مرض الزهري (بالإنجليزية: Syphilis) هو عدوى بكتيرية معدية تسببها بكتيريا اللولبية الشاحبة (بالإنجليزية: Treponema pallidum)، تنتقل عبر الاتصال الجنسي وتتطور عبر عدة مراحل إذا لم تعالج بشكل مناسب.

تبدأ أولى مراحل مرض الزهري غالباً بأعراض خفيفة لا تلفت الانتباه، ولكنها سرعان ما تتفاقم في المراحل المتقدمة. وتقسم مراحل الزهري إلى 4 مراحل رئيسية هي؛ المرحلة الأولية والثانوية والكامنة والمرحلة المتأخرة، يتميز كل منها بمجموعة مختلفة من الأعراض التي يجب التعرف عليها واتخاذ الإجراءات المناسبة للوقاية منها، وعلاج العدوى وتجنب مضاعفاتها الخطيرة. [1]

سنتناول في هذا المقال مراحل مرض الزهري المختلفة والأعراض المميزة لكل مرحلة.

مراحل مرض الزهري

يقسم مرض الزهري إلى 4 مراحل وتتفاقم شدة الأعراض أكثر في كل مرحلة، ما لم يتلقى المريض العلاج في وقت مبكر؛ فالعلاج المبكر يقي من المضاعفات الصحية ويمنع تطور المرض للمراحل الأكثر خطورة، وفيما يلي توضيح لمراحل مرض الزهري.[1][2]

المرحلة الأولية

تبدأ المرحلة الأولية (بالإنجليزية: Primary stage) من مرض الزهري بعد حوالي من 10 إلى 90 يومًا من الإصابة بالبكتيريا المسببة للمرض، أو بعد حوالي 3 أسابيع من الاتصال الجنسي مع شخص مصاب بالمرض، سواء كان اتصال مهبلي، أو شرجي، أو فموي أو حتى مجرد ملامسة القرح الموجودة على الأعضاء التناسلية مثل القضيب والمهبل، وفتحة الشرج أو داخل الفم. [2]

في هذه المرحلة يكون المرض شديد العدوى وتصل احتمالات انتقاله من شخص لآخر أقصى حد، وتتميز هذه المرحلة بظهور بعض الأعراض أهمها ما يلي: [3][4]

  • قرح صغيرة غير مؤلمة تعرف باسم قرح الزهري (بالإنجليزية: Chancres) وتظهر في موقع العدوي (مكان دخول البكتيريا للجسم) مثل الفم، والشرج، والمستقيم، والمهبل أو القضيب، وفي الغالب لا يتم ملاحظة تلك القرح لصغر حجمها وموقعها البعيد عن مجال الرؤية، وتستمر هذه القرح في الظهور لمدة من 3 إلى 6 أسابيع ثم تختفي حتى بدون استخدام أي نوع من العلاجات ولكنها قد تترك ندبة صغيرة على العضو المصاب.
  • تورم العقد الليمفاوية بالقرب من مناطق القرح. 

المرحلة الثانوية

تبدأ المرحلة الثانوية (بالإنجليزية: Secondary stage) في حال عدم الانتباه لأعراض المرحلة الأولى، وعدم تلقى العلاج، مما يسبب انتشار البكتيريا عبر الدم إلى أجزاء أخرى بالجسم. تتطور هذه المرحلة بعد 2-8 أسابيع من اختفاء قرح المرحلة الأولية.

تختفي أعراض المرحلة الثانوية لوحدها حتى دون تلقّ العلاج، لكن العدوى تبقى في الجسم ويمكن أن تنتقل للآخرين، وتتطور لمراحل أخرى، وتشمل أعراض هذه المرحلة: [3][4][5][6]

