يتسبب تعرض الطفل لبعض الأحداث القاسية بإصابته بصدمة نفسية والتي يمكن أن تؤثر على طفولته، كما من الممكن أن يستمر تأثيرها لحين بلوغه وتقدمه في العمر. ولهذا، من المهم معرفة كيفية التعامل مع الصدمة النفسية عند الأطفال، وذلك بهدف علاجها والتقليل من آثارها السلبية على حياة الطفل. [1]
يناقش المقال التالي كل ما يخص الصدمات النفسية عند الأطفال، بما في ذلك أسبابها، وأعراضها، بالإضافة إلى كيفية التعامل معها.
محتويات المقال
تعرف الصدمة النفسية عند الطفل، أو ما يتم تسميتها أيضًا بصدمة الطفولة، على أنها استجابة عاطفية لحدث فظيع تعرض إليه الطفل وهو بعمر صغير، حيث يمكن أن يتسبب هذا الحدث بأضرار جسدية أو عاطفية لدى الطفل. [1،2]
للأسف الشديد، من الشائع حدوث الصدمات النفسية عند الأطفال، حيث يمكن أن يتعرض ما يقارب 46% من الأطفال لصدمة ما في إحدى مراحل حياتهم الطفولية. ووفق إحصائيات لإدارة تعاطي المخدرات وخدمات الصحة العقلية، فإن أكثر من ثلثي الأطفال سيعانون من حدث صادم واحد على الأقل عند بلوغهم سن 16 عامًا. [1،3]
أسباب الصدمة النفسية عند الأطفال
تحدث الصدمة النفسية عند الطفل نتيجة لمروره بحدث عنيف وخطير والذي يتسبب بتولد لديه مشاعر الخوف، وعدم الأمان، والشعور بأن حياته مهددة. كما يمكن أن تحدث الصدمة النفسية عند الأطفال نتيجة التعرض لموقف لا يقدر الطفل على التأقلم معه. [1،3،4]
تتعدد طبيعة الأحداث التي يمكن أن تتسبب بصدمة نفسية عند الأطفال، وتشمل ما يلي: [2-4]
- تعرض الطفل لإساءة أو اعتداء، ويتضمن ذلك التعرض لاعتداء جسدي مؤلم أو التعرض لاعتداء جنسي، بما في ذلك التحرش أو الاغتصاب.
- التعرض لحادث سيارة.
- مواجهة إحدى الكوارث الطبيعية، مثل الإعصار أو الزلازل.
- فقدان أحد أفراد الأسرة المقربين، مثل الأم، أو الأب، أو الأخ.
- التعرض للتنمر أو غيرها من أشكال الإيذاء العاطفي والنفسي.
- التعرض لأحد أعمال العنف، بما في ذلك الأعمال الارهابية أو الخطف.
- العيش في مناطق الحرب.
- الإصابة بأحد الأمراض الخطيرة والمهددة للحياة.
- التشرد.
كما لا يرتبط حدوث الصدمات النفسية عند الطفل بحدث يحدث مباشرة مع الطفل نفسه، وإنما يمكن أن يحدث نتيجة مشاهدته أحد أفراد عائلته يتعرضون لأحد أشكال العنف أو معاناتهم من مشكلة صحية خطيرة. [1]
أعراض الصدمة النفسية عند الأطفال
تتعدد أعراض الصدمة النفسية عند الأطفال والتي يمكن أن تشمل أعراض نفسية وأعراض جسدية، ومن الممكن أن تتراوح شدة هذه الأعراض ما بين طفيفة إلى شديدة، ويعتمد ذلك على عدة عوامل، بما فيها: [2]
- التعرض مسبقًا لأحداث مؤلمة.
- طبيعة الحدث الذي تسبب بصدمة لهم.
- معاناتهم من حالات نفسية أخرى.
- كيفية تعامل الطفل مع عواطفه.
