يعد الشاي (بالإنجليزية: Tea) من أكثر أنواع المشروبات استهلاكاً في العالم إلى جانب الماء. ويتوفر من مشروب الشاي أربعة أنواع حقيقية رئيسية هي: الأسود والأخضر والأبيض وشاي الأولونغ (ويعرف أيضاً باسم الشاي الصيني الأسود).

تأتي جميع أنواع الشاي الأربعة من نبتة الكاميليا سينينسيس (بالإنجليزية: Camellia Sinensis)، ولا تعد أنواع الشايات العشبية شاياً حقيقياً لأنها لا تأتي من نبتة الكاميليا سينينسيس.

يمثل شاي الأولونغ الصيني ٢٪ فقط من استهلاك الشاي حول العالم، وعلى الرغم من قلة شعبيته، إلا أنه يمتلك مجموعة متنوعة ومضاعفة من الفوائد الصحية كونه يجمع بين خصائص من الشاي الأسود والأخضر. 

اقرأ أيضاً: 6 أنواع من الشاي ذات فوائد صحية

           فوائد الشاي الأخضر

ما هو شاي الأولونغ؟

إن شاي الأولونغ هو شاي صيني تقليدي، يعود في الأصل إلى ٤٠٠ سنة حيث تم استخدامه في الصين على نطاق واسع، وعلى الرغم من أن جميع أنواع الشاي الحقيقية تأتي من النبتة نفسها إلا أن الاختلاف يكون في كيفية تحضيرها.

تحتوي جميع أوراق الشاي على إنزيمات معينة تنتج تفاعلاً كيميائياً يسمى الأكسدة، وهذا التفاعل هو المسؤول عن تحويل أوراق الشاي الخضراء إلى اللون الأسود الداكن. وبينما لا يسمح للشاي الأخضر أن يتأكسد كثيراً فإنه يسمح للشاي الأسود أن يتأكسد حتى يتحول للون الأسود. أما شاي الأولونغ الصيني فيسمح له بالتأكسد الجزئي؛ حيث تتوقف عملية تخمير الشاي بمجرد أن يبدأ لون الأوراق بالتغير، وهذا التأكسد الجزئي هو المسؤول عن لون شاي الأولونغ وطعمه المميز. ومع ذلك فإن لون الأوراق قد يختلف باختلاف العلامة التجارية بدءاً من الأخضر وانتهاء بالبني الداكن. 

قيمة شاي الأولونغ الغذائية

يعد شاي الأولونغ هدية من الطبيعة كونه غني بمضادات الأكسدة (بالإنجليزية: Antioxidants) التي تكونت نتيجة التخمير الجزئي - مثل مركبات البوليفينول التي منحته فوائد صحية ذات قيمة عالية، وبالإضافة إلى ذلك فهو يحتوي أيضاً على كميات ضئيلة من الفيتامينات والمعادن المهمة مثل الكالسيوم، والمنغنيز، والنحاس، والصوديوم، والسيلينيوم، والبوتاسيوم، والمغنيسيوم، والفلوريد. كما يحتوي أيضاً على مركبات قلوية لإزالة السموم مثل نياسيناميد.

ويحتوي شاي الأولونغ أيضاً على الكافيين (بالإنجليزية: Caffeine) والثيوفيلين و الثيوبرومين (الذي قد يحفز الجهاز العصبي عند الاستهلاك المفرط). كما يحتوي أيضاً على الثيانين وهو الحمض الأميني المسؤول عن منح شاي الأولونغ تأثيره المساعد على الاسترخاء. 

ما هي الفوائد الصحية لشاي الأولونغ؟

هناك العديد من الفوائد الصحية التي يعتقد انها مستمدة من شرب شاي الأولونغ الصيني وهي:

أولاً: يساعد في تحسين صحة القلب

يساعد استهلاك الشايات الغنية بمضادات الأكسدة مثل شاي الأولونغ على تحسين صحة القلب. وأشارت العديد من الدراسات التي تم إجراؤها على أشخاص يشربون الشاي بانتظام إلى انخفاض مستويات الضغط والكوليسترول في الدم، بالإضافة إلى انخفاض مخاطر الإصابة بأمراض القلب. كما توجد العديد من الدراسات التي تناولت شاي الأولونغ على وجه التحديد، فمثلاً وجدت دراسة أجريت على أكثر من ٧٦ ألف ياباني بالغ أن الأشخاص الذين يتناولون ٢٤٠ ملليلتر أو أكثر من شاي الأولونغ يومياً كانوا أقل عرضة لخطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة ٦١ بالمئة.

