات أو حتى أيام. [3][6]

ولتخفيف الغثيان ومنع حدوثه يصف الطبيب أدوية مثل الأوندانسيترون،[6][7] والتي تتوفر بأشكال دوائية عديدة، منها الحبوب، والكبسولات والإبر،[3] كما يُوصي باتباع النصائح الآتية: [6][8]

  • تجنب تناول الطعام قبل أو بعد جلسة العلاج الكيماوي مباشرةً.
  • تقسيم الوجبات إلى وجبات صغيرة جدًا.
  • تناول وجبات غنية بالسعرات الحرارية.
  • تناول الأطعمة سهلة الهضم.
  • تجنب الأطعمة ذات الروائح القوية.
  • شرب كمياتٍ كافية من الماء؛ لتجنب الإصابة بالجفاف بسبب التقيؤ.

فقدان الشهية

يُمكن أن يفقد المريض شهيته بسبب تأثير العلاج الكيماوي على حاسة التذوق؛ فمثلًا قد يشعر المريض بوجود طعمٍ مرٍ أو معدنيٍ عند تناول الطعام، وللتغلب على ذلك يُمكن اتباع النصائح الآتية: [3][4]

  • استخدام غسولات الفم وبخاخات اللعاب الصناعي الموجودة في الصيدلية.
  • تجنب استخدام أدوات الطبخ المعدنية أثناء تحضير الطعام.
  • التركيز على تناول الفواكه خاصةً الحمضيات؛ لأنها تُخفف الطعم المر أو المعدني في الفم.
  • إضافة التوابل للطعام إذا لم تُهيج رائحتها أو نكهتها الغثيان لدى المريض.

تساقط الشعر

يُمكن أن يُدمر العلاج الكيماوي بصيلات الشعر، مما يُسبب تساقط الشعر، [6][8] وتختلف شدة التساقط من حالة لأخرى، فبعض المرضى يُعانون من تساقطٍ بسيطٍ في الشعر، في حين قد يُعاني بعض الآخر من الصلع الكامل.[4][6]

وعادةً يبدأ تساقط الشعر خلال 3 أسابيع من تلقي جلسة العلاج الأولى، وغالبًا ما يُصيب شعر الرأس، لكن قد يشكو المريض من تساقط الشعر في أجزاء أخرى من الجسم، كالوجه والساقين والذراعين. [3][4]

وغالبًا يكون تساقط الشعر مؤقتًا؛ حيث ينمو الشعر مرةً أخرى خلال 2- 3 أشهر بعد انتهاء جلسات العلاج الكيماوي، لكن قد تتغير طبيعة ولون الشعر بعد العلاج، فمثلًا قد يُصبح أنعم أو أفتح لونًا. [3][4]

ضعف جهاز المناعة وسرعة التقاط العدوى

يُسبب العلاج الكيماوي انخفاض عدد كريات الدم البيضاء؛ لتأثيره على خلايا نخاع العظم، ولأن كريات الدم البيضاء مسؤولةٌ عن حماية الجسم من الجراثيم المسببة للمرض والقضاء عليها؛ فإن مريض السرطان يكون أكثر عرضة للإصابة بالعدوى والأمراض. [3][4]

لذا يصف الطبيب إبر عامل تحفيز مستعمرات الخلايا المحببة (G-CSF)، وهي بروتيناتٌ تُحفز جسم المريض على إنتاج كميةٍ أكبر من كريات الدم البيضاء، وربما يصف بعض المضادات الحيوية كعلاجٍ وقائي؛ لتقليل خطر إصابة المريض بالعدوى. [3][4]

ومن الضروري أن يتبع المريض النصائح الآتية لتقليل إصابته بالعدوى: [3][4]

  • تجنب مخالطة أي أشخاص تظهر عليهم أعراض الزكام والعدوى.
  • غسل اليدين وتعقيمها باستمرار.
  • طهي الطعام على درجات حرارة عالية؛ لتجنب الإصابة بالتسمم الغذائي.
  • ارتداء الكمامة الطبية خاصةً أثناء التواجد في الأماكن المزدحمة.
  • الالتزام بأخذ جرعات المطاعيم واللقاحات في موعدها، وذلك وفق ما يراه الطبيب مناسبًا.

