قصور الغدة الدرقية، أو كسل الغدة الدرقية (Hypothyroidism) ، هو نقص في هرمون الغدة الدرقية الذي يؤثر في معظم أنظمة الجسم، وتتضمن أعراضه التقليدية التعب، والخمول، وزيادة الوزن، وعدم تحمل البرد. [1]
على الرغم من أن قصور الغدة الدرقية حالة شائعة عالميًا، بما في ذلك في المملكة العربية السعودية، إلا أنها غالبًا ما تبقى دون تشخيص لسنوات. السبب في ذلك هو أعراضها عامة وغير محددة، وتتداخل مع أعراض حالات أخرى، ولا يمكن تشخيصها إلا من خلال فحص وظائف الغدة الدرقية، وهذا التأخير في التشخيص قد يؤدي إلى تفاقم الأعراض، والتأثير سلبًا في جودة الحياة. [1][2]
في هذا المقال، سنسلط الضوء على نقص الوعي بقصور الغدة الدرقية عالميًا ومحليًا في السعودية، وكيف يمكن أن يغير التشخيص المبكر والعلاج حياة المرضى بشكل إيجابي.
محتويات المقال
الأعراض التحذيرية لقصور الغدة الدرقية
عادةً ما تظهر أعراض قصور الغدة الدرقية بشكل تدريجي على مدار فترة طويلة قد تستغرق سنوات، وتتضمن أبرزها: [3]
- الشعور بالإرهاق والتعب المستمر دون مبرر.
- زيادة الوزن.
- صعوبة في التركيز أو كثرة النسيان.
- الاكتئاب وسوء المزاج.
- صعوبة تحمل البرد.
- جفاف وخشونة الجلد والشعر.
- دورة شهرية غير منتظمة أو غزيرة.
- خدر أو وخز في اليدين.
- كتلة أو انتفاخ في الرقبة.
- ضعف أو ألم في العضلات.
التقديرات العالمية والمحلية لانتشار قصور الغدة الدرقية
تشير التقديرات إلى أنّ أمراض الغدة الدرقية تؤثر في حوالي 200 مليون شخص حول العالم، 60% منهم لا يعلمون بحالتهم، [4] وقد ازداد معدل انتشار قصور الغدة الدرقية بشكل خاص عالميًا، [5] وهو يعد أكثر شيوعًا عند النساء، حيث ينتشر بين النساء بمعدل 10 أضعاف مقارنة بالرجال. [6]
في السعودية، ورغم عدم وجود دراسات وطنية شاملة لتحديد معدل انتشار قصور الغدة الدرقية على مستوى السكان، تشير الدراسات المتوفرة إلى أن نسبة انتشار هذه الحالة تتراوح بين 18.7-25.5%، حيث تشكل النساء ما بين 57.5% و86.3% من الحالات. [7] كما أفادت بعض الدراسات أن النسبة قد تصل إلى 47%. [6]
أما بالنسبة لقصور الغدة الدرقية الخلقي (Congenital hypothyroidism) بين المواليد في السعودية، فإن معدل حدوثه يتراوح بين حالة واحدة لكل 2,666 ولادة إلى حالة واحدة لكل 4,208 ولادة. [6]
ومع ذلك، يعتقد بعض الأطباء أن الأرقام الفعلية لحالات قصور الغدة الدرقية قد تكون أعلى بكثير؛ نظرًا لوجود العديد من الحالات التي تبقى غير معروفة أو غير مشخصة.
أسباب تأخر تشخيص قصور الغدة الدرقية
على الرغم من أنّ قصور الغدة الدرقية هو اضطراب شائع، إلا أنه غالبًا ما يتم تشخيصه بشكل خاطئ أو متأخر، وذلك لعدة أسباب: [2][11]
1- أعراض غير محددة:
أعراض قصور الغدة الدرقية غالبًا ما تكون غير محددة، وتشبه أعراض العديد من الحالات الصحية الأخرى، وهذا يجعل من الصعب على الكثيرين التعرف على هذا المرض. فالإرهاق والتعب، مثلاً، قد يكونان علامة على الإجهاد أو نقص النوم، بينما يمكن أن يكونا أيضًا مؤشرًا على قصور الغدة الدرقية.
2- أخطاء في التشخيص:
يُعتبر فحص الهرمون المنبه للغدة الدرقية (TSH) المعيار الذهبي لتشخيص أمراض الغدة الدرقية، وحاليًا، يتم تشخيص قصور الغدة عندما يكون مستوى TSH أعلى من 4.0 ملي وحدة دولية/ مل، ومع ذلك، يشهد هذا النطاق المرجعي جدلاً واسعًا بين الأطباء والمنظمات الصحية، حيث توصي بعض المنظمات بخفض الحد الأعلى إلى 3.0 ملي وحدة دولية/ مل، وأخرى ترى أنه يجب أن يكون عند 2.5 ملي وحدة دولية/ مل. مما يشير إلى الحاجة لفحص إضافي لمستويات هرمونات T3 وT4 لتأكيد التشخيص في حال وجود أعراض واضحة، خاصة في الحالات التي قد تُشخص بشكل غير دقيق.
3- قصور الغدة الدرقية تحت السريري:
يُسمى أيضًا بقصور الغدة الدرقية الخفيف، حيث تكون الأعراض أقل وضوحًا، مما يجعل المرضى وأحيانًا الأطباء يغضون النظر عنها، وهذا يؤدي إلى تأخر التشخيص، ويزيد من عدد الحالات غير المُكتشفة.
