يتضمن علاج التسمم الدوائي العديد من الخطوات والتي تهدف بشكل رئيس إلى إزالة الدواء المسبب للتسمم من الجسم وتقديم الرعاية الداعمة للمريض بهدف الحفاظ على حياته وتقليل حدوث المضاعفات لديه. [1]
وفي المقال التالي سيتم مناقشة كيفية معالجة التسمم الدوائي:
محتويات المقال
هل يمكن علاج التسمم الدوائي في المنزل؟
يٌعد التسمم الدوائي من الحالات الطبية الطارئة والتي تحتاج إلى العلاج الطبي الفوري، ولهذا ينصح دائمًا بالاتصال مع الطوارئ ونقل المريض إلى المستشفى من أجل الحصول على العلاج المناسب، حيث أنه لا يوجد طريقة منزلية مثبتة علميًا يمكن أن تساعد في علاج التسمم الدوائي في المنزل. [2][3]
إلا أنه يوجد بعض النصائح التي ينصح بتقديمها عند إجراء الإسعاف الأولي للمريض المصاب بالتسمم الدوائي وذلك لحين وصول سيارة الإسعاف إلى موقع الحادثة، وتتضمن هذه النصائح ما يلي: [2][3][4]
- فحص مجرى الهواء، ومعدل تنفس، ونبض، وضغط دم المريض.
- إذا كان المريض فاقدًا للوعي ولكنه يتنفس، عندها يجب وضعه في وضع الإفاقة وذلك عن طريق لف جسمه برفق وجعله ينام على جانبه الأيسر مع إمالة رأسه إلى الخلف ورفع الذقن لإبقاء مجرى الهواء مفتوحًا، بالإضافة إلى ثني الساق اليمنى للمريض بحيث يكون الورك والركبة في زاوية قائمة.
- إذا كان المريض واعيًا، عندها ينصح بإرخاء ملابسه وإبقائه دافئًا وطمأنته، بالإضافة إلى جعله يبصق أي شيء متبقي في فمه في حال كان التسمم ناجمًا عن ابتلاعه للأدوية.
- إذا كان المريض يعاني من القيء، عندها يجب مسح القيء وإبقاء رأس المريض متجهًا للأسفل، لتسهيل خروج القيء دون أن يستنشقه أو يبتلعه المريض دون قصد.
- إجراء الإنعاش القلبي الرئوي، وذلك في حال توقف المريض عن التنفس أو توقف قلبه عن النبض.
- تجنب جعل المريض يتقيأ.
- تجنب إعطاء المريض أي شيء ليأكله أو يشربه.
- محاولة تحديد أنواع الأدوية التي تم تناولها، وكميتها، ومتى تم تناولها، كما ينصح بالاحتفاظ بجميع عبوات الأدوية المتواجدة في مكان الحادثة.
- الحرص على بقاء المريض والأفراد من حوله هادئين.
علاج التسمم الدوائي في المستشفى
يتضمن علاج التسمم الدوائي العديد من الخطوات والتي تهدف بشكل أساسي إلى ما يأتي: [1][5]
- تقديم الرعاية الداعمة والتي تهدف إلى الحفاظ على الوظائف الفسيولوجية الحيوية لدى المريض.
- تقليل تركيز الدواء في أنسجة الجسم قدر الإمكان، وذلك من خلال تقليل أو منع الامتصاص الدواء وتعزيز عملية إزالته من الجسم.
- مكافحة التأثيرات السامة للدواء وذلك بإعطاء مادة الترياق (بالإنجليزية: Antidote).
وفيما يأتي سنذكر خطوات علاج التسمم الدوائي بعد وصول المريض إلى المشفى:
الرعاية الداعمة
تٌعد أولى خطوات علاج التسمم الدوائي تقديم العلاجات الداعمة له والتي ستساعد على تثبيت الوضع الصحي للمريض والحفاظ على وظائف أعضائه الفسيولوجية. [1]
ويتم ذلك من خلال اتباع استراتيجية ABCDE، وهي اختصار لما يأتي: [1]
- A: الحفاظ على بقاء مجرى الهواء مفتوحًا.
- B: بقاء التنفس والحفاظ على مستويات الكافية من الأكسجين والتهوية.
- C: الحفاظ على تدفق الدورة الدموية وتغذيتها لأعضاء الجسم الحيوية.
- D: الكشف عن أي إعاقات أو خلل في الجهاز العصبي المركزي، وإذا لوحظ وجود ذلك فينصح بما يأتي:
- قياس التأكسج النبضي.
