من الطبيعي أن يتعرض الأطفال لنزلات البرد والتهاب الحلق باستمرار، وخاصةً خلال موسم الشتاء، وهو ما يزيد من خبرة الآباء والأمهات في التعامل مع هذه الحالات المختلفة، ولكن هذا لا يعني عدم اللجوء إلى الطبيب للكشف على الأطفال وتشخيصهم بطريقة صحيحة، حيث يقوم البعض بشراء مضادات حيوية دون وصف الطبيب، وخاصةً مضاد حيوى للبرد أقراص أو شراب، وكذلك حقن مضاد حيوي للبرد والتهاب الحلق للأطفال، وغيرها من الحالات.
وعلى الرغم من فاعلية استخدام مضاد حيوي للأطفال للبرد ومختلف التهابات الجهاز التنفسي الناتجة عن بكتيريا، فإنها سلاح ذو حدين، حيث أن استخدامها بهذه الطريقة العشوائية يمثل خطراً بالغاً على صحة الأطفال، وينعكس سلباً على المدى البعيد.
نزلات البرد والمضادات الحيوية
دور المضادات الحيوية في علاج العديد من الأمراض
تلعب المضادات الحيوية دوراً مهماً في علاج العديد من الأمراض، ولكنها قد تصبح ضارة، ولذلك يجب معرفة متى أخذ مضاد حيوى للبرد بعد استشارة الطبيب، واتباع إرشاداته فيما يتعلق بالدواء المناسب والجرعات الصحيحة حسب سن ووزن الطفل، وحسب الحالة، سواء أقراص، أو شراب، أو حقن مضاد حيوى للبرد للأطفال.
وهناك اعتقاد شائع بأنه يمكن للمضادات الحيوية شفاء أي التهاب، وخاصةً الحقن، لذا تجد كثيراً من المرضى يلحون على الطبيب أو الصيدلي في صرف حقن مضاد حيوي للبرد للكبار أو الأطفال، ومن ثم يستجيب الطبيب إرضاءاً لهم بدلاً من نصحهم وتوعيتهم بالأخطار التي قد تنجم عن أخذ حقنة مضاد حيوى للبرد أو حتى المضادات الحيوية الفموية.
ولكن في الحقيقة، لن يكون أخذ مضاد حيوي للبرد والتهاب الحلق حقن أو أقراص أو حتى شراب مجدياً في حالة كانت الإصابة ناتجة عن التهاب فيروسي وليس بكتيري، فيمكن أن يأخذ أحد الأشخاص مضاد حيوي للبرد واحتقان الزور، ولا يساعد في علاجه، ويحتاج لأخذ علاجات أخرى بعد ذلك.
طرق معرفة نوع البكتيريا المسببة للمرض
يمتلك الطبيب المختص القدرة على معرفة نوع البكتيريا المسببة للمرض، وذلك عن طريق:
- الطريقة السريرية: فحص أعراض المرض الظاهرة على المريض.
- الطرق المخبرية: من خلال أخذ عينة من الجزء المصاب من الدم أو من البول وزراعتها لمعرفة نوع البكتيريا المسببة لهذا المرض.
وبناءًا على تشخيص المرض يتم صرف الدواء المناسب.
وفي بعض أنواع البكتيريا التي اكتسبت مناعة ضد مضاد حيوي معين لكثرة استعماله، يجري فحص المناعة ومدى فعالية المضاد الحيوي ضد هذه البكتيريا، ولهذا الغرض، تزرع البكتيريا المأخوذة من المريض في مزرعة خاصة بها أقراص مختلفة الألوان وكل منها مشرب بنوع معين من المضادات، وبعد ترك المزرعة، لمدة معينة نلاحظ وجود هالة شفافة خالية من البكتيريا حول كل قرص، والمضاد الحيوي الأكثر تأثيراً على البكتيريا هو الذي تتكون حوله الهالة الشفافة الأكثر اتساعاً، وحينها يمكن أن يحدد الطبيب أفضل مضاد حيوي لنزلات البرد الناتجة عن بكتيريا.
للمزيد: ما هي اضرار المضاد الحيوي؟
أنواع المضادات الحيوية
يتساءل كثير من الأشخاص عن أفضل علاج للبرد مضاد حيوي، حيث يوجد في العصر الحالي أكثر من مئتي نوع من المضادات الحيوية، ولكل نوع منها أسماء متعددة تختلف باختلاف الشركة المصنعة للدواء، ويتم تصنيعها في عدة أشكال، وهي:
- الأقراص.
- الكبسولات.
- الحقن.
- وبعضها على هيئة مساحيق، أو مراهم جلدية، أو كريمات، أو نقط للعين أو للأذن، إلى غير ذلك من الأشكال.
وتختلف أنواع المضادات الحيوية باختلاف مدى تأثيرها على البكتيريا، فمن الأدوية ما يكون فعالاً بشكل رئيسي على البكتيريا إيجابية الجرام، ومنها ما يكون فعالاً ضد البكتيريا سالبة الجرام، والبعض الآخر فعال ضد النوعين، ومنها ما يقتل البكتيريا، ومنها ما يمنع نموها.
