بعد فترة طويلة من الإجازة التي تمتد إلى بضعة أشهر، يحين وقت عودة الأم إلى العمل، لتعود إلى نمط الحياة السابق، والإستيقاظ في وقت مبكر للذهاب إلى عملها، ولكن لن تصبح الأمور كما كانت من قبل، لأن هناك تغيرات طرأت على الحياة نتيجة وجود طفل في المنزل يحتاج إلى الرعاية وتجهيز كافة متطلباته قبل الذهاب إلى العمل.
يحتاج الطفل حديث الولادة لعناية خاصة، وبذلك تطرأ تغييرات على حياة الأم نتيجة وجود الطفل، ويتناول هذا المقال الحديث عن الوقت المناسب التي يمكن للأم عنده ترك الطفل والذهاب للعمل، كما يقدم بعض النصائح التي تساعد في ترك الطفل.
متى يمكن ترك الطفل والذهاب إلى العمل؟
لا يمكن تحديد وقت معين لترك الطفل والذهاب إلى العمل لأن هذا يرجع إلى العديد من العوامل، وأبرزها:
- مدة الإجازة التي يفرضها العمل: تختلف مدة الإجازة التي تمنحها الشركات للأم المرضع من بلد لأخرى، وتضطر أغلب الأمهات للالتزام بالمدة المحددة خوفاً من فقدان العمل وإحضار بديل لها.
- وجود شخص يمكن أن يهتم بالطفل: يجب على الأم أن تجد الشخص المناسب للاعتناء بالطفل في هذه المرحلة العمرية الصغيرة، سواء أحد الأشخاص المقربون أو إرساله إلى الحضانة، وهذا أمر شديد الصعوبة لأن الأم تحتاج إلى ترك الطفل مع شخص تثق فيه بأنه سيعتني جيداً بالطفل.
- مدى تقبل الطفل لابتعاد الأم: في بعض الحالات، يصعب على الطفل تقبل ابتعاد الأم عنه نتيجة التعلق الشديد بها، وخاصةً إن لم يعتاد الطفل على الجلوس مع أشخاص آخرين في بعض الأحيان، فسوف تنتابه حالات من البكاء الشديد والمستمر في حالة ترك الأم له، وفي هذه الحالة، يجب أن تبدأ الأم في مساعدة الطفل في تقبل الأمر بشكل تدريجي.
وهذا يعني أن وقت ترك الطفل والذهاب إلى العمل أمر يرجع للأم والظروف الخاصة بها.
للمزيد اقرأ: الرعاية الصحية بالأم والطفل بعد الولادة
نصائح تساعد في ترك الطفل والذهاب إلى العمل
إليكِ مجموعة من النصائح التي تساعدك على تخطي هذه المهمة بسهولة.
البدء مبكراً
يجب على الأم العاملة أن تضع في اعتبارها أنها ستعود إلى العمل لاحقاً، وبالتالي لا تجعل الطفل يعتاد على كثير من الأمور التي تصعب المهمة، فعلى سبيل المثال، يفضل عدم الاستمرار في حمل الطفل لفترات طويلة، لأن ذلك سيجعله يعتاد على هذا الأمر، ويبكي بشدة في حالة قيام الأم بعدم تلبية رغباته.
كما يجب على الأم أن تجعل الطفل يجلس مع الأقارب والأصدقاء، ليعتاد على رؤية وجوه جديدة ولا يشعر بالخوف من الغرباء، وأيضاً ينصح بأخذ الطفل إلى نزهات صباحية في الحدائق ليرى أشخاص جدد وأطفال آخرين مثله، ويبدأ في التكيف مع الأجواء المحيطة والحياة الاجتماعية التي تنتظره فيما بعد.
وفي حالة شعرت الأم أن طفلها خجول أو يشعر بالخوف من الأشخاص الآخرين، فينبغي أن تحاول مساعدته لتجاوز هذا الأمر، لأنه سيشكل صعوبة فيما بعد عندما يأتي الوقت الذي ستذهب فيه إلى العمل.
