أكدت دراسة حديثة أجريت حول مرض التقرن الشعري، أن هذا المرض يصيب نسبة كبيرة من سكان العالم، تتعدى الخمسين في المئة، وتعد الفئات العمرية الأولى من الأطفال والشباب في سن المراهقة أكثر الفئات عرضة للإصابة بهذا المرض، وللنساء النصيب الأكبر في الإصابة بهذا المرض مقارنة بالرجال.

ويعد هذا التقرن أحد الأمراض التي تصيب الجلد، ورغم أنه يؤدي إلى آثار سلبية في شكل ومظهر الجلد، إلا أنه لا يصاحبه الإحساس بآلام، كما هو المعتاد في الأمراض الجلدية التي تميل عادة إلى الإصابة بالحكة، ويصاحبها ألم لحظي أو على فترات متباعدة.

وتظهر من خلال هذا المرض بقع جافة وخشنة على جلد المريض، تكون شبيهة بجلد الدجاج أو ورق الصنفرة، كما تتكون البثور في الأطراف كالذراعين والفخذين، ويكون للوجه في بعض الحالات نصيبه من الإصابة، ويتم التعامل مع هذه الحالة المرضية؛ بهدف التقليل من آثارها، عن طريق بعض المواد المعدة لهذا الغرض؛ لأن الشفاء في هذه الحالة غير متاح، وكذلك من الصعب الوقاية منه.

يشيع مرض التقرن الشعري في مرحلة الطفولة، كما تعد البشرة الجافة بيئة مواتية للإصابة بهذه المشكلة وتطورها، ولا ينفك المريض من الحاجة إلى الالتزام بالعادات المفيدة من أجل تقليل مظاهر المرض وأعراضه، وتستمر الإصابة بهذا المرض كأمر لا بد من التعايش معه فترة من الزمن، إلى أن تبدأ الحالة في التعافي، حين يدخل المصاب في العقد الثالث من العمر. ولعل ذلك سببه وجود ارتباط بطبيعة المرض. ويشير الأطباء والاختصاصيون إلى أن التقرن الشعري لا يختص بفئة عمرية معينة دون الأخرى، فكل الأعمار والفئات عرضة للإصابة بهذه الحالة.

أعراض المرض

يقول الأطباء أن أعراض مرض  التقرن الشعري تبدأ بظهور نتوءات على الجلد في أعلى الأطراف كالفخذين والذراعين، وهذه النتوءات تؤدي إلى حدوث خشونة على الجلد. وكلما زاد الأمر كان الشخص المصاب معرضاً لسوء الحالة النفسية جرّاء ما يخلفه المرض من تشوه في المنظر العام، وهو ما يجبر المريض على تقبل الأمر حتى يمكنه تجاوز المحنة المرضية، وتتطور المشكلة بحسب الحالة المناخية من رطوبة أو حرارة، فكلما قلت الرطوبة ازداد جفاف الجلد، وينصح الأطباء المريض المصاب بالعمل على تقليل مظاهر المرض، والتعايش معه قدر المستطاع.

وتشمل الأعراض وجود بعض القشور على الجلد بسبب الخلايا الميتة التي يلزم الحرص على تنظيفها أولاً بأول، إما من خلال الغسل أو من خلال الكريمات المقشرة، ولا بد من عمل ذلك تدريجياً أو على مراحل، حتى لا يحدث التهاب في الجلد يؤدي إلى تفاقم الحالة.

تراكم الكيراتين

يشير الأطباء دائماً إلى أن أي تغير في حالات الجسم أو لون الجلد يؤدي إلى وجود مشكلة،  وعند ظهور تكتلات في جسم الشخص يصاحبها جفاف وخشونة في الجلد، فإن ذلك لا بد له من تفسير. وعند الملاحظة نجد أن المسام والمنافذ التي تعمل على بروز الشعيرات إلى الخارج تعرضت إلى الانسداد والإعاقة، وهذا الانسداد يواجه من قبل بصيلة الشعر بالبروز، فيتجمع الكيراتين في المسام مسبباً الحالة التي تعرف بالتقرن الشعري.

ويمكن تعريف الكيراتين بأنه البروتين الذي يعمل على حماية البشرة من المواد الضارة، ويكون في الجسم بمقادير معينة، تعمل على نعومة البشرة وتحفظها من الجفاف والخشونة، وله دور فاعل في حمايتها أيضاً من مخاطر العدوى.

أسباب التقرن الشعري

العامل الوراثي

يؤدي البحث في هذه الحالات حسب أطباء الاختصاص إلى وجود احتمالية أن يتعلق أمر الإصابة بتقرن الشعر بالعامل الوراثي، ويكون هذا المرض واحداً من نواتج مرض وراثي آخر، يؤثر في تكوين بيئة مواتية لجفاف الجلد، ثم انسداد المسام وتراكم الكيراتين.

ويضاف إلى أسباب تقرن الشعر أمراض الجلد الأخرى، التي تسبب التهابات أو تغيراً في حالته المناعية، والجزم بالسبب في الحالة غير متاح طبياً، ويمكن أن يساعد تحديد الاحتمالات في تخفيف الإصابة، وسهولة التكيف مع المرض إلى أن تتم عملية التعافي النهائي، والتي تأتي بشكل طبيعي في مرحلة من مراحل العمر للشخص المصاب بهذه الحالة.

