يُعتبر الدماغ من أهم أجزاء جسم الانسان، لذا لا بد من الحفاظ عليه وحمايته. يحيط الدماغ – بالإضافة إلى الجمجمة - سائل يحميه يسمى السائل الدماغي النخاعي (بالإنجليزية: Cerebrospinal Fluid)، كما أن هناك غشاء يحيط به يسمى السحايا (بالإنجليزية Meninges) وكلاهما يحمي الدماغ ضد الإصابات الفيزيائية. وهناك حاجز حماية آخر للدماغ يُدعى الحاجز الدموي الدماغي (بالإنجليزية Blood Brain Barrier BBB) والذي يعمل كحاجز بين الأوعية الدموية في الدماغ وبين الخلايا والمكونات الأخرى لأنسجة الدماغ. ويوفر الحاجز الدموي الدماغي حماية للدماغ من الكائنات المُمرِضة والسموم التي قد تكون موجودة في الدم.
يهدف وجود الحاجز الدموي الدماغي إلى حماية الدماغ من دخول السموم والكائنات المُمرِضة - والتي قد تكون في مجرى الدم - إليه وبالتالي حمايته من الإصابة بالالتهاب أو العدوى. وبالوقت ذاته فإن الحاجز الدموي الدماغي يسمح بوصول المغذيات الأساسية إلى الدماغ.
وللحاجز الدموي الدماغي وظيفة ثالثة تتمثل بالحفاظ على مستويات الهرمونات، والماء، والمغذيات في الدماغ ثابتة تقريباً، مما يحفظ التوليفة الدقيقة لبيئة الدماغ.
عند حصول أي خلل في خصائص هذا الحاجز (مثلاً في حال حصول عدوى بكتيرية) فإن المَوصل المُحكم (بالإنجليزية: Tight Junction) الموجودة على الحاجز الدموي الدماغي تُفتح قليلاً مما يجعله أكثر نفاذية مما يسمح بدخول البكتيريا والسموم الأخرى إلى الدماغ مُسببة الأمراض.
يتكون الحاجز الدموي الدماغي من مجموعة من الخلايا التي تعمل معاً لأداء وظيفتها في حماية وتغذية الدماغ وهي: الخلايا البِطانية، والخلايا الحَوطية، والغشاء القاعدي، والخلايا النجمية، والخلايا المناعية، بالإضافة إلى مجموعة من الجزيئات.
تشكل هذه الخلايا جدار الأوعية الدموية، وتتميز الخلايا البطانية (بالإنجليزية Endothelial Cells) الموجودة في الحاجز الدموي الدماغي عن غيرها بخصائص تجعلها مُحكمة وذلك لتنظيم حركة الجزيئات، والأيونات، والخلايا من الدم إلى الدماغ وبالعكس، حيث ترتبط الخلايا البطانية ببعضها عبر مَواصل مُحكمة مما يحد من دخول المواد المُذابة إلى الدماغ بشكل كبير. وهذا الحاجز المُحكم يجعل من الضروري وجود نواقل خلوية تنظم حركة المواد من الدم إلى الدماغ وبالعكس، وهذه النواقل هي إما نواقل خروج لنقل الجزيئات أليفة الشحم (بالإنجليزية: Lipophilic) من الدماغ إلى الدم، أو نواقل غذائية لتسهيل نقل مغذيات معينة إلى الدماغ والتخلص من بعض الفضلات عبر طرحها في الدم.
وتحتوي الخلايا البطانية في الحاجز الدموي الدماغي على كمية كبيرة من الميتوكندريا الضرورية لإنتاج طاقة لتسهيل حركة الأيونات. كما أنها تحتوي على نسبة ضئيلة من جزيئات التصاق الكرية البيضاء (بالإنجليزية: Leukocyte Adhesion Molecules) مقارنة بالخلايا البطانية في أنسجة الجسم الأخرى؛ مما يقلل من دخول الخلايا المناعية إلى الدماغ.
