يتطور العالم سريعاً في جميع المناحي، ومن تلك المناحي النظام الإعلامي لأهميته الكبيرة، إذ تزودنا تلك المنصات بالأخبار والمعلومات المفيدة التي تساعدنا على مجاراة التطورات التي تحدث حولنا، لكن مع الأسف قد تقودنا بعض المنصات الإعلامية إلى الهلاك إن كانت تبث أخباراً مضللة أو خاطئة خاصة في وقت الأزمات، وتعرف تلك الحالة باسم الوباء المعلوماتي.
ما هو الوباء المعلوماتي؟
يمكن تعريف الوباء المعلوماتي (بالإنجليزية: Infodemic) بأنه عملية إنتاج وإرسال كم هائل من المعلومات التي تختلط فيها الحقائق بالشائعات، والتوجيهات العلمية بالدجل والخرافات، حول مشكلة ما، باستخدام تكنولوجيات الاتصال الحديثة، وعبر جميع المنصات الإعلامية المتاحة، وهو ما يؤدي في النهاية إلى تضليل المتلقي وصعوبة تمييزه للمعلومات والإرشادات الصحيحة حول هذه المشكلة، فمثلاً نتيجة كثرة المعلومات المغلوطة المنتشرة حول فيتامين د واستخداماته يصعب على كثيرين الوصول إلى معلومات موثوقة حوله.
سبب ظهور الوباء المعلوماتي
نمتاز نحن البشر بكوننا كائنات تتسم بالفضول والابتكار، ونريد أن نفهم العالم من حولنا وأن نظل على اطلاع على التحديات التي نواجهها، وكيفية التغلب عليها. وقد تكون هذه الميزة هي إحدى غرائز البقاء التي ورثناها عن أسلافنا القدماء. ويعد البحث عن المعلومات وتبادلها إحدى الطرق للوصول إلى ذلك. ولكن لسوء الحظ، فإن عملية البحث عن المعلومات وتداولها لا يقتصر على المعلومات الرصينة التي تصدرها المؤسسات والهيئات العلمية، والبيانات والتقارير الصادرة عن الحكومات والوكالات الرسمية، ولكن هناك أيضاً مقالات إخبارية ورسائل صادرة عن المدونين بالفيديو والنص والصوت. وبالإضافة إلى المعلومات التي يتبادلها الناس على وسائل التواصل الاجتماعي أو تطبيقات التراسل الأخرى، وأدى هذا الزخم من المعلومات وكثرة مصاردها إلى التشتت وظهور الوباء المعلوماتي.
اقرأ أيضاً: تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية
تاريخ نشاة الوباء المعلوماتي
يعود تاريخ استخدام مصطلح الوباء المعلوماتي لأول مرة في عام 2003 في سياق نقد المعالجات الإعلامية لأزمة إنتشار متلازمة السارس، الذي إنطلق من آسيا وانتشر في دول كثيرة قبل السيطرة عليه. في ذلك الوقت لم تكن شبكات التواصل الاجتماعي قد انتشرت وتغلغلت في كل مفاصل الحياة البشرية مثل واقعنا الحالي. وها هو مصطلح الوباء المعلوماتي يعود ليطل علينا مرة أخرى ويتصدر النقاشات الدولية في جائحة كورونا الحالية مع تزايد الاهتمام الدولي من جانب المنظمات الدولية، والمنظرين، والباحثين، في محاولة لفهم هذا الوباء وتقريبه إلى أذهان الناس وتحذيرهم منه.
يعد استخدام التكنولوجيا لنشر الوعي عن وباء كورونا على نطاق واسع حول العالم أمراً فريداً من نوعه. لكن على الجانب الآخر فقد انتشر الوباء المعلوماتي والنصائح المغلوطة حول المرض.
الوباء المعلوماتي وكوفيد- 19
ظهر تأثير هذا الوباء المعلوماتي وقت ذروة جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19)، إذ انتشرت العديد من الإشاعات والأخبار المزيفة، والمعلومات المضللة التي تسببت في نشر الذعر بين الناس، إلى جانب ما ظهر من استغلال ذلك الذعر لبيع سلع مغشوشة استغلالاً لحاجات متلقي تلك الأخبار إلى بعض المنتجات، نتيجة المعلومات المغلوطة المنتشرة.
اقرأ أيضاً: كورونا بين الحقيقة والاشاعة
خطورة الوباء المعلوماتي وكورونا
إن الوباء المعلوماتي المرتبط بكورونا قد يصبح أكثر خطورة من فيروس كورونا نفسه، لأن تبعات وباء المعلومات المضللة في هذه الجائحة يمكن أن تزهق الأرواح، وتثبط جهود الاستجابة العالمية للجائحة، ومن أهمها الحملات التي تشكك باللقاحات الفعالة. وهي أيضاً تؤثر في ثقة المواطنين بالبيانات والتصريحات الحكومية وتقارير الهيئات الصحية الرسمية، وتدفعهم للجوء إلى علاجات وهمية زائفة تروج لها هيئات أو شخصيات غايتهم النصب والإحتيال للتكسب والإثراء السريع، مغتنمين حالة الذعر والإرتباك التي يعيشها البشر بسبب هذا الفيروس الذي أودى بحياة مئات الآلاف من الأبرياء.
اقرأ أيضاً: تعرف الى 10 خرافات حول لقاح كورونا
كيفية مواجهة الوباء المعلوماتي بشان كوفيد- 19
إن التحدي الأكبر هو مواجهة الوباء المعلوماتي بشأن كوفيد- 19 الذي يعتمد بالدرجة الأولى على وعي المواطن. فمثلما يمكننا حماية أنفسنا من الفيروس باتباع قواعد النظافة الشخصية وغسل اليدين، والإلتزام بالتباعد الجسدي، وارتداء الكمامة، يمكننا أيضاً أن نبطئ من وتيرة انتشار المعلومات المغلوطة والزائفة، من خلال ممارسة النظافة المعلوماتية.
ذلك من خلال عدم التسرع والإنجرار وراء المعلومات الزائفة، والتحري والتحقق من مصدرها وتفحص البيانات الداعمة لها. إضافة إلى استسقاء المعلومات العلمية الرصينة من مصادرها المحلية والعالمية الرسمية والموثوقة. وتشجيع الناس على الإبلاغ عن المعلومات الخاطئة أو المضللة على الإنترنت، والامتناع عن نشر وترويج تلك المعلومات، حتى لو كان بغرض فضحها أو السخرية منها، لأن ذلك سيزيد من انتشارها. وفي العموم، علينا أن نتذكر جيداً أن المعلومات ستتغير كلما زادت معرفتنا بالفيروس.
اقرأ أيضاً: كل ما يجب ان تعرفه عن لبس الكمامة الطبية