أفاد باحثون بأن عدم تطابق نسبة التهوية - التروية في الرئتين (Ventilation-perfusion) يساهم في إصابة مرضى عدوى فيروس كورونا الجديد بنقص التأكسج (Hypoxemia).
وقد أشارت النتائج التي توصل إليها الباحثون إلى أن أحد أسباب نقص التأكسج (نقص الأكسجين) حتى في الحالات التي تكون فيها المطاوعة الرئوية (قدرة الرئة على التمدد والتوسع) محفوظة قد ينجم عن الخلل في وظائف الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى عدم تناسب التهوية (الاكسجين الذي يصل إلى حويصلات الهواء في الرئتين في الدقيقة الواحدة)- للتروية (الدم الذي يصل إلى حويصلات الهواء في الرئتين في الدقيقة الواحدة).
استخدم الباحثون تقنية التصوير المقطعي ثنائي الطاقة (Dual-energy CT imaging) لفحص تروية الرئة بالدم لدى ثلاث مرضى يعانون من عدوى فيروس كوفيد-19، وكان لدى المرضى تراكيز عالية من بروتين دي دايمر D-Dimer (بروتين يتكون في الدم عند ذوبان الجلطات) وقد اشتبه الأطباء في إصابة هؤلاء المرضى بالانصمام الرئوي.
لم يلاحظ الباحثون عند التصوير وجود أي صمات رئوي (جلطة رئوية)، ولكن كان هناك شذوذ في تروية الدم في الرئتين لم تسبق مشاهدته لدى المرضى، وقد تضمن هذا الشذوذ على ازدياد تروية الدم في أنسجة الرئة الداخلية مثل الشعب الهوائية في مناطق العتامة (الأنسجة المصابة من الرئة)، وانخفاض التروية في الأنسجة المحيطية من الرئتين نتيجة لتروية مناطق العتامة في الأنسجة المحيطية من الرئة أيضاً، وازدياد للتروية في الأنسجة المشتركة بين أنسجة الرئة المحيطية وأنسجة الرئة الداخلية.
في الأنواع الأخرى من الالتهاب الرئوي والأمراض الرئوية يحدث نقص التأكسج و تضيق في الأوعية الدموية عندما تتقلص الأوعية الدموية التي تزود الأنسجة الغير طبيعية من الرئة بالدم بشكل مؤقت، مما يقلل من تدفق الدم إلى الأنسجة التي يكون فيها الأكسجين منخفض، ويزداد تدفق الدم إلى الأنسجة السليمة أو الأقل تأثراً في الرئة، ولكن أظهر التصوير المقطعي للمرضى الذين يعانون من عدوى فيروس كوفيد-19 عكس هذه العملية تماماً، حيث ظهر توسع الأوعية الدموية في الأجزاء المصابة من الرئتين، وتقلص الأوعية الدموية في الأجزاء الغير مصابة من الرئتين.
وجد الباحثون أيضاً انخفاض كبير في تدفق الدم إلى الأنسجة الخارجية من الرئتين، مما يعني إصابة الرئتين بالالتهاب الشديد لدرجة أنه لا يمكن تزويدها بالدم، أو أن هذا الانخفاض في تدفق الدم حدث نتيجة لتلف الأوعية الدموية أو بسبب احتواء هذه الأوعية الدموية على خثرات (الجلطات) صغيرة.
من المثير للاهتمام أنه تمت ملاحظة ازدياد في توسع الأوعية الدموية والتروية حول الأنسجة المصابة وعلى حوافها على الرغم من وجود عيوب نقص التروية في الأنسجة المصابة، مما يعني أنه لا يزال هناك تحويل للدم لهذه الأنسجة المصابة، كما تمت ملاحظة توسع غير طبيعي في الأوعية الدموية في محيط الرئة، مما يشير إلى احتمال حدوث تحويل للدم في الأوعية الدموية الصغيرة في محيط الرئة.
وجد الباحثون ما لا يقل عن 9 حالات أخرى مصابة بعدوى فيروس كوفيد-19 وتعاني من نقص التأكسج الناجم عن عدم تطابق نسبة التهوية –التروية.
يشير الشذوذ في التروية بالإضافة إلى التوسع الكبير في الأوعية الدموية في الأجزاء الداخلية والمحيطية المصابة من الرئة إلى تحول الدم الداخلي في الرئتين إلى المناطق التي يضعف فيها تبادل الغازات، مما يؤدي إلى تفاقم عدم تطابق نسبة التهوية – التروية، ونقص التأكسج.
يمكن أن يلعب الخلل في الأوعية الدموية دور رئيسي في أعراض عدوى فيروس كوفيد-19، إلا أن الأبحاث والتقارير الأخيرة ركزت على تسبب العدوى بالجلطات (الآثار الخثارية للعدوى) بما في ذلك الانصمام الرئوي المتكرر، على الرغم من أنه قد تكون آثار الخلل في وظائف الأوعية الدموية على المرضى أكبر من آثار الجلطات التي قد لا تكون من أهم أعراض عدوى كوفيد-19.
يمكن أن يتطور عدم تطابق نسبة التهوية -التروية عند الإصابة بأمراض الرئة الأخرى بما في ذلك متلازمة الضائقة التنفسية الحادة، إلا أن الالتهاب الرئوي الناجم عن عدوى فيروس كوفيد-19 يمكن أن يسبب عدم تطابق نسبة التهوية -التروية المبكر أو الشديد او الأكثر تكرار مقارنة بالأمراض الرئوية الأخرى، ويعتقد الباحثون أن موضوع الخلل في الأوعية الدموية لدى مرضى عدوى كوفيد-19 يستحق المزيد من الدراسة.
اقرأ أيضاً: ارتباط ظهور حالتين عصبيتين نادرتين بعدوى فيروس كورونا