وهي خلايا منطمرة في الغشاء القاعدي للأوعية الدموية وموجودة على طول الأنبوب البِطاني. وتتميز الخلايا الحَوطية (بالإنجليزية: Pericytes) الموجودة في الحاجز الدموي الدماغي عن غيرها من أنسجة الجسم بأنها مشتقة من العُرف العصبي (بالإنجليزية: Neural Crest)، كما أنها تتواجد بنسبة كبيرة في الأوعية الدموية للجهاز العصبي المركزي مقارنة بأنسجة الجسم الأخرى. وتلعب هذه الخلايا دوراً مهماً في تنظيم تشكُّل الحاجز الدموي الدماغي أثناء النمو بالإضافة إلى الحفاظ على وظيفته عند البلوغ ومع تقدم العمر، كما أن الدراسات تشير إلى أن الخلايا الحَوطية تلعب دوراً هاما في تثبيط زيادة نفاذية الحاجز الدموي الدماغي.
يعمل الغشاء القاعدي (بالإنجليزية: Basement Membrane) كرابط للعديد من العمليات التي تتضمن إرسال إشارات عبر الأوعية الدموية، كما أنه يعمل كحاجز إضافي تعبره الجزيئات والخلايا قبل الوصول إلى الأنسجة العصبية. ويعد تمزيق أو انفتاح هذا الغشاء القاعدي سبباً مهماً في اختلال وظيفة الحاجز الدموي الدماغي ودخول كريات الدم البيضاء كما يُلاحظ في العديد من الأمراض العصبية.
هي عبارة عن خلايا دبقية، تتمثل أهميتها في أنها تُعدل وتحافظ على الحاجز الدموي الدماغي بعد تشكله.
تتفاعل الأوعية الدموية الموجودة في الجهاز العصبي المركزي مع الخلايا المناعية (بالإنجليزية: Immune Cells) المختلفة، ومن أهم هذه الخلايا المناعية في الجهاز العصبي المركزي البلاعم المحيطة بالوعاء (بالإنجليزية: Perivascular Macrophages) والخلايا الدُّبيقية الصغيرة (بالإنجليزية: Microglial Cells)، وهذه الخلايا مشتقة من السلائف المنقولة بالدم، وتشير الدراسات إلى أن هذه الخلايا تستطيع عبور الحاجز الدموي الدماغي وتتبدل كل ٣ شهور بنسبة ٨٠ بالمئة.
بالاضافة إلى ذلك، تتفاعل الخلايا المناعية المختلفة عند تفعّلها مع الأوعية في الجهاز العصبي المركزي وتقوم بتنظيم خصائص الحاجز الدموي الدماغي استجابةً لحصول إصابة، أو عدوى، أو مرض وذلك عبر زيادة النفاذية الوعائية.
يلعب أي انفتاح أو تمزق في الحاجز الدموي الدماغي دوراً مهماً في الأمراض التي تصيب الجهاز العصبي، ومن الأمثلة على هذه الأمراض: نقص التروية الدماغي الحاد والمزمن، رَضْح الدماغ، مرض التصلب المتعدد، الأورام الدماغية، والالتهابات التي تصيب الدماغ.
في بعض الأحيان تكون العوامل التي تؤثر على الحاجز الدموي الدماغي خارجية؛ كالإنتانات أو أمراض المناعة الذاتية (بالإنجليزية: Autoimmune Disease)، حيث تتسبب هذه العوامل بتلف في الأوعية الدموية. أما في حالات أخرى -مثل نقص التروية الدماغي- فإن تلف الأوعية الدموية يتبع حدوث إصابة وذلك عبر تحفيز آليات خلوية داخلية تُعرف باسم الالتهاب العصبي.
وبما أن الحاجز الدموي الدماغي يمنع دخول الأدوية إلى الدماغ، فإن علاج أمراض الجهاز العصبي المركزي يكون صعباً.
يؤدي نقص التروية الدماغي (بالإنجليزية: Cerebral Ischemia) إلى فتح ثنائي المراحل للحاجز الدموي الدماغي؛ حيث يكون الفتح على مرحلتين، الأولى الابتدائية تتم خلال ساعات قليلة من نقص التروية وتكون قابلة للعكس. أما المرحلة الثانية من فتح الحاجز الدموي الدماغي فتتم بعد ٢٤ إلى ٤٨ ساعة بعد نقص التروية. وكلما كانت مدة نقص التروية أطول، كلما تم الفتح أسرع وكان أكثر شدة. وفي حالة نقص التروية يتم فتح الحاجز الدموي الدماغي بسبب نشاط خلوي داخلي عبر تنشيط الخلايا الحَوطية، والخلايا الدُّبيقية الصغيرة، والخلايا النجمية بفعل هبوط نسبة الأكسجين.