يمكن التحدث مع متخصصين حول هذا الأمر وأخذ رأيهم في كيفية طمأنة الطفل والسيطرة على هذا القلق الذي ينتابه من الإنفصال عن والدته، كما يجب أن يكون للأب دوراً في هذا الأمر، حيث أن الطفل يستمد كثير من جرأته وشخصيته من الأب.
تعليم الطفل الاعتماد على نفسه
نعم! يمكن للطفل أن يتعلم الاعتماد على نفسه في سن صغيرة، وذلك من خلال بعض الخطوات البسيطة، فعلى سبيل المثال، يمكن أن تعطي الأم ملعقة الطعام لصغيرها حتى يحاول تناول الطعام بمفرده، ولا دعي من الانزعاج عندما يتسبب الطفل في تلطيخ ملابسه ووجه والمكان المحيط به، فتلك هي أولى خطوات التعلم بالنسبة له، ومع الوقت سيعتاد على الأمر.
كما يجب على الأم أن تهتم بزيادة انتباه وتركيز الطفل من خلال ألعاب الذكاء المناسبة لمرحلته العمرية، فهذا يساعد على تطوير القدرات العقلية للطفل مبكراً، وتجعله يعرف كيف يتصرف في مختلف الأمور، وبالتالي سيكون من السهل أن يتصرف عندما تسقط منه لعبته المفضلة أو يعبر عن رغباته بشكل أفضل.
أيضاً ينبغي على الأم أن تبدأ في تدريب الطفل على استخدام النونية في الوقت المناسب لذلك، حتى لا تكون المهمة صعبة فيما بعد، فهذا سيقلل من شعورها بالقلق حول تغيير الحفّاضات والإهتمام بنظافة المنطقة الحساسة لدى الطفل لتجنب الإصابة بطفح الحفاظ، وخاصةً أنها سوف تتركه مع شخص آخر، ويمكن أن يصعب عليه التصرف في هذا الأمر مثلما تفعل الأم.
اختيار الشخص المناسب للعناية بالطفل
هناك العديد من المحددات التي يجب التفكير بها عند اختيار الشخص المناسب للعناية بالطفل، سواء كانت مربية الطفل أو جدّة الطفل، فيجب أن يكون شخص موثوق به ولديه خبرة في تربية الأطفال والاعتناء بهم.
في حالة ترك الطفل مع الجدة، ينصح بإخبارها بكافة الأمور الهامة التي تتعلق بالطفل، وينصح بتطبيق هذه الأمور أمامها، وهذا يعني جلوس الجدّة مع الأم لبضعة أيام قبل بدء العمل.
أما في حالة ترك الطفل مع مربية، فينبغي التأكد من أخلاقياتها وسلوكياتها وأمانتها واختيار مربية لديها خبرة في العناية بالأطفال حتى لا تهمل الطفل أو تتسبب في أذى نفسي أو بدني له.
يجب أن تشاهد الأم بنفسها كيف سيكون الأمر، ومدى تقبل الطفل له، كما أن ذلك سوف يساعدها على ملاحظة أي أخطاء تقوم بها مربية الطفل وتنبيهها لها لعدم تكرارها مرّة أخرى، ويفضل وجود كاميرات مراقبة بالمنزل لمتابعة ما يدور به أثناء غياب الأم.
وقد تقرر الأم أن ترسل طفلها إلى الحضانة، وهو أمر يحتاج إلى دراسة جيدة، ويرجع إلى شخصية الطفل، فيمكن أن يكون الطفل غير مستعد لهذه الخطوة في الوقت الحالي، وبالتالي فإن ذهابه إلى الحضانة يمكن أن يؤثر على نفسيته بالسلب.
وبعد ذهاب الأم إلى العمل، يجب أن تراقب الطفل باستمرار لاكتشاف أي مشكلة نفسية تصيب الطفل من خلال تغيرات في تصرفاته وسلوكياته، مثل فقدان الشهية أو بكاء الطفل المستمر وغيرها من الأمور.
ويرجع تحديد الخيار الأنسب إلى الأم نفسها التي تعرف طفلها جيداً ومدى قدرته على التكيف مع هذه التغيرات الكبيرة في حياته.
