ارتفاع ضغط الدم الطفيف هو حالة شائعة تحدث عندما يكون ضغط الدم أعلى قليلًا من المعدل الطبيعي، ولكنّه لا يصِل إلى القراءات التي تجعله يُصنّف كنوع رئيسي من أنواع ارتفاع ضغط الدم؛ بالرغم من ذلك قد تكون هذه الحالة بمثابة إنذار مبكر لمشاكل صحية محتملة، لذا يجب متابعة وتقييم الحالة لتجنب تطورها إلى مشاكل أكثر خطورة. [1]

يتناول هذا المقال الحديث عن أهم أسباب ارتفاع ضغط الدم الطفيف، بالإضافة إلى كيفية علاجه والوقاية منه. 

ما هو ارتفاع ضغط الدم الطفيف؟

ارتفاع ضغط الدم الطفيف (بالإنجليزية: Elevated Blood Pressure)، هي حالة تتمثل بحدوث زيادة بسيطة في مستويات ضغط الدم عن المعدل الطبيعي، لكنّها لا تعني الإصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم.، ولكن يمكن اعتبارها فئة تشير إلى حدوث تغير فى مؤشرات ضغط الدم الطبيعية. [1][2]

يُقاس ضغط الدم بوحدة الملليمتر الزئبقي (مم زئبق)، وتظهر قراءات ضغط الدم على أجهزة القياس من قسمين أحدهما يُشير إلى ضغط الدم الانقباضي، وهو ضغط الدم في الشرايين عند انقباض القلب، أما الرقم الثاني فهو يعبر عن ضغط الدم الانبساطي، وهو ضغط الدم في الشرايين عندما يكون القلب في حالة استرخاء بين النبضات. [2]

تُقسم الكلية الأمريكية لأمراض القلب وجمعية القلب الأمريكية ضغط الدم إلى أربع فئات عامة: [2][3][4]

  • ضغط الدم الطبيعي (بالإنجليزية: Normal Blood Pressure): عندما تكون قراءات ضغط الدم 120/80 مم زئبق أو أقل بنسبة بسيطة.
  • ارتفاع ضغط الدم الطفيف (بالإنجليزية: Elevated Hypertension): حيث تكون زيادة طفيفة في قراءات ضغط الدم ليتراوح الرقم العلوي من 120 إلى 129 مم زئبق، والرقم السفلي أقل (وليس أعلى) من 80 مم زئبق.
  • المرحلة الأولى من ارتفاع ضغط الدم (بالإنجليزية: Stage one Hypertension): حيث يتراوح الرقم العلوي من 130 إلى 139 مم زئبق أو الرقم السفلي بين 80 إلى 89 مم زئبق.
  • ارتفاع ضغط الدم المرحلة الثانية (بالإنجليزية: Stage Two Hypertension): وهي حالة تتمثل بزيادة كبيرة في مؤشرات ضغط الدم فيكون الرقم العلوي 140 مم زئبق أو أعلى والرقم السفلي 90 مم زئبق أو أعلى.
  • أزمة ارتفاع ضغط الدم (بالإنجليزية: Hypertensive Crisis): حيث يحدث ارتفاع في قيم ضغط الدم بصورة كبيرة ومفاجئة ليشير الرقم العلوي إلى 180 مم زئبق أو أعلى بينما الرقم السفلي إلى 120 مم زئبق أو أعلى.

أسباب ارتفاع ضغط الدم الطفيف

في بعض الحالات، تُكون الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع ضغط الدم الطفيف غير معروفة، لكن يمكن لتراكم الدهون، والكوليسترول، ومركبات أخرى على وداخل الشرايين أن تُسبّب تصلّب الشرايين وارتفاع ضغط الدم الطفيف، بالإضافة إلى بعض الأدوية أو الحالات الطبية، مثل:

اضطرابات الغدة الكظرية

تُعتبر اضطرابات الغدة الكظرية (بالإنجليزية: Adrenal Gland Disorders) أحد أسباب ارتفاع ضغط الدم الطفيف، حيث تُنتج الغدة الكظرية عددًا من الهرمونات التي يمكن أن تتحكم في ضغط الدم وتؤثر به، مثل: [5]

  • هرمون الكورتيزول.
  • الألدوستيرون.
  • الأدرينالين.
  • النورادرينالين.

