يُعد التسمم الدوائي عند الأطفال من المشاكل التي قد تواجه الكثير من العائلات، والتي تتطلب الرعاية الطبية المستعجلة بهدف الحفاظ على حياة الطفل ومنع حدوث المضاعفات لديه. 

نهدف في هذا المقال إلى التوعية حول التسمم الدوائي عند الأطفال، متناولين الحديث عن الأعراض والأدوية الأكثر تسببًا بالتسمم عند الأطفال، بالإضافة إلى كيفية التعامل مع هذه المشكلة والوقاية منها.

التسمم الدوائي عند الأطفال

التسمم الدوائي عند الأطفال هو حالة طبية تحدث عندما يتعرض الطفل لمادة دوائية بكمية تتجاوز الجرعة الآمنة  والمحددة من هذه المادة، مما يؤدي إلى آثار ضارة في الجسم. [1][2][3]

يمكن أن يحدث هذا التسمم  نتيجة للتعرض غير المقصود لهذه الكميات الكبيرة من الدواء، أو بسبب التفاعلات بين الأدوية المختلفة أو حتى بين بعض الأدوية وأنواع محددة من الأطعمة، مما قد يسبب أعراض قد تصل إلى حد التسمم وقد تؤدي إلى تهديد حياة الفرد. [1][2][3]

أسباب التسمم الدوائي عند الأطفال

الأطفال، وخاصةً الصغار منهم، يتميزون بفضولهم الطبيعي ورغبتهم في اكتشاف العالم من حولهم، مما قد يؤدي بهم إلى تناول أو لمس مواد دون الإدراك الكامل لمخاطرها.[1]

ومن الأسباب الشائعة للتسمم الدوائي عند الأطفال: [4]

  • ترك الأدوية في متناول اليد أو في أماكن يسهل على الأطفال الوصول إليها.
  • التشابه الخارجي لبعض الأدوية أو المواد الكيميائية قد تبدو مشابهة الحلويات أو الأطعمة.
  • عدم اتباع الآباء والأمهات للتعليمات الخاصة بالجرعات المناسبة للأدوية الموصى بها من الطبيب.
  • إعطاء الأطفال أدوية  تبعاً لنصيحة أحد الأقارب أو الجيران دون إخطار أو علم من الطبيب.

أعراض التسمم الدوائي عند الأطفال

تتفاوت أعراض التسمم الدوائي عند الأطفال بشكل كبير بناءً على نوع الدواء المسبب للتسمم، والكمية التي تم تناولها، إضافةً إلى التاريخ الطبي والمرضى للحالة، وقد تشمل: [1][4]

  • أعراض الجهاز الهضمي: الغثيان، والقيء، وألم البطن، والإسهال.
  • أعراض عصبية: كالدوخة، والصداع، والتشوش، والنعاس، أو حتى الغيبوبة في الحالات الشديدة.
  • أعراض تنفسية: كصعوبة التنفس، وفي حالات نادرة، توقف التنفس.
  • تفاعلات جلدية: كالطفح الجلدي، و الحكة، وتهيج الجلد.

كما تجدر الإشارة إلى أن وقت ظهور الأعراض قد يختلف تبعًا لنوع الدواء المستخدم وجرعته، حيث يمكن لبعض الأدوية أن تسبب ظهور الأعراض بشكل فوري بعد تناولها، بينما قد تتأخر هذه الأعراض لساعات في أدوية أخرى.

لهذا السبب، إذا لوحظ وجود علبة دواء فارغة بطريقة تثير الشكوك، خاصة إذا كان هناك أطفال في المنزل، من الضروري الاتصال بخدمات الطوارئ فوراً، حتى لو لم تكن هناك أعراض تسمم واضحة بعد، لمنع دون حدوث أي مضاعفات خطيرة. [4][5]

اقرأ أيضًا: ما هي أعراض التسمم الدوائي؟

طرق الوقاية من التسمم الدوائي للأطفال

تعتبر الوقاية الخط الأول للدفاع ضد التسمم الدوائي عند الأطفال، ولحماية الأطفال من خطر التسمم الدوائي من الضروري تعليم الأطفال حول مخاطر الأدوية وأهمية عدم تناول أي شيء دون إشراف البالغين، حيث يلعب ذلك دورًا كبيرًا في منع حوادث التسمم الدوائي عند الأطفال. [5]

ومن النصائح الأخرى التي ينصح بها للوقاية من التسمم الدوائي عند الأطفال ما يلي: [5]

