هل تتحكم حواسك بعمرك؟ دودة تكشف أسرار طول العمر!

هل تتحكم حواسك بعمرك؟ دودة تكشف أسرار طول العمر!

نبحث جميعًا عن أسرار طول العمر، ولكن هل تخيلت يومًا أن الروائح التي نشمها والأشياء التي نلمسها قد تغير مدة حياتنا؟ قد يبدو الأمر كأنه مقطع من فيلم خيال علمي، لكن دودة صغيرة قلبت هذا المفهوم رأسًا على عقب، بعدما كشفت للعلماء أن الحواس والبيئة المحيطة يمكن أن تتحكم بالفعل في الجينات المسؤولة عن العمر. فما الذي اكتشفه الباحثون؟ وهل يساعدنا ذلك على تصميم أدوية تطيل العمر؟

كيف تتحكم الحواس بالعمر؟ اكتشاف يربك العلماء!

كشف فريق بحثي في جامعة ميشيغان بقيادة سكوت ليسر عن اكتشاف ثوري في علم الشيخوخة؛ إذ تبين أن الكائنات الحية – من الديدان المجهرية إلى البشر – تستجيب بقوة لما تراه وتلمسه وتشمّه، وهذه المحفزات الحسية قد تمتلك القدرة على تغيير مسار العمر نفسه.

فبينما يُوصي الأطباء بالصيام وتقليل السعرات كواحدة من أفضل الطرق لإبطاء الشيخوخة وإطالة العمر، جاء الاكتشاف الجديد ليقلب هذه الفكرة رأسًا على عقب. 

فقد وجد الباحثون أن مجرد لمس الطعام أو حتى شمّه قد يكون كافيًا لإبطال التأثير الإيجابي للحمية القاسية؛ إذ يتعامل الدماغ مع هذه الإشارات الحسية كما لو أن الطعام متاح بكثرة، فيتوقف عن تشغيل المسارات البيولوجية التي يفعّلها الجسم عادةً عند خفض السعرات الحرارية.

جين fmo-2: المفتاح الخفي وراء العمر الطويل

وجد الباحثون أن هذه الظاهرة تعود إلى تعطّل نشاط جين fmo-2، وهو جين محوري يُفَعَّل عادةً خلال فترات الحمية، ويقود مجموعة من التغيرات الأيضية المرتبطة بإطالة العمر وإبطاء تدهور الخلايا.

ويشير ليسر إلى أهمية هذا الاكتشاف موضحًا أنه إذا تمكن العلماء من تنشيط هذا الجين دون الحاجة إلى اتباع حمية قاسية، فقد يصبح بالإمكان خداع الدماغ وتفعيل المسارات المسؤولة عن إطالة العمر من دون الشعور بالحرمان.

اقرأ أيضًا: فوائد وأضرار الرجيم.

دودة صغيرة تكشف السر: كيف تخدع الحواس الدماغ؟

ففي سلسلة من التجارب الدقيقة، وضع الباحثون دودة C. elegans فوق طبقة تحاكي بملمسها البكتيريا التي تتغذى عليها عادة، وهذا التحفيز البسيط لحاسة اللمس كان كافيًا لإيقاف إنتاج إنزيم fmo-2 في أمعاء الديدان. ونتيجةً لذلك، تلاشى تمامًا التأثير الإيجابي لتقليل الغذاء على مدة حياة الديدان.

وعندما تعمّق العلماء في فهم المسار العصبي المسؤول عن هذه الاستجابة، اكتشفوا أن الدوبامين والتيرامين – وهما ناقلان عصبيان موجودان أيضًا في الدماغ البشري ويلعبان دورًا محوريًا في الإحساس بالمكافأة والدافع والسلوك – يشكلان حلقة الوصل بين الحواس والأعضاء الداخلية.

بمعنى آخر، مجرد شعور الدودة بملمس الطعام يكفي لإقناع دماغها بأن الغذاء متوفر بكثرة، فيُعطّل فورًا المسارات الأيضية التي يُفترض أن تعمل أثناء الجوع. وهذه النتائج أكدت أن الدماغ قد يعتمد على إشارات حسية بسيطة، بدلًا من كمية الطعام وحدها، لاتخاذ قرارات بيولوجية معقدة مثل تشغيل آليات البقاء وإبطاء الشيخوخة.