- فحص الجلوكوز في الدم.
- إعطاء دواء النالوكسون (بالإنجليزية: Naloxone).
- إعطاء الثيامين للمرضى البالغين الذين يتلقون الدكستروز.
- E: تقييم المريض ومحاولة معرفة نوع الدواء الذي تسبب بالتسمم لديه وذلك من خلال الأعراض التي يعاني منها.
اقرأ أيضًا: ما هي أعراض التسمم الدوائي؟
في الحالات الشديدة من التسمم الدوائي، يمكن أن يقوم الطبيب بما يأتي من أجل الحفاظ على الوظائف الحيوية للجسم: [1][2][4]
- التنبيب الرغامي.
- التنفس الاصطناعي.
- الحفاظ على ضغط الدم ضمن مستوياته الطبيعية باستخدام الأدوية.
- إعطاء السوائل الوريدية.
- إعطاء بعض أنواع الأدوية، مثل: الأدوية المهدئة في حال كان المريض مضطربًا أو أدوية الصرع في حال معاناة المريض من النوبات.
كما يمكن أن يقوم الطبيب بإجراء عدد من الفحوصات أثناء تقديم الرعاية الداعمة وذلك بهدف تحديد نوع الدواء الذي سبب التسمم الدوائي لدى المريض. لكن يجب التنويه إلى أن نتائج هذه الفحوصات يمكن أن تحتاج لفترة من الزمن لحين ظهورها. [1][4]
تقليل امتصاص الدواء
تُعد إحدى الخطوات المهمة لعلاج التسمم الدوائي هي إيقاف تعرض الجسم للدواء. فعلى سبيل المثال، في حال كان التسمم ناجمًا عن أحد الأدوية الموضعية التي تستخدم عن طريق الجلد أو العين عندها لابد من إزالة الدواء وغسل الجلد أو العينين بشكل جيد. [1][2]
أما في حال كان الدواء متناولًا عن طريق الفم، عندها يمكن أن يقوم الطبيب بأحد الإجراءات التالية من أجل تقليل امتصاص الدواء عبر الجهاز الهضمي:
-
الفحم المنشط
يعد الفحم المنشط (بالإنجليزية: Activated Charcoal) أحد الطرق الشائع استخدامها من أجل تقليل امتصاص الأدوية المتناولة عبر الجهاز الهضمي، حيث يحتوي سطح الفحم المنشط على أجزاء من الكربون قادرة على الارتباط مع السموم، ويمتاز هذا النوع من الفحم باحتوائه على مسامات كثيرة وقدرة سطحه العالية على امتصاص السموم. [1]
يأتي الفحم المنشط على شكل مسحوق أسود عديم الرائحة والمذاق والذي يتم مزجه مع الماء للحصول على محلول يمكن شربه كما يمكن إعطاؤه من خلال الأنبوب الأنفي المعدي، وهو أنبوب يتم وضعه عبر الأنف ليصل إلى المعدة. [6]
يمكن أن يستخدم الفحم المنشط لعلاج التسمم الدوائي الناجم عن تناول مختلف أنواع الأدوية، إلا أنه لا يُعد خيارًا مناسبًا في حال كان التسمم ناجمًا عن تناول الليثيوم، والكلوربروبراميد (بالإنجليزية: Chlorpropramide)، والمعادن، مثل: الحديد. [1][5]
إن مقدار الجرعة الموصى بها من الفحم المنشط لعلاج التسمم الدوائي عادة ما تتراوح بين 0.5 - 2 غرام/ كغم من وزن الجسم، وتبلغ الجرعة القصوى المسموح بها منه ما يقارب 75 - 100 غرام. [1]
ومن الأعراض الجانبية التي يمكن أن يتسبب بها الفحم المنشط، خصوصًا عند تناول عدة جرعات منه أو إعطاؤه عن طريق الأنبوب الأنفي المعدي، ما يأتي: [1][5]
- القيء.
- الإمساك.
- انسداد الجهاز الهضمي.
- الشفط الرئوي.
- انخفاض مستويات الصوديوم في الدم، وهي من الأعراض التي تحدث عند الأطفال الذي يتلقون جرعات متعددة من الفحم المنشط مع مادة السوربيتول (بالإنجليزية: Sorbitol).
كثيرا ما نسمع عن خطر التعرض للمبيدات الحشرية خصوصا لتاثيرها على المدى البعيد ويكمن ذلك في احتوائها على كميات كبيرة ...
