عقدية مقيحة

تندرج البكتيريا العقدية المقيحة (بالإنجليزية: Streptococcus pyogenes) ضمن مجموعة كبيرة من البكتيريا إيجابية الجرام (بالإنجليزية: Gram-Positive Bacteria)، وتتميز بشكلها الكرويّ إذ يبلغ حجمها قرابة 0.5-1.2 ميكرومتر وأهم ما يميز هذا النوع من البكتيريا عدم قدرتها على الحركة غير أنّها غير منتجة للأبواغ. تتكاثر هذه الأنواع من البكتيريا على هيئة أزواج أو سلاسل مجتمعة، إذ تصنف هذه البكتيريا ضمن البكتيريا من مجموعة نوع بيتا.

أهم المميزات التي تتميز بها هذه الأنواع من البكتيريا

تتميز البكتيريا العقدية المقيحة بعددٍ من المميزات التالية التي تميزها عن غيرها من أنواع البكتيريا الأخرى إضافةً لدور هذه المميزات في قدرة هذه البكتيريا على التهرّب من أنظمة الدفاع داخل الجسم:

• حساسية البكتيريا العقدية المقيحة إلى دواء الباكترسين، يمكن للقرص الواحد من الباكترسين الذي يحتوي على قرابة 0.04 ميكروجرام القضاء على نمو ما يزيد عن 95% من هذه السلالة.
• إفراز أنواع معينة من الأنزيمات وعدم إفراز أنواع أخرى، تفرز البكتيريا العقدية المقيحة إنزيم ل-بيروليدون-بيتا-نافثيلاميد (بالإنجليزية: L-pyrrolidonyl-beta-naphthylamide)، وغير قادرة على إفراز إنزيم أوكسيديز وإنزيم الكاتاليز.
• تخطي عملية البلعمة (بالإنجليزية: Phagocytosis)، يحتوي السطح الخارجي لهذه البكتيريا على كبسولة مكونة من حمض الهيالورونيك الذي يشبه تركيبه تركيب الأنسجة الضامنة المكونة لخلايا الجسم العائل مما يسمح لهذه البكتيريا بالتهرب من عملية البلعمة وبناء مستعمرات داخل جسم العائل.
• تركيبة الجدار الخلوي المعقدة، يتميز الجدار الخلوي لهذه البكتيريا بتركيبته المعقدة إذ يحتوي على العديد من مولدات الضد التي تعد إحدى عوامل الفوعة البكتيرية (بالإنجليزية: Virulence factor) أهمها البيبتيوجلاكن، ومتعدد السكاريد المتحوصل (بالإنجليزية: Capsular Polysaccharide)، حمض الليبوتايكويك، والعديد من البروتينات مثل بروتين من نوع R، و T، وF ، و M بالإضافة لاحتوائه على إنزيم ستربتوكيناز.
• عوامل الالتصاق (بالإنجليزية: Adherence Factors)، يحتوي السطح الخارجي لهذه البكتيريا على عوامل الالتصاق التي تساهم في لصق البكتيريا على أسطح الخلايا مما يساعد البكتيريا في مقاومة عملية البلعمة وتبدأ في مهاجمة خلايا الجسم العائل.
• منتجات النمو والمواد السامة، تساهم منتجات النمو والمواد السامة في تلف الخلايا المضيفة وإلحاق الضرر بالاستجابة الالتهابية.

طرق انتشار البكتيريا العقدية المقيحة

يمكن أن تنتشر البكتيريا العقدية المقيحة وتسبب العدوى لدى الكثير من الأشخاص على اختلاف أعمارهم عن طريق إحدى الطرق التالية:

• الأشخاص، يمكن أن تنتقل العدوى بهذه البكتيريا من شخص لآخر عن طريق الرذاذ الخارج من الفم إما عند التكلّم أو العطاس أو الكحة كما ويمكن أن تنتقل هذه البكتيريا من خلال التلامس مع الشخص المصاب.
• الماء، تعد مصادر المياه إحدى أهم الطرق التي يمكن أن تنتشر من خلالها العدوى بالبكتيريا العقدية المقيحة.
• الطعام، يمكن أن تنتشر العدوى بهذا النوع من البكتيريا عن طريق الطعام.

