بعد إعلان إثيوبيا رسميًا، يوم الجمعة، عن تفشّي فيروس ماربورغ—أحد أخطر الفيروسات النزفية القاتلة في العالم—عادت السلطات الصحية لتؤكد تسجيل 3 وفيات جديدة. هذا التطور المفاجئ أشعل موجة من القلق الدولي، وسط مخاوف متزايدة من احتمال ظهور وباء جديد في إفريقيا إذا لم يُسيطر على التفشّي مبكرًا.
فما هو فيروس ماربورغ؟ وكيف تنتقل العدوى؟ ولماذا يُقارنه العلماء بفيروس الإيبولا؟ وهل يمكن احتواؤه قبل أن يتجاوز الحدود ويُهدد القارة الإفريقية بأكملها؟
ما هو فيروس ماربورغ؟ ولماذا يُعد من أخطر الفيروسات النزفية؟
فيروس ماربورغ هو فيروس نزفي شديد الخطورة اكتُشف لأول مرة عام 1967 بعد تفشٍ مفاجئ في مختبرات ألمانيا ويوغوسلافيا سابقًا، حيث انتقل إلى عدد من العاملين بعد التعامل مع قرود مستوردة من أوغندا.
ويُصنَّف الفيروس منذ ذلك الحين كأحد أخطر الفيروسات الحمى النزفية؛ فهو يهاجم الأوعية الدموية مباشرة، مما يُسبب نزيفًا داخليًا في الأعضاء ونزيفًا خارجيًا حادًا من الأنف أو اللثة أو حتى الجلد.
كما قد يصل معدل الوفيات إلى 88% عند إهمال العلاج—أي أن من بين كل 100 إصابة قد يموت نحو 88 شخصًا إذا لم يتلقوا الرعاية الطبية الطارئة.
كيف ينتقل فيروس ماربورغ؟ طرق العدوى التي يجب الحذر منها
صحيحٌ أن فيروس ماربورغ لا ينتقل عبر استنشاق الرذاذ مثل الإنفلونزا أو كورونا، إلا أنّه يُعد من الأمراض شديدة العدوى عند التعامل المباشر مع مصدر الإصابة. وتشمل طرق انتقال العدوى ما يأتي:
مخالطة الحيوانات البرية
تُعد خفافيش الفاكهة—وهي المستودع الطبيعي للفيروس—المصدر الرئيسي لانتقال العدوى إلى الإنسان. ووفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، يمكن أن تحدث العدوى في الحالات الآتية:
- دخول الكهوف أو المناجم التي تعيش فيها هذه الخفافيش.
- التعامل المباشر مع فضلاتها أو إفرازاتها.
- أكل أو لمس حيوانات مصابة.
ملامسة سوائل جسم المصاب
وهي الطريقة الأكثر شيوعًا لانتشار ماربورغ بين البشر، خاصة عند غياب وسائل الوقاية. وتشمل السوائل المعدية:
- الدم.
- اللعاب.
- القيء.
- البول.
- البراز.
- العرق.
- الدموع في المراحل المتقدمة.
ملامسة الأسطح والمواد الملوثة بالفيروس
قد يبقى الفيروس على الأسطح الملوثة 4–5 أيام، ومن أبرزها:
- مقابض الأبواب.
- حقائب المرضى.
- أغطية الأسرّة.
- الملابس.
- الأدوات الطبية غير المعقمة.
وعند لمس هذه الأسطح ثم لمس الفم أو الأنف أو العين دون غسل اليدين، يمكن للعدوى أن تنتقل بسهولة.
أعراض فيروس ماربورغ: من الحمى المفاجئة إلى النزيف الحاد
تبدأ الأعراض عادة خلال 2–21 يومًا بعد التعرض للعدوى، وتشمل:
- طفح جلدي مسطّح على جذع الجسم.
- الحمى والقشعريرة.
- الصداع الشديد.
- آلام عضلية تمتد أحيانًا للظهر.
- ألم الصدر.
- التهاب الحلق.
- الغثيان والتقيؤ.
- الإسهال.
