في يوم الرابع من شهر أغسطس حصل ذلك الإنفجار الكبير في مرفأ بيروت بسبب تجمع لنترات الصوديوم في مستودع داخل المرفأ منذ عام 2014، وقد كان الدكتور جورج عازر الذي يعمل في مستشفى القديس جورج والقريب من المرفأ وقد روى الطبيب جورج عازر ما حصل داخل المستشفى ومعه ومع الكادر الطبي في ذلك اليوم في مقابلة مع موقع ميدسكيب (بالإنجليزية: Medscape).
يقول الطبيب عازر أن يوم الرابع من أغسطس كان كأي يوم عادي داخل المستشفى وأنه في تمام الساعة السادسة مساءاََ قد ذهب للإطمئنان على مريض لمعاينة روتينية لقلبه، وكانت نافذة غرفة المريض تطل مباشرةََ على مرفأ بيروت وقد رأى حينها دخان يتصاعد من المرفأ ولم يعطي الموضوع إهتماماََ وأعتقد أنه هناك حريق بسيط في المرفأ أو أن يكون هناك محرك قد أخرج بعض الدخان أو ما شابه ذلك.
وقال عازر أنه قبل حدوث الإنفجار بثواني كان قد قام بإغلاق النافذة التي داخل غرفة المريض لكي لا يدخل الدخان للغرفة وأنه بعد خرجه بخطوتين من الغرفة قد سمع الجميع صوت إنفجار كبير لدرجة أن المستشفى قد إهتز بشكل كبير وأن أحد أبواب غرف المرضى قد خلع من مكانه وقد ألقى به أرضاََ.
وقال عازر أنه فجأة إمتلأ المكان بالدخان وأن صراخ المرضى قد تصاعد لخوفهم وعدم قدرتهم على الخروج من غرفهم بسبب تأذيهم من الزجاج المتناثر وأضاف أنه كان يخاطب نفسه ليسترجع تركيزه الذي فقده بسبب الإنفجار الغير متوقع، وقال أنه كان يجب عليه أن يتوقف عن الذعر لأن هذا ما تدرب عليه بكونه طبيب أنه يجب أن لا يذعر كي يستطيع أن يساعد المرضى ويقدم المعونة اللازمة لهم.
وأضاف عازر أنه أول ما تبادر لذهنه أن يطمئن أهله أنه بخير وأنه على قيد الحياة لأنه من المؤكد أن يصابوا بالذعر عند سماعهم بالحادث وأنهم من حسن الحظ انهم يعيشون بمدينة أخرى ومكان بعيد عن بيروت وأنه قد أرسل إليهم رسالة أنه بخير وعلى قيد الحياة، وقال عازر أنه قد كانت هناك ممرضة أمامه وضعها سيء جداََ وكان الإنفجار قد جعلها ترتطم بالحائط بشكل كبير وأنها كانت تنزف من كل مكان وواضح أنها قد أصيبت بنزيف داخلي، وأنه قد قام هو وبعض من زملائه بالإهتمام بها لإنقاذها.
وأضاف أنه كان يجب أن يقوموا بوضع أنبوب داخل الحلق لها حتى تستطيع التنفس، ولكن المكان حولهم كان مدمر ولا يحتوي على الموارد الضرورية حتى يتم عمل هذه العملية لذلك قاموا بحملها لغرفة الطوارئ لظنهم أنه قد تحتوي على الأجهزة والموارد اللازمة لمساعدتها، ولكن كانت غرفة الطوارئ بحالة سيئة جداََ والزجاج متناثر بكل مكان وبعدها قد فارقت الممرضة حياتها لعد قدرتهم على إنقاذها وهي أم لطفل صغير، وأضاف أن مريضه الذي كان قد ذهب للاطمئنان عليه سابقاََ قد فارق الحياة أيضاََ لأنه تأذى بشكل سيء من الإنفجار والزجاج المتناثر من النافذة في غرفته.
وقال عازر أن الناس قد بدؤوا بالحضور للمشفى بحثاََ عن المساعدة و لظنهم أن المستشفى بحالة جيدة، وأضاف أنهم قد قاموا بمساعدة الذين لديهم جروح خفيفة فقط وأنه قد قاموا بعمل مجرد الإسعافات الأولية فقط لعدم قدرتهم على عمل أكثر من ذلك بسبب وضع المستشفى السيء وعدم وجود الموارد الضرورية، وأنهم قد طلبوا من المرضى الذهاب إلى مستشفيات أخرى لتلقي العلاج بشكل أفضل.
وأضاف عازر أنه في ذلك اليوم كانوا قد فقدوا 4 ممرضات و12 مريض وزائر وحتى فرد من أفراد عائلات المرضى، وأن هناك العديد من زملائه في المشفى قد أجروا عمليات خطيرة لإصلاح الضرر الكبير في أماكن مختلفة في أجسادهم.
وأضاف عازر أنه بعد مضي 48 ساعة من الإنفجار كان عليه أن يستريح ليستطيع أن يكمل عمله ويساعد الناس والمرضى لأنه لم ينم طوال اليومين أو حتى يأكل أو يشرب لوحتى كأس من الماء، وأضاف أنه كانت هناك مشكلتين يجب عليهم التعامل معها حالياََ وهي أولاََ الوضع النفسي للناس بعد هذا الحدث الكبير وأن قسم الطب النفسي وعلم النفس قد بدؤوا بشكل سريع بالعمل لمساعدة الناس على تخطي هذا الحدث العظيم والمفاجئ، والمشكلة الثانية وهي جائحة فيروس كورونا والتي قد تم إهمالها بسبب هذا الانفجار وأن عدد الحالات كان في تزايد كبير وأن العديد من الناس أصبحوا بلا بيوت بسبب الانفحار وهذا ما قد عقد الأمور بشكل كبير.
وأخيراََ قال عازر أن الأطباء قد أقسموا على تقديم المساعدة وعلاج المرضى بأي ظرف كان، وفعلا قد قدم الكثير من الأطباء للمشفى للمساعدة بالرغم من جروحهم والإصابات التي تلقوها، وأنه إلى الآن ما زال يعاني من هذا الحدث نفسياََ وأنه كل يوم يتذكر أحداث ذلك اليوم وأنه يحلم دائماََ بذلك اليوم بكوابيس بشكل متكرر بسبب هذا الانفجار ويقوم مذعوراََ من النوم، وأضاف أن الشعب كاملاََ يساعد بعضه لتخطي هذه الأزمة وأن الناس في ظل ظروف مثل هذه تساعد بعضها وتترك المشاكل والاختلافات جانباََ وتظهر الجانب الحسن والطيب داخلهم للمضي قدماََ وتخطي الأزمة.
للمزيد: نترات الأمونيوم- انفجار مرفأ بيروت 2020
للمزيد: الطبي يتبرع باستشارات طبية مجانية للبنانيين بعد كارثة انفجار مرفأ بيروت