التوتر أثناء الحمل يسرّع التسنين: ما علاقة هرمون الكورتيزول؟

هل يمكن لعدد أسنان طفلك أن يكشف أسرار حملك والتجارب التي تعرضتِ لها؟ نعم، هذا ما أشارت إليه دراسة أمريكية حديثة، إذ تبيّن أن توتر الأم خلال الأشهر الأخيرة من الحمل قد يسرّع عملية التسنين لدى الطفل،  لتظهر أسنانه مبكرًا وبعدد أكبر من الأطفال الآخرين.

لكن… كيف يمكن لمشاعر التوتر أن تنتقل للجنين؟ ولماذا يؤثر ذلك على بزوغ الأسنان تحديدًا؟ وماذا يعني هذا الاكتشاف للوالدين ولصحة الطفل مستقبلًا؟

ما العلاقة بين توتر الحمل والتسنين المبكر؟ دراسة تكشف الحقيقة

تابعت الدراسة الأمريكية 142 أمًا وطفلًا من خلفيات اجتماعية مختلفة بين عامي 2017- 2022، إذ جمع الباحثون عينات من لعاب الأمهات أثناء الثلثين الثاني والثالث من الحمل؛ لقياس مستويات 6 هرمونات أساسية:

• الكورتيزول: هرمون التوتر، وارتفاعه يؤثر على نمو الجنين وتطور الأسنان.
• الإستيراديول: هرمون إستروجيني يساعد على نمو الجنين والمشيمة.
• البروجسترون: يدعم تثبيت الحمل ونمو الجنين وتنظيم وظائفه الحيوية.
• التستوستيرون: يساهم في نمو أنسجة الجنين وتطور أجهزته.
• ثلاثي يود الثيرونين (T3): هرمون درقي ينظم الأيض ونمو العظام والأسنان.
• الثيروكسين (T4): هرمون درقي يدعم نمو الدماغ والعظام والتحول إلى T3.

وبعد الولادة، خضع الأطفال لزيارات منتظمة عند أعمار 1، 2، 4، 6، 12، 18، و24 شهرًا، حيث قام أطباء الأسنان بتسجيل عدد الأسنان التي ظهرت لدى كل طفل.

الكورتيزول: كيف يؤثر التوتر على نمو أسنان الطفل؟

أكدت النتائج التي نشرت في مجلة (Frontiers in Oral Health) أن ارتفاع الكورتيزول (هرمون التوتر) في أواخر الحمل قد يُؤثر على نمو الجنين مباشرةً. فهذا الارتفاع يغيّر الطريقة التي يستخدم بها الجسم الكالسيوم وفيتامين د، وهما عنصران أساسيان لبناء الأسنان والعظام. 

كما يؤثر الكورتيزول على نشاط خلايا بناء العظم (Osteoblast) وخلايا هدم العظم (Osteoclast)، وهي الخلايا المسؤولة عن تكوين الهيكل العظمي للطفل ونموه. وبهذه التغييرات، قد يرسل الجسم إشارة تسّرع نمو الجنين داخل الرحم، مما يلعب دورًا في ظهور الأسنان مبكرًا.

قد يهمك: التغيرات النفسية للحامل.

الهرمونات الأخرى: هل لها علاقة بالتسنين المبكر أيضًا؟

ورغم أن الكورتيزول كان صاحب التأثير الأقوى، إلا أن الدراسة كشفت عن تأثير هرمونات أخرى على التسنين، فقد ارتبط الإستيراديول والتستوستيرون بظهور عدد أكبر من الأسنان عند عمر 12 شهرًا.

بينما ارتبط البروجسترون والتستوستيرون بزيادة الأسنان عند عمر 24 شهرًا. كما ظهر تأثير واضح لهرمون T3 في عمر 18- 24 شهرًا. وجميع هذه الهرمونات تلعب دورًا أساسيًا في نمو الجنين ووزنه، ما قد يفسّر لماذا تسرّع ظهور الأسنان لدى بعض الأطفال.

متى يبدأ التسنين الطبيعي؟ ومتى يكون مبكرًا؟

في أغلب الحالات، يبدأ التسنين بين عمر 4 و7 أشهر، ويتدرّج ظهور الأسنان خلال السنتين الأوليين كما يأتي:

لكن في بعض الحالات- خاصة عند ارتفاع هرمون الكورتيزول أثناء الحمل- قد يكون لدى الطفل 6- 8 أسنان في عمر 6 شهور، وهو ما يدل على التسنين المبكر.

هل التسنين المبكر علامة نمو أسرع؟ أم سبب للقلق؟

أوصى الباحثون بمراجعة الطبيب عند ملاحظة التسنين المبكر؛ فقد يكون الأمر طبيعيًا، لكنه يستحق التقييم لأن الأسنان اللبنية أساسية للمضغ والنطق ونمو الفكين والحفاظ على أماكن الأسنان الدائمة مستقبلًا.

كما أوضحوا أن التسنين المبكر يشير غالبًا إلى أن الطفل ينمو بوتيرة أسرع من المعتاد، وهذا لا يدل على مشكلة صحية بحد ذاته، لكنه قد يعكس تعرض الجنين لعوامل مؤثرة داخل الرحم، مثل توتر الأم أو الضغوط النفسية وضعف الرعاية خلال الحمل.

نصائح وتوصيات لتخفيف التوتر أثناء الحمل

أكد الباحثون على ضرورة أن تهتم الحامل بصحتها النفسية، ويُمكن أن تساعدها النصائح الآتية على المحافظة على هدوء أعصابها:

• مارسي تمارين التنفس العميق.
• احرصي على المشي وممارسة التمارين البسيطة يوميًا.
• نامي لمدة لا تقل على 8 ساعات ليلًا؛ لأن قلة النوم ترفع مستويات الكورتيزول.
• تحدثي مع زوجك أو صديقاتك أو عائلتك حول الضغوطات التي تمرين بها.
• قللي من استعمال وسائل التواصل الاجتماعي ومشاهدة الأخبار.
• التزمي بنظام غذائي صحي يوفر حاجتك أنتِ وطفلك من العناصر المفيدة.
• خصصي وقتًا للاسترخاء.

نصيحة الطبي

في النهاية، قد يكون التسنين المبكر رسالة صامتة يخبرنا بها الطفل التوتر أو الضغوط النفسية التي واجهتها الأم خلال الحمل، وما قد ينجم عنها من تغيّرات في نمو الطفل وصحته مستقبلًا.

وتذكّري دائمًا أن سلامتك النفسية هي الأساس. فلا تترددي في طلب المساعدة أو الدعم النفسي إذا شعرتِ بالتوتر أو الإرهاق، فالعناية بكِ هي أول خطوة في العناية بطفلك.