  • تخزين الأدوية والمواد الكيميائية بأمان: استخدام خزائن مقفلة أو وضعها في أماكن عالية بعيدًا عن متناول الأطفال.
  • تجنب الإشارة الخاطئة للأدوية: يجب عدم الإشارة إلى الدواء على أنه "حلوى" أو أي اسم آخر جذاب لأنه قد يؤدي  إلى إرباك الطفل أو إغراءه بتجربة حبوب أخرى عند غياب الإشراف الطبي أو فى أوقات غياب الوالدين.
  • استخدام أدوات المعايرة المناسبة: من المهم استخدم سرنجة دواء أو قطارة لقياس الكمية الدقيقة والمناسبة للدواء وتجنب استخدام  ملاعق المطبخ العادية لأنها ليست دقيقة في قياس كمية الدواء.
  • التغليف الآمن للأدوية: ضرورة استخدام دائمًا التغليف الآمن للأدوية، والذي يصعب على الأطفال فتحه، للحد من خطر وصولهم إلى الأدوية.
  • اتباع الإرشادات الصارمة للوصفات الطبية: من المهم جدًا اتباع الإرشادات الطبية الخاصة بطريقة استعمال الأدوية والجرعات المستخدمة، خاصة لتلك الأدوية ذات الخطر العالي مثل أدوية أمراض القلب.

ابنتي ابتلعت صبغه تراب الذهب في النهار لم تظهر عليها اعراض الى منتصف الليل بدأت بالقيء فما الحل؟

أهم الإسعافات الأولية للتعامل مع التسمم الدوائي

من الضروري معرفة أهم الإسعافات الأولية الواجب اتباعها عند حدوث التسمم الدوائي عند الأطفال، ومن أهم هذه الإسعافات: [4]

  • تعديل وضعية الطفل: في حالة الاشتباه بتسمم الطفل بنوع من الأدوية، يجب إبقاؤه في وضعية الجلوس أو الوقوف لأنها تمنع خطر رجوع محتويات المعدة إلى المريء والقصبة الهوائية أثناء عملية التقيؤ، وهو ما قد يهدد سلامة الرئتين.
  • تحفيز التقيؤ: إذا كان الطفل مستيقظًا ولم يتقيأ ويستجيب بشكل جيد، يمكن تحفيز التقيؤ بلطف بواسطة استخدام الأصابع (يفضل أن تكون مغطاة بشاش ناعم ونظيف) عبر لمس الجزء الخلفي من حلق الطفل لمساعدته على التقيؤ وإخراج المواد السامة لكن يجب تجنب تحفيز التقيؤ إذا كان الطفل في حالة غيبوبة أو يعاني من تشنجات.
  • تخفيف الألم وتقديم الراحة: إذا اشتكى الطفل من ألم في الحلق، يمكن إعطاؤه قدر قليل من الماء لتهدئة الألم لكن يجب التأكد من أن الطفل يتناول الماء ببطء لمنع حدوث الاختناق.
  • طلب المساعدة الطبية: بعد تقديم الإسعافات الأولية، يجب نقل الطفل إلى المستشفى في أسرع وقت ممكن.

اقرأ أيضًا: كيف يتم علاج التسمم الدوائي؟

أمثلة على أدوية يمكن أن تسبب التسمم للأطفال

قد يؤدي الاستخدام الخاطئ لبعض الأدوية أو تناول جرعات غير مسموحة دون وجود إشراف طبي إلى خطر التسمم الدوائي للأطفال، ومنها:

  • البارسيتامول

يعتبر الباراسيتامول (بالإنجليزية: Paracetamol) أو ما يسمى أيضًا بالأسيتامينوفين (بالإنجليزية: Acetaminophen)، من المسكنات الفعالة والمفضلة لتخفيف الألم وخفض الحرارة ذلك لتوافره الواسع، واستخدامه في علاج العديد من الحالات الطبية. [6]

إن الجرعة القصوى الموصى بها للأطفال من الباراسيتامول هي 90 مجم لكل كيلوجرام من وزن الجسم يوميًا وفي حال تجاوز هذه الجرعة، قد يتعرض الطفل لحالة خطيرة تعرف بسمية الباراسيتامول، وهي حالة طبية خطيرة وتعتبر أحد الأسباب الشائعة للفشل الكبدي الحاد في الأطفال والمراهقين. [6]

 وتشمل أعراض سمية الباراسيتامول عدة مؤشرات تظهر تدريجيًا مثل: [6]

  • ألم البطن.
  • فقدان الشهية.
  • الشعور بالضعف العام.
  • مع تفاقم الحالة، قد تظهر أعراض اليرقان أو الصفرة (بالإنجليزية: Jaundice).
  •  الغثيان.
  •  القيء.
  •  في الحالات الأشد خطورة، يمكن أن تتطور الأعراض إلى تشنجات وحتى الغيبوبة.
  •  مضادات الهيستامين