طرق الحد من انتشار العدوى بالبكتيريا العقدية المقيحة

يمكن من خلال اتباع النصائح التالية الحد من مدى انتشار البكتيريا العقدية المقيحة والعدوى بها:

• الحد من انتشار الرذاذ الخارج من الفم، ينصح بمراعاة عدم انتشار الرذاذ الخارج من الفم أثناء الإصابة بهذه البكتيريا من قبل الأشخاص المصابين بالتهاب الرئة أو من قبل أولئك الذين يعانون من التهابات داخل الأنسجة الرخوة خصوصاً قبل البدء بتناول المضاد الحيوي المناسب. حيث تقل خطورة انتشار الرذاذ من قبل المصابين بهذه البكتيريا بعد اليوم الأول من الإستخدام الصحيح للمضاد الحيوي المناسب للحالة.
• تجنب التلامس المباشر، يلاحظ في بعض حالات الحروق التهابها بهذا النوع من البكتيريا ولا تتم تغطية هذه الحروق أثناء علاجها، لذا ينصح بتجنب التلامس المباشر مع الأشخاص المصابين بحروق من الدرجة الثانية.
• المحافظة على النظافة العامة وتقيد بشروط العمل، يمكن لأعضاء الطاقم الطبي أو عمال التنظيف داخل المستشفى أن يساهمون في نقل هذه البكتيريا لذا يجب عليهم التقيد بجميع إرشادات النظافة والسلامة العامة لتجنب نقل العدوى بين المرضى داخل المستشفى أو الأشخاص خارج المستشفى.
• تناول المضاد الحيوي بشكلٍ وقائي، ينصح الأشخاص الذين يتعاملون مع المصابين ببكتيريا العقدية المقيحة و الملتحقين بالجيش تناول جرعات وقائية من المضاد الحيوي الموصوف من قبل الطبيب لتجنب الإصابة بهذه البكتيريا.

الأمراض التي تسببها البكتيريا العقدية المقيحة

تعد البكتيريا العقدية المقيحة واحدة من أكثر أنواع البكتيريا المسببة للمرض لدى الإنسان، ويمكن لهذه البكتيريا التسبب بأي من الأمراض التالية بسبب ضعف مناعة الجسم وقدرة البكتيريا على تخطى الخطوط الدفاعية في الجسم:

• التهاب البلعوم، يعد التهاب البلعوم من أكثر الأمراض التي تسببها هذه البكتيريا ويتمثل التهاب البلعوم بعددٍ من الأعراض أهمها ارتفاع درجة الحرارة، وخروج إفرازات من اللوزتين، وتضخم حجم الغدد الليمفاوية الأمامية الموجودة في الرقبة. يشخص أطباء الأطفال ما يزيد عن 7 ملايين حالة التهاب بلعوم في الولايات المتحدة الأمريكية سنوياً.
• التهاب الأذن الوسطى والتهاب الجيوب الأنفية، تمثل البكتيريا العقدية المقيحة المسبب الرابع للإصابة بالتهاب الأذن الوسطى عند الأطفال.
• التهاب الرئة والدبيلة، تسبب هذه البكتيريا ما نسبته 3-5% من حالات التهاب الرئة في الفترات ما قبل إنتاج المضادات الحيوية وبعد انتشار الأمراض الفيروسية مثل الإنفلونزا ومرض الحصبة، وفي عام 1940 تناقصت حالات الالتهاب الرئوي بشكل ملحوظ، بينما في عام 1980 زاد انتشار الإلتهاب الرئوي البكتيري. كما تسبب هذه البكتيريا الإصابة بمرض الدبيلة إذ وصلت نسبة الوفيات من هذا المرض ما يقارب 50% من الحالات.
• التهاب الجهاز البولي التناسلي وتعفن الدم عند النساء، يمكن لهذه البكتيريا أن تسبب تعفن الدم عند النساء، حيث يسبب تعفن الدم البكتيري بوفاة 50% من الحالات في القرن التاسع عشر. ينصح النساء قبل إجراء عملية الولادة القيصرية تناول جرعات من المضاد الحيوي كما تم وصفه من قبل الطبيب لتجنب الإصابة بأي من الإلتهابات أو تعفن الدم.
• الحمى القرمزية، تسبب العدوى ببكتيريا العقدية المقيحة الإصابة بالحمى القرمزية حيث تصاحب عادة هذه الحمى عدة أعراض مثل التهاب البلعوم،احمرار اللسان ،وظهور طفح جلدي على الرأس، والرقبة، بالإضافة لانتشاره في مناطق ثنايا الجسم.
• الحمرة (التهاب جلدي)، يمكن أن تسبب البكتيريا العقدية المقيحة التهاب جلدي يدعى بمرض الحمرة حيث يمكن تشخيصيه سريرياً بملاحظة الحمرة الجلدية بالإضافة لوجود انتفاخ، وارتفاع في درجة حرارة الجسم، والشعور بالألم.
• التهابات جلدية، يمكن للبكتيريا العقدية المقيحة التسبب بالعديد من الأمراض الجلدية مثل داء الحصف الذي يصيب الأشخاص بمختلف الأعمار ويكثر الإصابة به من قبل الأطفال بين عمر 2-5 سنوات، كما تسبب هذه البكتيريا التهاب الأنسجة الخلوية العميقة على خلاف داء الحمرة الذي يصيب طبقات الجلد السطحية وتسبب الإصابة بهذه البكتيريا التهاب اللفافة الناخر الذي يتمثل بإصابة الجلد، والأنسجة الرخوة، والطبقات التي تلي طبقة الجلد العلوية، والعضلات.