تُؤدي زيادة إفراز الغدة لإحدى هذه الهرمونات بمعدل أعلى من الطبيعي إلى زيادة في مؤشرات ضغط الدم، وقد يرجع السبب وراء زيادة إنتاج هرمونات الغدة الكظرية لبعض الاضطرابات أو المشاكل الطبية في الغدة، مثل: [5]

  •  فرط الالدوستيرونية (بالإنجليزية: Hyperaldosteronism) أو ما يعرف أيضًا بمتلازمة كون (بالإنجليزية: Conn’s Syndrome).
  • ورم القواتم (بالإنجليزية: Pheochromocytoma).
  •  متلازمة كوشينغ (بالإنجليزية: Cushing's Syndrome)

أمراض الكلى

تلعب الكلى دورًا مهمًا في تنظيم ضغط الدم عبر التخلّص من الصوديوم والماء الزائد في الدم. كما تُفرز هرمونات تساعد في الحفاظ على ضغط الدم ضمن مستوياته الطبيعية، مثل: هرمون الرينين صاحب الدور الرئيسي في نظام الرينين-أنجيوتنسين-ألدوستيرون الذي يعمل على تنظيم ضغط الدم، كما يُحافظ على  توازن السوائل في الجسم. لذلك، يمكن أن يرتفع ضغط الدم عند الإصابة ببعض أمراض الكلى (بالإنجليزية: Renal Diseases). [1][3][7]

متلازمة انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم

متلازمة انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم (بالإنجليزية: Obstructive Sleep Apnea Syndrome)، هي خلل تنفّسي يحدث نتيجةً لانسداد مؤقت في مجرى الهواء العلوي أثناء النوم، حيث ترتخي العضلات التي تدعم الأنسجة الرخوة في الحلق، مما يؤدي إلى إغلاق مجرى الهواء ومنعه من التدفّق بشكل طبيعي إلى الرئتين، وانقطاع التنفّس لفترة قصيرة. [8]

 يتم تنبيه الجهاز العصبي الودي، وهو جزء من الجهاز العصبي اللاإرادي المسؤول عن استجابة الجسم لحالات الإجهاد والخطر، بشكل مفرط نتيجة حدوث متلازمة انقطاع النفس الانسدادي، مما يُسبّب زيادة في معدل ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم. كذلك، يُفرز الجسم هرمونات التوتر المعروفة باسم الكاتيكولامينات (بالإنجليزية: Catecholamines)، والتي تشمل الدوبامين والأدرينالين، عند انقطاع النوم الناتج عن أعراض هذه المتلازمة، حيث تؤدي هذه الهرمونات إلى ارتفاع ضغط الدم. [8]   

أمراض الغدة الدرقية

تُعد أمراض الغدة الدرقية أحد الأسباب لحدوث ارتفاع ضغط الدم الطفيف، حيث تلعب هرمونات الغدة الدرقية دورًا هامًا في العديد من وظائف الجسم، ومن بينها المحافظة على ثبات معدل ضربات القلب وصحة الأوعية الدموية. [9]

عند ارتفاع مستويات هرمونات الغدة الدرقية في مجرى الدم، يزداد أداء القلب بشكل ملحوظ، وتزداد مخرجات القلب (بالإنجليزية: Cardiac Output) أو كمية الدم التي يضّخها القلب كل دقيقة، مما يعمل على ارتفاع ضغط الدم. [10]

على العكس من ذلك، ينخفض معدل ضربات القلب عند نقص مستويات هرمونات الغدة الدرقية، لكن وفي ذات الوقت تنخفض مرونة الأوعية الدموية، ممّا يمكن أن يٌسبّب ارتفاع ضغط الدم. كما يرتبط أيضًا خمول الغدة الدرقية بارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم، مما قد يؤدي إلى تضيّق الأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم بمرور الوقت. [9]

تناول بعض الأدوية

تعمل بعض الأدوية على رفع ضغط الدم، مثل: [4]

  • الأدوية المخدرة، مثل: الكوكايين والأمفيتامينات.
  • بعض مضادات الاكتئاب.
  • الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية.
  • الأدوية المثبطة للمناعة.
  • حبوب منع الحمل الفموية.

للمزيد: أسباب ارتفاع ضغط الدم

عوامل تزيد خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم الطفيف

توجد بعض عوامل الخطر المُسبّبة لارتفاع ضغط الدم الطفيف، مثل: [1][3][4][11]

