يعرف ألم العصب الخامس أيضاً باسم ألم العصب ثلاثي التوائم (بالإنجليزية: Trigeminal Neuralgia)، ويوصف بأنه أكثر الآلام التي عرفتها البشرية شدة. وينتج هذا الألم الشديد الذي يشبه الصدمة الكهربائية عن التهاب العصب الخامس. وغالباً ما يؤثر على جانب واحد فقط من الوجه والفك، بما في ذلك منطقة فوق العين، والمنطقة المحيطة بالأنف، والأذن.
يمكن لأسباب بسيطة أن تحفز ظهور الألم المصاحب لالتهاب العصب ثلاثي القوائم، مثل الأكل وتنظيف الأسنان بالفرشاة. وفي البدايات، قد يظهر الألم على شكل نوبات خفيفة وقصيرة، تستمر لمدة ثوان أو دقائق.
لكن إذا لم يتم علاج التهاب العصب الخامس، فقد تتفاقم شدة الألم تدريجياً مع الوقت، كما قد يتكرر حدوث النوبات على نحو متتالي لفترات زمنية تصل إلى ساعتين. [1]
يتناول هذا المقال طرق علاج العصب الخامس الجراحية وغير الجراحية.
محتويات المقال
على الرغم من أنه لا يوجد علاج نهائي للعصب الخامس مؤكد، إلا أن هناك مجموعة من العلاجات المتاحة للتخفيف من الألم أو التخلص منه لفترات زمنية طويلة نسبياً. نوضحها فيما يلي:
علاج العصب الخامس بالأدوية
تعتبر الأدوية هي الخيار الرئيسي في علاج العصب الخامس والسيطرة على الألم المصاحب له، وعادةً ما يتم البدء بها بجرعات منخفضة يتم زيادتها بشكل تدريجي، بالاعتماد على استجابة المريض للدواء. [2]
لكن على المدى الطويل، قد يصبح العلاج بالأدوية أقل فعالية، كما قد يسبب العديد من الآثار الجانبية غير المرغوب بها. [3]
تشمل الخيارات الدوائية المستخدمة في علاج العصب الخامس ما يلي:
مضادات الاختلاج
في الغالب، لا تكون المسكنات التي يمكن تناولها بدون وصفة طبية، مثل الباراسيتامول فعالة أو كافية لعلاج ألم العصب الخامس. لذلك، يصف الأطباء الأدوية المضادة للاختلاج (بالإنجليزية: Anticonvulsants)، وهي فئة من الأدوية تستخدم عادةً لمنع نوبات الصرع، ولكنها يمكن أيضاً أن تقلل أو تمنع إشارات الألم المرسلة إلى الدماغ عن طريق تهدئة النبضات العصبية. [1]
تشمل مضادات الاختلاج الأكثر شيوعاً في علاج العصب الخامس ما يلي: [1][2]
- كاربامازيبين (بالإنجليزية: Carbamazepine)، ويعد الدواء الوحيد المعتمد من قبل إدارة الغذاء والدواء لعلاج العصب الخامس.
- أوكسكاربازيبين (بالإنجليزية: Oxcarbazepine)، وهو دواء جديد مشابه لدواء الكاربامازيبين، أصبح يعتبر مؤخراً خط العلاج الأول لالتهاب العصب الخامس.
- فينيتوين.
- جابابنتين.
- توبيراميت.
- حمض الفالبرويك.
- لاموتريجين.