  • ظهور طفح جلدي على الجسم خاصة على راحة اليدين وباطن القدم على هيئة قرح جلدية صغيرة وصلبة، تظهر باللون البني، ويبلغ قطرها حوالي 2 سم، وتبدو مشابهة لبعض القرح الناتجة عن الأمراض الجلدية الأخرى.
  • ظهور قرح صغيرة مفتوحة تحتوي على صديد داخل الأغشية المخاطية (الأنسجة الرطبة المبطنة لبعض الأجزاء الداخلية للجسم مثل الفم والأنف والحلق) تعرف باللورم اللقمي (بالإنجليزية: condylomata lata) وتظهرعادةً بلون الجلد في المناطق الدافئة والرطبة، مثل الفم، والأعضاء التناسلية، أو فتحة الشرج وتتميز بنعومتها، واختلاف أشكالها وأحجامها.
  • ظهور أعراض الحمى، والتهاب الحلق، والشعور العام بالضعف، وفقدان الوزن، والصداع.
  • تضخم الغدد الليمفاوية.
  • تساقط الشعر بشكل متفرق، خاصة في الحواجب والرموش وشعر فروة الرأس.

لتشخيص هذه المرحلة من مراحل مرض الزهري، يقوم الطبيب بإجراء فحص جسدي للبحث عن أماكن وجود القرح، وقد يستخدم الميكروسكوب لفحص عينة مأخوذة من التقرحات للتأكد من وجود البكتيريا المسببة للمرض فيها. كما يلجأ الطبيب  أحيانًا إلى استخدام اختبار الراجنة البلازمية السريع (بالإنجليزية: Rapid plasma reagin RPR)، أحد الطرق السريعة وغير المكلفة لتشخيص الزهري. يعتمد هذا الاختبار على رصد الأجسام المضادة التي ينتجها الجسم لمحاربة البكتيريا المسببة للمرض، وبمجرد العثور على هذه الأجسام المضادة، يتم تأكيد الإصابة بالمرض. [7]

المرحلة الكامنة أو الخفية

بدون علاج المرحلتين الأولية والثانوية يتطور المرض إلى المرحلة الكامنة أو الخفية (بالإنجليزية: Latent or hidden stage). خلال هذه المرحلة تبقى بكتيريا مرض الزهري داخل الجسم لكن دون أن تسبب أي أعراض واضحة، وغالبًا ما تبدأ هذه المرحلة بعد زوال الطفح الجلدي الخاص بالمرحلة الثانوية.

يمكن أن يصاب الناس بالمرحلة الكامنة في غصون سنة أو أقل من الإصابة بالمرض وتعرف بالزهري الكامن المبكر (بالإنجليزية: Early latent syphilis) أو بعد سنة أو أكثر وتعرف بالزهري الكامن المتأخر(بالإنجليزية: Late latent syphilis) كما يمكن أن ينتقل  المريض مباشرة من المرحلة الأولية للمرحلة الكامنة دون المرور بالمرحلة الثانوية، وقد تستمر هذه المرحلة لعدة سنوات. [2][3]

بالرغم من أن المرحلة الكامنة لا توجد فيها أعراض واضحة إلا أن المريض يمكن أن يمر خلالها بانتكاسات تسبب ظهور أعراض المرحلة الثانوية من جديد، ويبقى المصاب معدياً إلى أن تتوقف هذه الانتكاسات عن الحدوث تمامًا، باستثناء الأم الحامل، فإنها يمكن أن تنقل العدوى للجنين في أي وقت حتى بعد توقف الانتكاسات وتعرف هذه الحالة بالزهري الخلقي (بالإنجليزية: Congenital syphilis)، وهي حالة قد تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة أو تشكل تهديدًا على حياة الطفل. [2][3]

يعتمد تشخيص المرحلة الكامنة من الزهري بشكل أساسي على فحوصات الدم الدقيقة التي تهدف إلى الكشف عن الأجسام المضادة للبكتيريا المسببة للمرض. كما يتم تتبع التاريخ الطبي للمريض، مع التركيز على أية إشارات تشير إلى حدوث اتصال جنسي مع شخص حامل للمرض لتأكيد عملية التشخيص.[2][3]

المرحلة المتأخرة

يتطور مرض الزهري إلى المرحلة المتأخرة أو المرحلة الثالثة (بالإنجليزية: Late stage or Tertiary stage) في حالة لم يتلق مريض الزهري العلاج المناسب في المراحل السابقة، وتقدر نسبة المرضى الذين يجتازوا المراحل الثلاثة الأولى للزهري وصولًا للمرحلة الأخيرة بنسبة حوالي من 30 إلى 40%.

