مع بقاء عدة أيام فقط حتى قدوم عام جديد آخر واعد بالتطورات الطبية والبحوث الصحية، نلقي نظرة على بعض الدراسات الأكثر تأثيراً خلال عام 2018.
شهد العام الذي أوشك على الانتهاء أحداثاً رياضيةً هامة، وكوارث طبيعية، وخسارة محزنة لأشخاص مشهورين في العالم، بالإضافة إلى إجراء عدد كبير من الأبحاث والدراسة الطبية التي أدت إلى تحولات هامة في المجال الطبي.
أوردت المواقع الطبية التي تعنى بالصحة والطب اهتماماً خاصاً بمجموعة متنوعة من الموضوعات- من النظام الغذائي والتغذية إلى التطورات العلاجية للظروف العصبية التنكسية والسرطان.
نورد تالياً نظرة عامة على بعض الأبحاث الطبية الأهم في عام 2018.
الأنظمة الصحية التي تتضمن صياماً متقطعاً
قام الباحثون بدراسة فوائد الصيام المتقطع. وبشكلٍ خاص، تم إبداء اهتمام كبير بالبحث الذي حدد فوائد حمية الصيام 16: 8. وهو نوع من أنظمة الصيام المتقطع التي يعطى الشخص من خلالها حرية تناول أي طعام على مدار 8 ساعات، على أن يقوم بالصيام خلال الساعات الـ 16 التالية.
في دراسة ظهرت في مجلة التغذية في شهر يونيو، أكد علماء من جامعة إلينوي في شيكاغو أن هذه الطريقة يمكن أن تساعد الأشخاص الذين يعانون من السمنة على فقدان الوزن بشكلٍ فعال.
وتمكن المشاركون في الدراسة الذين اتبعوا هذا النظام الغذائي لمدة 12 أسبوعاً من فقدان 3٪ من إجمالي وزنهم.
كما ساعد اتباع الصيام المتقطع 16: 8 في ضبط ضغط الدم، وهو الأمر الذي يعد نتيجةً بالغة الأهمية، لأن السمنة تعد عامل خطرٍ رئيسي لارتفاع ضغط الدم، والذي يمكن أن يؤدي إلى مشاكل خطيرة في القلب والأوعية الدموية.
وأشارت دراسة أخرى، نشرت في مجلة Obesity في شهر مايو، إلى أن الصوم المتقطع يمكن أن يجلب العديد من الفوائد الصحية الأخرى. وقال مؤلفو الدراسة من كلية الطب بجامعة فلوريدا في غاينسفيل، أن أسلوب الحمية هذا يعمل من خلال "قلب التحول الأيضي".
تدفع فترات الصيام الجسم إلى بدء حرق الدهون، وليس السكريات، لتحويلها إلى الطاقة التي نحتاج إليها، وهو الأمر الذي يجعل الصوم المتقطع فعالاً جداً لفقدان الوزن.
ومع ذلك، يتوقع الباحثون أيضًا أن العمليات الأيضية التي تحركها هذه الأنواع من الأنظمة الغذائية يمكن أن تزيد أيضاً من عمر الإنسان، وأن تحمي الوظيفة الإدراكية، وأن تخفّض الالتهاب.
الإغراءات الخطرة التي يجب تجنبها
يميل المعظم في موسم الأعياد إلى الاستسلام إلى مختلف الملذات، حيث يعتقدون أن يمكنهم بعد بضعة أيام فقط من العودة إلى اتباع النظام الصحي.
تشير الدراسات إلى أن الناس يحاولون بجدّ تفادي التدخين بشكلٍ عام وتدين السجائر الإلكترونية بشكلٍ خاص، ومع ذل ، فقد أظهرت بعض أهم الأبحاث التي تم إجراؤها في هذا العام مدى ضرر بعض هذه الإغراءات، ومدى تأثيرها الخطير على الصحة.
وقد حظيت السجائر الإلكترونية بالكثير من الاهتمام هذا العام، وسط نقاشات حول ما إذا كانت ضارة بالصحة أكثر مما هي مفيدة. ومن الجدير بالذكر أنه عند إطلاقها إلى الأسواق لأول مرة، أشاد المصنعون بالسجائر الإلكترونية كوسيلة سهلة وآمنة للإقلاع عن التدخين.
ومع ذلك وجدت العديد من الدراسات أن السائل الموجود في السجائر الإلكترونية يحتوي على مواد سامة، وأنه يمكن أن يؤدي أيضاً إلى تكوين أبخرة سامة.
وفي هذا العام، أصدرت الأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب تقريراً مفصلاً يراجع مئات الأوراق العلمية التي تحلل فوائد ومخاطر استخدام السجائر الإلكترونية.
ويشير التقرير إلى أن هناك أدلة قوية على أن السجائر الإلكترونية تحتوي على مواد سامة، بالإضافة إلى وجود أدلة قاطعة على أن استخدام السجائر الإلكترونية بالكامل بدلاً من سجائر التبغ القابلة للاحتراق يقلل من تعرض المستخدمين للعديد من المواد السامة والمواد المسرطنة الموجودة في سجائر التبغ القابلة للاحتراق.
ومع ذلك، وعلى الرغم من وجود بعض الفوائد المرتبطة باستخدام السجائر الإلكترونية مقابل استخدام السجائر العادية، وجد التقرير أيضاً أن الأشخاص الذين يستخدمون بانتظام هذه المعدات الإلكترونية يعانون من التعرض للنيكوتين بمستوى قريب مثل الأشخاص الذين يدخنون السجائر العادية.
