هنالك العديد من المصطلحات التي قد نصادفها أثناء قراءة الأبحاث والدراسات أو الكتب العلمية الطبية منها مصطلحي “In vitro” و“In vivo". ، ونتناول هنا الحديث عن كلا المصطلحين، والفرق بينهما، وأهمية ومدى دقة كل منهما، بالإضافة إلى مناقشة مراحل إجراء تجارب الدراسات السريرية.
In Vitro هي كلمة لاتينية تعني داخل الزجاج وهي تدل على أي إجراء، أو تجربة تتم داخل المختبر ضمن حدود أنبوب الاختبار أو مقتنيات المختبر الأخرى.
أما
In Vivo هي كلمة لاتينية تعني داخل الأجسام الحية وهي تدل على أي عمل أو اختبار أو تجربة يتم إجراؤها على أو داخل كائن حي مثل الحيوان أو الإنسان.
تعد هاتان الطريقتان لإجراء الدراسات متشابهتان من حيث أنه يتم إجراء كلاهما من أجل إحراز تقدم في معرفتنا عن الأمراض التي قد تصيب الإنسان وعلاج هذه الأمراض، وكذلك لفهم جسم الإنسان وكيفية أداء أجهزته لوظائفها الطبيعية.
بالرغم من التشابه في الهدف لكلا الطريقتين إلا أنه هنالك العديد من الاختلافات المهمة بينهما وذلك من حيث كيفية إجراء هذه الدراسات، وكيفية تفسير النتائج لكل منهما، والتطبيقات العملية لأي اكتشاف يحصل عليه من خلال هذه الدراسات.
اقرأ أيضاً: ما هي أهم الدراسات الطبية خلال عام 2018؟
تبدأ الدراسات الطبية عادة بإجراء الدراسات داخل المختبر أولاً ثم يتبعها إجراء دراسات على الكائنات الحية.
فمثلاً، عند إجراء دراسة للنظر في قدرة الدواء على علاج مرض السرطان فإنه يتم أولاً في المختبر زراعة الخلايا السرطانية في طبق خارج الجسم الحي وذلك باستخدام عدد من البيئات المختلفة التي تم إعدادها وتطويرها من قبل للباحثين للمساعدة في الحفاظ على هذه الخلايا ونموها بشكل مستقل عن الجسم.
هذه الطريقة تسمح للباحثين بقدر الإمكان اكتساب معرفة عن الدواء وفعاليته وذلك قبل تعريض البشر لأية آثار محتملة والتي قد تكون خطيرة في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، إن كان دواء الذي تتم دراسته، لا يعمل على الخلايا السرطانية التي تم زراعتها في طبق، فسيكون من غير الأخلاقي أن يستخدم البشر هذا الدواء الذي قد يسبب لهم السمية.
أيضاً تعد الدراسات في المختبر مهمة لأنها تتيح تطوراً سريعاً للعلاجات الجديدة، حيث يمكن دراسة العديد من الأدوية في وقت واحد ويمكن أيضاً دراسة الدواء الواحد باستخدام عدد كبير من عينات الخلايا.
بنهاية الدراسات داخل المختبر، فقط الأدوية التي أظهرت فعالية تجاه الخلايا المزروعة سيتم أخذها من أجل الخطوة اللاحقة ألا وهي الدراسات في الأجسام الحية والتي من خلالها يتم تحديد استجابة الجسم كاملاً لوجود هذه الأدوية حيث يتم التأكد من فعاليتها ومدى سلامة استخدمها لدى البشر.
إن وجود فعالية للدواء في الدراسات المختبرية لا يعني بالضرورة وجود فعالية لها عند إجراء الدراسات على الكائنات الحية، وذلك مثلاً لعدم امتصاص الدواء جيداً أو لتحطم الدواء في الجسم بشكل سريع بحيث لا يصل الدواء إلى المنطقة المصابة أو قد يصل ولكن بتراكيز قليلة جداً لا تعطي فعالية.
أيضاً في بعض الحالات قد تظهر فعالية للدواء في الدراسات الحيوية إلا أنه ومن ناحية أخرى يتم العثور على آثار جانبية للدواء واعتباره غير آمن للاستخدام مستقبلاً.
هناك بعض العوامل التي يجب مراعاتها عند المقارنة بين الدراسات في المختبر والدراسات على الجسم الحي، والتي تشمل:
اقرأ أيضاً: استخدام الأدوية خلال فترة الحمل
إن جميع الأدوية تخضع للعديد من الدراسات قبل أن يتم إتاحتها في الأسواق، حيث تقوم الشركة المنتجة للدواء بالقيام بجميع الدراسات المطلوبة وتقديم نتائج هذه الدراسات لمؤسسة الغذاء والدواء لمراجعتها وإعطاء الموافقة لإتاحة هذا الدواء في الأسواق. إن التجارب السريرية التي يتم إجراؤها على الدواء تقسم إلى مرحلتين رئيستين:
وتشمل جميع الدراسات التي يتم إجراؤها على الدواء قبل أن يتم إدخاله إلى الدراسات السريرية وتشمل هذه المرحلة كلا من:
خلال هذه المرحلة يتم تحديد مدى سمية الدواء، حيث يتم الكشف عن وجود قدرة للدواء بإحداث ضرر جسيم للكائنات الحية.