التصلب المتعدد (بالإنجليزية Multiple Sclerosis) هو مرض يصيب الانسان في عمر الشباب، وتكون بدايته من التهاب الوُريدات (بالإنجليزية Venules). ويعتبر انفتاح الحاجز الدموي في حالة التصلب المتعدد نتيجة لعامل خارجي، حيث أن الإصابة الابتدائية تحصل للأوعية الدموية مما يسمح بدخول خلايا B و T المناعية عبر الحاجز الدموي الدماغي.
يؤدي التهاب السحايا البكتيري (بالإنجليزية: Bacterial Meningitis) إلى انفتاح في الحاجز الدموي الدماغي يرافقه دخول خلايا الدم البيضاء والبروتينات إلى الحيّز تحت العنكبوتية (بالإنجليزية: Subarachnoid Space). يمكن للعوامل المسببة للعدوى الدخول إلى الدماغ من مصادر مختلفة؛ منها الجيوب الأنفية الملتهبة أو عبر العدوى دموية المنشأ. عند دخول البكتيريا إلى الدماغ فإنها تسبب التهاب المخ (بالإنجليزية Cerebriti)، والذي قد ينتج عنه خُراج. عند إعطاء المضادات الحيوية فإنها تهاجم البكتيريا مسببة خروج البروتينات من جدار الخلية البكتيرية مما قد يؤدي إلى حدوث استجابة التهابية، وقد يؤدي هذا في الأطفال إلى فقدان السمع. يتم إعطاء الستيرويدات لتقليل الالتهاب وبالتالي تقليص الضرر الحاصل للعصب الثامن.
يؤدي حدوث الألم إلى انفتاح الحاجز الدموي الدماغي عبر تحفيز تفاعل في الجهاز العصبي المركزي.
تؤدي الإصابات الدماغية إلى انفتاح الحاجز الدموي الدماغي. في المراحل الأولى من الإصابة يحصل انفتاح ميكانيكي للأوعية مما يسبب نزفاً داخل المخ مؤدياً لحدوث استجابة التهابية في الدم وبالتالي إحداث ضرر مستمر على الحاجز الدموي الدماغي.
توجد العديد من الدراسات على الحيوانات التي تشيرإلى علاقة اختلال الحاجز الدموي الدماغي بنشوء مرض الزهايمر(بالإنجليزية: Alzheimer's Disease)، ولكن لا يوجد سوى دراسات قليلة توضح هذه العلاقة في الإنسان. وتبين الدراسات المتعلقة بعلم الأمراض أن غالبية مرضى الزهايمر يعانون من أمراض في الأوعية الدموية.
أشارت عدة دراسات إلى أن هناك خللا في الحاجز الدموي الدماغي لدى مجموعة من المرضى الذين يعانون من أمراض في الأوعية الدموى الصغرى ناتجة عن ارتفاع ضغط الدم أو السكري، حيث رصدت الدراسات التي تم إجراؤها على السائل النخاعي ارتفاعاً في مستوى الألبومين (بالإنجليزية: Albumin)، الأمر الذي يعد مؤشراً على اختلال الحاجز الدموي الدماغي.
يتألف طاقم الطبي من مجموعة من مقدمي الرعاية الصحية المعتمدين، من أطباء، صيادلة وأخصائيي تغذية. يتم كتابة المحتوى الطبي في الموقع من قبل متخصصين ذوي كفاءات ومؤهلات طبية مناسبة تمكنهم من الإلمام بالمواضيع المطلوبة منهم، كل وفق اختصاصه. ويجري الإشراف على محتوى موقع الطبي من قبل فريق التحرير في الموقع الذي يتألف من مجموعة من الأطباء والصيادلة الذين يعتمدون مصادر طبية موثوقة في تدقيق المعلومات واعتمادها ونشرها. يشرف فريق من الصيادلة المؤهلين على كتابة وتحرير موسوعة الأدوية. يقوم على خدمات الاستشارات الطبية والإجابة عن أسئلة المرضى فريق من الأطباء الموثوقين والمتخصصين الحاصلين على شهادات مزاولة معتمدة، يشرف عليهم فريق مختص يعمل على تقييم الاستشارات والإجابات الطبية المقدمة للمستخدمين وضبط جودتها.