تطور علمي جديد قد يغيّر حياة العديد ممن يعانون خشونة المفاصل، فقد كشفت دراسة حديثة قُدّمت أثناء الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية لعلم الأورام الإشعاعي (ASTRO)، أن دورة علاجية واحدة من العلاج الإشعاعي بجرعات منخفضة أدت إلى تحسن كبير لدى الحالات الخفيفة إلى المتوسطة من خشونة المفاصل.
خشونة المفاصل، أو الفصال العظمي (بالإنجليزية: Osteoarthritis) هو أحد أشهر الأشكال شيوعًا لالتهاب المفاصل، حيث تشير الإحصاءات إلى أن حوالي 528 مليون شخص حول العالم كانوا يعانون منه في عام 2019، مع تركّز الإصابات بين كبار السن، والنساء خاصةً.
ورغم عدم وجود علاج شافٍ لهذا المرض، تهدف الأساليب المتاحة إلى السيطرة على الألم، وتسهيل القدرة على الحركة قدر الإمكان لدى المُصابين.
العلاج الإشعاعي لخشونة المفاصل
في هذا السياق، تقدم التجربة السريرية الجديدة، دليلاً قوياً على أن العلاج الإشعاعي بجرعات منخفضة يمكن أن يكون خياراً بديلاً آمناً وفعالاً لمرضى خشونة المفاصل.
أظهرت الدراسة الكورية أن المرضى الذين خضعوا لجرعات إشعاعية منخفضة، والتي لا تمثل سوى جزء ضئيل جداً من الجرعات المستخدمة في علاج السرطان، شعروا بتحسّن ملحوظ في مستويات الألم والقدرة الحركية لديهم بعد 4 أشهر بعد العلاج.
وفي تعليقه على هذه النتائج، قال الدكتور كيم بيونغ هيوك، الباحث الرئيسي في التجربة، والأستاذ المساعد في علم الأورام الإشعاعي بكلية الطب بجامعة سيول الوطنية: "غالباً ما يواجه مرضى خشونة المفاصل خياراً صعباً بين تحمل الآثار الجانبية لمسكنات الألم ومخاطر جراحة استبدال المفصل".
وأضاف: "هناك حاجة ماسة لتدخلات علاجية معتدلة تقع في منطقة وسط بين الأدوية الضعيفة والجراحات الكبرى، ونعتقد أن العلاج الإشعاعي قد يكون خياراً مناسباً لهؤلاء المرضى، خاصةً عندما لا يتحملون الأدوية أو الحقن بشكل جيد".
تفاصيل الدراسة
شملت التجربة 114 مريضاً يعانون من خشونة ركبة خفيفة إلى متوسطة في 3 مراكز أكاديمية بكوريا، وتم تقسيم المشاركين عشوائياً إلى 3 مجموعات: الأولى تلقت جرعة إشعاعية منخفضة جداً، والثانية تلقت جرعة منخفضة، بينما خضعت المجموعة الثالثة لجلسات إشعاع وهمية. ولضمان دقة النتائج، تم منع استخدام المسكنات الأخرى، والسماح فقط بالباراسيتامول عند الحاجة.
بعد 4 أشهر، أظهر 70% من المرضى في مجموعة الجرعة المنخفضة استجابة إيجابية للعلاج، مقارنة بـ 42% فقط في مجموعة العلاج الوهمي. في المقابل، لم تختلف نتائج مجموعة الجرعة المنخفضة جداً بشكل كبير عن المجموعة الوهمية، مما يؤكد أن الجرعة لها دور كبير في هذا التحسن الملموس.
المخاوف المتعلقة بالإشعاع
رغم أن العلاج الإشعاعي بجرعات منخفضة يُستخدم بانتظام لتخفيف آلام المفاصل في دول أوروبية، مثل ألمانيا وإسبانيا، إلا أن هناك ضعف في الوعي به بين الأطباء في العديد من البلدان.
وأوضح الدكتور كيم قائلاً: "هناك اعتقاد خاطئ بأن الإشعاع العلاجي يُعطى دائماً بجرعات عالية. ولكن في حالة الفصال العظمي، فإن الجرعات لا تتجاوز 5% من تلك المستخدمة في علاج السرطان، كما أن العلاج يستهدف مفاصل بعيدة عن الأعضاء الحيوية، مما يقلل من احتمالية حدوث آثار جانبية"، مؤكداً عدم تسجيل أي أعراض جانبية مرتبطة بالإشعاع خلال الدراسة.
ما هي الفئات التي يناسبها العلاج الإشعاعي؟
شدد الدكتور كيم على أن هذا العلاج قد يكون الأنسب للمرضى الذين يعانون من التهاب بسيط إلى متوسط مع الحفاظ على هيكل المفصل. وأوضح: "في حالات الخشونة الشديدة، حيث يكون المفصل قد تآكل تماماً، لن يتمكن الإشعاع من تجديد الأنسجة. ولكن بالنسبة للأشخاص المصابين بمرض خفيف إلى متوسط، يمكن لهذا النهج أن يؤخر الحاجة إلى جراحة استبدال المفصل".
ويواصل الفريق البحثي حالياً متابعة المرضى لمدة 12 شهراً لتقييم استمرارية الفوائد، مع التخطيط لإجراء دراسات أوسع نطاقاً لتقييم النتائج لدى فئات محددة من المرضى، ومقارنة الجدوى الاقتصادية للعلاج الإشعاعي بالحقن والأنظمة الدوائية الحالية.
لا تتردد في الحصول على استشارة طبية عن بُعد حول خشونة المفاصل من قِبل أفضل الأطباء في المنطقة لدى موقع الطبي.