الصوت الاول للقلب

تُعتبَر الأمراض القَلْبية الوعائية إحدى الأسباب الرئيسية للوفيات في جميع أنحاء العالم. ويعتبر الفحص البدني من أهم الخطوات الأوليّة في تقييم القَلْب بعد أخذ التاريخ المَرَضي المفصل. يُشكِّل سماع أصوات القَلْب جوهر الفحص البدني للقلب؛ إذ يعطي سماع أصوات القَلْب مؤشرات أولية مهمة في تقييم المريض ويعمل كدليل لمزيد من الاختبارات التشخيصية.

أصوات القَلْب

تنتج أصوات القَلْب عن عمليات معينة تحدث في عضلة القَلْب، مثل إغلاق صمام أو توتر في الأحبال الوترية القَلْبية.
يمكن تشخيص العديد من الحالات القَلْبية المرضية عن طريق سماع أصوات القَلْب.
أصوات القَلْب الطبيعية الرئيسية هي صوت القَلْب الأول (S1)، وصوت القَلْب الثاني (S2)، ويمكن أن يكون صوت القَلْب الثالث (S3) طبيعياً في بعض الأحيان، لكنه قد يكون مَرَضياً أيضاً، بينما يُعتبر صوت القَلْب الرابع (S4) دائما مرضياً. ويمكن وصف أصوات القَلْب تبعاً لشِدَّتِها، وطَبَقَةُ الصَّوْت، وموقعها، ونوعيتها، وتوقيتها في دورة القَلْب.

صفات أصوات القلب

• الشِدَّة: يمكن وصف أصوات القَلْب بأنها عالية في الشِدَّة (تُسمع بصوتٍ عالٍ)، أو بانخفاض شدتها (تُسمع بالكاد)، أو بغيابها.
• طَبَقَةُ الصَّوْت: يمكن وصف أصوات القَلْب بأنها عالية أو منخفضة النبرة.
• الموقع: يمكن أن يساعد موقع صوت القَلْب المسموع في تحديد سببه. على سبيل المثال، الصوت الأول للقلب S1 –والذي يتكون من إغلاق الصِّمام التَّاجِي والصِّمام ثُلاثي الشُّرفات- يتم سماعه على أفضل وجه عند منطقة الصِّمام ثلاثي الشُّرفات (عند الحدود السفلى اليسرى لعظمة القص) ومنطقة الصِّمام التَّاجِي (قمة القَلْب).
• التوقيت: يمكن وصف توقيت الصوت بأنه يحدث أثناء الانقباض المبكر أو المتوسط أو المتأخر، أو يحدث أثناء الانبساط المبكر أو المتوسط أو المتأخر.

صوت القَلْب الأول (S1)

ينتج أول صوت للقلب عن طريق الاهتزازات الناتجة عن إغلاق الصِّمام التَّاجِي والصِّمام ثُلاثي الشُّرفات، وهو يتوافق مع نهاية الانبساط وبدء انقباض البطين ويسبق ارتفاع نبض الشريان السباتي.
يُطلق على الصوت الناتج عن إغلاق الصِّمام التَّاجِي M1، ويُطلق على الصوت الناتج عن إغلاق الصِّمام ثُلاثي الشُّرفات T1. ويُسمع صوت M1 بدرجة أعلى من صوت T1 بسبب الضغط العالي في الجانب الأيسر من القَلْب؛ ولهذا يمكن سماع M1 في أغلب مناطق القَلْب (ولكنه يُسمع بدرجة أعلى في منطقة قمة القَلْب)، أما T1 فعادةً ما يُسمع فقط عند الحدود السفلى اليسرى لعظمة القص. وهذا ما يجعل الصوت M1 المكون الرئيسي لصوت القَلْب الأول S1.
عند سماع أصوات القَلْب باستخدام السماعة الطبيّة فإن صوت القَلْب الأول يُكوِّن المقطع الأول (لَاب) من صوتي القَلْب المتتاليين (لَاب-دَاب).

خصائص صوت القَلْب الأول

يعتبر صوت القَلْب الأول عالي الشِدَّة، عالي النبرة، ويُسمع أعلى ما يمكن عند منطقة قمة القَلْب عند إغلاق الصِّمام التَّاجِي والصِّمام ثُلاثي الشُّرفات عند بداية انقباض القَلْب.
وهناك أربعة عوامل تؤثر على شِدَّة صوت القَلْب الأول. ونظراً لأن الجزء M1 أعلى من T1، فمن المهم مناقشة ما يؤثر على M1. تأتي العوامل التي تؤثر على شِدَّة صوت القَلْب الأول على النحو الآتي:

