التعريف
هو اضطراب النوم العصبي المزمن الذي يتسم بحدوث نوبات نعاس مفرط أثناء النهار, وغالباً ما يصاحبها جُمْدِيَّة (فقدان مفاجئ للقوة العضلات).
نسبة انتشاره بين السكان منخفضة جدا حيث تتراوح بين 0.02 و 0.12 % وفق بعض الدراسات الوَبَائِيَّة .
الأعراض:
1.النعاس المفرط في النهار ورغبة في النوم لا يمكن مقاومتها, وتستمر عادة لمدة نصف ساعة, ويمكن أن تتكرر عدة مرات في اليوم.
2.الجُمْدَة: ضعف العضلات المفاجئ, الذي عادة يحدث على خلفية انفعالات قوية كالغضب أو الضحك, أو الخوف, ويظهر على شكل تراخي لعضلات الوجه وسقوط الفك أو الرأس، ضعف في الركبتين، أو الانهيار التام, وتستمر عادة عدة ثواني أو دقائق, و يكون الكلام خلالها مبهم مع وجود اضطراب في الرؤية (الرؤية المزدوجة، وعدم القدرة على التركيز)، ولكن السمع والوعي لا يتأثران, وفي بعض الحالات النادرة تتشابه مع نوبات الصرع. وبعض المصابين يشعر بزيادة حدة حواس الذوق والشم.
3.السُلوكيات التِلْقائِية: يعني أن الشخص يستمر في نشاطه (في الحديث، وفي وضع الأشياء، وما إلى ذلك) خلال نوبات النوم، مع أنه عندما يستيقظ لا يتذكر أداء هذه الأنشطة.
4.الهَلْوَسَةٌ التنويمِيَّةٌ, و/ أو التابع للنَّوم: هلوسه حية تشبه الحلم وفي كثير من الأحيان تكون مخيفة، (لمحات في الانتقال النوم واليقظة) أو تابعٌ للنَّوم (النوم واليقظة الانتقالية) تحدث أثناء الغفوة، والنوم و / أو أثناء اليقظة, وعندما يستيقظ فجأة يمكن أن يكون مشوشاً, ولديه أحلام واضحة جدا، وعادة ما يتذكرها.
5.الشَّلَلُ التَّالِي للنَّوم : عدم القدرة المؤقتة على التحدث أو الحركة عند الاستيقاظ(ولكنه أحياناً يحدث عند النوم) حيث يصبح الجسم مشلولا والمريض يعجز عن الحركة وقد يستمر من بضع ثوان إلى دقيقة وفي كثير من الأحيان يكون مخيف ولكنه ليس خطير
6.اضطراب النوم: نسبة كبيرة من هؤلاء المرضى يعانون من الأرق لفترات طويلة من الزمن, والنوم الليلي لا يوفر قدر كاف من النوم العميق وبالتالي الدماغ يحاول التعويض عن هذا النقص خلال النهار مما يزيد النعاس ورغبة في النوم خلال النهار.
الأسباب:
التَغْفيق اضطراب عصبي لا ينجم عن مرض عقلي أو مشاكل نفسية كما هو الحال في اضطرابات النوم الأخرى، وتتداخل في أسبابه عدد من الطفرات الوراثية والتشوهات التي تؤثر على العوامل البيولوجية في الدماغ، جنبا إلى جنب مع عوامل بيئية تحدث أثناء نمو الدماغ، ومنها الفيروسات. وما زالت أسباب هذا الاضطراب يكتنفها الغموض مع أنه في الفترة الأخيرة اتضح أن قسماً منها يعود لتشوهات جينية تتضمن منطقة في الصبغة ستة تدعى مُعَقد هَلا (مُعَقَّدُ التَّوافُقِ النَّسيجيّ) الذي يزيد من اختطار الاستجابة المناعية على البروتينات(الهيبوكريتين والأوركسين) المنتجة من الخلاياة الدماغية والتي تنظم وتضبط أنماط النوم والشهية , ونقصهاعادة يرتبط بهذا الاضطراب لدى العديد من المرضى.
كذلك هناك بعض الدراسات التي ربطت السبب بعدوى فيروسية ومن أهمها دراسات أجريت في الصين في الآونة الأخيرة حيث أشارت إلى أن الإصابة بالأنفلونزا وعلى وجه الخصوص عدوى أن اتش واحد إن واحد يمكن أن تؤدي إلى ظهور الحالة. وبعض الحالات ارتبط ظهورها ببعض اللقاحات كما هو الحال في لقاح انفلونزا الخنازير (بانديمكس) الذي تنتجه شركة غلاكسو سميث كلاين.