بالأرقام: نقص الوعي بقصور الغدة الدرقية في السعودية
رغم أن قصور الغدة الدرقية سهل التشخيص وعلاجه غير مكلف، إلا أن هناك نسبة كبيرة من المرضى تظل دون تشخيص، مما يؤثر بشكل كبير في جودة حياتهم، وأدائهم الوظيفي، وإنتاجيتهم. [5]
أيضًا، لا يزال هناك نقص ملحوظ في مستوى الوعي والمعرفة حول هذا المرض في المملكة. وفقًا لدراسة أُجريت عام 2023 لتقييم مستوى المعرفة والوعي بقصور الغدة الدرقية، وأعراضه النفسية والعصبية بين السكان السعوديين، شملت الدراسة 2016 مشاركًا من جميع مناطق المملكة، وكشفت أن 91% من المشاركين لديهم مستوى معرفة ضعيف حول المرض، كما أظهرت أن الرجال كانوا أقل معرفة مقارنة بالنساء. [8]
ووفقًا لدراسة أخرى أُجريت عام 2024 حول وعي السكان بأعراض وعوامل خطر أمراض الغدة الدرقية في منطقة الباحة، شملت الدراسة 531 شخصًا، كشفت النتائج أن حوالي نصف المشاركين لديهم معرفة محدودة بعوامل الخطر والأعراض لهذه الأمراض. [9]
أما في استبيان آخر أُجري في الرياض عام 2018، شمل 870 مشاركًا، أشار إلى نقص المعرفة حول قصور الغدة الدرقية وعلاجاته، حيث إنّ 26.6% من المشاركين اعتقدوا خطئًا أنّ الأعشاب يمكن أن تعالج قصور الغدة الدرقية. [10]
هذه النتائج تسلط الضوء على الحاجة الملحّة لزيادة الوعي بأمراض الغدة الدرقية، خاصةً قصور الغدة الدرقية، لتعزيز الكشف المبكر والتشخيص الدقيق وتحسين نوعية حياة المرضى في المملكة.
لماذا التوعية بقصور الغدة الدرقية مهمة؟
توجد عدة عوامل دفعت المنظمات العالمية للتوعية بأهمية التشخيص المبكر لقصور الغدة الدرقية: [12][13]
1. تسليط الضوء على أهمية الغدة الدرقية للجسم
رغم صغر حجمها وكونها غير مرئية، إلا أن الغدة الدرقية تُعتبر عضوًا حيويًا يؤثر في جميع خلايا الجسم، وأي خلل في وظائفها يمكن أن يؤثر بشكل كبير على جودة الحياة والصحة العامة، مما يجعل التوعية بأهميتها ضرورية.
2. الحد من المضاعفات الصحية الخطيرة لمشكلات الدرقية
قصور الغدة الدرقية غير المُشخّص قد يؤدي إلى تباطؤ معدل ضربات القلب، وصعوبة ضخ الدم، مما يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية أو الجلطات الدماغية، بالإضافة إلى مضاعفات أخرى، مثل تضرر الأعصاب، وفقر الدم، والاكتئاب، وحتى الغيبوبة، لكن رفع مستوى الوعي يساعد في الكشف المبكر عن هذه الحالة وتجنب مضاعفاتها.
3. تشجيع الفحص المبكر
التوعية تعزز أهمية إجراء فحوصات الدم البسيطة للكشف عن أمراض الغدة الدرقية عند ظهور الأعراض أو للفئات المعرضة لخطر الإصابة، وهذا يساعد في تقليل الحالات غير المُشخصة، وتحسين فرص العلاج.
4. تعزيز العلاج المبكر
معرفة الأعراض المرتبطة بأمراض الغدة الدرقية تمكّن الأفراد من السعي للحصول على العلاج في وقت مبكر، مما يساهم في تخفيف الأعراض وتحسين الحالة الصحية بشكل عام.
5. تحسين جودة الحياة
علاج قصور الغدة الدرقية في مراحله المبكرة يضمن تحسينًا في جودة الحياة اليومية، مثل زيادة النشاط، وتحسين المزاج، وتقليل المشكلات الصحية المزمنة المرتبطة بالمرض.
نصيحة من الطبي: كيف تساهم في التوعية بصحة الغدة الدرقية؟
إليك أهم الطرق لتعزيز صحة الغدة الدرقية لنفسك وللآخرين: [12]
1- تناول غذاء متوازن غني باليود
يحتاج جسمك إلى اليود لإنتاج هرمونات الغدة الدرقية، ويمكنك الحصول على اليود من مصادر مثل الأسماك، والروبيان، ومنتجات الألبان، والملح المدعّم باليود. إذا كنت تتبع نظامًا غذائيًا متوازنًا وتستخدم الملح بشكل معتدل، فعادة ما تحصل على الكمية الكافية من اليود.
2- افحص الغدة الدرقية بنفسك:
قف أمام مرآة واشرب كوبًا من الماء، وراقب رقبتك أثناء البلع. إذا لاحظت أي تضخم أو انتفاخ، فقد يكون ذلك علامة على تضخم الغدة الدرقية، ويجب عليك استشارة الطبيب.
3- حث المصابين بالأعراض على الفحص:
يمكن تشخيص أمراض الغدة الدرقية بسهولة من خلال اختبارات دم بسيطة. شجع الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض محتملة على إجراء الفحص للتأكد من سلامتهم.
يعد اليود المشع من اشكال اليود التي يتم استخدامها لارسال الاشعاع لعلاج سرطان الغدة الدرقية ويسمى ايضا I 131 وتقوم ...
اقرأ أكثر
اقرا ايضاً :