التشخيص

وتعد مرحلة الكشف عن مرض التقرن الشعر سهلة، فبمجرد العرض على الطبيب المختص، يقوم بفحص الجلد ظاهرياً، ومن خلال رؤيته العادية يكتشف نتوءات على الجلد، ووجود بثور في أماكن مختلفة، ويتأكد الطبيب من المريض؛ من خلال سؤاله عن شعوره بآلام مصاحبة للحالة، أو رغبة في الحكة وما إلى ذلك، ويؤكد المريض أن الحالة النفسية ربما تتأثر تأثراً بالغاً نتيجة الإحراج الذي يسببه هذا المرض لصاحبه من خلال كثرة ملاحظة الناس للحالة وسؤالهم عنها، وكذلك حرص المريض على ألا يراه أحد، أو يضطر للإجابة عن سؤال يتعلق بالحالة المرضية أو تقرن الشعر.

لا يتطلب الأمر من الطبيب الذي يقوم بالتشخيص إجراء أية فحوص مخبرية، أو اختبارات معملية من خلال أخذ عينات من الجلد، وكذلك لا يوجه بعمل أشعة لأن الحالة تتمتع بقدر كبير من الوضوح، الذي يسهل معه تشخيصها، كما لا تتداخل مع غيرها بدرجة كبيرة، وتشعر بأن التشخيص يعد نوعاً من المخاطرة، إذا لم يمر بالعديد من الخطوات، كالكشف السريري ثم الاختبارات ثم الأشعة.

ويمكن للطبيب المعالج مساعدة المريض على إجراء جلسات تنظيفية للجلد الميت، وكذلك التوعية بمخاطر الإفراط في استخدام الكريمات، وبخاصة مجهولة المصدر، التي يقبل عليها بعض الناس طمعاً في رخص ثمنها.

العلاج

  • ينصب اهتمام الأطباء في مرحلة علاج مشكلة التقرن الشعري على عنصر تحسين المظهر الخاص بالمصاب، لأن الإزعاج المترتب على الحالة يكاد يكون هو الدافع الأكبر لذهاب المريض إلى الطبيب، ويبدأ الطبيب في تحسين ثقة المريض بذاته، ويعلمه مدى الراحة التي سيشعر بها إذا تقبل الأمر، خصوصاً عند علم المصاب أن التعافي محتمل وقائم مع مرور الوقت.
  • وتقوم بعض المنتجات بعمل رائع في تحسين الشكل العام للمريض، وذلك في حال استخدام منتجات بإشارة الطبيب، وليس من خلال تجارب الآخرين، التي إن نجحت معهم ربما تعود على المريض الآخر بالضرر؛ حيث إن الجرعة المناسبة والكيفية النافعة لا يمكن تحديدها، إلا من خلال الطبيب المعالج نفسه.
  • وتعد التغذية من الروافد المهمة لإمداد الجسم بالفيتامينات المفيدة للبشرة، التي تساعدها في المحافظة على نضارتها، وكذلك تحفز بصيلات الشعر فتتخذ الطريق الصحيحة في النمو، وتقلل كذلك من نسبة إفراز الكيراتين، فتخرج البصيلات في أماكنها الصحيحة وتكون المسام متفتحة، فإن حدثت الإصابة تكون بصورة غير ملحوظة، ما يسهل عملية التعايش مع الحالة، إلى أن يتم التعافي المنشود قريباً.
  • وينظر إلى إصابة الجلد في حالات التقرن الشعري إلى أمرين: الأول، حالة الجلد فربما تكون هناك قشور لجلد ميت، وهنا لا بد من العناية بإزالتها، والتي تعمل على تحسين شكل الجلد بعد عملية التقشير، يضاف إلى ذلك، كمرحلة ثانية ومصاحبة للأولى، العمل على تحفيز دورة خلايا الجلد، لتقوم بعملها في حماية الجلد وتحسين أدائه، فيمنع انسداد بصيلات الشعر؛ وذلك إذا سمحت الحالة الصحية للمريض وتقبلت هذه المحفزات؛ لذا يلزم الحذر لأصحاب المناعة الضعيفة، وكذلك الحوامل، خشية أن يحدث ما لا يحمد عقباه.

عادات صحية مفيدة

تفيد بعض العادات الصحية مرضى التقرن الشعري في توفير المناخ المناسب للتعايش مع الحالة، والتقليل من آثارها على الجسم والنفس، ومن ذلك الاعتناء مثلاً بارتداء الملابس التي تساعد البشرة على الشعور بالتلطيف من خلالها، والابتعاد عن الملابس التي يسبب ارتداؤها الجفاف للجلد، أو الشعور بالحكة أو تراكم المواد الضارة للجلد في المسام.

ويحرص أيضاً مرضى التقرن الشعري على استخدام أنواع خاصة من الزيوت الملطفة للبشرة، والبعد عن المواد التنظيفية التي تهيج الجلد، وتقلل رطوبتها وتزيد من جفافها كالصابون. ويجب أيضاً الحرص على تجفيف البشرة بعد الحمام؛ ولكن برفق شديد، ومن الممكن بعد ذلك استخدام الفازلين أو الجلسرين للمحافظة على الجلد رطباً قوياً خالياً من أي قشور ميتة، إلى أن تأتي عملية التعافي بلا مكدرات نفسية أو شكلية.