تجهيز كافة أغراض الطفل
هناك العديد من الأغراض التي يحتاجها الطفل بشكل يومي، ويجب أن تكون كافة الأغراض جاهزة قبل ذهاب الأم للعمل، مع الاهتمام بالتحدث مع الشخص الذي سيعتني بالطفل وإخباره بكافة التفاصيل الخاصة به مثل مواعيد الحليب ومواعيد الطعام ومواعيد دخول الطفل للحمّام وغيرها من الأمور.
فعلى سبيل المثال، إذا كان الطفل في مرحلة الرضاعة، يجب تجهيز قنينة الحليب وتعقيمها جيداً قبل تسليم الطفل للشخص الذي سيعتني به، مع التأكد من اخباره بأهمية تعقيم القنينة قبل إعطاء الطفل القنينة مرّة أخرى، كما ينصح بتجهيز أدوات تناول الطعام الخاصة به.
أيضاً ينبغي تجهيز ملابس بديلة للطفل ليتم تغيير ملابسه في حالة اتساخها، ويجب ألا تنسى الأم تجهيز ملابس داخلية وطقم ملابس خارجي للطفل.
وفي حالة معاناة الطفل من مشكلة صحية، فيجب تجهيز الأدوية الخاصة بالطفل وإخبار الشخص الذي سيعتني به بمواعيد وجرعات الأدوية المحددة، ويفضل الإتصال به أثناء التواجد في العمل لتذكيره بمواعيد الدواء والتأكد من أن كافة الأمور تسير على ما يرام.
وبالإضافة إلى الأغراض السابقة، يجب ألا تنسى الأم تجهيز ألعاب الطفل المختلفة ليجد ما يشغل وقت أثناء فترة غياب الأم، ويجب اختيار الألعاب الآمنة على الطفل، والتي لن تسبب له مشاكل صحية مثل الإختناق، كما ينبغي تنظيف وتطهير الألعاب جيداً.
إذا كان الطفل في مرحلة الحبو، فيجب التأكد من تأمين المكان الذي يحبو فيه الطفل، وإزالة أي أغراض يمكن أن تتسبب في أذى للطفل، كما يستلزم تنظيف المنزل جيداً حتى لا يضع الطفل أي أشياء غير نظيفة في فمه وتسبب له مشاكل صحية عديدة.
تعويض الطفل عن وقت العمل
حينما تذهب الأم إلى العمل، يشعر الطفل بالتوتر ولا يعود إلى حالته الطبيعية إلى بعد عودتها، ويكون هذا خلال الفترة الأولى من ذهابها إلى العمل حتى يعتاد على الأمر.
ولذلك يجب على الأم أن تقوم بتعويض الطفل عن فترة غيابها في العمل، وتحتضنه فور عودتها إلى المنزل، ثم تطمئن على صحته وتتأكد من قيام الشخص الذي يعتني به بكافة الإجراءات المطلوبة منه بشأن الطفل.
بعد ذلك، سوف يصبح وقت الأم ملكاً لطفلها، فيجب أن تطعمه وتلعب معه وتقوم هي بكافة الأمور الخاصة به في حالة قدرتها على ذلك، حيث يشعر الطفل بالأمان والسعادة، وإن لم تتمكن الأم من الجلوس مع الطفل طيلة الوقت، فيجب أن تخصص له وقت يومي لمشاركته في مختلف أمور حياته، وتحاول إسعاده بقدر استطاعتها، ويمكن أن تقوم الأم بإحضار بعض الألعاب المحببة للطفل إليه عند قدومها من العمل، فهذا سيسعده كثيراً، ولكن يجب عدم اعتياد الطفل على هذا الأمر بشكل يومي.
وبمرور الوقت، سوف يدرك الطفل بأن هناك وقت تذهب فيه الأم وتتركه، ولن يشكل الأمر قلقاً لدى الطفل مثلما كان من قبل، وخاصةً إذا كان يجلس مع شخص يلعب معه ويجعله لا يشعر بالضيق والقلق خلال فترة غياب الأم.