تقتضي الخطوة الأولى في علاج الأمراض النفسية مراجعة الطبيب لتشخيص المشكلة، إذ إن التشخيص إجراء أساسي وضروري لمتابعة حالة المريض، يقوم فيه الطبيب النفسي بمجموعة من الفحوصات والإجراءات، وبمُشاركة تخصصات طبية أخرى وفقًا لما تستدعيه الحالة. [1][2]

ما هي خطوات تشخيص الأمراض النفسية؟ وما انعكاساته على حياة المرضى؟ نتناول في هذا المقال تفاصيل إجراءات التشخيص وإيجابياته.

طرق تشخيص الأمراض النفسية

يُساعد تشخيص الأمراض النفسية على تحديد المرض أو الاضطراب الذي يُعاني منه المريض، وذلك بناءً على ما يصفه المريض من أفكار ومشاعر، وما يجده الطبيب ويُلاحظه من تصرفات وسلوكيات معينة. وتهدف خطوات التشخيص إلى التمييز بين الأمراض النفسية؛ نظرًا للتشابه والتداخل الكبير بين أعراضها.

ومن الجدير ذكره أيضًا أنه قد تتشابه بعض أعراض الأمراض النفسية مع أمراض ومشكلات جسدية، فعلى سبيل المثال يرتبط الاكتئاب بالشعور بالكسل لدى العديد من المرضى، وقد تتسبّب أمراض الغدة الدرقية بالكسل كذلك. [3][4]

نتناول فيما يأتي طرق التشخيص بالتفصيل:

تحديد التاريخ المرضي

يُحدّد التاريخ المرضي خلال جلسة طويلة أو عدّة جلسات، يدرس فيها الطبيب المعلومات المرَضية الآتية: [5][4]

  • تحديد فترة المعاناة من الأعراض، إذ إن تغيّر طول فترة المعاناة من الأعراض قد يُغيّر من نتيجة التشخيص، فمثلًا: قد يتم تشخيص الفرد بمرض الفصام عندما تستمرّ الأعراض لمدّة 6 أشهر، وقد يُشخّص بالاضطراب فصامي الشكل إن استمرت الأعراض لفترة ما بين 1-6 أشهر، وقد يتم تشخيصه بالاضطراب الذهاني الوجيز إن استمرت الأعراض لأقلّ من شهر واحد.
  • تحديد التغيرات السلوكية التي لاحظها المريض على نفسه، بالمقارنة مع سلوكياته قبل بدء ظهور الأعراض.
  • التأكّد من التاريخ المرضي للفرد من قبل عائلته أو أصدقائه المقربين، إذ قد لا يصف المريض ما يواجهه من أعراض بشكل واضح، كما أنه قد لا يُلاحظ في بعض الحالات ما يطرأ عليه من تغيرات سلوكية مثلما يُلاحظ أفراد عائلته ورفاقه.
  • التحقّق من العوامل التي قد يرفع وجودها من احتمالية الإصابة ببعض الأمراض والاضطرابات النفسية، ومن هذه العوامل:
    • التاريخ الطبي العائليّ، وذلك بسؤال المريض عمّا إذا كان أحد أفراد عائلته يعاني أو عانى مسبقًا من أحد أنواع الأمراض النفسية، أو الاضطرابات السلوكية، أو أيّ أمراض ومشكلات جسدية.
    • تاريخ المريض الشخصي، الذي يتضمّن عمله ودراسته وحالته الاجتماعية، لما لكل منها من تأثير على صحّة المريض النفسية.
    • الأمراض أو المشكلات الصحية التي واجهها المريض عند ولادته، مثل: الولادة المبكرة، أو العدوى خلال الولادة، أو اليرقان.
    • الأمراض الجسدية التي يُعاني أو عانى منها المريض.
    • وجود أيّ تاريخ مسبق للتعاطي أو الإدمان.
  • التحقق من وجود أيّ أفكار أو تصرفات انتحارية مرّ أو يمرّ بها المريض.
  • تحديد مدى تأثير الأعراض على حياة المريض، وقدرته على إدارة احتياجاته وأعماله اليومية.

تعرف على: 8 أعراض تدل على احتياجك لاستشارة طبيب نفسي

تقييم الطبيب لحالة المريض

يُقيّم الطبيب حالة المريض أثناء مرحلة التشخيص بالاعتماد على الآتي: [5][4]

  • مزاجه.
  • طبيعة شخصيته.
  • سلوكياته وطرق تعامله مع الطبيب.
  • طريقة استجابته وردّه على أسئلة الطبيب.
  • كيفية اتخاذه للقرارات والأحكام.