اقرأ أكثر
اقرا ايضاً :
- غسيل المعدة
يُعد غسيل المعدة أحد الإجراءات التقليدية التي يمكن استخدامها لعلاج التسمم الدوائي، والذي يتضمن الخطوات التالية: [1][7]
- استلقاء المريض على جانبه الأيسر وجعل رأسه بمستوى أقل من قدميه.
- سحب محتويات المعدة عن طريق الأنبوب الفموي المعدي.
- إعطاء 10 - 15 مل/ كغم، وبأقصى حد 250 مل، من سائل الغسيل الملحي ومن ثم سحبه، وتكرار هذه العملية حتى يصبح سائل الغسيل صافيًا وخالٍ من أية مكونات.
لكن لم يُعد يستخدم هذا الإجراء بشكل كبير، وعادة ما يمكن أن يكون مفيدًا فقط لعلاج حالات التسمم الدوائي الشديد ولدى المرضى الذي لم يمضِ على تناولهم الدواء أكثر من ساعة. [5][7]
ويمكن أن تشمل المضاعفات المحتملة لغسيل المعدة ما يأتي: [1]
- إصابة وتضرر في منطقة المعدة أو المريء.
- الشفط الرئوي لمحتويات المعدة.
- تحفيز العصب المبهم.
- ري الأمعاء بالكامل
يُعد ري الأمعاء بالكامل أحد الطرق المستخدمة لعلاج التسمم الدوائي والذي عادة ما يفضل استخدامه في الحالات التالية: [1][5]
- تناول جرعة زائدة من الحديد.
- تناول الأدوية طويلة المفعول أو التي تأتي بأحد الأشكال الصيدلانية التي تطرح الدواء بشكل بطيء في الجسم.
- التسمم الدوائي الناجم عن تهريب الأدوية المخدرة من خلال ابتلاع أكياس أو حافظات تحتوي عليها.
يتضمن ري الأمعاء بالكامل إعطاء كميات كبيرة من محلول متساوي الأسموزية يحتوي على بولي إيثيلين جلايكول عالي الوزن الجزيئي (بالإنجليزية: High Molecular Weight Polyethylene Glycol) وذلك من أجل إخراج الدواء عبر المستقيم بسرعة قبل أن يتم امتصاصه. [1]
عادةً ما يتم إعطاء هذا المحلول عبر الأنبوب الأنفي المعدي بمعدل 25 - 40 مل / كغم / ساعة وذلك إلى أن يصبح البراز خاليًا من الدواء. ومن المهم تجنب هذا الإجراء لعلاج التسمم الدوائي في حالة وجود انسداد أو ثقب في الأمعاء، ويمكن أن تتضمن المضاعفات المحتملة المرتبطة به الإصابة بانتفاخ البطن أو الشفط الرئوي. [1]
- إجراءات أخرى
تتضمن الإجراءات التي يمكن أيضًا اللجوء إليها من أجل إزالة الدواء من الجهاز الهضمي عند الإصابة بالتسمم الدوائي ما يلي: [1]
- المسهلات، أهمها أملاح المغنيسيوم، مثل: سترات المغنيسيوم وكبريتات المغنيسيوم، أو الكربوهيدرات غير القابلة للهضم، مثل: السوربيتول. إلا أنه لم يُعد الأطباء يستخدمون هذا الإجراء لتنظيف الجهاز الهضمي.
- شراب عرق الذهب، حيث يحتوي هذا الشراب على مركبات قلوية، مثل السيفالين (بالإنجليزية: Cephaeline) والإيميتين (بالإنجليزية: Emetine)، والتي تعمل على تحفيز التقيؤ لدى المريض بسبب تأثيرها المهيج على القناة المعوية مباشرة وتأثيرها المركزي على الدماغ، إلا أنه تم إيقاف استخدام هذا الشراب لعلاج حالات التسمم بالأدوية.
زيادة إزالة الدواء من الجسم
تتضمن خطوات علاج التسمم الدوائي أيضًا القيام ببعض الإجراءات التي تسرع من إزالة الدواء من الجسم، وبالتالي تقلل من تأثيراته السلبية. وتشمل هذه الإجراءات ما يلي: [1][7]
- زيادة درجة حموضة البول وجعله قلويًا: وذلك عن طريق إعطاء جرعة من بيكربونات الصوديوم (بالإنجليزية: ٍSodium Bicarbonate) عبر سوائل الوريد، خصوصًا مع محلول الدكستروز (بالإنجليزية: Dextrose)، وهي طريقة يمكن أن تساعد على إزالة بعض الأدوية، مثل: الأسبرين (بالإنجليزية: Aspirin)، والفينوباربيتال (بالإنجليزية: Phenobarbital)، والكلوربروباميد (بالإنجليزية: Chlorpropamide)، والميثوتريكسيت (بالإنجليزية: Methotrexate).