ويمكن أن تشمل الأعراض النفسية والعاطفية التي ستظهر عند الطفل عند تعرضه لصدمة نفسية ما يلي: [2]
- تولد العديد من المشاعر عند الطفل، بما فيها:
- الإنكار.
- الغضب.
- الخوف.
- الحزن.
- الذنب.
- اليأس.
- الارتباك.
- القلق.
- الاكتئاب.
- الهيجان.
- صعوبة في التركيز.
أما حول الأعراض الجسدية للصدمة النفسية عند الأطفال، فتتضمن ما يلي: [2،3]
- الصداع.
- اضطرابات الجهاز الهضمي، بما فيها آلام المعدة.
- التعب.
- تسارع دقات القلب.
- التعرق.
اقرأ أيضًا: أنواع الصدمات النفسية، تعرف عليها
تأثيرات الصدمة النفسية على الأطفال
بالإضافة إلى ما تتسبب به الصدمة النفسية عند الأطفال من أعراض، يمكن أن تتسبب أيضًا بالعديد من التأثيرات السلبية على صحة الطفل الجسدية والنفسية، ومن الممكن أن تظهر هذه التأثيرات مباشرة لدى الطفل أثناء مرحلة الطفولة، كما يمكن أن تظهر في المراحل اللاحقة من حياته. [1]
وتشمل التأثيرات السلبية للصدمة النفسية على الطفل ما يلي:
- التأثيرات الجسدية
فمن الممكن أن يتسبب تعرض الطفل لصدمة نفسية بالتأثير على نمو جسده. فمثلًا، يمكن أن يتسبب التوتر الناجم عن صدمة الطفولة بإضعاف تطور كل من الجهاز المناعي والجهاز العصبي المركزي لدى الطفل. [1]
كما يمكن أن تتسبب الصدمات النفسية عند الأطفال بزيادة خطر الإصابة ببعض الأمراض والمشكلات الصحية في مرحلة البلوغ، وتشمل ما يلي: [1،3]
- مرض السكري.
- أمراض القلب.
- السكتات الدماغية.
- اضطرابات النوم.
- السرطان.
- أمراض المناعة الذاتية.
- أمراض الكبد.
- أمراض الرئة والجهاز التنفسي.
- التأثيرات العقلية
أيضًا، يمكن أن تتسبب الصدمة النفسية عند الأطفال بزيادة خطر الإصابة بالعديد من من الاضطرابات العقلية، منها ما يلي: [1،3]
- عدم القدرة على السيطرة على مشاعر الغضب.
- الاكتئاب.
- الاضطرابات العاطفية.
- ارتفاع مستويات التوتر.
- اضطراب ما بعد الصدمة.
- الاضطرابات الذهانية.
- التأثيرات على الوظائف المعرفية
تشمل التأثيرات التي يتسبب بها التعرض للصدمات النفسية في مرحلة الطفولة اضطراب واختلال العديد من العملية العقلية ومواجهة الطفل صعوبة في كل ما يلي: [3]
- حل المشكلات.
- التخطيط.
- تعلم معلومات جديدة.
- التفكير بشكل فعال.
- تأثيرات أخرى
من الآثار السلبية للصدمة النفسية عند الأطفال ما يلي: [1،3]
- التقليل من احترام الذات، فمن الممكن أن يشعر الطفل بعدم قيمته، بالإضافة إلى مشاعر العار والذنب ولوم أنفسهم على ما حدث لهم.
- عدم القدرة على السيطرة على العواطف وامتلاء الطفل بمشاعر الخوف والقلق.
- التأثير على قدرة الطفل على تكوين علاقات مع الأفراد الآخرين من حوله، ويعود ذلك لعدة أسباب بما فيها صعوبة الثقة بالآخرين وعدم القدرة على التواصل مع الآخرين.
