كثرة استخدام الشاشات يضعف المهارات الدراسية لدى الأطفال!

في زمن أصبحت فيه الشاشات جزءًا لا يتجزأ من حياة الأطفال اليومية، تكشف دراسة كندية حديثة عن جانبٍ مقلق من هذا الارتباط. فقد وجد باحثون أن زيادة وقت استخدام الشاشات قبل سن 8 يرتبط بانخفاض ملحوظ في أداء الأطفال في القراءة والرياضيات في المراحل الدراسية اللاحقة.

الدراسة، التي شملت بيانات أكثر من 3322 طفلًا من أونتاريو ضمن مشروع TARGet Kids! الممتد من عام 2008 إلى 2023، أظهرت أن كل ساعة إضافية يقضيها الطفل يوميًا أمام الشاشة تقلل من احتمالية تحقيق نتائج عالية في اختبارات القراءة والرياضيات بنسبة تقارب 10%.

الشاشات والأداء الأكاديمي

وأشار مؤلفو الدراسة إلى أن أنماط السلوك أمام الشاشات تتأسس خلال السنوات الأولى من الحياة، وأن هذه العادات المبكرة يمكن أن تستمر حتى مراحل لاحقة من العمر، مما يمنحها تأثيراً طويل الأمد.

قالت الباحثتان الرئيسيتان في الدراسة، شويدي لي وكاثرين بيركن من مستشفى الأطفال في تورنتو: "نظراً لمدى انتشار استخدام الشاشات بين الأطفال اليوم، فإن حجم واستمرارية هذه الارتباطات لها عواقب وخيمة على الصحة العامة".

وأضافتا: "يلعب مقدمو الرعاية الصحية، مثل أطباء الأطفال وأطباء الأسرة، دوراً مهماً في دعم العائلات لوضع إجراءات روتينية متوازنة تشمل النوم والنشاط البدني واللعب، خاصة قبل دخول المدرسة عندما تتشكل العادات".

تفاصيل الدراسة

شملت الدراسة تحليل بيانات الأطفال من عمر 0-5 سنوات، حيث قدّم الأهل استبيانات دورية حول نمط الحياة، مثل النوم والنشاط البدني واستخدام الأجهزة الإلكترونية. وبعدها تم ربط هذه البيانات بنتائج الاختبارات الأكاديمية الموحدة للصفين الثالث والسادس.

وبلغ متوسط وقت الشاشة لأطفال الصف الثالث 89.28 دقيقة يومياً (حوالي ساعة ونصف)، ولأطفال الصف السادس 98.33 دقيقة يومياً.

وفيما يتعلق بالتحصيل، وجد الباحثون:

• في الصف الثالث: 55.9% فقط من الأطفال حققوا المستوى المطلوب في القراءة و53.8% في الرياضيات.
• في الصف السادس: 68.6 ارتفعت النسبة إلى 68.6% في القراءة، لكنها انخفضت إلى 49.3% في الرياضيات.
• الجنس: تفوقت الطالبات على الطلاب الذكور في القراءة والكتابة في كلا الصفين، بينما كان التحصيل في الرياضيات متماثلاً بين الجنسين.

ليست المدة فقط.. الجودة مهمة

لم تقتصر الدراسة على مدة المشاهدة، بل أشارت أيضاً إلى أنواعها. فقد ارتبط وقت التلفزيون والوسائط الرقمية بانخفاض مستويات التحصيل في القراءة والرياضيات للصف الثالث والرياضيات للصف السادس، بينما كان لألعاب الفيديو تأثير واضح على مهارات القراءة في المراحل المبكرة.

وأكدت الباحثتان لي وبيركن أن "جودة استخدام الشاشة، أي المحتوى والسياق، مهمة جداً"، مشددتين على ضرورة تطوير أدوات أكثر دقة لقياس ما يشاهده الأطفال فعليًا، وكيفية تفاعلهم معه.

دعوة إلى التوازن

في السياق نفسه، علّق الخبير في تنمية الطفولة الدكتور مارتن غون من جامعة كولومبيا البريطانية أن النتائج تتماشى مع مجموعة متزايدة من الأدلة التي تظهر أن "مجموعة واسعة من النتائج السلبية مرتبطة بوقت الشاشة"، بما في ذلك الصحة، والتعلم، ونمو الدماغ، والكفاءة الاجتماعية.

وأضاف غون: "نرى أن الأطفال الذين يقضون ساعات يومياً مع الشاشات، يقضون وقتاً أقل مع الآباء والأصدقاء، وينامون أقل، ويشاركون بشكل أقل في الأنشطة الأخرى".

وأضاف أن بعض الدول بدأت تتخذ خطوات عملية، مثل حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 15 عامًا كما حدث مؤخرًا في الدنمارك، في محاولة للحد من الأثر السلبي المتزايد للشاشات على النمو الذهني والاجتماعي.

في المجمل، تدق الدراسة ناقوس الخطر بشأن الحاجة إلى ترسيخ مفهوم الاستخدام المتوازن للشاشات، فالتكنولوجيا جزء من المستقبل بلا شك، لكن التحدي الحقيقي هو ضمان ألا يأتي هذا المستقبل على حساب عقول الصغار وتحصيلهم العلمي.

يمكنكم استشارة الأطباء المعتمدين لدى الطبي في الوقت الذي يناسبكم، ومن المنزل!