من المُمكن أن يتم تشخيص الفرد بعدّة أمراض عقلية في ذات الوقت، لكن ماذا عن الحالات التي يتم تشخيص فيها الفرد بمرض نفسي أو مرض عقلي في ذات الوقت الذي يكون فيه مدمنًا على تعاطي إحدى المواد المخدرة أو الكحول، وهي حالة تُعرف باسم التشخيص المزدوج؟

قم بمتابعة المقال التالي لمعرفة كافة المعلومات المتعلقة بالتشخيص المزدوج، بما في ذلك أسباب هذه الحالة وكيفية التعامل معها وعلاجها.

ما هو التشخيص المزدوج؟

إنّ التشخيص المزدوج (بالإنجليزية: Dual Diagnosis) هو نوع من الاعتلال المشترك والذي يكون فيه الفرد يُعاني من اضطرابين في نفس الوقت، ألا وهما اضطراب عقلي أو نفسي والإدمان على الكحول أو المخدرات. ومن المُمكن أن يطلق أيضًا على هذه الحالة اسم الاضطرابات المتزامنة (بالإنجليزية: Co-Occurring Disorders). [1][2][3]

يوجد علاقة وطيدة ومعروفة ما بين الأمراض العقلية والإدمان، وبحسب المعهد الوطني لتعاطي المخدرات فإنّ ما يقارب نصف الأفراد الذين يعانون من اضطراب تعاطي المخدرات يعانون أيضًا من مرض عقلي في مرحلة ما خلال حياتهم، والعكس صحيح. [2][3]

وعلى الرغم من أنّ هذه المشاكل غالبًا ما تحدث معًا، إلّا أنّ هذا لا يعني أنّ إحداهما تسبّبت في الأخرى، حتى لو ظهرت إحداهما أولًا، كما يُمكن أن يكون من الصعب معرفة أي من هذه الحالات قد أصيب بها الفرد أولًا. [1][4]

بشكل عام، تُعد الإصابة بالتشخيص المزدوج أكثر شيوعًا لدى المراهقين والأفراد الذين يعانون من أمراض عقلية خطيرة، كما يُمكن أن تحدث هذه الحالة بشكل أكبر لدى الأفراد الذين يعانون من اضطرابات عقلية معينة دونًا عن غيرها. [1][5]

فعلى سبيل المثال، يُعدّ الاكتئاب والقلق من أكثر الاضطرابات انتشارًا التي تصاحب تعاطي المخدرات والكحول، كما أنّ معدلات تعاطي المخدرات بين المرضى المصابين بالذهان مرتفعة أيضًا. [5]

ما الأمراض العقلية التي قد تتزامن مع الإدمان؟

من الأمثلة على الأمراض العقلية التي يُمكن أن تتزامن مع الإدمان على الكحول أو المخدرات ما يلي: [6]

  • اضطرابات المزاج، أشهرها:
    • اضطراب ثنائي القطب.
    • الهوس.
    • الاكتئاب.
    • اكتئاب ما بعد الولادة.
    • الاضطراب العاطفي الموسمي.
  • اضطرابات القلق، مثل:
    • اضطراب القلق العام.
    • اضطراب القلق الاجتماعي.
    • اضطراب الهلع.
    • الرهاب.
    • اضطراب قلق الانفصال.
  • اضطرابات الشخصية، مثل:
    • اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع.
    • اضطراب الشخصية الانفصامية.
    • اضطراب الشخصية الهستيرية.
    • اضطراب الشخصية النرجسية.
  • اضطرابات الأكل، منها الشره العصبي أو فقدان الشهية العصبي.
  • اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط.
  • التوحد.
  • اضطراب الوسواس القهري.