سهولة الإصابة بالكدمات والنزيف

يُقلل العلاج الكيماوي إنتاج الصفائح الدموية وعددها في الجسم، والتي تلعب دورًا مهمًا في عملية تخثر الدم، وتمنع الإصابة بالنزيف الشديد عند التعرض لخدوش أو جروح، لذا فإن المريض يكون أكثر عرضة للإصابة بالكدمات والنزيف، فمثلًا قد يُصاب بنزيفٍ في اللثة عند تنظيف أسنانه، وربما تظهر على جلده الكدمات لمجرد التعرض لضربة بسيطة. [3][6][8] 

لكن من الضروري أن يُراجع المريض مركز الطوارئ فورًا إذا ظهرت عليه الكدمات بشكلٍ مفاجئ، أو أصيب بنزيفٍ شديد، ويُوصى باتباع النصائح الآتية: [3][4][6]

  • الحذر الشديد وارتداء قفازاتٍ خاصة عند استخدام الأدوات الحادة كالسكاكين.
  • استخدام ماكينة الحلاقة الكهربائية بدلًا من شفرة الحلاقة.
  • تجنب المشي حافي القدمين وارتداء أحذية مريحة.
  • تنظيف الأنف برفق؛ لتجنب الإصابة بنزيفٍ شديدٍ فيه.
  • استخدام فرشاة أسنان ذات شعيرات ناعمة لا تُهيج اللثة.
  • تجنب الرياضات الخطيرة التي قد تعرض المريض لخطر السقوط أو الإصابة.

تقرحات الفم

يُمكن أن يُسبب العلاج الكيماوي تهيج الفم وظهور تقرحاتٍ فيه، [3][9] مما يُسبب الألم للمريض خاصةً عند تناول أطعمة مثل الليمون والفلفل الحار، [4][6] ويستغرق تعافي هذه التقرحات 2- 4 أسابيع في العادة، لكن من الضروري أن يلتزم المريض بالنصائح الآتية لتخفيف التقرحات ومنع ظهورها مرة أخرى: [6][9]

  • تجنب تناول الأطعمة التي تُهيج تقرحات الفم أو تُسبب نزول دمٍ منها.
  • تنظيف الأسنان والفم بالفرشاة والمعجون 2- 3 مرات يوميًا، ولمدة 2- 3 دقائق في كل مرة.
  • استخدام فرشاة أسنان ذات شعيرات ناعمة.
  • استخدام معجون أسنان يحتوي على الفلورايد.
  • المضمضة بالماء والملح 5- 6 مرات في اليوم.

الإسهال والإمساك

يُمكن أن يُسبب العلاج الكيماوي تلف خلايا الجهاز الهضمي، مما يُسبب الإمساك أو الإسهال، كما أنّ بعض الأدوية التي يصفها الطبيب لعلاج الآثار الجانبية للعلاج الكيماوي يُمكن أن تُسبب الإمساك أو الإسهال أيضًا، مثل المسكنات والأدوية المضادة للغثيان. [6][8] 

وفي هذه الحالة يُمكن أن يصف الطبيب الملينات أو أدوية علاج الإسهال، كما يُوصي باتباع النصائح الآتية: [6][8]

  • الالتزام بتناول 6- 8 أكواب من الماء يوميًا.
  • الاسترخاء وأخذ قسط من الراحة بعد الوجبات.
  • ممارسة التمارين الرياضية البسيطة كالمشي لوقتٍ قصير، وذلك بعد استشارة الطبيب.
  • تناول الأطعمة سهلة الهضم مثل الخبز والأرز الأبيض عند الإصابة بالإسهال.
  • التركيز على تناول الأطعمة الغنية بالألياف عند الإصابة بالإمساك، مثل الخضراوات والفواكه.

ضعف الذاكرة وصعوبة التركيز

يُمكن أن يُواجه المريض خلال فترة العلاج صعوبةً في تذكر الأشياء والتركيز على المهام التي يقوم بها، ومن النصائح التي تُخفف ضعف التركيز والذاكرة: [6]

  • تسجيل الأحداث المهمة والمواعيد في دفترٍ خاص.
  • ضبط المنبه أو استخدام تطبيقات الهاتف الذكية للتذكير بمواعيد مراجعة الطبيب وأوقات تناول الدواء.
  • التركيز على مهمة واحدة بدلًا من القيام بعدة مهام في الوقت ذاته.
  • ممارسة الألعاب والأنشطة التي تُحسن التركيز والذاكرة، مثل حل الألغاز والكلمات المتقاطعة.
  • النوم لمدة 7- 8 ساعات يوميًا.