اقرأ أيضاً: حقائق هامة حول المضادات الحيوية
اختيار الطبيب للمضاد الحيوي المناسب للمريض
يختار الطبيب مضاد حيوي للبرد والجيوب الأنفية وغيرها من مشكلات الجهاز التنفسي وفقاً لعدة عوامل، منها:
- التشخيص السريري والمخبري، وذلك لمعرفة نوع البكتيريا الغازية، ومعرفة المضاد الحيوي المناسب.
- صفات المضاد الحيوي، حيث يجب معرفة صفات المضاد المختار من حيث:
- تركيزه في الجسم، لأن المضاد قد يكون فعالاً ضد بكتيريا معينة، ولكن تركيزه في الجسم لا يصل إلى الحد المطلوب، وبالتالي لا نحصل على النتيجة المرجوة.
- طريقة طرحه من الجسم، فمثلاً إذا كان الجسم يتخلص من الدواء سريعا فهذا يستدعي إعطاءه على فترات متقاربة.
- سمية الدواء وآثاره الجانبية، فينبغي الموازنة بين أضرار الدواء ومنفعته للمريض، فإذا ترجحت المنفعة على الضرر فلا بأس من صرفه للمريض.
- كلفة الدواء، بعض المضادات الحيوية ذات تكلفة عالية ولها بدائل أرخص ومساوية لها في التأثير وأحيانا قد تفوقها علاجياً.
- عوامل تتعلق بالمريض، ومنها:
- العمر، والجنس، والوزن، وحالة أعضاء الجسم خاصة الكلية والكبد، وحالة الجهاز المناعي للمريض، وخطر تفاعلات الحساسية الناجمة عن استعمال بعض المضادات الحيوية.
- شدة العدوى، وما إذا كانت المريضة حاملاً أو مرضعاً، أو إذا كان المريض يعاني من أمراض أخرى أو يتناول أدوية أخرى، وعادة ما يفضل صرف مضاد حيوي واحد للقضاء على البكتيريا.
- وفي حالات معينة يستلزم إعطاء المريض أكثر من مضاد حيوي واحد، وذلك لأسباب مثل زيادة فعالية الدواء في القضاء على البكتيريا، تقليل الآثار الجانبية لبعض أنواع المضادات.
اقرأ أيضاً: مخاطر سوء استخدام المضادات الحيوية
الآثار الجانبية للمضادات الحيوية
تسبب معظم الأدوية التي يتعاطاها المريض آثاراً جانبية غير مرغوبة، بعضها تكون أعراضاً خفيفة لا تشكل خطراً على المريض، وبعضها قد يهدد حياته، والمضادات الحيوية شأنها شأن باقي الأدوية، فقد ينجم عن استعمالها آثار جانبية قد تكون خفيفة وقد تكون شديدة وذلك لأسباب متعددة، ومنها:
- طبيعة جسم الإنسان.
- خصائص الدواء.
- زيادة الجرعة الدوائية الموصوفة.
- استخدام دواء آخر أو مع تناول أغذية معينة.
- عدم التشخيص السليم.
ومن أكثر الآثار الجانبية للمضادات الحيوية شيوعاً ما يلي:
- ظهور حساسية لأجسام بعض المرضى عند تناول نوعية من المضادات وخصوصاً مجموعة البنسلين: وتختلف درجة الخطورة من شخص إلى آخر، فمنها ما هو قليل الخطورة، مثل الإسهال الخفيف، والقيء، والحرقان الخفيف في المعدة، أو طفح جلدي وهرش، ومنها ما هو أخطر من ذلك مثل الإسهال الشديد، أو صعوبة التنفس، وفي هذه الحالة يجب على المريض التوقف فوراً عن أخذ الدواء والاتصال بالطبيب المعالج.
- قتل البكتيريا النافعة: قد تتسبب بعض أنواع المضادات الحيوية خصوصاً واسعة المدى في قتل البكتيريا النافعة الموجودة في الأمعاء بسبب عدم اتباع الإرشادات الطبية، واستخدام الدواء لفترة طويلة، مما يسهل إصابة الأمعاء بهجمات بكتيرية ضارة تؤدي إلى عدوى جديدة يصعب علاجها.
- تأثيرات على المناعة: قد تكتسب البكتيريا مناعة ضد المضادات الحيوية نتيجة لسوء الاستعمال، وذلك عند الاستهلاك المفرط للمضادات الحيوية، أو حينما تعطي بجرعات غير مناسبة، أو تعطى بالقدر المطلوب على فترات غير منتظمة بين الجرعات، أو تعطى لمدة قصيرة غير كافية للعلاج.