الصدمة النفسية عند الأطفال بسبب الحرب
كما ذكرنا سابقًا، تعد الحروب إحدى المسببات للصدمة النفسية عند الأطفال، حيث يعد الأطفال الذين يعيشون في مناطق الحروب والنكبات أكثر عرضة للإصابة بما يسمى باضطراب ما بعد الصدمة. [2،5]
وما يجدر ذكره أن الصدمة النفسية عند الطفل لا تحدث فقط نتيجة للتعرض لأحداث الحرب العنيفة فقط، والتي تشمل القتل والتفجيرات، وإنما يمكن أن تحدث أيضًا عند التعرض لأحداث غير عنيفة تتعلق بالحرب، بما فيها التهجير القسري وفقدان الدعم الاجتماعي. [5]
للمزيد: ما هي الآثار النفسية للحروب والصراعات؟
كيفية التعامل مع الصدمة النفسية عند الأطفال
من المهم معرفة كيفية التعامل مع الصدمات النفسية التي تحدث للأطفال، فذلك يمكن أن يساعد في التقليل من التأثيرات السلبية التي تتسبب بها على صحة الطفل الجسدية والنفسية، وتقلل من احتمالية ظهور تأثيراتها السلبية في المراحل اللاحقة من حياته. [1]
وفيما يلي بعض النصائح حول كيفية التعامل مع الطفل عند تعرضه لأي صدمة نفسية والتي تساعد على تعزيز الشعور بالأمان لديه: [1،3،4]
- السماح للطفل بالبكاء والتعبير عن حزنه.
- مناقشة ما يشعر به الطفل فقط عندما يكون الطفل مستعدًا للقيام بذلك.
- إعطاء الطفل فرصة للتعبير عن مشاعره، وذلك من خلال الحديث، أو الكتابة، أو الرسم.
- طمأنة الطفل من قبل الوالدين والأفراد المقربين بأنهم سيفعلون كل ما بوسعهم للحفاظ على سلامته.
- مساعدة الطفل على فهم بأنه ليس مخطئ وأن كل ما حصل ليس من ذنبه.
- الحرص على بقاء الروتين اليومي للطفل كما هو، والذي يتضمن تحديد أوقات الوجبات والقيام بقراءة قصص ما قبل النوم.
- الحرص على عدم تعرض الطفل لأي شيء يمكن أن يذكرهم بالحادث الذي تعرضوا إليه، فمثلًا، في حال الصدمة النفسية عند الأطفال الناجمة عن الحروب، يجب الحرص على تجنب رؤية الطفل لأي من التقارير الإخبارية الخاصة بالحرب.
- توفير ضوء ليلي أو السماح لهم بالنوم في الغرفة مع أحد الوالدين لفترة قصيرة إذا كانوا يواجهون صعوبة في النوم.
كما يجب على الأفراد البالغين الذين يشرفون على الطفل المصاب بالصدمة النفسية أن يتحلوا بالصبر، فما واجهه ليس أمرًا سهلًا وسيحتاج إلى فترة من الزمن لكي يتخطى ذلك ويعود كما كان سابقًا. [3]
أيضًا، يوجد عدد من برامج العلاج النفسي، والعلاج السلوكي، والعلاج المعرفي والتي يمكن للطفل تلقيها بهدف التغلب على آثار الصدمة النفسية التي تعرض لها. [4]
اقرأ أيضًا: العلاج النفسي: دليلك الشامل
نهاية، يعد الحفاظ على الصحة النفسية الخاصة بالطفل أمرًا مهمًا، ونظرًا لحدث الصدمات النفسية عند الأطفال بشكل شائع نتيجة للتعرض لاعتداء أو إساءة، أو نتيجة لوجود الحروب أو الكوارث الطبيعية في المناطق التي يعيشون فيها، فمن المهم دائمًا معرفة كيفية تمييز الصدمة النفسية عند الطفل وكيفية التعامل معها من أجل تقليل آثارها السلبية على صحة الطفل النفسية والجسدية.