  • التاريخ العائلي لارتفاع ضغط الدم: في حالة وجود تاريخ عائلي من ارتفاع ضغط الدم فإنها تزيد من احتمالية ارتفاع ضغط الدم الطفيف.
  • قلة النشاط البدني وعدم ممارسة الرياضة: تُؤدي قلة النشاط البدني وعدم ممارسة الرياضة إلى انخفاض مرونة الأوعية الدموية بمرور الوقت، وهو ما يزيد من صعوبة ضخ القلب للدم، مما يُسبب ارتفاع ضغط الدم الطفيف. كذلك، قد تُسبب قلة النشاط زيادة الوزن الذي يُعتبر أحد العوامل الرئيسية في ارتفاع ضغط الدم.
  • النظام الغذائي غير المناسب: فإلى جانب تناول كميات كبيرة من الصوديوم يمكن أن يتسبّب تناول النظام الغذائي غير الصحّي بارتفاع ضغط الدم الطفيف.
  • التدخين: والذي يُعتبر أحد أكثر العوامل المُسبّبة لأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، حيث يُحفز النيكوتين الموجود في منتجات التدخين والسجائر إطلاق هرموني الأدرينالين والنورأدرينالين، اللذين يعملان على زيادة ضربات القلب، كما يُسبّبان تقلٌّص العضلات الملساء في الأوعية الدموية وتضييقها، مما يُعيق من تدفق الدم. أيضًا إن التدخين يضُر بجدران الأوعية الدموية ويزيد من خطر الإصابة بتصلّب الشرايين، مما يعمل على الإصابة بارتفاع ضغط الدم الطفيف.
  • التقدُم في العمر: مع التقدُم في العمر يزيد خطر الإصابة بضغط الدم نتيجة فقدان الشرايين مرونتها بمرور الزمن.

تشخيص ارتفاع ضغط الدم الطفيف

لا يتسبّب ارتفاع ضغط الدم الطفيف بأعراض واضحة كالتي تحدث مع حالات ارتفاع ضغط الدم في المراحل الأولى أو الثانية. [1]

لهذا، عند تشخيص ارتفاع ضغط الدم الطفيف يتم إجراء قياس لضغط الدم مرتين أو أكثر خلال اليوم ومن ثم أخذ المتوسط لهذه القراءات، ويتم اعتبار ضغط الدم مرتفعًا بشكل طفيف في حال كان متوسط القراءات يتراوح ما بين 120 إلى 129 مم زئبق للضغط الانقباضي و 80 مم زئبق للضغط الانبساطي.

ينبغي قياس ضغط الدم في كِلا الذراعين لتحديد إذا ما كان هناك فرق في القراءات، كما يُمكن مراقبة ضغط الدم طوال اليوم باستخدام أجهزة القياس المتنقلة. [1][4]

في بعض الأحيان، قد يطلب الطبيب إجراء بعض الفحوصات الطبية للكشف عن الحالات المُسبّبة لارتفاع ضغط الدم، مثل: [1][4]

  • تحليل الدم الكامل
  • تحليل الكوليستيرول. 
  • اختبار سكر الدم.
  • اختبارات وظائف الكلى. 
  • فحوصات الغدة الدرقية.

علاج ارتفاع ضغط الدم الطفيف

لا يوجد علاج دوائي لارتفاع ضغط الدم الطفيف إلا في حالة وجود بعض الأمراض المُرتبطة بارتفاع ضغط الدم، مثل: السكري، وامراض الكلى، والقلب. وغالبًا ما يتضمن العلاج نصائح لتحسين أسلوب الحياة والالتزام بنظام غذائي متوازن، مثل: [1][4][12]

  • ممارسة الرياضة بانتظام، خاصةً المشي أو بعض الأنشطة البدنية غير العنيفة.
  • الحفاظ على وزن صحي، وتجنّب اكتساب الكثير من الوزن إلى الحدّ الذي يؤدي إلى السمنة، مما قد يُسبّب ارتفاع ضغط الدم.
  • اتباع نظام غذائي متوازن صحي، حيث أن تناول نظام غذائي غني بالبروتينات، والخضروات، والفواكه مع التقليل من الأطعمة المٌشبّعة بالدهون يساعد على الحماية من خطر ارتفاع ضغط الدم. 
  • التقليل من الملح، ويشمل ذلك تجنّب استخدام الملح بكميات كبيرة في الأطعمة والحرص على الحد من تناول الأطعمة المصنّعة التي تحتوي على نِسب عالية من الملح.
  • تناول الأدوية تحت الإشراف الطبي، والتأكد من تناول الأدوية في أوقاتها الموصوفة من قِبل الطبيب، وذلك في حالة تم وصف أدوية تُساعد في علاج ارتفاع ضغط الدم، كما يجب تجنّب استخدام أي أدوية أخرى دون الإشراف أو الاستشارة الطبية.

اقرأ أيضًا: 13 طريقة للسيطرة على ارتفاع ضغط الدم دون أدوية

نصيحة الطبي

 لا يُعد ارتفاع ضغط الدم الطفيف حالة طبية خطيرة، ولا يستدعي استخدام الأدوية في معظم الأحيان، لكن يجب مراقبة قراءات ضغط الدم باستمرار لتجنّب الإصابة بحالات متقدمة من ارتفاع ضغط الدم في المستقبل. كما يُمكنك الآن الاستفادة من خدمة الاستشارات الطبية عن بعد عبر موقع الطبي للتحدّث مع أحد الأطباء المعتمدين للحصول على معلومات إضافية حول ارتفاع ضغط الدم الطفيف وأهم النصائح للتعامل السليم معه.