وأشارت دراسة أخرى أجريت في الصين إلى انخفاض خطر الإصابة بالسكتات الدماغية بنسبة ٣٩ بالمئة لدى الأشخاص الذين يشربون ٤٨٠ ملليلتر أو أكثر من شاي الأولونغ أو الشاي الأخضر يومياً.

بالإضافة إلى ما سبق فإن استهلاك ١٢٠ ملليلتر من شاي الأولونغ أو الشاي الأخضر يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم بنسبة تصل إلى ٤٦ بالمئة، إلا أنه لم تتفق جميع الدراسات على ذلك، ويجب تذكر أن شاي الأولونغ يحتوي على الكافيين الذي من شأنه أن يرفع ضغط الدم قليلاً لدى بعض الناس. 

اقرأ أيضاً: أطعمة تقيك خطر الإصابة بأمراض القلب

ثانياً: يساعد في إنقاص الوزن

يعتقد العلماء أن بعض مركبات البوليفينول (بالإنجليزية: polyphenols) الموجودة في شاي الأولونغ قد تعزز عملية الأيض وتقلل من كمية الدهون التي يتم امتصاصها من الغذاء. ويعتقد أيضاً أن هذه المركبات التي تعد مضادات للأكسدة تنشط الإنزيمات التي تساعد على استخدام الدهون المخزنة في الجسم لإنتاج الطاقة، كما أن شاي الأولونغ يساعد على حرق السعرات الحرارية، وقد يكون هذا جزئياً بسبب محتوى الكافيين في الشاي، ولكن مركبات البوليفينول تلعب دوراً بهذا أيضاً.

وفي دراسة تم إجراؤها عام ٢٠٠٩ وتم نشرها في المجلة الصينية للطب البديل على ١٠٢ من الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، وجد أن الذين شربوا أربعة أكواب من شاي الأولونغ فقدوا من وزنهم، حيث فقد ٢٢ بالمئة منهم أكثر من ٣ كيلوغرام من وزنهم، علاوة على ذلك أظهر جميع المشاركين انخفاضاً ملحوظاً في إجمالي مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية لديهم.

ولاختبار هذه الفكرة قام الباحثون بمقارنة أثر مادة الكافيين وحدها مقابل أثر الكافيين والبوليفينول معاً على الوزن، حيث وجدوا أن كلا المادتين منفردتين زادتا  كمية السعرات الحرارية التي تم حرقها بنسبة ٤.٨٪، لكن الشاي الذي يحتوي على مزيج منهما أدى إلى زيادة القدرة على حرق الدهون.

ومع ذلك لم توضح أي من الدراسات فيما إذا كانت زيادة حرق السعرات الحرارية وحرق الدهون يؤديان إلى خسارة حقيقية في الوزن في البشر، علاوة على ذلك فإن استجابة البعض كانت أفضل من استجابة البعض الآخر؛ لذا فإن تأثير شاي الأولونغ على الوزن قد يختلف من شخص إلى آخر. 

ثالثاً: يساعد في الوقاية من مرض السكري

بشكل عام، يعتقد أن مضادات الأكسدة الموجودة في الشاي تساعد على تقليل مستويات السكر في الدم. كما يعتقد أنها تزيد من حساسية الإنسولين (بالإنجليزية: Insulin Sensitivity). ووفقاً لذلك فإن العديد من الدراسات أشارت إلى وجود علاقة بين استهلاك الشاي بانتظام وبين تحسين التحكم في مستويات السكر في الدم وتخفيض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. 

أما بالنسبة للتأثير الخاص لشاي الأولونغ على مرض السكري فلم يتم البحث حوله بشكل جيد كالشاي الأسود أو الأخضر. ولكن لوحظ أن الأشخاص الذين يشربون ٧٢٠ ملليلتر من شاي الأولونغ يومياً يقل لديهم خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة ١٦٪، كما أن استهلاك لتر واحد من شاي الأولونغ يومياً لمدة ٣٠ يوماً يخفض مستويات السكر في الدم بنسبة 3.3 بالمئة.

غير أنه لم تتفق جميع الدراسات على ذلك، بل وأفاد أحد التقارير أن خطر الإصابة بمرض السكري يزيد لدى الأشخاص الذين يشربون ٤٨٠ ملليليتر أو أكثر يومياً من شاي الأولونغ، ويرجح أن يكون تلوث الشاي بالمبيدات الحشرية هو السبب المحتمل للتأثيرات السلبية المذكورة في هذا التقرير ولا يوصى بتجنب شاي الأولونغ بسببه. 