- جرعات متعددة من الفحم المنشط: والتي كما ذكرنا سابقًا ستعمل على منع امتصاص الأدوية وزيادة إخراجها عبر البراز، وهي طريق مناسبة لعلاج التسمم الدوائي الناجم عن تناول جرعة زائدة من الكاربامازيبين (بالإنجليزية: Carbamazepine)، والدابسون (بالإنجليزية: Dapsone)، والفينوباربيتال (بالإنجليزية: Phenobarbital)، والكينين (بالإنجليزية: Quinine)، والثيوفيلين (بالإنجليزية: Theophylline).
- تصفية الدم عبر جهاز غسيل الكلى: وهي طريقة مثالية لأدوية الساليسيلات (بالإنجليزية: Salicylate)، والليثيوم (بالإنجليزية: Lithium)، والكاربامازيبين (بالإنجليزية: Carbamazepine)، والفالبروات (بالإنجليزية: Valproate).
اقرأ أيضًا: طرق تنقية الدم من السموم
ابنتي ابتلعت صبغه تراب الذهب في النهار لم تظهر عليها اعراض الى منتصف الليل بدأت بالقيء فما الحل؟
عكس التأثيرات السلبية للدواء
يتم عكس التأثيرات السلبية للدواء الذي تم تناوله بجرعة عالية من خلال إعطاء مادة الترياق الخاصة به، وهي مادة تعمل على علاج التسمم الدوائي من خلال ما يأتي: [1][2][8]
- منع الدواء من الارتباط بمستقبلاته داخل الجسم وإعطاء تأثيراته، مثل: النالوكسون الذي يمنع ارتباط المسكنات الأفيونية بمستقبلاتها والفلومازينيل (بالإنجليزية: Flumazenil) الذي يستخدم لعلاج التسمم بالأدوية التابعة لمجموعة البنزوديازيبينات (بالإنجليزية: Benzodiazepines).
- امتلاك تأثيرات معاكسة للتأثيرات الخاصة بالدواء، مثل: الأتروبين (بالإنجليزية: Atropine) الذي يملك تأثيرات معاكسة لمركبات الفسفور العضوي (بالإنجليزية: Organophosphorus Compounds) أو الجلوكاجون (بالإنجليزية: Glucagon) الذي يعاكس التأثيرات السامة لحاصرات مستقبلات بيتا.
- منع تكوين المستقلبات السامة للدواء وبدلًا من ذلك تحويله إلى مستقبلات أقل سمية، كما هو الحال عند استخدام الإن الأسيتيل سيستين (بالإنجليزية: N-acetyl-L-cysteine) لعلاج التسمم الدوائي الناجم عن أخذ جرعات زائدة من دواء الباراسيتامول (بالإنجليزية: Paracetamol).
- التضاد المباشر لعمل الدواء، كما هو الحال عند استخدام البيريدوكسين (بالإنجليزية: Pyridoxine) لعكس سمية الآيزونيازيد (بالإنجليزية: Isoniazid)، وفيتامين K لعكس سمية الوارفارين (بالإنجليزية: Warfarin)، وحمض الفولينيك (بالإنجليزية: Folinic Acid) لعكس سمية الميثوتريكسيت.
ويجب التنويه إلى أن هناك الكثير من الأدوية التي لا يوجد لها ترياق يمكن استخدامه في حال الإصابة بتسمم نتيجة تناول جرعات مفرطة منها. [7]
نصيحة الطبي
من المهم الاتصال بالطوارئ فور ملاحظة أية أعراض يمكن أن تدل على إصابة الفرد بالتسمم نتيجة تناول لجرعة مفرطة من دواء معين، حيث يتطلب التسمم الدوائي الرعاية الطبية العاجلة والفورية. وللمزيد من الاستفسارات حول علاج التسمم الدوائي بإمكانك الآن الاستفادة من خدمة الاستشارات الطبية عن بعد التي يوفرها موقع الطبي على مدار 24 ساعة وطيلة أيام الأسبوع.
اقرأ أيضًا: أضرار زيادة جرعة أدوية الدرقية أو ترك الأدوية