يمكن أن يفقد مضاد الاختلاج فعاليته بمرور الوقت، حينها قد يقوم الطبيب بزيادة الجرعة أو التحويل إلى مضاد اختلاج آخر. [2]
يجدر الذكر أن مضادات الاختلاج قد تسبب بعض الآثار الجانبية، مثل الغثيان، والدوخة، والنعاس، والأفكار الانتحارية، ويجب التواصل مع الطبيب على الفور في حال ظهور أي مشاعر انتحارية لدى المريض. [1]
الأدوية المضادة للتشنج
يمكن أن يتم وصف بعض الأدوية المرخية للعضلات لعلاج العصب الخامس، مثل باكلوفين. وقد تستخدم هذه المجموعة من الأدوية بمفردها أو بالتزامن مع مضادات الاختلاج. قد تسبب الأدوية المضادة للتشنج بعض الآثار الجانبية، مثل الشعور بالارتباك، والنعاس، والغثيان. [1]
حقن البوتكس
قد تكون حقن البوتوكس مفيدة في علاج التهاب العصب الخامس في حالات عدم الاستجابة للأدوية الأخرى، لكن ما زال هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث قبل أن يصبح من المستطاع طبياً استخدام العلاج بالبوتكس على نطاق واسع. [4]
علاج العصب الخامس بالجراحة
يمكن أن تكون الجراحة خيار علاجي أكثر فعالية أو أكثر ملائمة في بعض الحالات، منها عدم تحمل المريض للآثار الجانبية الناتجة عن الأدوية، ووجود مشاكل صحية لدى المريض تتعارض مع استخدام أدوية العصب الخامس. بالإضافة إلى الحالات التي يصبح فيها ألم العصب الخامس مقاوماً لمسكنات الألم المختلفة. [1]
هناك إجراءات جراحية عديدة يمكن اللجوء إليها لعلاج العصب الخامس، منها ما قد يتم تحت التخدير الموضعي، ومنها ما يحتاج إلى التخدير العام. ويقوم الطبيب باختيار نوع الإجراء الجراحي المناسب للمريض بالاعتماد على الصحة العامة للمريض ورغبته. ويهدف علاج العصب الخامس بالجراحة إلى: [2][4]
- وقف الوريد أو الشريان من الضغط على العصب الخامس.
- إتلاف العصب الخامس بهدف منع إشارات الألم غير المنضبط، لكن قد يؤدي تلف العصب إلى خدر مؤقت أو دائم في الوجه.
تشمل خيارات علاج العصب الخامس بالجراحة ما يلي:
بضع الجذور
يهدف هذا الإجراء الجراحي إلى إتلاف العصب الخامس من أجل منع إشارات الألم. وهناك عدة أنواع من بضع الجذور، تشمل: [1][2][4]
- الآفة الحرارية بالترددات الراديوية عبر الجلد: يمرر الجراح إبرة مجوفة عبر الخد إلى العصب المسبب للألم، ليتم إرسال تيارات كهربائية تعمل على تدمير ألياف عصبية محددة مرتبطة بالألم.
- ضغط البالون (بالإنجليزية: Balloon Compression): يقوم الأطباء بإدخال بالون فارغ في العصب الخامس بواسطة قسطرة، ثم يتم نفخ البالون، مما يؤدي إلى الضغط على العصب وإتلاف الألياف المسببة للألم، ثم يتم إزالة البالون.
- حقن الجلسرين: يتم حقن الجلسرين عبر الجلد باستخدام إبرة في المنطقة التي يتفرع فيها العصب الخامس إلى ثلاثي التوائم، وذلك بهدف إتلاف العصب الذي ينقل إشارات الألم إلى الدماغ بشكل انتقائي.
- الجراحة الإشعاعية التجسيمية باستخدام سكين غاما: يتم إيصال جرعة واحدة عالية التركيز من الإشعاع المؤين إلى جذر العصب الخامس لتشكيل آفة على العصب، مما يؤدي مع مرور الوقت إلى تلف العصب وانقطاع انتقال إشارات الألم منه إلى الدماغ. يلاحظ المريض النتائج المرجوة من هذه الإجراء بشكل تدريجي على مدار عدة أسابيع.
يمكن أن تتسبب جميع إجراءات بضع الجذور (بالإنجليزية: Rhizotomy) في درجة معينة من تنميل الوجه، كما قد يتعافى العصب الذي تم إتلافه مع مرور الوقت، الأمر الذي يعني عودة الألم، لهذا فإن بضع الجذور لا يعد علاج نهائي للعصب الخامس. [1]
الجراحة المفتوحة
عندما يكون سبب التهاب وألم العصب الخامس ناتجاً عن ضغط الأوعية الدموية على العصب، فقد يتم اللجوء إلى تخفيف هذا الضغط عن طريق جراحة مفتوحة تحت التخدير العام، بهدف إيجاد الوعاء الدموية الضاغط على العصب ثلاثي التوائم.