للمزيد: التهاب الجيوب الأنفية 

الأدوية المستخدمة في القضاء على البكتيريا العقدية المقيحة

تعد أنواع الأدوية التالية أهم الأدوية المستخدمة في علاج الأمراض التي تسببها البكتيريا العقدية المقيحة:

• الأدوية من مجموعة البنسيلين، تمثل مجموعة البنسيلين المجموعة الأمثل لعلاج حالات التهاب البلعوم، والأنسجة الرخوة، والتهابات الجلد البسيطة والمتوسطة. حيث يمكن تناول 500مليجرام مرتين إلى ثلاث مرات يومياً لمدة عشرة أيام من دواء بنسلين، ويمكن استبدال هذا الدواء بأدوية من الجيل الأول من مجموعة السيفالوسبورين، بالإضافة لهذه الأدوية يمكن تناول الأدوية من مجموعة الماكروليد ومجموعة و لينكوساميد للقضاء على هذه البكتيريا بالأخص من قبل الأشخاص الذين يعانون من حساسية البيتا لاكتام.
• مجموعة الفلوروكينولون، يندرج دواء الليفوفلوكساسين والموكسيفولكساسين ضمن مجموعة الفلوركينولون التي يمكن تناول أدويتها إما عن طريق الفم أو عن طريق الإبر. تحدد جرعة الليفوفلوكساسين ب500 مليجرام و400 مليجرام للموكسيفولكساسين مرة واحدة يومياً لمدة 5-10 أيام حسب شدة الأعراض المرافقة للإصابة.
• مجموعة التتراسيكلين، تحدد جرعة التتراسيكلين إما عن طريق الفم أو الإبر بقرابة 250-500 مليجرام أربع مرات يومياً، وما يقارب 100 مليجرام مرتين يومياً من الدوكسيسيكلين إما عن طريق الفم أو الإبر. توصف هذه الأدوية بالجرعة المحددة ليتم تناولها خلال 5-10 أيام حسب شدة الأعراض المصاحبة للإصابة.
• لينوزولايد، يمكن تناول هذا الدواء إما عن طريق الفم أو عبر الحقن بجرع محددة بحوالي 600 مليجرام مرتين يومياً لمدة 5-10 أيام حسب شدة الأعراض المصاحبة للإصابة.
• الفانكوميسين، يوصف دواء الفانكوميسين بجرعة محددة قرابة 30 مليجرام لكل كيلوجرام يومياً وتكرر هذه الجرعة مرتين خلال اليوم، يعالج المريض بهذا الدواء عن طريق الإبر حسب الجرعة الموصوفة من قبل الطبيب لحين تحويل المريض على مضاد حيوي آخر يؤخذ عن طريق الفم.

اقرأ أيضاً: التهابات الجهاز التنفسي العلوي