الفحص الجسدي

تتسبّب بعض الأمراض والمشكلات الجسدية بأعراض مُشابهة لأعراض الأمراض النفسية، مثل: أمراض الغدة الدرقية، والأمراض العصبية، لذا قد يتطلّب تشخيص الأمراض النفسية إجراء الفحوصات الجسدية الآتية: [6][7]

  • قياس العلامات الحيوية، مثل: معدل ضربات القلب، وضغط الدم.
  • قياس وزن المريض وطوله؛ لمعرفة مؤشر كتلة الجسم الخاص به.
  • فحص أعضاء الجسم التي قد يظهر عليها علامات أو أعراض معينة، مثل: فحص فروة الرأس لمعرفة ما إذا كان تساقط الشعر ناجمًا عن الإصابة بمرض الثعلبة أو هوَس نتف الشعر.
  • تحديد الأعراض الجسدية التي يُعاني منها المريض، مثل: الصداع، والحمّى، وأعراض الأنفلونزا.
  • فحص الاستجابة العصبية للمريض من خلال عدة إجراءات، مثل: الضغط على الجلد، وردود الفعل الصادرة من اليدين والقدمين.

التحاليل المخبرية والاختبارات التصويرية

قد يطلب الطبيب من المريض إجراء بعض التحاليل المخبرية، وهي تتضمّن واحدًا أو أكثر ممّا يأتي: [4][5]

  • فحص الدم الشامل.
  • فحص وظائف الكلى والكبد.
  • فحص وظائف الغدة الدرقية.

أما صور الأشعة التي قد يتطلبها تشخيص الأمراض النفسية فهي قد تتضمن التصوير المقطعي المحوسب (CT Scan)، الذي يُجريه الطبيب في حال الشكّ بارتباط الأعراض بأمراض عصبية. [5]

فحص الصحة النفسية

يهدف فحص الصحة النفسية (بالإنجليزية: Mental Health Screening) إلى دراسة حالة المريض بالاعتماد على إجاباته على استمارة تحتوي مجموعة من الأسئلة والاستفسارات، إذ يُمكن للطبيب من خلال هذا الفحص تحديد الأعراض التي يُعاني منها المريض ودرجة شدّتها، بالإضافة إلى تحديد المشاعر والأفكار التي تراوده ومدى تكرّرها خلال يومه، ثم يمكن للطبيب البحث في مدى ارتباط هذه الأعراض بالأمراض والاضطرابات النفسية المختلفة، مثل: القلق، والاكتئاب. [8][9]

البحث في المراجع المعتمدة

بعد جمع المعلومات الكافية والمرور بخطوات تشخيص الأمراض النفسية يلجأ الطبيب للمراجع الموثوقة التي تُقدّم دليلًا وتفصيلًا وافيًا في الأعراض والأمراض النفسية، ذلك للوصول لتشخيص مناسب لما يُعاني منه المريض، والانتقال بعدها لخطوة تحديد الخطة العلاجية المناسبة له. وتتضمّن هذه المراجع الآتي: [11][5]

  • التصنيف الإحصائي الدولي للأمراض والمشاكل المتعلقة بالصحة (بالإنجليزية:International Classification of Diseases and Related Health Problems)، الذي أوجدته منظمة الصحة العالمية، وهو يتضمن جميع الأمراض النفسية والجسدية بشكل عام، ويعتمده الأطباء في أوروبا معظم الأحيان.
  • الدليل الإحصائي التشخيصي للاضطرابات النفسية (بالإنجليزية: Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders)، الذي يحتوي على تفاصيل الأمراض النفسية فقط، وغالبًا ما يعتمده الباحثون والأطباء في الولايات المتحدة الأمريكية.

في النهاية لتحديد وتشخيص إصابة المريض باضطراب أو مرض نفسي فإنه لا بد أن يرتبط بالشروط الآتية: [5][10]

  • تسبّب الأعراض إعاقة حياة المريض وقدرته على أداء مهامه اليومية.
  • عدم ارتباط الأعراض بأيّ مشاكل أو أمراض جسدية.
  • عدم استعمال الأدوية التي تتسبّب بأعراض جانبية مُشابهة لأعراض الأمراض النفسية، والتي تُصرف لعلاج أمراض جسدية، مثل: بعض أدوية الصرع، وعلاجات السعال، وبعض أنواع المضادات الحيوية.
  • عدم ارتباط الأعراض بتعاطي أيّ أدوية أو ممنوعات أو مشروبات كحولية، إذ إنّ تعاطيها أو التوقّف المفاجئ عن تعاطيها يتسبّب في أعراض تتشابه نوعًا ما مع أعراض بعض الأمراض النفسية.

