ظهر الطب العربي والإسلامي في بداياته متأثراً بالإرث الذي تركه الأطباء اليونانيون والرومان خلفهم، إذ تمت ترجمة معظم المؤلفات الطبية اليونانية والرومانية إلى اللغة العربية، مع إضافة بعض التعديلات لتلائم أساسيات الطب العربي، ومنذ عام 600 قبل الميلاد إلى 700 قبل الميلاد، كان الناس يعتقدون أن علاج كل مرض يأتي من الإله، ثم بحلول عام 900 ميلادي أصبح الطب الإسلامي علماً بحد ذاته، وزاد اهتمام الناس بالصحة، وسعى الأطباء الإسلاميون إلى إيجاد علاجات والبحث في الأسباب المحتملة للمرض، وأنتج العالم الإسلامي في العصور الوسطى، العديد من المفكرين والأطباء، الذين حققوا تقدماً في الجراحة، ورحبوا بدخول النساء في مهنة الطب.
طرق العلاج في الجزيرة العربية
استند الطب الإسلامي المبكر إلى الممارسات التقليدية، مثل استخدام العسل، أو زيت الزيتون، واستخدام الحجامة، وما زالت تستخدم اليوم في العديد من البلاد الإسلامية لعلاج الأمراض، وكان المسلمون يؤمنون بوجود دواء لكل داء، إلا الهرم، فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على التداوي، وطلب العلاج، ومع توسع الإسلام أصبحت المدن التي ازدهر فيها العلم اليوناني تحت سيطرة المسلمين، وأصبح العلم اليوناني أساساً لتطوير الطب العربي، مع التركيز على أهمية النظافة واتباع نظام غذائي لإعادة التوازن للجسم.
أما عن العلاج الدوائي فقد ساهم الأطباء العرب مساهمة كبيرة في تطوير علم الصيدلة، إذ كانوا يبحثون عن طرق علاج جديدة لمرضاهم، واكتشفوا أدوية جديدة، وكانوا يلجأون للسموم ومضادات السموم أو ما يعرف بالترياق، واستخدموا العديد من التقنيات الكيميائية المفيدة في علم الأدوية، مثل التقطير والتكثيف، والتبخز، والغليان، والتسامي، والسحق، وأصبح العرب خبراء في تحضير العديد من المستحضرات الصيدلانية، مثل المركزات العشبية، والمساحيق، والحبوب المحلاة، والألدهيدات، والكحوليات، وغيرهم.
اقرأ أيضاً: تاريخ الطب عند العرب والمسلمين بين النظري والتطبيقي
الإجراءات الجراحية في الجزيرة العربية
كان المجتمع الإسلامي هو أول من أسس مستشفيات عامة، متاحة لجميع الطبقات الإجتماعية، وقد كانت تدار بعناية من النواحي المالية والتنظيمية، ولجأ الأطباء للأفيون كمادة منومة، كبديل عن المخدر الفعال، وكانت العمليات تجرى حصرياً في المستشفيات، ومن الأمثلة على العمليات التي كانت تجرى، عملية الماء البيضاء في العين أو الساد (بالإنجليزية: Cataracts)، والتراخوما (بالإنجليزية: Trachoma)، وعمليات الكي التي كانت تستحدم لمنع انتشار العدوى ونزيف الساق من الجروح، والفصد (بالإنجليزية: Bloodletting) وهي عملية صرف الدم من الوريد، بالإضافة للحجامة، التي تتم عبر إجراء شق صغير في الجلد، لسحب الدم، ووضع كوب زجاجي على الجلد.
اقرأ أيضاً: مقدمة الجراحة عند العرب
الطب النبوي في الحزيرة العربية
يشمل الطب النبوي مجموعة من المبادىء والممارسات الطبية، التي حافظ عليها المسلمون على مر القرون، لإيمانهم أن كل جملة قالها النبي محمد صلى الله عليه وسلم لها منفعة كبرى للبشرية، وقد بدأ ممارسة الطب النبوي منذ الأيام الأولى للإسلام، أي قبل 14 قرناً، إذ يحتوي الطب النبوي علاجات محددة بخصوص 37 مرض، و61 من الأعشاب والنباتات الطبية، ويتمثل التوجيه النبوي في الحفاظ على صحة الإنسان والابتعاد عن الأمراض، ليتمكن من إنجاز مهمته على الأرض، وعلى الرغم من أن النبي لم يكن طبيباً ولا صيدلانياً، إلا أنه كان يتلقى الوحي من الله سبحانه وتعالى.
ومن المدهش أن جميع البيانات التي وردت في الطب النبوي، تم فحصها من قبل علماء مسلمين وغير مسلمين، وتم إجراء المئات من الأبحاث عليها في جميع أنحاء العالم، واستنتجوا جميعاً أنه لا يوجد أي بيان طبي نبوي يتناقض مع المبادىء الأساسية للعلوم الطبية الحديثة.
اقرأ أيضاً: الطب التكميلي عامل مساعد لعلاج الكثير من الأمراض
أهم الأطباء العرب في الجزيرة العربية
من أهم الأطباء العرب الذين تميزوا في العلوم والطب نذكر الآتي:
- الرازي: محمد بن زكريا رازي (865-925 م) كان طبيباًَ فارسياً كيميائياً، وفيلسوفاً وعالماً، وهو أو من ميز الحصبة من الجدري، واكتشف الكيروسين (بالإنجليزية: Kerosene) بالإضافة إلى العديد من المركبات الأخرى، وألف كتاباً بعنوان (أمراض الأطفال)، ويعد الرازي أول طبيب عرف طب الأطفال كعلم منفصل عن باقي علوم الطب، وكان أيضاً طبيب عيون، إذ شخص وعالج العديد من أمراض العيون، وكتب عن علم المناعة والحساسية، وهو أول من اكتشف أن الحمى جزء من دفاع الجسم ضد العدوى.
- ابن سينا: هو أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا، من عام 980 إلى 1037م، ما زالت كتبه ومقالاته موجودة حتى الآن، ومن أشهرها كتاب (القانون في الطب) الذي ترجم إلى عدة لغات، ووضع العديد من معايير الطب الحديث في العالم الإسلامي وأوروبا.
- الطبيبات النساء: تم تدريب أعداداً كبيرة من الطبيبات النساء، نظراً لأن الرجال لا يفضلون فحص نسائهن من قبل أطباء ذكور، لكن مع ذلك عند الضرورة فإنه لا بأس من تعريض المريضات للأطباء الذكور.