الفيزيوباثولوجي:
لدى الفرد الطبيعي المستيقظ عادة تكون موجات الدماغ ذات إيقاع منتظم, وعندما ينام فإنها تصبح أبطأ وأقل انتظاماً, وهذه الحالة تسمى بالنَوْم اللاريمي(دون الحَرَكاتٌ العَينِيَّةٌ السَريعَة), وبعد حوالي ساعة من النوم موجات الدماغ تبدأ تُظهر نمطا أكثر نشاطا مرة أخرى، حتى لو كان الشخص في نوم عميق, وهذه الحالة تدعى بالحَرَكات العَينِيَّةٌ السَريعَة, وهي الفترة التي تحدث فيها الأحلام
في حالة التَغْفيق، يختل نظام وطول فترات النوم, فالحَرَكات العَينِيَّةٌ السَريعَة تحدث قبل النَوْم اللاريمي بدلا من أن تليه، وهكذا، فالتَغْفيق هو اضطراب يتسم بحدوث الحَرَكاتٌ العَينِيَّةٌ السَريعَة في أوقات غير طبيعية أثناء النوم, بالإضافة إلى أن بعض المظهاهر التي تحدث عادة أثناء فترة نوم الحَرَكاتٌ العَينِيَّةٌ السَريعَة فقط (كعدم السيطرة على العضلات، وشلل النوم، والأحلام) فهي تحدث في أوقات أخرى عند من يعانون من حالة التَغْفيق, كما هو الحال في فقد السيطرة على العضلات أثناء نَوبَة الجمدة, وفي الأحلام التي تحدث في بداية النوم أو عند الاستيقاظ بدلاً من أن تحدث في وسطه أو بعد مضي ساعة أو أكثر على بداية النوم.
في حالة التَغْفيق، الدماغ لا يمر في المراحل العادية من النعاس والنوم العميق ولكن يذهب مباشرة إلى مرحلة, الحَرَكاتٌ العَينِيَّةٌ السَريعَة من النوم, وهذا يحمل في طياته عواقب عديدة ,ومنها:
1.النوم الليلي لا يوفر قدر كاف من النوم العميق وبالتالي الدماغ يحاول التعويض عن هذا النقص خلال النهار.
2.المصاب بحالة التَغْفيق يدخل بسرعة في ما يشبه النوم العميق جدا.
3.المصاب يستيقظ فجأة و ويمكن أن يكون مشوشاً, ولديه أحلام واضحة جدا، وعادة ما يتذكرها.
التشخيص:
تقليديا معايير التشخيص تتطلب وجود الرباعية المُغَفِّقة التي تتضمن:
1-نوبات النعاس المفرط أثناء النهار.
2-الجُمْدَة.
3-الهَلْوَسَةٌ التنويمِيَّةٌ, و/ أو التابع للنَّوم.
4-الشَّلَلُ التَّالِي للنَّوم.
في حين أن جميع هؤلاء المرضى يعانون من نوبات النعاس المفرط خلال النهار إلا أن الأعراض الثلاثة الأخيرة من الرباعية هي أعراض التَنْظيم الشاذ للحَرَكات العَينِيَّة السَريعَة أثناء النعاس, وهي مُتَأَصِّلة في المتلازمة لكن ظهورها عادة ما يكون متغير جدا , وفقط 10% من المرضى تكتمل لديهم هذه الرباعية .
ومع أن حوالي حوالي 80 % من المرضى يحدث لديهم درجة ما من الجمدة, إلا أن نسبة ضئيلة منهم يحدث لديها هلوسه تنويمية وشلل نومي، أو كليهما, مع أن هناك أعراض أخرى قد تكون مفيدة للتشخيص، ولكن تخلو من نَوْعِيَّة, ولكن سَوَابِقُ ظهور السلوك التلقائي أثناء الصَحْو (حالة غَيبوبَة تستمر خلالها فقط السلوكيات الحركية البسيطة) تشيرإلى وجود الحالة ولها قيمة نَوْعِيَّة أكبر. مع الأخذ بعين الإعتبار أن هؤلاء المرضى يشكون غالباً من اضطرابات وخيمة في النوم ليلا.
التاريخ( سَوَابِق) العائلي ايضاً يشكل أهمية في تقييم المريض الذي يعاني من النعاس المفرط في النهار. وقد تكون المُشاهَدَة الدقيقة لأطفال واشقاء المرضى الذين يعانون من حالة التَغْفيق، كافية مما قد يسمح بالتشخيص السريع خصوصا أولائك الذين يكونون في العمر النموذجي لظهور الحالة (العقد الثاني من العمر).
تشخيص حالة التَغْفيق لدى مريض لديه سَوَابِق موحية تتطلب:
1-التحقق الموضوعي من فرط النعاس النهاري عن طريق استخدام اختبار الكُمون النومي المتعدد بعد تسجيل النوم الليلي(فحص يتم من خلاله حساب المدة الزمنية التي يحتاجها المريض لكي يدخل في النوم العميق (مرحلة الحَرَكاتٌ العَينِيَّةٌ السَريعَة) حيث تكون مدة قصيرة جدا, عادة اقل من خمس دقائق.
2-التحقق من وجود تنظيم شاذ في الحَرَكاتٌ العَينِيَّةٌ السَريعَة خلال الدقائق العشرة الأولى من بدأ النوم.
