يعد الحصول على معلومات حول الوقت الذي ينتقل فيه فيروس كورونا من الشخص المصاب إلى الآخرين مهماً جداً لتوجيه القرارات المتعلقة بالإجراءات الوقائية ومدة الحجر الصحي.

ويمكن أن يحدث انتقال الفيروس قبل ظهور الأعراض، كما يمكن للأشخاص الذين لا تظهر عليهم أي أعراض أن ينقلوا الفيروس أيضاً. حيث أظهرت الدراسات التي أجريت خلال الجائحة أن الأفراد الذين لم تظهر عليهم أعراض أو الذين ظهرت عليهم أعراض يمكن أن ينقلوا الفيروس. 

ومع ذلك، فقد كان من الصعب تحديد مدى انتقال العدوى بدون أعراض أو مع أعراض. ويرجع هذا النقص في المعلومات إلى متابعة الأفراد لفترة محدودة بعد إجراء اختبار كورونا الإيجابي الأولي. ونتيجة لذلك، فقد ظهرت أعراض على العديد من الأفراد الذين لم تظهر عليهم الأعراض في البداية. 

وقد بحثت دراسة نشرت مؤخراً في أنماط انتقال الفيروس في الصين بين شهري يناير وأغسطس لعام 2020.

وقد بينت الدراسة أن الأشخاص المصابين بفيروس كورونا كانوا أكثر عرضة لنقل الفيروس قبل أيام قليلة من ظهور الأعراض وبعدها. ووجدت أيضاً أن مخالطة شخص مصاب بدون أعراض كان من المرجح أن يؤدي إلى الإصابة بعدوى بدون أعراض لدى الأفراد المخالطين.

تفاصيل الدراسة

لفهم نمط انتقال فيروس كورونا، حدد الباحثون 730 شخصاً مصاباً بفيروس كورونا بين يناير وأغسطس 2020 في مقاطعة تشجيانغ في الصين.

ثم تتبع الباحثون مخالطي المصابين للتعرف على ما مجموعه 8852 شخصاً كانوا على اتصال وثيق بالأشخاص المصابين، الذين تم تحديدهم أولاً. وخضع المصابين والمخالطبن لاختبارات منتظمة، وتقييم يومي لأعراض كورونا خلال فترات العزل أو الحجر الصحي.

وقد راقب الباحثون جميع المشاركين لتقييم أي أعراض لمدة 90 يوماً على الأقل بعد اختبارهم الإيجابي الأولي. وسمح لهم ذلك بالتحقق مما إذا كان الأشخاص الذين لم تظهر عليهم أي أعراض في وقت الاختبار الأولي ظلوا بدون أعراض أو ظهرت عليهم الأعراض لاحقاً.

ولتقييم خطر انتقال العدوى، قام الباحثون بحساب معدل العدوى، وهي النسبة المئوية لجميع المخالطين المعرضين الذين أصيبوا بفيروس كورونا. كما قام الباحثون أيضاً بتقييم تأثير أنماط الاتصال، وشدة الأعراض على انتقال الفيروس. 

نتائج الدراسة

وجد الباحثون أن الأشخاص المصابين كانوا أكثر نقلاً للعدوى بين يومين قبل ظهور الأعراض، و3 أيام بعد ظهورها. علاوة على ذلك، كان خطر نقل العدوى إلى المخالطين أعلى في يوم ظهور الأعراض.

كما كان لدى أفراد الأسرة والأفراد الذين لديهم اتصالات متعددة مع فرد مصاب احتمالية أعلى للإصابة بالعدوى من أولئك الذين تعرضوا للفرد في وسائل النقل المشتركة، أو في مساحة مغلقة مشتركة خارج المنزل.

كما أدى التعرض لشخصين مصابين إلى زيادة مخاطر الانتقال مقارنة بالتعرض لفرد واحد.

وقد وجد الباحثون أن شدة أعراض فيروس كورونا كانت مرتبطة بمخاطر الانتقال، حيث يكون الأفراد الذين لا تظهر عليهم أعراض أقل عرضة لنقل الفيروس من أولئك الذين يعانون من أعراض خفيفة أو متوسطة.

بالإضافة إلى ذلك، كان الأفراد الذين لا يعانون من أعراض أكثر عرضة للتسبب في عدوى بدون أعراض في المخالطين. 

للمزيد: اعراض فيروس كورونا

محددات الدراسة

تعتبر النقاط التالية من أهم محددات هذه الدراسة: 

  • كان من المحتمل أن بعض الأشخاص المعرضين الذين أصيبوا بفيروس كورونا لم يتم احتسابهم، بما في ذلك الحالات التي لم تظهر عليهم أعراض.
  • أجرى الباحثون الدراسة في مقاطعة تشجيانغ، حيث كان انتقال الفيروس محدوداً بسبب التنفيذ الواسع النطاق لإجراءات الصحة العامة. 
  • يمكن أن تختلف أنماط الانتقال اعتماداً على التدخلات الصحية التي تنفذها السلطات المحلية.
  • حللت هذه الدراسة البيانات التي تم جمعها بين شهري يناير وأغسطس 2020، عندما لم تكن المزيد من المتغيرات القابلة للانتقال، مثل ألفا ودلتا، والتي قد يكون لها أنماط انتقال مختلفة قد ظهرت بعد.

الخلاصة

تشير هذه البيانات إلى أن تجنب خطر التعرض للفيروس قد يكون مهماً، ليس فقط لمنع الانتقال المستمر، ولكن أيضاً لتقليل شدة المرض.

وتوفر هذه الدراسة دليلاً إضافياً على أن فيروس كورونا الأصلي ينتشر في الغالب قبل عدة أيام من ظهور الأعراض وبعدها، وتسلط الضوء على الحاجة إلى تدابير السيطرة الشاملة والتدخلات المبكرة لوقف انتقال العدوى. 

كما تشير هذه النتائج إلى أن توقيت التعرض بالنسبة للأعراض هو عامل انتقال مهم، ويوفر دليلاً إضافياً على أن الاختبار السريع والعزلة الاجتماعية بعد ظهور الأعراض أمر بالغ الأهمية للسيطرة على الوباء.

وتشير هذه النتائج أيضاً إلى أنه من المهم تجنب التعرض لشخص مصاب بفيروس كورونا؛ وفي حال التعرض، فإن شدة التعرض له هي أيضاً عامل مهم لانتقال الفيروس. 

كما تؤكد هذه الدراسة أيضاً على الحاجة إلى تلقي لقاح كورونا، مما يقلل من حدة المرض بين الأشخاص الذين يصابون بالمرض.

وقد نشر البحث الجديد في مجلة JAMA Internal Medicine.