رابعاً: يساعد في تحسين وظيفة الدماغ

تساعد عدة مكونات في الشاي على تحسين وظيفة الدماغ ومنع حدوث مرض الزهايمر. فمثلاً يعمل الكافيين على زيادة إفراز هرموني الدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine) والنورابينفرين (بالإنجليزية: Norepinephrine). ويعتقد أن هذين الهرمونين في الدماغ يفيدان في تحسين المزاج والانتباه ووظيفة الدماغ والتيقظ العقلي (بالإنجليزية: Mental Alertness). كما أن إضافة السكر إلى المشروبات الغنية بالكافيين يجعله كمشروب طاقة ويحسن الأداء العقلي.

بالإضافة إلى ذلك فإن الثيانين (الحمض الأميني الموجود في الشاي) قد يساعد أيضاً في زيادة الانتباه وتخفيف القلق، ويعتقد أيضاً أن مركبات البوليفينول الموجودة في الشاي لها تأثير مهدئ يبدأ مفعوله بعد ساعتين من تناوله، وعلى الرغم من أنه لم تظهر الدراسات تأثيراً خاصاً لشاي الأولونغ الصيني على الأداء العقلي، إلا أنها في الوقت ذاته لم تذكر أي آثار سلبية له. 

اقرأ أيضاً: تنشيط الذاكرة ووظيفة الدماغ بالغذاء الصحي

اقرا ايضاً :

قيمة سندويش الفلافل الغذائية

خامساً: يساعد في الوقاية من السرطان

يعتقد العلماء أن مضادات الأكسدة الموجودة في الشاي الأسود والأخضر و شاي الأولونغ الصيني قد تساعد على منع طفرات الخلايا التي يمكن أن تؤدي إلى نشوء السرطان في الجسم، كما أن مركبات البوليفينول الموجودة في الشاي قد تقلل أيضاً من معدل انقسام الخلايا السرطانية. كما تشير إحدى التقارير إلى أن الأشخاص الذين يشربون الشاي بانتظام قد يقل لديهم خطر الإصابة بسرطان الفم بنسبة ١٥ بالمئة، بالإضافة إلى أن النساء اللواتي يتناولن الشاي الأسود أو الأخضر أو الأولونغ هن أقل عرضة للإصابة بسرطان المبيض مقارنة بالنساء اللواتي لا يشربن الشاي او يشربونه نادراً.

لكن أغلب الدراسات في هذا المجال ركزت على تأثيرات الشاي الأخضر أو الأسود مع ملاحظة التأثيرات الأكبر للشاي الأخضر، وبما أن شاي الأولونغ يقع في المنتصف بين الشاي الأخضر والأسود فمن المتوقع أن يكون له فوائد مماثلة، ومع ذلك ما زال هناك حاجة إلى المزيد من الدراسات على شاي الأولونغ على وجه التحديد. 

اقرأ أيضاً: مضادات الأكسدة والوقاية من السرطان

سادساً: يساعد في تحسين صحة العظام والأسنان

قد تساعد مضادات الأكسدة الموجودة في شاي الأولونغ في الحفاظ على قوة الأسنان والعظام، وجدت دراسة شملت ٦٨٠ امرأة صينية في سن ما بعد انقطاع الطمث (بالإنجليزية: Postmenopause) أن اللواتي يشربن شاي الأولونغ بانتظام تكون كثافة العظام لديهن أعلى بنسبة 4.5 إلى 4.5 بالمئة من اللواتي لا يشربونه، ومع ذلك فإن العلاقة المباشرة بين شاي الأولونغ والكسور لم يتم التحقيق فيها بعد.

أما بالنسبة لصحة الأسنان فإن شاي الأولونغ يعتبر مصدراً غنياً بالفلوريد مما يساعد في تقوية مينا الأسنان ومنع التسوس، ويمكن أن يكون الفلورايد الزائد ضاراً، لكن شرب أقل من لتر واحد من شاي الأولونغ يومياً يعد آمناً في معظم البالغين. 

سابعاً: يساعد في تخفيف الأكزيما

قد تساعد مركبات البوليفينول الموجودة في الشاي على تخفيف الأكزيما، ففي إحدى الدراسات طُلب من ١١٨ مريضاً ممن يعانون من حالات الأكزيما الشديدة شرب لتر واحد من شاي الأولونغ يومياً بالإضافة إلى الحفاظ على علاجهم الدوائي، فوجدت الدراسة أن أعراض الأكزيما تحسنت خلال أسبوع إلى أسبوعين من بدء الدراسة، وأظهر ٦٣٪ من المرضى تحسناً بعد شهر واحد، كما أن التحسن كان مستمراً وتمت ملاحظة استمرار التحسن في ٥٤ بالمئة من المرضى بعد ٥ أشهر مع الاستمرار بالعلاج المشترك.

