رغم طعم الحبة السوداء أو الكمون الأسود (Nigella sativa) المر واللاذع، إلا أنها رافقت الطب الشعبي لقرون طويلة كعلاج لمشكلات الهضم والمناعة وحتى بعض الأمراض المزمنة. ومع انتشار الحديث مؤخرًا عن قدرتها على تعزيز صحة القلب وخفض الكوليسترول الضار، فهل تمتلك حبة البركة فعلًا هذا التأثير؟ أم أن الأمر مجرد مبالغة؟ إليك ما تقوله الدراسات!
دراسة: ماذا يحدث للكوليسترول عند تناول حبة البركة يوميًا؟
أجرت جامعة أوساكا اليابانية تجربة سريرية صغيرة لمعرفة تأثير حبة البركة على الجسم عند تناول ملعقة صغيرة منها فقط (5 غرامات) يوميًا، حيث قسم الباحثون المشاركون إلى مجموعتين كالآتي:
- مجموعة تناولت ملعقة صغيرة من حبة البركة المطحونة يوميًا.
- مجموعة لم تتناول حبة البركة أو أي مكملات لمقارنتها بالمجموعة الثانية.
استمرت الدراسة لمدة 8 أسابيع فقط، ليتفاجأ الباحثون بالنتائج الآتية:
- انخفض مستوى الكوليسترول الضار (LDL) بشكلٍ ملحوظ لدى المجموعة الأولى.
- ارتفع مستوى الكوليسترول النافع (HDL) لدى المجموعة الأولى.
- لم يحدث أي تغيّر لدى المجموعة التي لم تتناول شيئًا.
كيف تقلل حبة البركة الكوليسترول الضار؟
كشف الباحثون أنّ حبة البركة تساعد على تقليل الكوليسترول الضار في الجسم بعدة طرق، أهمها:
- رفع الكوليسترول الجيد:
إذ يعمل هذا النوع كـ"منظّف" طبيعي للشرايين؛ إذ يساعد على نقل الدهون الضارة بعيدًا عن الأوعية، ويقلّل تراكم الترسبات الدهنية في الشرايين.
- زيادة حساسية الجسم للإنسولين:
تحتوي حبة البركة على مركبات تحسّن استجابة الجسم للإنسولين، مما يُساعد على خفض الكوليسترول الضار وتنظيم الدهون في الجسم.
- غنية بالثيموكوينون:
يساعد هذا المركب على حماية الأوعية الدموية من الجذور الحرة، وهي جزيئات غير مستقرة ترفع مستوى الالتهاب في الجسم. ونتيجةً لذلك تتحسن قدرة الجسم على التخلص من الكوليسترول الضار.
- مفيدة للكبد:
ذكرت عدة دراسات تنشّط إنزيمات الكبد المسؤولة عن تفكيك الدهون، مما يُحسّن قدرة الجسم على التخلص من الكوليسترول الضار.
قد يهمك: أطعمة تقلل الكوليسترول!
ليس الكوليسترول الضار فقط: حبة البركة تقاوم الدهون!
إلى جانب دورها في خفض الكوليسترول الضار، ذكرت عدة تجارب مخبرية حديثة إلى أن حبة البركة قد تساعد الجسم على إبطاء تكوّن الخلايا الدهنية الجديدة في الجسم. ويُعتقد أن مركّباتها الطبيعية تؤثر في الجينات المسؤولة عن عملية التمثيل الغذائي (الأيض)، مما يقلل من تراكم الدهون مع الوقت.
وبمعنى أبسط: قد تساهم ملعقة صغيرة من حبة البركة يوميًا في دعم خسارة الوزن بشكل طبيعي، خاصة عند دمجها مع نظام غذائي متوازن ونمط حياة صحي.
هل تحمي حبة البركة القلب؟ دراسة سابقة تجيب بالأدلة
لا تتوقف فوائد حبة البركة عند تحسين مستويات الدهون في الدم أو الحدّ من تكوّن الدهون الجديدة فقط، فالأبحاث السابقة تشير إلى دور أوسع يرتبط مباشرة بحماية القلب نفسه.
ففي دراسة سابقة أجريت على بالغين يعانون من ارتفاع طفيف في ضغط الدم والكوليسترول، وُجد أن تناول حبة البركة بانتظام قدّم الفوائد الآتية:
- تنظيم ضغط الدم بفضل تأثيرها المهدئ على الأوعية الدموية.
- تقليل الالتهاب داخل الشرايين، وهو عامل رئيسي في الإصابة بتصلب الشرايين وأمراض القلب.
- تحسين تدفق الدم ومرونة الأوعية الدموية.
وعندما نجمع هذه النتائج مع ما كشفته الدراسة اليابانية الحديثة- من خفض للكوليسترول الضار، وارتفاع للكوليسترول النافع، وإبطاء لتكوّن الدهون- تبدو الصورة أوضح: ملعقة صغيرة يوميًا من حبة البركة قد تساهم في خفض عوامل الخطر القلبية وتعزيز صحة القلب.
نصائح للحصول على فوائد حبة البركة
أوصى الباحثون باتباع الإرشادات الآتية للاستفادة من حبة البركة دون التعرض لأي ضرر:
- رش ملعقة صغيرة من حبة البركة على السلطات، أو الشوربات أو البيض أو أي وجبة خفيفة.
- جرّب تحضير شاي بنقع ملعقة صغيرة منها في الماء الدافئ، ويُمكنك تحليته بملعقة أو ملعقتين من العسل.
- لا تكثر منها؛ لأنّ هذا قد يُسبب النفخة والإمساك أو الإسهال.
- ابدأ بكمية صغيرة إذا لم تكن معتادًا على تناولها، ثم زدها تدريجيًا.
كما قد تؤثر حبة البركة على فعالية بعض الأدوية خصوصًا عند تناولها بكمياتٍ كبيرة، لذا استشر الطبيب إذا كنت تعاني من أمراض مزمنة أو تستخدم أدوية للكوليسترول أو الضغط أو الجلطات.
اقرأ أيضًا: أضرار حبة البركة.
نصيحة الطبي
تظهر الدراسات أن ملعقة صغيرة يوميًا من حبة البركة قد تُحدث فرقًا حقيقيًا في صحة القلب عبر خفض الكوليسترول الضار ورفع الكوليسترول النافع. كما تُبيّن الأبحاث أنها قد تقلل تكوّن الدهون وتدعم خسارة الوزن بشكل طبيعي.
ورغم فوائدها الواعدة، لا يمكن اعتبارها علاجًا بديلاً للأدوية، ويظل الأفضل استشارة الطبيب قبل اعتمادها ضمن روتين يومي، خاصة لمن يتناولون أدوية مزمنة.