ما هي أسباب التشخيص المزدوج؟

من المُمكن أن يصعب على الطبيب تحديد سبب التشخيص المزدوج، لكن يوجد بعض من الأسباب المحتملة التي تجعل اضطرابات تعاطي المخدرات تتزامن مع الأمراض العقلية، وهي ما يلي:

  • عوامل الخطر المشتركة

يُمكن أن تتشابه عوامل خطر الإصابة بالأمراض العقلية مع العوامل التي تزيد من خطر إدمان الفرد على الكحول أو المخدرات، وتتضمّن هذه العوامل ما يلي: [1][2]

  • العوامل الوراثية، حيث تميل الأمراض العقلية واضطرابات تعاطي المخدرات إلى الانتشار في بعض العائلات دونًا عن غيرها.
  • التوتر والضغط النفسي.
  • الصدمات، وخاصةً تلك التي تحدث في مرحلة الطفولة، فمثلًا إنّ الأفراد الذين يُعانون من اضطراب ما بعد الصدمة معرضون أيضًا لخطر الإصابة بالإدمان على المخدرات أو الكحول.
  • تسبّب بعض الأمراض العقلية إلى تعاطي المخدرات

فمن المُمكن أن تتسبّب الأمراض العقلية بإحداث بعض التغيرات في دماغ الفرد، مما يجعله أكثر عرضة لتأثيرات الكحول والمخدرات، الأمر الذي يُمكن أن يجعلهم أكثر عرضة للاستمرار في استخدام هذه المواد وتطوّر الإدمان عليها. [1][2]

أيضًا، يُمكن أن يلجأ الأفراد المصابون بالأمراض العقلية إلى تناول الكحول أو بعض أنواع المواد التي تُسبّب الإدمان من تلقاء نفسهم من أجل تخفيف الأعراض التي يعانون منها بسبّب المرض نفسه أو الأدوية المستخدمة لعلاجه. [2][3]

فعلى سبيل المثال، قد يلجأ الفرد الذي يعاني من القلق، أو الاكتئاب، أو اضطراب ما بعد الصدمة إلى تناول الكحول أو المخدرات ليشعر بالتحسن بشكل مؤقت. ومع ذلك، في حين أن هذه المواد يُمكن أن توفر مهربًا مؤقتًا للفرد، إلّا أنّها تؤدي إلى تفاقم أعراض هذه الحالات بمرور الوقت. [1][2]

  • تسبّب بعض المواد المُدمنة بالإصابة بالأمراض العقلية

يُمكن أن يرتبط الإدمان بزيادة خطر الإصابة بالأمراض العقلية، وكلما طالت مدة التعاطي زاد خطر الإصابة بهذه الأمراض، ويعود ذلك لعدّة تفسيرات، بما فيها: [2][3]

  • يُمكن أن يؤدي تعاطي المخدرات إلى تغيير الدماغ بطريقة تجعل الفرد أكثر عرضة للإصابة بالأمراض العقلية.
  • يُمكن أن يؤدي تعاطي المخدرات إلى تفاقم المرض العقلي بشكلٍ ما.
  • قد يؤدي تناول هذه المواد بجرعات كبيرة، أو اعتماد الجسم عليها، أو التوقف عن تناولها بشكل مفاجئ إلى معاناة الفرد من أعراض نفسية.

 

ما هي أعراض التشخيص المزدوج؟

يُمكن أن تختلف علامات وأعراض التشخيص المزدوج بناءً على نوع المادة المستخدمة والمرض العقلي الذي يٌعاني منه المريض. لكن، يُمكن أن تشمل الأعراض الشائعة للتشخيص المزدوج ما يلي: [2][6]

  • تغيرات في المزاج.
  • فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كان يتمتع بها الفرد سابقًا.
  • التغيرات في الوزن، بما في ذلك فقدان الوزن أو زيادته.
  • الانخراط في سلوكيات محفوفة بالمخاطر.
  • الانعزال عن الأصدقاء وأفراد الأسرة الآخرين.
  • فقدان السيطرة على تعاطي المخدرات.