ومن الأسباب كذلك الاستعمال غير الملائم للمضادات في حالات لا تحتاج إلى معالجة بل تشفى ذاتياً، ومناعة البكتيريا ضد المضادات الحيوية قد تكون طبيعية، حيث تخلق البكتيريا ولديها القدرة على مقاومة بعض أنواع المضادات الحيوية أو كلها، وقد تكتسب البكتيريا هذه المناعة بطرق مختلفة.
- مخاطر على الجنين خلال الحمل: تستطيع بعض المضادات الحيوية عبور الحاجز المشيمي وتصل إلى الجنين محدثة آثاراً جانبية بالغة على الجنين، وخصوصاً في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، وكذلك بعض المضادات قد تؤثر على الرضيع من خلال لبن الأم.
للمزيد: كيف تؤثر المضادات الحيوية على أطفالنا؟
الأدوية التي تؤثر على المضادات الحيوية وتتأثر بها
هناك بعض الأدوية التي تؤثر على المضادات الحيوية وتتأثر بها إذا أخذت معها في الوقت نفسه، ومن الأمثلة على ذلك ما يلي:
- حبوب منع الحمل: معظم المضادات الحيوية تؤثر على فعالية حبوب منع الحمل إذا أخذت في الوقت نفسه، مما يؤدي إلى احتمالية الحمل، لذا على المرأة استخدام وسيلة أخرى لمنع الحمل بعد استشارة الطبيب.
- المضادات الحيوية: تتعارض أغلب المضادات الحيوية بعضها مع بعض في الوقت نفسه. لذلك عند تناول المريض المضاد الحيوي مع أدوية أخرى يجب إخبار الطبيب أو الصيدلي بذلك، لأن تناول المريض أكثر من دواء في الوقت نفسه قد يزيد فعالية أو تأثير أحد الأدوية على دواء آخر مؤدياً إلى آثار جانبية خطيرة، كما قد يتسبب في إبطال أو تقليل فعالية الدواء الآخر، وقد يؤدي استعمال أكثر من دواء إلى إنتاج مركب آخر له تأثيرات عكسية للدواء الأصلي.
- أدوية المناعة: يحتاج الشخص الذي يعاني من ضعف المناعة أو يتناول أدوية لعلاج مشاكل المناعة أن يستشير الطبيب للتأكد من عدم تعارض هذه الأدوية مع المضادات الحيوية.
- أدوية الأمراض المزمنة: قد تتعارض بعض أدوية الأمراض المزمنة مع أنواع من المضادات الحيوية، ولذلك يجب اخبار الطبيب بأي أدوية يتم تناولها.
بدائل المضادات الحيوية
بسبب مقاومة البكتيريا لمفعول المضادات الحيوية، يعكف العلماء على تطوير أدوية جديدة قادرة على تخطي تلك المشاكل، ومن تلك البحوث ما توصل إليه مجموعة من العلماء من نوع جديد من الأدوية الذكية التي يمكن أن تكون بديلاً للمضادات الحيوية، وتساعد على حل مقاومة البكتيريا للأدوية.
ومن أمثلة هذه البدائل مادة بيبتيد، وهي جزء تفرزه النباتات والحيوانات لمقاومة العدوى، له خصائص مشابهة للمضادات الحيوية، يقوم البيبتيد بعمل ثقوب في غشاء خلية البكتيريا مما يؤدي إلى قتلها، ومن خصائص هذا الأسلوب الجديد في العلاج أن البكتيريا لم تتعرف على ذلك التركيب من قبل، مما يصعب عليه مقاومة المضاد الحيوي.
نصائح أثناء تناول المضادات الحيوية
فيما يلي نصائح أثناء تناول المضادات الحيوية لتفادي تأثيراتها السلبية على الجسم:
- عند إحساس المريض بآثار جانبية غير معتادة بعد أخذ المضاد يجب إخبار الطبيب أو الصيدلي فوراً، وعدم إهمالها؛ لأن بعض الآثار قد تكون خطيرة على صحة المريض، فعليه التأكد من تاريخ الصلاحية للمضاد الحيوي، إذ أن تناول المضاد بعد انتهاء تاريخ الصلاحية له خطورة بالغة على صحة المريض.
فعلى سبيل المثال، تتحول أدوية التتراسيكلين بعد انتهاء مدة الصلاحية إلى مادة سامة تسبب إصابات خطيرة في الكلية.
- من الضروري للحامل أو المرضع عند صرف المضاد الحيوي إخبار الطبيب أو الصيدلاني عن ذلك حتى لا تعرض جنينها أو طفلها إلى الأذى.
- عند صرف المضاد على شكل كبسولات فيجب بلعها كاملة، وعدم فتح محتوياتها أو مضغها، لأن هذا يؤثرعلى امتصاص الدواء وعلى فعاليته.
- لأن أغلب المضادات الحيوية الموصوفة للأطفال تكون على هيئة شراب أو مسحوق يضاف إليه الماء ليصبح جاهزاً للشرب، فيجب حفظ مثل هذه الأدوية في الثلاجة، مع ملاحظة أن مدة صلاحيتها لا تتعدى الأسبوعين.