الأرق وصعوبة النوم

يُعد الأرق من الآثار الجانبية الشائعة للعلاج الكيماوي، فمثلًا قد يُواجه المريض صعوبة في الخلود إلى النوم، أو يكون نومه متقطعًا على الرغم من شعوره بالتعب والنعاس، ويُمكن تخفيف الأرق باتباع الآتي: [3][6]

  • الاستيقاظ والنوم في مواعيد محددة.
  • أخذ حمامٍ دافئ قبل النوم.
  • تجنب الأطعمة والمشروبات الغنية بالكافيين مثل القهوة والشاي.
  • عدم تناول وجبات دسمة قبل موعد النوم.
  • تجنب استخدام الهاتف أو مشاهدة التلفاز قبل النوم.

آثار جانبية أخرى للعلاج الكيماوي

من الآثار الأخرى التي يُسببها العلاج الكيماوي: [3][4][6]

  • الاعتلال العصبي:

يُمكن أن يُؤثر العلاج الكيماوي على الأعصاب الطرفية، مما يُسبب الشعور بالألم، والتنميل والخدران في أطراف الجسم، خاصةً في أصابع اليدين والقدمين. [3][4][6]

  • انخفاض الرغبة الجنسية:

يُؤدي العلاج الكيماوي لانخفاض هرموني الإستروجين والتستوستيرون، مما يُؤدي لانخفاض الرغبة الجنسية، لكن عادةً ما يكون ذلك مؤقتًا ويزول بعد مدة من انتهاء العلاج. [3][4]

  • العقم:

يُمكن لبعض أدوية العلاج الكيماوي أن تُسبب ضعف الخصوبة لدى الرجال والنساء، وغالبًا ما يحدث ذلك بشكلٍ مؤقت، لكن قد يقترح الطبيب تجميد البويضات أو السائل المنوي قبل جلسات العلاج الكيماوي. [3][4]

  • مشكلات في الكلى والمثانة:

كما ذكرنا سابقًا أحيانًا يُؤثر العلاج الكيماوي على خلايا الكلى والمثانة، وفي هذه الحالة يُمكن أن يُعاني المصاب من مشكلاتٍ مثل السلس البولي وصعوبة التبول. [3][4]

  • فرط الحساسية:

وهو من الآثار الجانبية النادرة جدًا للعلاج الكيماوي، ويحدث عندما تكون تُهيج أدوية العلاج الكيماوي جهاز المناعة. [6][8]

  • تسرب الأدوية الوريدي:

يُمكن أن تتسرب بعض أدوية العلاج الكيماوي من الوريد عن طريق الخطأ، وهذا يُمكن أن يُسبب تلفًا وضررًا كبيرًا في الأنسجة المحيطة به. [6][8]

دواعي مراجعة الطوارئ بسبب آثار العلاج الكيماوي

أحيانًا تكون الآثار الجانبية للعلاج الكيماوي خطيرة، لذا من الضروري أن يتوجه المريض فورًا لأقرب مركز طوارئ في الحالات الآتية: [6][8]

  • ارتفعت درجة حرارته لأكثر من 38 درجة مئوية.
  • أصيب بقشعريرة شديدة.
  • ظهرت لديه أعراض تدل على إصابته بالحساسية من العلاج الكيماوي، مثل الحكة الشديدة والطفح الجلدي.
  • شعر بألمٍ شديدٍ في مكان العلاج.
  • أصيب بألمٍ مستمرٍ في الرأس.
  • استمر التقيؤ أو الإسهال لديه بالرغم من التزامه بتعليمات الطبيب.
  • نزل دمٌ في البول أو البراز.
  • أصيب بضيقٍ في التنفس

نصيحة الطبي

تُؤثر أدوية العلاج الكيماوي على خلايا الجسم سريعة النمو، مثل بصيلات الشعر ونخاع العظم، مما يُسبب آثارًا جانبية عديدة، منها تساقط الشعر، والتعب وشحوب البشرة وفقر الدم، ومع أنّ هذه الآثار تكون مؤقتة عادةً، ولا تستمر طويلًا، إلا أنّ الطبيب يُمكن أن يوصي ببعض الأدوية والإجراءات التي تُخفف منها.

يُمكنك الآن الحصول على استشارة منزلية حول الآثار الجانبية للعلاج الكيماوي وطرق تخفيفها في أي وقت ومن أيّ مكان بمساعدة أحد أطبائنا المعتمدين على منصة الطبي.