على الرغم من أن جراحة تخفيف ضغط الأوعية الدموية الدقيقة (بالإنجليزية: Microvascular Decompression) الإجراء الجراحي الأكثر فعالية لعلاج العصب الخامس، إلا أنه أيضاً الأكثر توغلاً، حيث تتطلب فتح الجمجمة من خلال حج القحف. كما تشتمل على بعض المخاطر، مثل إصابة الوجه بالخدر أو التنميل، والرؤية المزدوجة، وانخفاض السمع، والسكتة الدماغية. [1][2]
استئصال العصب
غالباً ما يتم اللجوء إلى استئصال العصب (بالإنجليزية: Neurectomy) عندما لا يتمكن الأطباء من تحديد الوعاء الدموي الضاغط على العصب الخامس. ويشتمل هذا الإجراء على قطع العصب الخامس جزئياً لتخفيف الألم، الأمر الذي يسبب خدر في الوجه طويل الأمد. لكن، قد يعاود العصب المقطوع النمو، مما يعني عودة الألم.[1][4]
يجب على المريض المتابعة مع الطبيب بانتظام للحفاظ على نتائج علاج العصب الخامس. وعادةً ما يطلب من المرضى زيارة العيادة كل بضعة أشهر في السنة التي تلي الجراحة. وخلال هذه الزيارات، يمكن تقييم تعافي المريض من الجراحة.
اقرأ أيضاً: إصابة العصب السابع وتأثيره على الوجه
علاج العصب الخامس بالحجامة
اختبرت العديد من التجارب والدراسات تأثيرات الحجامة في علاج أعراض العصب الخامس، بما في ذلك الألم، وقد ظهرت بعض النتائج الإيجابية، والتي أشارت إلى فعالية الحجامة مقارنةً بالعلاجات التقليدية الأخرى.
من الأمثلة على الدراسات التي أجريت لاختبار علاج العصب الخامس بالحجامة، دراسة أجريت في الصين تضمنت 45 شخص، تم تقسيمهم إلى مجموعتين كالتالي: [5]
- المجموعة الأولى، وعدد أفرادها 30 شخص، تم تجربة الحجامة الرطبة لمدة 15 دقيقة مرة يومياً لمدة 6 أيام، ثم مرة كل يومين أو ثلاث أيام.
- المجموعة الثانية، وعددها 15 شخص، تلقوا الأدوية التقليدية المستخدمة في علاج العصب الخامس.
أظهرت المجموعة الأولى استجابة للعلاج بنسبة 95%، مقارنةً بنسبة 45% في المجموعة الثانية.
علاج العصب الخامس بالطرق الطبيعية
توجد العديد من الطرق الطبيعية التي يمكن تجربتها بعد استشارة الطبيب، وهي عبارة عن علاجات تكميلية قد تساعد في تخفيف أعراض التهاب العصب الخامس. ومن الأمثلة عليها: [1][4]
- الوخز بالإبر، وهو تقليد صيني يستخدم إبراً رفيعة جداً لموازنة تدفق الطاقة في الجسم.
- العلاج بالروائح، وهو استخدام الزيوت النباتية، مثل النعناع والخزامى وما إلى ذلك للمساعدة في الشفاء.
- التأمل.
- اليوغا.
- الارتجاع البيولوجي (بالإنجليزية: Biofeedback)، وهو تعلم كيفية التحكم في الجسم لتقليل الألم.
- المعالجة اليدوية لتقويم العمود الفقري.
علاج العصب الخامس في المنزل
لا يوجد دليل على أن هناك إجراءات منزلية لعلاج العصب الخامس بشكل نهائي، لكن يمكن لبعض الخطوات المنزلية أن تساعد في السيطرة على أعراض التهاب العصب الخامس، بما في ذلك تخفيف الألم والوقاية من التعرض لنوبات جديد من الألم عن طريق تجنب المحفزات. [1]
من الأمثلة على العلاجات المنزلية للعصب الخامس ما يلي:
- ارتداء وشاح على الوجه للحماية من الرياح، والتي تعد أحد محفزات ألم العصب الخامس.
- الجلوس بعيداً عن وحدات التكييف أو المراوح.
- تجنب الأطعمة الحارة، أو الساخنة، أو الباردة.
- تجنب المشروبات الباردة أو استخدام ماصة عند الرغبة بشربها.
- تناول الأطعمة الطرية أو السائلة، وتجنب الأطعمة التي تتطلب الكثير من المضغ.
أما بالنسبة لعلاج العصب الخامس بالأعشاب، فهناك بعض الأبحاث الجارية حول هذا الموضوع، إلا أن نتائجها غير نهائية أو مؤكدة بعد.