مضادات الهيستامين (بالإنجليزية: Antihistamine) هي مجموعة من الأدوية التي تستخدم في علاج الحساسية وتخفيف أعراضها المختلفة، مثل: العطس واحتقان الأنف، عن طريق منع مادة الهيستامين التي يطلقها الجسم كاستجابة للحساسية. [7]

 يبدأ خطر الأدوية المضادة للهستامين عادة عند تناول جرعات من 3 إلى 5 أضعاف الكمية الموصى بها من قبل الطبيب، ويمكن لهذه الجرعة أن تؤدي إلى مشاكل خطيرة للأطفال حيث يمكن للأطفال التعرض لبعض المشاكل الصحية والأعراض التي قد تتطور حسب الجرعة والحالة، مثل: [8]

  • الطفح الجلدي.
  • الصداع.
  • النعاس.
  • بعض المشاكل القلبية.
  • نوبات صرع.
  • مضادات السعال

تعمل مضادات السعال (بالإنجليزية: Antitussive) على تقليل أو إيقاف الرغبة في السعال وغالبًا ما تُستخدم لعلاج السعال المصاحب لنزلات البرد والإنفلونزا. وكأحد الأمثلة على مضادات السعال هو دواء البنزوناتات (بالإنجليزية: Benzonatate)، الذي يُستخدم في حالات الجهاز التنفسي الحادة، مثل: الالتهاب الرئوي، والتهاب الشعب الهوائية، ونزلات البرد. [9][10]

قد تظهر بعض الأعراض الخطيرة والتي قد تشكل تهديدًا على سلامة الطفل عند تناوله جرعات عالية من هذا الدواء، مثل: [10]

  • الخمول والتعب. 
  • رعشة في الجسم.
  • تشنجات.
  • غيبوبة.
  • كما قد تؤدي إلى السكتة القلبية فى بعض الأحيان.

  • أدوية مرض السكري

تستخدم أدوية مرض السكري (بالإنجليزية: Antidiabetic Drugs) بشكل أساسي لعلاج داء السكري من النوع الثاني والتي تتنوع في آليات عملها؛ فبعضها يعمل على تحفيز البنكرياس لزيادة إفراز الإنسولين بينما تعمل أدوية أخرى على تحسين قدرة الخلايا على استخدام الجلوكوز. [11]

بالنسبة للأطفال، لا توجد جرعة آمنة من هذه الأدوية حتى أن حبة واحدة يمكن أن تتسبب بعض الأعراض الخطيرة على الطفل، مثل: [11]

  • انخفاض نسبة السكر في الدم بصورة كبيرة.
  • النوبات.
  • الغيبوبة. 

قد لا تظهر هذه الأعراض خلال أربع وعشرين ساعة ويمكن أن تستمر لمدة تصل إلى ثلاثة أيام. وهذا يعني أن الطفل قد يبدو بصحة جيدة عند وقت النوم لكن يمكن أن يصاب بنوبات أثناء الليل ما لم تتم مراقبته بعناية.

  • أدوية تحتوي على الحديد

يحدث التسمم بالحديد عندما يبتلع الطفل عددًا كبيرًا من الحبوب التي تحتوي على الحديد، وغالبًا ما تكون فيتامينات. [12]

وعادة ما وتعتمد الكمية المسببة للتسمم على حجم الطفل؛ فقد لا تظهر أي أعراض على طفل يبلغ من العمر 8 سنوات من كمية قد تسبب أعراضًا خطيرة لطفل يبلغ من العمر 3 سنوات. لكن غالبًا ما يبدأ ظهور الأعراض عند جرعات تزيد عن 20 مجم/كم من وزن الطفل. [12]

 تظهر أعراض التسمم بالحديد غالبًا خلال 6 ساعات وقد يعاني الأطفال المصابون بالتسمم بالحديد من الأعراض التالية: [12]

  • القيء الشديد.
  • الإسهال.
  • ألم البطن.
  • الجفاف والخمول .
  •  قد يحدث قيء أو براز دموي.

نصيحة الطبي

تمثل مسألة التسمم الدوائي عند الأطفال قضية تستوجب عناية كبيرة ومراقبة دقيقة لمنع حدوثها. و لتجنب ذلك من الضروري الحفاظ على استمرارية الوعي والتثقيف حول الطرق الصحيحة لحفظ الأدوية في أماكن آمنة بعيدًا عن متناول الصغار والابتعاد عن العادات غير السليمة التي قد تهدد سلامتهم بالتسمم.

وفي حال واجهت مثل هذه الحالات أو لمعرفة المزيد من المعلومات عن مخاطر الأدوية والاستخدام السليم لها يمكنك التواصل مع فريق الطبي لتنبيهكم لمخاطرها وإمدادكم بالمعلومات اللازمة.