كما يُمكن أن يؤثر تزامن تعاطي المخدرات مع الأمراض العقلية على طريقة تفكير الفرد، وشعوره، وتصرفاته، ومن المُمكن أن تكون هذه التغييرات مفاجئة أو أنّها تتفاقم وتصبح أكثر وضوحًا مع مرور الوقت. [5]

كيف يتم الكشف عن التشخيص المزدوج؟

قد يصعُب على الطبيب أحيانًا تحديد إصابة الفرد بالتشخيص المزدوج، فنظرًا للتشابه الكبير ما بين أعراض الأمراض العقلية وأعراض الإدمان على الكحول والمخدرات، فسيكون من الصعب على الطبيب تحديد ما إن كان الفرد يُعاني من مرض عقلي إلى جانب معاناته من الإدمان والعكس صحيح. [2][3]

أيضًا، إنّ تناول جرعات مفرطة من الكحول والمخدرات أو أعراض الانسحاب المرتبطة بها يُمكن أن تتضمّن معاناة الفرد من أعراض ذهانية، وهنا يجب التمييز ما إن كان الفرد يُعاني من اضطراب ذهاني أم أنّ هذه الأعراض ناجمة عن تعاطي هذه المواد فقط. [3]

كيف يتم التعامل مع مرضى التشخيص المزدوج؟

في حال معاناة الفرد من التشخيص المزدوج، فمن الأفضل علاج كلتا الحالتين في نفس الوقت وليس بشكل منفصل، وسيقوم الطبيب بوضع خطة علاجية تناسب احتياجات المريض، مع الأخذ بعين الاعتبار العوامل التالية: [1][2][6]

  • عمر المريض.
  • نوع المادة التي تم الإدمان عليها.
  • الاضطراب العقلي الذي يُعاني منها الفرد.

ويُمكن أن تتضمّن خطة علاج التشخيص المزدوج ما يلي: [1][2]

  • إزالة السموم

حيث يجب التوقف عن تعاطي الكحول أو المخدرات وطردها من الجسم، وهي الخطوة الأولى في الخطة العلاجية والتي يُمكن أن تكون عقبة كبيرة للعديد من المرضى. وغالبًا ما تتم عملية التخلص من السموم في المستشفى، حتى يتمكن الأطباء من مراقبة المريض وتقديم الدواء والرعاية الخاصة له في حالة تعرض الفرد لأعراض الانسحاب. [1][2]

  • العلاج السلوكي

غالبًا ما يكون العلاج النفسي جزءًا رئيسيًا من خطة العلاج الخاصة بالتشخيص المزدوج، حيث يُمكن أن يكون العلاج السلوكي المعرفي مفيدًا في تغيير أنماط التفكير غير الصحية التي تساهم في تعاطي المخدرات. [1][2]

  • برامج إعادة التأهيل داخل المستشفى

يُمكن أن يستفيد الأفراد الذين يعانون من اضطرابات متزامنة من برامج إعادة التأهيل التي تتم داخل المستشفى فذلك يتيح مراقبتهم بشكل مستمر وحصولهم على الرعاية الصحية المناسبة لوضعهم الصحي. [2]

  • الأدوية

يُمكن أن تُساعد الأدوية على علاج إدمان المواد الأفيونية والكحول والتخفيف من الأعراض الانسحابية لهذه المواد، كما يُمكن أن تُساعد هذه الأدوية على تخفيف أعراض الاضطرابات العقلية. [1][2]

  • الحصول على الدعم

إنّ الحصول على الدعم العاطفي والاجتماعي يُعد أمرًا مهمّا خلال فترة علاج التشخيص المزدوج، ومن المُمكن أن يتم ذلك من خلال انضمام المريض إلى مجوعات الدعم التي تتيح تبادل النصائح حول كيفية التعامل مع التحديات اليومية، والاحتفال بالنجاحات، والتنفيس عن الإحباط والمشاعر السلبية، والحصول على المساعدة والإلهام لتخطي هذه المشكلة الصحية. [1][2]

نصيحة الطبي

يُعدّ التشخيص المزدوج من الحالات التي يصعب الكشف عنها أحيانًا وفي حال تم تشخيص الفرد بها فمن المُمكن أن يكون صعبًا على الطبيب تحديد ما إن كان الإدمان أو المرض العقلي قد حدث أولًا.

بشكل عام، يجب استشارة الطبيب فورًا في حال الشك بمعاناة أحدهم من التشخيص المزدوج، كما بإمكانكم الآن الاستفادة من خدمة الاستشارات الطبية عن بعد التي يوفرها موقع الطبي على مدار 24 ساعة وطيلة أيام الأسبوع للإجابة على جميع استفساراتكم حول هذه الحالة وكيفية علاجها.