خلال هذه المرحلة يتم البدء بإجراء الدراسات على الإنسان حيث وبالرغم من أن مرحلة ما قبل الدراسات السريرية تجيب عن الأسئلة الأساسية حول سلامة الدواء، فإنه ليس بديلاً عن الدراسات التي تبين الطرق التي سيتفاعل بها الدواء مع جسم الإنسان. تقسم هذه المرحلة إلى عدة مراحل ألا وهي:
في هذه المرحلة يتم تحديد سلامة الدواء وقدرة الإنسان على تحمله، حيث يتم تنظيم هذه المرحلة على شكل دراسة لتصعيد الجرعة والتي تتلقى مجموعة صغيرة من المشاركين جرعة منخفضة جداً من الدواء فإذا كان الدواء جيد التحمل، يتم زيادة الجرعة للفوج الثاني من المشاركين في هذه المرحلة، وهكذا.
بالتالي إن هذه المرحلة أيضاً تساعد شركة المستحضرات الدوائية على حساب الجرعة الأفضل بدقة من أجل مواصلة الاختبار في المرحلة التالية.
يبلغ عدد المشاركين في هذه المرحلة 20 – 100 متطوع وعادة يكونون أصحاء غير مصابين بالمرض، ومع ذلك، يمكن استخدام المرضى المصابين بالمرض المشار إليه إذا كانت آلية عمل الدواء تشير إلى أنه قد لا يتم تحمل الدواء لدى الأشخاص الأصحاء. قد تستمر هذه المرحلة لعدة شهور.
إذا كان الدواء جيد التحمل في المرحلة الأولى، فإنه يتقدم إلى المرحلة الثانية. في هذه المرحلة، يتم زيادة عدد المرضى مرة أخرى، حيث يتم استخدام ما يصل إلى عدة مئات من المتطوعين المصابين بالمرض المشار إليه لقياس فعالية الدواء لديهم.
خلال هذه المرحلة، يمكن للباحثين أيضاً تحديد الآثار الجانبية التي قد يسببها الدواء ومواصلة تقييم سلامة الدواء. تستمر هذه المرحلة من عدة شهور إلى سنتين.
تركز أيضاً المرحلة الثالثة على اكتشاف فعالية الدواء والآثار الجانبية له وتختلف عن المرحلتين السابقتين من حيث أنها تحدث على مدى فترة زمنية أطول (1 – 4 سنوات)، ويشارك فيها المزيد من المتطوعين المصابين بالمرض المشار إليه (300 – 3000 متطوع) وأيضا أنها تحدث في ظل ظروف تعكس الحياة اليومية للمريض.
غالباً ما يتم تقسيم المشاركين في هذه المرحلة الثالثة بشكل عشوائي إلى مجموعتين - إحداهما تأخذ الدواء المراد دراسته، والمجموعة الأخرى تتناول علاج وهمي (حبوب خالية من أي مادة دوائية فعالة) أو العلاج الذي يستخدم بشكل أساسي للمرض المشار إليه.
والجدير بالذكر أن بعد اجتياز الدواء لهذه المرحلة يتم الموافقة عليه من قبل مؤسسة الغذاء والدواء وإتاحته في الأسواق.
قد تستمر التجارب السريرية لبعض الأدوية بعد إتاحتها في الأسواق حيث أنها تدخل في المرحلة الرابعة، والتي تعرف أيضاً بإسم تجربة مراقبة ما بعد التسويق.
حيث تتيح دراسات هذه المرحلة لشركات الأدوية الكشف عن مزيد من المعلومات حول الآثار الجانبية وسلامة الدواء، فضلاً عن توفير فرصة للباحثين لمعرفة المخاطر والفوائد على المدى الطويل.
ومن المهم ذكره والتأكيد عليه أن هذه التجارب تجرى بشكل تسلسلي حيث أنه الدواء لا ينتقل لمرحلة معينة إلا باجتياز المراحل التي تسبقه.
اقرأ أيضا: الجدل حول انتهاء صلاحية الأدوية
(1) Jill Seladi-Schulman. In Vivo vs. In Vitro: What Does It All Mean?. Retrieved on the 15th of September, 2021, from: https://www.healthline.com/health/in-vivo-vs-in-vitro (2) Lynne Eldridge. What Does In Vivo and In Vitro Mean?. Retrieved on the 15th of September, 2021, from: https://www.verywellhealth.com/what-does-in-vivo-and-in-vitro-mean-2249118 (3) U.S. Food & Drug Administration. The Drug Development Process. Retrieved on the 15th of September, 2021, from: https://www.fda.gov/patients/learn-about-drug-and-device-approvals/drug-development-process (4) Allie Nawrat. The road to market: breaking down the stages of clinical trials for pharmaceutical products. Retrieved on the 15th of September, 2021, from: https://www.pharmaceutical-technology.com/features/stages-of-clinical-trials-drugs/
يتألف طاقم الطبي من مجموعة من مقدمي الرعاية الصحية المعتمدين، من أطباء، صيادلة وأخصائيي تغذية. يتم كتابة المحتوى الطبي في الموقع من قبل متخصصين ذوي كفاءات ومؤهلات طبية مناسبة تمكنهم من الإلمام بالمواضيع المطلوبة منهم، كل وفق اختصاصه. ويجري الإشراف على محتوى موقع الطبي من قبل فريق التحرير في الموقع الذي يتألف من مجموعة من الأطباء والصيادلة الذين يعتمدون مصادر طبية موثوقة في تدقيق المعلومات واعتمادها ونشرها. يشرف فريق من الصيادلة المؤهلين على كتابة وتحرير موسوعة الأدوية. يقوم على خدمات الاستشارات الطبية والإجابة عن أسئلة المرضى فريق من الأطباء الموثوقين والمتخصصين الحاصلين على شهادات مزاولة معتمدة، يشرف عليهم فريق مختص يعمل على تقييم الاستشارات والإجابات الطبية المقدمة للمستخدمين وضبط جودتها.