وقد يتطوّر المرض سريعًا إلى مضاعفات خطيرة مثل فشل الكبد، النزيف الداخلي والخارجي، الهذيان والصدمة.
هل يشبه فيروس ماربورغ الإيبولا؟
منذ اكتشاف فيروس ماربورغ، لم يتوقف العلماء عن مقارنته بفيروس الإيبولا، إذ ينتمي كلاهما إلى العائلة الفيلوفيروسية نفسها، ويتشابهان في الكثير من الخصائص، ويُوضح الجدول الآتي ذلك باختصار:
| وجه المقارنة | فيروس ماربورغ | فيروس الإيبولا |
| مصدر المرض (المستودع الطبيعي) | خفافيش الفاكهة | الخفافيش وحيوانات برية أخرى حسب بعض الأدلة العلمية |
| طرق انتقال العدوى | التعامل مع سوائل جسم المصاب مباشرة | التعامل مع سوائل جسم المصاب مباشرة |
| لمس الأسطح الملوثة | لمس الأسطح الملوثة | |
| مخالطة الحيوانات المصابة | مخالطة الحيوانات المصابة أو استهلاك لحومها | |
| الأعراض | الحمى، والقيء والإسهال والنزيف الداخلي والخارجي | الحمى، والقيء والإسهال والنزيف الشديد |
| معدل الوفيات | 88% | 90% |
| اللقاح | غير متوفر للآن | عدة لقاحات |
ورغم تشابهما الشديد، إلا أن الباحثين يعتبرون فيروس الإيبولا أخطر قليلًا لارتفاع معدل وفياته وانتشاره عبر السنوات الماضية، ومع ذلك يبقى فيروس ماربورغ تهديدًا لا يقل خطورة، خصوصًا إذا تفشّى في بيئات تفتقر للبنية الصحية اللازمة للسيطرة عليه.
تفشّي ماربورغ في إثيوبيا: ماذا حدث ولماذا يثير كل هذا القلق؟
أعلنت السلطات الصحية في إثيوبيا مؤخرًا تسجيل 3 وفيات مؤكدة بفيروس ماربورغ النزفي في جنوب البلاد، قرب الحدود مع جنوب السودان بعد رصد حالات مشتبه بها وإجراء تحاليل مخبرية.
وأثار التفشّي قلقًا دوليًا للأسباب الآتية:
- خطورة الفيروس نفسه.
- ضعف أنظمة الرعاية الصحية في منطقة التفشي.
- انتشاره بالقرب من المناطق الحدودية، مما يزيد احتمال انتشار الفيروس.
ولكن أعلنت منظمة الصحة العالمية (WHO) ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في إفريقيا عن تعاونها مع السلطات المحلية لاحتواء التفشّي، وسط تحذيرات من أن أي تأخير في العزل أو تتبع المخالطين قد يسمح للفيروس بالانتشار على نطاقٍ أوسع!
طرق الوقاية من فيروس ماربورغ: كيف تحمي نفسك وأسرتك؟
أوصت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها باتباع الخطوات الآتية:
- اغسل يديك الماء والصابون لمدة 20 ثانية على الأقل، خصوصًا بعد لمس الأسطح الملوثة أو التعامل مع الأشخاص تظهر عليهم أعراض المرض.
- تجنب ملامسة سوائل جسم أي شخص تشك أنه يُعاني من المرض.
- ابتعد عن الخفافيش والحيوانات البرية والأماكن التي تقطنها.
- تجنب تناول لحوم الحيوانات البرية.
- أبلغ السلطات عند ظهور أي أعراض مقلقة، خصوصًا الحمى الشديدة والنزيف.
نصيحة الطبي
ورغم المخاوف والتحذيرات، أكدت الدول المجاورة مثل مصر عدم تسجيل أي حالات مؤكدة للمرض حتى الآن، فيما تواصل الفرق الصحية متابعة الوضع عن كثب لاتخاذ الإجراءات اللازمة عند الحاجة.
وفي ظل انتشار الشائعات وتضارب المعلومات، تجنّب الانجراف وراء الأخبار غير الموثوقة، وتابع دائمًا التصريحات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة في بلدك ومنظمة الصحة العالمية.