أظهرت مراجعة (بالإنجليزية: Review) حديثة لبيانات أكثر من 20 مليون طفل أن لقاح MMR الذي يحمي من الإصابة بالحصبة والنكاف والحصبة الألمانية فعال ولا يرتبط بالإصابة بالتوحد، وتم نشر هذا البحث في مكتبة كوكرين (بالإنجليزية: Cochrane Library) لمراجعة الأبحاث الطبية.
وكانت السلطات الصحية قد رخصت استخدام هذا اللقاح الثلاثي عام 1971 بعد أن أظهرت الاختبارات التي أجريت عليه أن الآثار الجانبية الناتجة عن هذا اللقاح المشترك لم تكن أكثر من اللقاحات المفردة، وقد قامت الحكومات منذ ذلك الحين بإطلاق اللقاح في جميع أنحاء العالم مما أدى إلى القضاء على الحصبة في العديد من البلدان بما في ذلك الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً: حقائق عن الحصبة
وعلى الرغم من ذلك، فقد كان هذا اللقاح مثيراً لجدل كبير، وخاصة بعد أن ظهرت دراسة عام 1988 تربط اللقاح بمرض التوحد، إلا أن هذه الدراسة تبين لاحقاً أنها مزورة وفقدت مصداقيتها، لكن كانت قد اكتسبت شعبية واسعة مما أدى إلى مفاهيم خاطئة حول اللقاح.
وتأتي هذه المراجعة الأخيرة للبيانات بعد بحث كان أجري عام 2012 وخلص إلى وجود أدلة جيدة على سلامة وفعالية لقاح MMR.
وقد تضمنت هذه المراجعة التي نشرت عام 2020 نتائج 74 دراسة جديدة نشرها الباحثون منذ عام 2012 وهي تهدف إلى تقييم سلامة وفعالية المطعوم على المدى الطويل والقصير.
وتتضمن هذه المراجعة الحديثة بيانات عن ثلاثة أنواع من اللقاحات، وهي:
- لقاح MMR.
- لقاح MMRV المشترك والذي يحمي أيضاً من جدري الماء (بالإنجليزية: Varicella).
- لقاح MMR + V وهو عندما يتم إعطاء لقاح جدري الماء و لقاح MMR بشكل منفصل ولكن في نفس الجلسة.
وقد تضمنت المراجعة في المجمل 138 دراسة وبيانات 23 مليون طفل.
وقد قيمّت حوالي 63 % من هذه الدراسات (على 13 مليون طفل) الأضرار المُحتملة لهذه اللقاحات، بينما قيمّت النسبة المتبقية (على 10 ملايين طفل) مدى فعالية اللقاحات في الوقاية من الأمراض المعنية.
وقد وجدت المراجعة أن جرعة واحدة من لقاح MMR كانت فعالة بنسبة 72% في الوقاية من النكاف (بالإنجليزية: Mumps) والذي يسبب أعراضاً تشبه أعراض الانفلونزا وتورماً حاداً في الغدد اللعابية، وترتفع هذه النسبة إلى 86% بعد جرعتين من اللقاح.
أما بالنسبة لمرض الحصبة (بالإنجليزية: Measles) فقد كانت معدلات النجاح أعلى بكثير.
فقد وجدت المراجعة أن جرعة واحدة فقط من اللقاح تمنع 95% من الحالات، وعند تلقي جرعتين فإن النسبة ترتفع إلى 96%.
وفيما يتعلق بالوقاية من الحصبة الألمانية (بالإنجليزية: Rubella) فقد وجدت المراجعة أن جرعة واحدة من اللقاح فعالة بنسبة 89%.
ويجدر بالذكر أن الحصبة الألمانية تتسبب في حدوث طفح جلدي لدى الأطفال، إلا أنها قد تكون خطيرة إذا أصيبت بها المرأة أثناء الحمل مما قد يؤدي إلى الإجهاض أو الصمم عند الطفل المولود.
أما بالنسبة لجدري الماء فقد أظهرت البيانات المتعلقة به أن جرعتين من اللقاح يمكن أن تقي من 95% من الحالات حتى بعد 10 سنوات، لكن البيانات المتعلقة بجدري الماء جاءت من دراسة واحدة فقط.
ووفقاً للبيانات التي حللتها المراجعة فإن عدد حالات النكاف بين الأطفال الذين لم يتلقوا المطعوم تبلغ 7%، وقد انخفضت هذه النسبة إلى 1% بعد تلقي جرعتين من اللقاح، وكذلك بالنسبة لحالات الحصبة فقد انخفضت من 7% إلى أقل من 0.5%.
وفي حين أن اللقاحات فعالة بشكل واضح في الوقاية من الأمراض الفيروسية، إلا أن هناك مخاطر متعلقة بالتطعيم.
فقد يصاب بعض الأطفال بحمى أو طفح جلدي بعد التطعيم على سبيل المثال.
كما حدد الباحثون بعض الآثار الجانبية الخاصة بلقاح MMR مثل النوبات بسبب ارتفاع درجة الحرارة وحالة تخثر للدم تسمى فرفرية قليلة الصفيحات مجهولة السبب (بالإنجليزية: Idiopathic Thrombocytopenic Purpura)، ومع هذا يقول فريق البحث أن نسبة حدوث هذه الآثار الجانبية هو أقل من 1%، وهو أقل بكثير من المخاطر التي تشكلها الأمراض نفسها.
أما بالنسبة لما يتناقله العامة حول علاقة هذا المطعوم بمرض التوحد (بالإنجليزية: Autism)، فقد لخصت المراجعة بيانات من دراستين تضمنتا 1.2 مليون طفل، وقد أظهرت أن معدل تشخيص مرض التوحد متساوٍ بين الأطفال الذين تلقوا المطعوم والأطفال الذين لم يتلقوه مما يعني أن اللقاح لا علاقة له بالمرض.
كما أن هناك أمراضاً أخرى تناقل الناس أن لها علاقة بلقاح MMR مثل التهاب الدماغ، أو السكري، أو التهاب الأمعاء، أو الربو، إلا أن الباحثون لم يجدوا أي دليل على وجود علاقة بينها وبين اللقاح.
وعلى ضوء هذه النتائج ينصح العلماء باستمرار إعطاء هذا اللقاح للأطفال حول العالم.
وتعد هذه الدراسة تذكيراً للعالم بأهمية لقاح MMR في مكافحة الحصبة بشكل خاص، حيث أنه في عام 2018 وحده توفي أكثر من 140 ألف شخص بسبب الحصبة على الرغم من توفر اللقاح بحسب منظمة الصحة العالمية.
ولا تزال الحصبة السبب الرئيسي للوفاة بين الأطفال وهناك مخاوف بشأن تزايد أعداد الحالات، ويرجع ذلك جزئياً إلى الحركات المضادة للمطاعيم.
وتعد هذه الإحصائيات مصدر قلق بالغ على صحة الأطفال، ولهذا فإن البيانات التي وردت في هذا البحث الأخير توفر أدلة مطمئنة على سلامة وفعالية اللقاح مع دعم الجهود العالمية المستمرة للقضاء على المرض.
اقرأ أيضاً:
دليلك إلى المطاعيم التي يحتاجها طفلك في السنة الأولى
الحصبة وتداعياتها المرضية ودور فيتامين أ في الحد من مخاطرها