الفحوصات المساعدة:
-مُخَطَّطُ كَهْرَبِيَّةِ القَلْب.
-مُخَطَّطُ كَهْرَبِيَّةِ الدَّمَاغِ.
الاختبار الجيني للبحث عن جين التَغْفيق:
اختبار الكُمون النومي المتعدد: فحص يتم من خلاله حساب المدة الزمنية التي يحتاجها المريض لكي يدخل في النوم العميق (مرحلة الحَرَكاتٌ العَينِيَّةٌ السَريعَة).
التشخيص التفريقي:
-الأرق واضطرابات النوم الأخرى.
-مُتَلاَزِمَةُ تَمَلْمُلِ السَّاقَين.
-اخْتِلاَج.
-انْقِطاعُ النَفَسِ النَّومِيّ.
-أمراض عصبية أو نفسية أخرى تسبب أعراض مشابهة.
العلاج:
لا يوجد علاج شاف ولكن السيطرة على الأعراض تتطلب إحداث بعض التغيرات في نمط الحياة:
-تناول وجبات خفيفة أثناء النهار وتجنب الوجبات الثقيلة قبل الأنشطة الهامة.
-جدولة برامج العمل بحيث يتخللها غفوة قصيرة (10-15 دقيقة) بعد الوجبات، إذا كان ذلك ممكنا لمكافحة النعاس خلال النهار ويقلل من عدد الهجمات المفاجئة والغير المتوقعة.
-تثبيت مواعيد النوم و الاستيقاظ.
-ممارسة التمارين الرياضية في الصباح وخلال النهار وتجنبها قبل النوم.
-إبلاغ عن وجود هذه المشكلة لزملاء العمل أو الدراسة لتجنب التعرض لأثار جسدية أو نفسية على الشخص نفسه أو على من معه.
-ويمكن استخدام المُنَبِّهات للتقليل من النعاس, ومنها الميثيلفينيديت, و الديكستروأمفيتامين,والميثامفيتامين , والمودافينيل.
-أما علاج الجمدة والهَلْوَسَةٌ التنويمِيَّةٌ ، وشلل النوم يتطلب استخدام مضادات الاكتئاب بسبب تأثيرها الكابِت على مرحلة الحَرَكاتٌ العَينِيَّةٌ السَريعَة من النوم, والأكثر استخداما من هذه المجموهة البروتريبتيلين، والإيميبرامين وهما مضادا اكتئاب ثلاثية الحلقات. ولكن تحد من فعاليتهما الآثار الجانبية المُضَادة الفِعْلِ الكوليني, كذلك يمكن استخدام مضادات اكتئاب أحدث مثل الهيدروكلوريد الفينلافاكسين, والفيلوكسازين, وفلوكستين .
المَآل:
التَغْفيق حالة مزمنة لكنها ليست مرضا قاتلا، مع أنها يمكن أن تكون خطرة إذا حدثت أثناء القيادة، أو أثناء تشغيل آلة أو أو أثناء الوقوف على حواف أماكن مرتفعة أو غير ذلك من الأنشطة التي تتطلب يقظة مستمرة.
وعادة، يمكن التحكم والسيطرة على أعراضها بالعلاج الدوائي وبتغير نمط الحياة.
المضاعفات:
-بعض الصعوبات في الأداء الوظيفي, والأنشطة الاجتماعية.
-الإصابات والحوادث جراء إذا حدثت النوبة أثناء بعض الأنشطة التي تتطلب يقظة.
-الآثار الجانبية لبعض الأدوية المستخدمة في العلاج.
الوِقايَة:
لا توجد وسيلة معروفة للوقاية من التَغْفيق, لكن هناك مجموعة من النصائح العامة يمكن أن تقلل من حدوثها:
-تحديد وتثبيت مواعيد النوم والاستيقاظ.
-التمارين الرياضية خلال النهار وتجنبها قبل النوم ممارسة.
-استخدام الفراش للنوم فقط وليس لمشاهدة التلفاز او العمل أو معالجة بعض الهموم والمشاكل.
-تجنب تناول المنبهات في الفترة المسائية (قبل النوم بساعتين أو أكثر).
-الالتزام بوجبات غذائية منتظمة وخفيفة خاصة المسائية.
-ضمان تهوية صحيحة ودرجة حرارة مناسبة في مكان النوم.
-ضمان جو من الهدوء خال من الضجيج والاضاءة الشديدة.
-اخذ حمام فاتر قبيل النوم.
-ترك الفراش مباشرة بعد الاستيقاظ.
-تجنب النوم والقيلولة الطويلة أثناء النهار.
-الابتعاد عن المشاكل قدر المستطاع.
-ممارسة تمارين الاسترخاء.
التعايش:
الالتزام بالنصائح الوقائية وبالعلاج يمكن المريض من التعايش مع حالته بشكل أفضل ويجنبه المخاطر والمضاعفات.