ثورة في علاج السرطان: تقنية جديدة لتجويع الأورام بالخلايا الدهنية المعدلة وراثيًا

تقنية تجويع الأورام: أمل جديد للقضاء على السرطان

في خطوة قد تُحدث ثورة في علاج السرطان، نجح باحثون من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو في تطوير تقنية جديدة تعتمد على "تجويع الأورام" باستخدام خلايا دهنية معدلة وراثيًا.

تعتمد هذه الطريقة، التي نُشرت في مجلة Nature Biotechnology، على استهداف تغذية الورم بطريقة مبتكرة دون أن تؤثر في الخلايا السليمة، وتقوم على تقنية كريسبر CRISPR لتحويل الخلايا الدهنية البيضاء، التي تخزن الطاقة، إلى خلايا دهنية بنية تحرق السعرات الحرارية لإنتاج الطاقة.

لكن كيف تعمل هذه التقنية؟ وما الذي يجعلها واعدة إلى هذا الحد؟ دعونا نستكشف التفاصيل.

كيف تعمل تقنية تجويع الأورام؟

التقنية مستوحاة من العمليات الجراحية التجميلية، حيث يتم استخراج الخلايا الدهنية بنفس تقنية شفط الدهون وتعديلها وراثيًا قبل إعادة زراعتها في الجسم من جديد بعملية تجميلية.

• يتم تحويل الخلايا الدهنية البيضاء إلى خلايا دهنية باهتة "بيج" باستخدام تقنية CRISPR.
• الخلايا المعدلة، تتميز بقدرتها الفائقة على امتصاص المغذيات، ممّا يعني حرمان الخلايا السرطانية من الغذاء اللازم لنموها.

أظهرت التجارب المخبرية أن هذه الخلايا المعدلة عندما توضع بالقرب من الأورام أو حتى على مسافة منها، تعمل على تجويع الأورام ومنع نموها، وقد تم اختبار التقنية على سرطانات الثدي والقولون والبنكرياس والبروستاتا، وكانت النتائج إيجابية.

كما أثبتت التقنية فعاليتها حتى مع الأورام التي يصعب الوصول إليها مثل أورام الدماغ.

ما علاقة درجات الحرارة الباردة في ابتكار هذه التقنية؟

استُلهمت هذه التقنية من أبحاث سابقة كشفت أن تعريض الفئران للبرد يحدّ من نمو الأورام. فالبرودة تنشّط الخلايا الدهنية البنية، مما يجعلها تستهلك المغذيات بكثافة، وبالتالي تقلل من توفر الغذاء للأورام السرطانية.

ولكن العلاج بالتبريد لمرضى السرطان خيار غير عملي أو ربما يكون خطيرًا على صحتهم، لذا فكر الباحثون في تنشيط بعض الجينات داخل الخلايا الدهنية البيضاء وتحويلها لخلايا دهنية باهتة" بيج"، قادرة على التحول إلى الخلايا الدهنية البنية في ظروف معينة. وهذا ما يحدّ من تطور الأورام السرطانية.

"الحويصلات الدهنية": خطوة متقدمة في العلاج

قام الباحثون بابتكار حويصلات دهنية؛ وهي عبارة عن مجموعة من الخلايا الدهنية المُعدلة جينيًا، حيث تم وضعها بالقرب من الخلايا السرطانية، بهدف اختبار مدى فعالية العلاج في الحدّ من تطور الأورام السرطانية.

أظهرت التجارب المخبرية أنّ الحويصلات الدهنية قلّلت بشكل ملحوظ من حجم الأورام، ممّا يُعزز فعاليتها كعلاج مبتكر للسرطان.

لماذا هذه التقنية واعدة؟

وفرة الخلايا الدهنية: يحتوي الجسم على كميات كبيرة من الخلايا الدهنية، مما يجعلها مصدرًا متاحًا وسهل الاستخدام في العلاج.

• السهولة: يمكن تعديل هذه الخلايا جينيًا بسهولة وإعادة زراعتها في الجسم دون تعقيدات.
• الفعالية: التقنية تقدم طريقة جديدة لمواجهة السرطانات التي يصعب علاجها بالطرق التقليدية.
• علاج متخصص: يمكن تصميم العلاج وفقًا لنوع السرطان وحالة كل مريض، مما يجعله أكثر دقة وكفاءة.
• تقليل الآثار الجانبية للعلاج التقليدي: قد تُغني هذه التقنية عن بعض أنواع العلاج الكيميائي أو الإشعاعي الذي يسبب آثارًا جانبية مرهقة.
• تقليل خطر رفض الجهاز المناعي: نظراً لأن الخلايا مأخوذة من نفس الجسم، فإن خطر رفض الجهاز المناعي لها منخفض للغاية.

مقارنة بين التقنية الجديدة والعلاجات التقليدية

أخيرا تقنية تجويع الأورام باستخدام الخلايا الدهنية المعدلة وراثيًا تمثل نقلة نوعية في علاج السرطان. بفضل تطبيق تقنيات متقدمة مثل CRISPR وقدرتها على استهداف أنواع متعددة من السرطانات، تفتح هذه التقنية أفقًا جديدًا في الطب الحديث.

ولكن يبقى السؤال: هل ستتوسع هذه التقنية لتصبح جزءًا من العلاجات السريرية قريبًا؟ نحن في انتظار المزيد من التجارب السريرية التي قد تُثبت فاعليتها بشكل أكبر.