ويضيف المؤلفون أن هذا المصدر للنيكوتين يزيد من معدلات ضربات القلب لدى المستخدمين. أيضاً، يمكن للمواد الكيميائية السامة المنبعثة مع أبخرة السجائر الإلكترونية أن تسبب تلف الحمض النووي، مما قد يزيد من خطر العديد من الأمراض. وهذا يشمل أشكالاً مختلفةً من السرطانات.
ويمكن أن تؤثر مثل هذه الاعتبارات بشكلٍ كبيرٍ على شركات تصنيع السجائر الإلكترونية، والتي، وفقاً لآخر الأخبار، قد أغلقت للتو صفقة كبرى ومثيرة للجدل مع بعض شركات السجائر العادية.
أبحاث السرطان
خلال هذا العام، توفي حوالي 9.6 مليون شخص نتيجة أسباب مرتبطة بالسرطان، وفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية (WHO). وهذا يجعل أبحاث السرطان من أهم الأبحاث في جميع أنحاء العالم.
عندما يتعلق الأمر بالسرطان ، توجد عوائق من البداية. يمكن أن يكون تشخيص أي نوع من السرطان عملية طويلة وصعبة، وهو الأمر الي يمكن أن يؤدي إلى تأخير وصف العلاج المناسب. وبالتالي، يمكن أن يساعد التشخيص السريع والدقيق في تسريع عملية العلاج وتحسين النتائج.
ومن أجل الوصول إلى هذا الهدف، قام باحثون من كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز في بالتيمور، بتطوير اختبار دم جديد يسمى CancerSEEK.
ويقول الباحثون أن هذا الفحص حساس للغاية وقادر على الكشف عن ثمانية أنواع من السرطان، هي: سرطان الثدي، وسرطان الرئة، وسرطان القولون والمستقيم، وسرطان المبيض، وسرطان الكبد، وسرطان المعدة، وسرطان البنكرياس، وسرطان المريء، بدرجة متوسطة إلى عالية من الدقة.
ويصبح الفحص دقيقاً أكثر عندما يتعلق الأمر باكتشاف سرطان المبيض، حيث يمكن أن يساعد في تشخيصه بنسبة دقة 98٪. وأوضح الباحثون أن فحص الدم الجديد يحدد مؤشرات حيوية معينة للسرطان، مثل الطفرات الجينية، ووجود بروتينات مرتبطة بأنواع مختلفة من السرطان.
وقد ركزت أبحاث أخرى هذا العام على إيجاد طرق أفضل لوقف انتشار وتطور السرطان. إحدى واختبرت دراسة قمات بإجرائها كلية الطب في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا- والتي ظهرت نتائجها في دورية Science Translational Medicine- حقنة جديدة مدمرة للسرطان على الفئران.
ويقول الباحثون إن يلزم إعطاء جرعة واحدة فقط لتعزيز نشاط الخلايا المناعية المتخصصة واستئصال أورام السرطان الصلبة. وأضاف الباحثون أن الحقن يمكن أن يستخدم لوقف نمو العديد من أنواع السرطان. وقد ثبتت حتى الآن فعالية الحقنة ضد سرطان الثدي، وسرطان القولون، وسرطان الجلد.
استخدام العلاجات القديمة بطرق جديدة
اتجهت أبحاث أخرى في عام 2018 إلى إعادة تقييم العلاجات القديمة أو العلاجات المعروفة لمعرفة فيما إذا كان يمكن للأخصائيين استخدامها لأغراض جديدة.
ومن الأمثلة على ذلك استخدام بيكربونات الصوديوم المتوفرة في كل بيت تقريباً لتخفيف آلام حرقة المعدة. ووجدت دراسة نشرت في مجلة علم المناعة هذا العام أن هذا المكون يمكن أن يساعد في علاج التهاب المفاصل.
وقد ذكر الباحثون- من كلية الطب بجورجيا بجامعة أوغوست - أن شرب محلول بيكربونات الصوديوم يمكن أن يحمي من التهاب المفاصل الروماتويدي والأمراض الالتهابية الأخرى. وافترض هذا البحث تأثير بيكربونات الصوديوم تؤثر على الخلايا الظهارية في الطحال بحيث لا "تبالغ في رد فعلها" تجاه الأطعمة الثقيلة ولا تعاملها كتهديد للعدوى.
وقد أظهرت دراسات أخرى نُشرت في عام 2018 أن سلسلة من الأدوية المعروفة يمكن أن تساعد بالفعل في تحسين الأمراض التي لم تكن تهدف في البداية إلى علاجها.
وخلصت أكثر من دراسة إلى أن الأدوية المستخدمة حالياً لعلاج فيروس الهربس البسيط يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بمرض الزهايمر، وهي حالة شائعة تبدأ عادة في الظهور بعد سن الخامسة والستين.
وقد وجدت أكبر هذه الدراسات أن إعطاء هذا العلاج بقوة يمكن أن يقلل من الخطر النسبي لمرض ألزهايمر بمقدار 10 أضعاف.
وحظيت بعض المكملات الغذائية أيضاً باهتمامٍ إيجابي هذا العام. ومن الأمثلة على ذلك النيكوتيناميد ريبوزيد، وهو مكمل فيتامين ب -3 ، الذي يستخدمه بعض المصنعين كمكون في بعض المكملات الغذائية البروتينية.
ووفقاً لدراسة صغيرة، ظهرت نتائجها في مجلة نيتشر كميونيكيشنز يمكن أن يكون لمضافات نيكوتيناميد ريبوزيد تأثير مفيد على ضغط الدم وصحة الشرايين مع تقدم السن.
وهكذا نستنتج أن عام 2018 كان غنياً جداً بالمناقشات الصحية، والبحوث الطبية، والتطورات السريرية، ونأمل أن يكون عام 2019 امتداداً لهذه الإنجازات وأن يتم تحقيق كل ما هو مفيد للإنسان والإنسانية.