عندما تتحول الحواس إلى سلاح ذو حدين: الفوائد والمخاطر

كشفت دراسة ثانية أن تنشيط الجين fmo-2 بشكل مبالغ فيه لا يؤدي فقط إلى إبطاء الشيخوخة، بل يحمل مخاطر غير متوقعة؛ فقد لاحظ العلماء أن الديدان التي تمتلك مستويات مرتفعة من إنزيم fmo-2 أصبحت أقل استجابة للمخاطر، بل فقدت رغبتها في البحث عن الطعام وتناوله حتى بعد فترات طويلة من الجوع!

بالمقابل، فقدت الديدان التي لا تمتلك هذا الجين قدرتها على استكشاف البيئة المحيطة بها، مما يدل على أهمية هذا الجين، وأن أي خلل فيه يُؤثر على صحة الدماغ.

وقد اكتشف الباحثون أن هذه الاضطرابات السلوكية ترتبط بخلل في أيض التربتوفان، وهو حمض أميني يحتاجه الدماغ لإنتاج السيروتونين المسؤول عن عن المزاج والشهية والشعور بالسعادة.

اقرأ أيضًا: أوميغا 3 يطيل العمر.

هل سنصل إلى دواء يطيل العمر فعلًا؟

هذه الاكتشافات المثيرة فتحت الباب أمام العلماء لمحاولة تطوير دواء يُحفّز الجين fmo-2 ويطيل العمر من دون آثار جانبية، ولكن هذا الطريق ليس سهلًا كما يبدو.

فمع أن تنشيط الجين أثبت قدرته على إبطاء الشيخوخة، إلا أن الدراسة أكدت أن أي تحفيز غير مدورس لهذا الجين قد يُسبب أضرارًا خطيرة، وأن أي دواء مستقبلي يستهدف هذا الجين سيحتاج إلى جرعات محسوبة بعناية، وقد يتطلب أيضًا آليات إضافية حتى لا يُؤثر على سلوك الشخص، وصحته النفسية والطريقة التي يستجيب بها للعالم من حوله.

يرى الباحثون أن تجاوز هذه التحديات ممكن، وإذا تمكن العلم مستقبلًا من عزل تأثير الجين fmo-2 عن المسارات العصبية الحساسة، فقد نصِل إلى علاج يُحاكي فوائد الحمية والصيام دون جوع أو حرمان أو أي اضطرابات سلوكية.

اقرأ أيضًا: بروتين يكافح أمراض الشيخوخة.

نصيحة الطبي

أظهرت الدراسة أن الشيخوخة لا ترتبط بالطعام فقط، بل بطريقة تفاعل دماغنا مع العالم من حولنا—من الروائح التي نشمها إلى اللمسات التي نشعر بها. ومع أن الطريق لا يزال طويلًا، يبدو أن الوصول إلى دواء يطيل العمر دون آثار جانبية أصبح أقرب مما نعتقد.

وإلى أن يتحقق ذلك، يوصي الأطباء بالاعتماد على حمية متوازنة، وممارسة الرياضة بانتظام، والحصول على نوم كافٍ، وتخفيف التوتر عبر التأمل واليوغا، إضافةً إلى تجنّب الضوضاء والمحفزات الحسية المرهقة التي تُجهد الدماغ وتؤثر على الصحة والعمر.

هل وجدت هذا المحتوى الطبي مفيدا؟

صيدلانية حاصلة على شهادة البكالوريوس في الصيدلة من جامعة اليرموك عام 2019، أعمل في مجال كتابة وتدقيق المحتوى الطبي منذ عام 2019، وأسعى إلى تقديم معلومات دقيقة وموثوقة تعزز الوعي الصحي

[1] Sciencedaily. A tiny worm just revealed a big secret about living longer. Retrieved on the 17th of October, 2025.

[2] Kitto, E. S., Beydoun, S., Henry, E., Schaller, M. L., Bhandari, M., Easow, S. A., Tuckowski, A. M., Howington, M. B., Bhat, A., Sridhar, A., Chung, E., Evans, C. R., & Leiser, S. F. (2025). Metabolic regulation of behavior by the intestinal enzyme FMO-2. Science Advances, 11(43), eadx3018. https://doi.org/10.1126/sciadv.adx3018.

تنبيه

المعلومات الطبية الموجودة على هذه الصفحة تهدف إلى التثقيف العام فقط، ولا تُعد بديلاً عن الاستشارة الطبية. يمكنك الوثوق بخبرة أطباء منصة الطبي المعتمدين للحصول على استشارة طبية دقيقة وشخصية عبر خدمات الرعاية الصحية عن بُعد، المتوفرة على مدار الساعة.

آخر مقاطع الفيديو من أطباء متخصصين

أحدث الفيديوهات الطبية

عرض كل الفيديوهات الطبية
خلي صيامك صح play