• سُمْك جدار الصدر: تؤدي زيادة المسافة بين القَلْب وسماعة الطبيب إلى ضعف الصوت؛ فمثلاً، يكون صوت القلب الأول عند الأفراد الذين يعانون من السِّمنة أقلّ في الشِدَّة، في حين يكون صوت القَلْب الأول عند الأشخاص الأنحف أكثر شِدَّة.
• طول مدة انبساط عضلة القَلْب: كلما كانت مدة انبساط عضلة القَلْب أطول يكون زمن الملء الانبساطي أطول، وبالتالي يزداد الضغط تدريجياً. تؤدي هذه الزيادة التدريجية في الضغط إلى انحراف أجزاء الصِّمام التَّاجِي معاً ببطء. وينتج عن ذلك أن يكون صوت القَلْب الأول أقلّ في الشِدَّة.
• مرونة الصِّمام التَّاجِي وحرية حركته: في حالة ضيق الصِّمام التَّاجِي الخفيف إلى المتوسط، يؤدي الضغط الأذيني الأيسر المتزايد إلى فصل الأجزاء المتحركة من الصِّمام التَّاجِي على نطاق أوسع، ما يؤدي إلى أن يكون صوت M1 أكثر شِدَّة. بينما في حالة ضيق الصِّمام التَّاجِي الحاد إلى الحرج، تكون الصِّمامات شِبه جامدة وغير متحركة لدرجة أن الصوت M1 يتضاءل أو يغيب تماماً. وبالتالي يؤدي ضيق الصِّمام التَّاجِي الخفيف إلى المتوسط إلى ارتفاع صوت القَلْب الأول، في حين يؤدي ضيق الصِّمام التَّاجِي الحاد إلى الحرج إلى ضعف صوت القَلْب الأول.
• معدل الانقباض البطيني: يؤثر معدل الانقباض البطيني أيضاً على شِدَّة الحرج. فكلما كان معدل ضربات القَلْب أسرع وكلما زاد ضغط البطين كلما كان صوت القَلْب الأول أعلى. وبالتالي، فإن حالات التدفق العالية مثل فقر الدم، أو التسمم الدرقي أو الإنتان ستؤدي إلى ارتفاع شِدَّة صوت القَلْب الأول.

للمزيد: اعراض فقر الدم

الحالات المرتبطة بارتفاع شِدَّة صوت القَلْب الأول

• زيادة التدرج خلال الصِّمام: وتحدث في حالات (مرض التصلب العصبي المتعدد، وَرَم مُخاطِي أُذَينِي).
• زيادة قوة الانقباض البطيني: وتحدث في حالات (زيادة معدل ضربات القَلْب، حالات فرط الديناميكية في الدورة الدموية (فقر الدم، والحُمَّى، والتسمم الدرقي، وممارسة الرياضة، والعوامل المؤثرة في التقلص العضلي).
• قِصَر فترة انبساط عضلة القَلْب: وتحدث في حالات (زيادة معدل ضربات القَلْب، واضطراب في سرعة نقل التنبيهات الأذينية للبطين).
• تدلي الصِّمام التَّاجِي.

للمزيد: علاج مرض التصلب العصبي المتعدد

الحالات المرتبطة بانخفاض شِدَّة صوت القَلْب الأول

• قَلَسُ الصِّمام التَّاجِي أو قَلَسُ الصِّمام ثلاثي الشرفات.
• طول مدة انبساط عضلة القَلْب: وتحدث في حالات (مثل بُطء معدل ضربات القَلْب، إِحْصارُ القَلْب، التسمم بالديجيتالِز).
• انخفاض قوة الانقباض البطيني: وتحدث في حالات (اعتلال عضلة القَلْب، التهاب عضلة القَلْب، الوذمة المخاطية، احتشاء عضلة القَلْب).
• تكلس الصِّمام التَّاجِي.
• زيادة المسافة بين القَلْب وسماعة الطبيب: في حالات (السمنة، انتفاخ الرئة، الارتشاح البِلّوري، انصباب التامور).

للمزيد: السمنة وامراض القلب

انقسام صوت القَلْب الأول

يغلق الصِّمام التَّاجِي مباشرة قبل الصِّمام الثُّلاَثِيُّ الشُّرَفات. وبالتالي، يُسمع M1 قبل T1 بفترة قصيرة جداً (وهو اختلاف لا يمكن اكتشافه في الغالب).
يكون انقسام صوت القَلْب الأول أكثر وضوحاً عند زيادة فرق التوقيت بين إغلاق الصِّمام التَّاجِي والصِّمام الثُّلاَثِيُّ الشُّرَف. ويُمكن أن يحدث هذا مع الإغلاق المبكر للصمام التَّاجِي أو الإغلاق المتأخر للصمام ثلاثي الشرفات.
تتضمن بعض الحالات المقترنة بـ انقسام صوت القَلْب الأول ما يلي:

• انقباضات البطين المبكرة.
• عُيوب الحَاجِزِ الأُذَيْنِي.
• شذوذ ابشتاين.