فنجان قهوة يومياً قد يبعد عنك خطر الرجفان الأذيني

لطالما نصح الأطباء مرضى القلب، وخاصة المصابين بالرجفان الأذيني، بتجنب القهوة خوفًا من أن يحرّض الكافيين اضطراب ضربات القلب. لكن دراسة سريرية جديدة قلبت كل هذه المفاهيم رأسًا على عقب: فنجان قهوة واحد يوميًا قد يقلل خطر عودة الرجفان الأذيني بنسبة تصل إلى 39%.

النتائج عُرضت ضمن الجلسات العلمية لجمعية القلب الأمريكية AHA 2025، في واحدة من أكثر الدراسات التي أثارت دهشة الخبراء هذا العام.

ما هو الرجفان الأذيني؟

يُعد الرجفان الأذيني (بالإنجليزية: A-Fib) اضطراباً شائعاً في نظم القلب يتسبب في نبضات سريعة وغير منتظمة، وتكمن خطورته في أنه يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، مثل السكتة الدماغية وفشل القلب.

وقد شهد هذا المرض تزايداً في الانتشار خلال السنوات الأخيرة، بالتزامن مع ارتفاع معدلات السمنة وشيخوخة السكان. حالياً، يؤثر الرجفان الأذيني على أكثر من 6 ملايين بالغ في الولايات المتحدة وحدها، ويُقدر أنه قد يصيب 1 من كل 3 أشخاص خلال حياتهم.

هل يمكن أن تكون القهوة مفيدة للقلب؟

قد يبدو الأمر غير بديهي، لكن الباحثين لديهم نظريات حول سبب هذه الفائدة.

يوضح الدكتور غريغوري إم. ماركوس، أستاذ أبحاث الرجفان الأذيني في جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو (UCSF): "القهوة تزيد من النشاط البدني، والمعروف أن النشاط البدني يقلل من الرجفان الأذيني".

وأضاف ماركوس: "الكافيين أيضاً مدر للبول، مما قد يقلل من ضغط الدم، وبالتالي يقلل من خطر الرجفان الأذيني. كما أن العديد من المكونات الأخرى في القهوة لها خصائص مضادة للالتهابات يمكن أن يكون لها تأثيرات إيجابية".

تصميم دراسة "DECAF"

لتحديد ما إذا كانت القهوة تحمي القلب أو تؤذيه، صمم الباحثون تجربة DECAF (اختصار: Does Eliminating Coffee Avoid Fibrillation؟)، وهي أول تجربة سريرية عشوائية تختبر علاقة القهوة مباشرة بالرجفان الأذيني.

ضمت الدراسة 200 مريض من شاربي القهوة بالفعل، يعانون من رجفان أذيني مستمر (أو حالة مرتبطة به تسمى الرفرفة الأذينية)، جميعهم كانوا يستعدون لإجراء “تقويم نظم القلب الكهربائي”، وهي الخضوع لصدمة كهربائية لإعادة القلب إلى إيقاعه الطبيعي.

تم تقسيمهم إلى مجموعتين لمدة 6 أشهر:

• مجموعة تستهلك كوباً واحداً على الأقل من القهوة المحتوية على الكافيين يومياً.
• مجموعة تمتنع تماماً عن القهوة وأي منتجات أخرى تحتوي على الكافيين.

النتائج: القهوة خفّضت الخطر بنسبة 39%

في نهاية الأشهر الستة، أظهرت المجموعة التي شربت القهوة انخفاضاً بنسبة 39% في خطر تكرار نوبات الرجفان الأذيني.

وعلق الدكتور كريستوفر إكس. وونغ، المؤلف الأول للدراسة: "كانت النتائج مذهلة. لقد أوصى الأطباء دائماً المرضى الذين يعانون من الرجفان الأذيني بتقليل تناولهم للقهوة، لكن هذه التجربة تشير إلى أن القهوة ليست آمنة فحسب، بل من المحتمل أن تكون واقية".

محاذير وتوصيات مستقبلية

على الرغم من النتائج القوية، وضع الباحثون بعض المحاذير الهامة:

• شاربو القهوة الحاليون: شملت الدراسة فقط الأشخاص الذين يشربون القهوة بالفعل. لا يُعرف ما إذا كانت النتائج ستنطبق على الأشخاص الذين يبدأون في شرب القهوة لأول مرة.
• كمية محدودة: ركزت الدراسة على حوالي كوب واحد يومياً، وقد لا تنطبق النتائج على الأشخاص الذين يشربون كميات أكبر بكثير من القهوة، أو يستهلكون مشروبات طاقة عالية الكافيين.

ومع ذلك، يقدم الدكتور ماركوس نصيحة: "من المعقول أن يسمح أخصائيو الرعاية الصحية لمرضاهم المصابين بالرجفان الأذيني بالتفكير في تجربة المواد التي تحتوي على الكافيين بشكل طبيعي، والتي قد يستمتعون بها، مثل الشاي والقهوة".

واختتم محذراً: "ومع ذلك، قد يظل بعض الأشخاص يجدون أن الكافيين أو القهوة تثير أو تفاقم نوبات الرجفان الأذيني لديهم".