اقرأ أيضًا: أعراض المرض النفسي

إيجابيات تشخيص الأمراض النفسية

ثمة العديد من الإيجابيات المرتبطة بتشخيص الأمراض النفسية، ومنها ما يأتي: [3][12]

  • يُسهّل التشخيص فهم المريض للأعراض التي يُعاني منها وانعكاسها على علاقته مع الآخرين.
  • يبثّ الأمل في نفس المريض ويُساعده على التخلّص من القلق المرتبط بالمجهول بمُجرّد تشخيص المرض.
  • يُسهّل تشخيص الاضطراب النفسي مناقشته ومتابعته من قبل الأطباء والمختصين.
  • يُسهّل طريقة السؤال والاتفسار عن أيّ معلومات متعلقة بالمرض.
  • يُسهّل الوصول للدواء المناسب، والاستفادة من الدعم المقدّم للمريض في العمل أو أماكن الدراسة.
  • يُساعد على استكمال العلاج والجلسات حتّى في حال اعتماد طبيب آخر لمتابعة حالة المريض.
  • يُخفّف من عبئ الحديث مع الآخرين عن المشكلات التي يعيشها المريض، وذلك بربط المشاعر التي يواجهها بالمرض النفسي الذي يُعاني منه، مثلًا: إعلام الآخرين أن شعور المريض بالتوتر ناجم عن إصابته بأحد اضطرابات القلق، دون التطرق إلى أنّ سبب توتره هو التعرض للانتقاد في العمل أو لكثرة التحديات التي يواجهها في المدرسة.
  • يُتيح الطبيب للمريض التواصل مع من يُواجهون نفس أعراضه ومرضه، ما يُشعره بوجود مجتمع داعم إلى جانبه.

أعاني من خمول، وقلة في التركيز وألم في الجهة اليسرى من جسدي وألم في القلب قليلا وضيق في التنفس. وأحيانا أعاني من الاكتئاب والوحدة والمشاكل النفسية بسبب الظروف العائلية

تحديات تشخيص الأمراض النفسية

قد تتزامن مرحلة تشخيص الأمراض النفسية مع بعض التحديات، التي يُمكن مناقشتها مع الطبيب النفسي لمعالجتها أو تجنّبها قدر الإمكان، ومن هذه التحديات ما يأتي: [3][12]

  • احتمالية اختلاف التشخيص ما بين طبيب وآخر، ما يتسبّب في إرباك المريض.
  • عدم معرفة أسباب المرض حتى بعد تشخيصه، إلا إنّ التشخيص قد يُبين العوامل التي أثّرت على الصحة النفسية للمريض بشكل عام.
  • احتمالية شعور المريض بالعار أو الخجل تجاه ما تحمله نتائج التشخيص، وإحساسه بأنّ المرض أو الاضطراب النفسي قد بات جزءًا من هويته وشخصيته الدائمة، ما يدفعه أحيانًا للعزلة، وعادةً ما تكون مثل هذه المشاعر من أبرز أسباب العزوف عن زيارة الطبيب النفسي.
  • احتمالية تجاهُل زيارة الطبيب لتقييم الأعراض الجديدة التي قد يواجهها المريض، خاصّة إن كانت الأعراض مختلفة عن أعراض المرض الذي تم تشخيصه به.
  • احتمالية المعاناة من أعراض جانبية لبعض العلاجات الموصوفة، إذ قد تتسبب بعدم قدرة المريض على العمل أو التعامل مع الآلات الثقيلة أو ممارسة الأعمال التي تتطلّب التركيز، ما قد يعيق التقدّم لبعض الوظائف والأعمال.
  • عدم تقبّل التشخيص من قبل بعض المجتمعات والأفراد، خاصةً من يربطون الأعراض والأمراض النفسية بدرجة أو قوّة إيمان المريض مثلًا، ما قد يُعيق الاعتراف بهذا التشخيص وما يتبعه من حاجة لعلاجات أو أدوية محددة.

نصيحة الطبي

يُساعد تشخيص الأمراض النفسية على تأسيس طريق العلاج الناجح والتعافي للمرضى، لذا يُوصى بمراجعة الطبيب في حال الشعور بأيّ أعراض نفسية تُعيق ممارستك لأعمالك ومهامك اليومية، وسيُساعدك الطبيب على تشخيص السبب وعلاجه كما يجب.

إن كنت تُعاني من أيّ أعراض أو علامات تُشير لاضطراب صحتك النفسية فيُمكنك الحصول على استشارة طبية الآن على منصة الطبي بمساعدة أحد أطبائنا المعتمدين. 

اقرا ايضاً :

مرض الخرف بين التشخيص والعلاج والمضاعفات