تبدأ هذه المرحلة بعد عدة سنوات من الإصابة الأولية بالمرض وتعتبر أكثر مراحل مرض الزهري تقدمًا، حيث ينتشر المرض بشكل كبير ويتسبب في مشاكل خطيرة تتعلق بالأوعية الدموية والقلب، والاضطرابات العقلية، والعمى ومشاكل في الجهاز العصبي وقد يشكل تهديدًا كبيرًا على الحياة. [1][2]

تتوقف أعراض المرحلة المتأخرة من الزهري على المضاعفات المصاحبة للمرض نتيجة تأثيره على أعضاء أخرى من الجسم، ويمكن تقسيم علامات وأعراض المرحلة الثالثة من الزهري إلى ثلاثة أشكال مختلفة تشمل: [8][9]

  • الزهري الصمغي (بالإنجليزية: Gummatous syphilis): في مرض الزهري الصمغي، تتطور بعض الآفات الحبيبية والتي تسمى الصمغات في الجلد والعظام والاعضاء وتتكون هذه الآفات نتيجة الالتهاب كما أنها تحتوي على أنواع مختلفة من الخلايا المناعية المحاطة بأنسجة ليفية. [8]
  • الزهري العصبي المتأخر (الإنجليزية: Late neurosyphilis): يتميز هذا النوع بحدوث تلف تدريجي في الجزء الخلفي من الحبل الشوكي، مما يؤدي إلى شلل جزئي وفقدان بعض مواضع الإحساس. كما قد ينتج عنه أيضًا تلف في الأوعية الدموية التي تغذي الدماغ والحبل الشوكي، وهو ما يسبب مشاكل في الكلام، وتغيير في السلوك، وفقدان الذاكرة، وصعوبات في تنسيق الحركات. [8]
  • الزهري القلبي الوعائي (بالإنجليزية: Cardiovascular syphilis): يؤثر الزهري القلبي الوعائي على جدران الشريان الأورطي أو الأبهر (الشريان الرئيسي الذي يعمل على توصيل الدم المحمل بالأكسجين إلى باقي أعضاء الجسم)، ويسبب تمدد الأوعية الدموية  وتوسع في جذر الأورطي، وهي المنطقة التي يخرج منها الشريان من القلب، مما يؤدي إلى حدوث بعض القصور في الصمام الأورطي ومشاكل في وظائف القلب تشكل تهديدًا على الحياة. كما يعمل على تضييق الأوعية الدموية التي تزود القلب بالدم، مما قد يؤدي إلى حدوث النوبات القلبية الخطيرة. [9] 

اقرأ أيضًا: أشهر الأمراض المنقولة جنسيًا

نصائح للوقاية من الزهري

للوقاية من مرض الزهري يجب الحرص على اتباع النصائح والإرشادات التالية: [1][10]

  • تجنب الاتصال الجنسي في حالة ثبت تشخيص أحد الزوجين بمرض الزهري حتى انقضاء فترة العلاج.
  • تأكد من استخدام الواقي الذكري عند الاتصال الجنسي في حال احتمالية إصابة أحد الزوجين بالزهري.
  • احرص على غسل اليدين عند لمس منطقة مصابة بالمرض للمساعدة على منع انتشار العدوى إلى أجزاء اخرى من الجسم أو إلى أشخاص آخرين.

نصيحة الطبي

التعرف على مراحل مرض الزهري وأعراضه ضروري لاكتشاف المرض مبكراً وتجنب تفاقمه وظهور مضاعفات خطيرة في المستقبل. ويمكنك الآن الاستفادة من خدمة الاستشارات الطبية عن بعد عبر موقع الطبي للتحدث مع أحد الأطباء المعتمدين لمعرفة المزيد عن مرض الزهري ومراحل تطوره.