ثامناً: يخلص الجسم من الجذور الحرة 

يعمل مركب البوليفينول الموجود في شاي الأولونغ كمضاد للأكسدة، وبالتالي يساعد الجسم في التخلص من الجذور الحرة (بالإنجليزية: Free Radicals) الضارة، وأثبتت دراسة أجريت عام ٢٠٠٢ وتم نشرها في مجلة (Nutrition) أن الفينولات في الشاي تساعد في تفكيك الجذور الحرة، ولذا فإن تناول جرعات يومية من شاي الأولونغ تساعد على مواجهة الضرر المحتمل الذي تسببه هذه الجذور الحرة في كثير من الأحيان للجسم، بما في ذلك السرطان وتصلب الشرايين والسكتة الدماغية والتهاب المفاصل الروماتويدي (بالإنجليزية: Rheumatoid Arthritis) والتنكس العصبي (بالإنجليزية: Neurodegeneration) ومرض السكري.

تاسعاً: يساعد في تخفيف التوتر

في دراسة مفصلة تم إجراؤها على الفئران في معهد أوساكا لعلوم الرعاية الصحية في اليابان، أظهرت الفئران التي تناولت شاي الأولونغ تحسناً ملحوظاً في مستويات التوتر (بالإنجليزية: Stress) بنسبة تصل إلى ١٨ بالمئة، ويعزى هذا الأثر المضاد للتوتر إلى مركبات البوليفينول، كما يعمل الحمض الأميني ل-ثيانين (بالإنجليزية: L-theanine) الموجود في أوراق الشاي على سد مسار حمض ل-جلوتاميك (بالإنجليزية: L-glutamic) إلى مستقبلات الغلوتامات في الدماغ.

يسبب هذا المسار عادة الإثارة العصبية القشرية مما يؤدي إلى زيادة النشاط المعرفي والاستجابة العصبية للتوتر، ونظراً لأن حمض ل-ثيانين  يقوم بسد هذا المسار فإن الإثارة لا تحدث وبالتالي يقل التوتر ويبقى الدماغ في حالة استرخاء. 

هل توجد آثار جانبية لشاي الأولونغ؟

يعتبر تناول شاي الأولونغ آمناً لمعظم البالغين الأصحاء إذا تم استهلاكه بجرعات معتدلة، ويمكن أن يكون تناول شاي الأولونغ غير آمن إذا تم تناوله بجرعات عالية، ونظراً لاحتوائه على الكافيين فإن استهلاكه بكميات كبيرة قد يؤدي إلى القلق والصداع والأرق وعدم انتظام في ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم في بعض الأحيان، وتعتبر كل من وزارة الزراعة الأمريكية والهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية أن تناول ٤٠٠ ملليغرام من الكافيين يومياً آمن، وهذا يعادل 1.4 إلى 2.4 لتر من شاي الأولونغ (أي ٦ إلى ١٠ أكواب)، أما بالنسبة للنساء الحوامل فينصح بالالتزام بحد أقصى مقداره ٢٠٠ ملليغرام من الكافيين في اليوم الواحد (أي ما يعادل ٣ إلى ٥ أكواب من شاي الأولونغ).

بالإضافة إلى ذلك يمكن للفلافونيدات (بالإنجليزية: Flavonoids) الموجودة في الشاي أن ترتبط بالحديد الموجود في الأغذية النباتية مما يقلل من امتصاصه في الجهاز الهضمي بنسبة ١٥ إلى ٦٧ بالمئة، لذا فإنه يجب على الأشخاص الذين يعانون من نقص الحديد تجنب شرب الشاي مع وجبات الطعام واستهلاك الأطعمة الغنية بفيتامين C والتي تساعد في امتصاص الحديد. 

اقرأ أيضاً: العادات السيئة لتناول الشاي وأضرار شرب الشاي بكثرة

التداخلات الدوائية مع شاي الأولونغ

باعتبار أن شاي الأولونغ يحتوي على الكافيين، فإنه يجب عدم تناوله بالتزامن مع الأدوية المحفزة للجهاز العصبي مثل الأمفيتامينات (بالإنجليزية: Amphetamines)، والكوكايين، والإفيدرين (بالإنجليزية: Ephedrine). 

وأخيراً، فإنه قد لا يكون شاي الأولونغ معروفاً بقدر الشاي الأخضر أو الأسود، إلا أن له فوائد صحية مماثلة عديدة، ويعتبر شاي الأولونغ إضافة صحية ولذيذة إلى أسلوب حياتك ويستحق التجربة. 

food

قدر وجباتك واحتياجاتك الغذائية على الفور
احصل على تقدير استهلاكك اليومي من الطعام واتخذ خيارات أكثر صحة. جربه الآن
التقط صورة سريعة لوجبتك واكتشف محتواها من السعرات الحرارية بسهولة.