تشهد تطبيقات التأمل انتشاراً غير مسبوق حول العالم، مع آلاف التطبيقات المتاحة اليوم على الهواتف الذكية، مثل Calm وHeadspace، التي أصبحت جزءاً أساسياً من سوق الصحة الرقمية.
هذه التطبيقات لا تساعد فقط ملايين الأشخاص يومياً على ممارسة التأمل بكل سهولة ومن أي مكان، بل تفتح أيضاً آفاقاً جديدة أمام الأبحاث العلمية في مجالات الصحة النفسية والجسدية وفقًا لدراسة حديثة نُشرت في مجلة American Psychologist.
ما هو التأمل؟
ينقسم التأمل عادةً إلى نوعين رئيسيين:
- التركيز العميق: هو توجيه الانتباه إلى شيء واحد فقط، وقد يكون هذا الشيء هو الإحساس بالنَفَس وهو يدخل ويخرج، أو تكرار كلمة ما للوصول إلى الهدوء مثل "السلام"، أو حتى التركيز على شعلة شمعة متوهجة، وعندما يبدأ العقل في الشرود (وهذا طبيعي جدًا!)، كل ما يجب فعله هو إعادته بالتدريج إلى نقطة التركيز.
- المراقبة المفتوحة: حيث يفتح الشخص وعيه التام لكل ما يشعر به من أفكار وأحاسيس وأصوات، ويدعها تمر بلطف دون انتقاد أو أحكام.
اليقظة الذهنية (بالإنجليزية: Mindfulness)، التي تحظى بشعبية كبيرة الآن، هي مزيج جميل بين الطريقتين.
فوائد مثبتة علمياً
لم يعد ممارسة التأمل يتطلب بالضرورة حضور صفوف متخصصة، إذ تشير دراسات حديثة إلى أن الاستخدام المنتظم لتطبيقات التأمل، حتى لو كان قصيراً لمدة 10-20 دقيقة 3 مرات في الأسبوع، يساعد على:
- تقليل القلق والتوتر والاكتئاب.
- تحسين جودة النوم.
- خفض ضغط الدم.
- تقليل التفكير السلبي المتكرر.
- التأثير على بعض الجينات المرتبطة بالالتهابات.
من الصفوف إلى الهاتف الذكي
في السابق، كان التأمل يُمارس غالباً داخل مراكز متخصصة أو عبر جلسات جماعية، لكن التطبيقات جعلته متاحاً للجميع، في أي وقت وأي مكان.
من المزارع في القرى النائية إلى الرياضيين الأولمبيين، يمكن لأي شخص الآن الوصول إلى برامج متخصصة بالتأمل عبر الهاتف.
يقول ديفيد كريزويل، الباحث الرئيسي في الدراسة، وأستاذ علم النفس بجامعة كارنيغي ميلون: "يمكنك أن تمارس تمرينًا سريعًا لليقظة الذهنية لمدة 3 دقائق، وأنت تنتظر في طابور المقهى". هذا النهج المرن يجعل العناية بالصحة النفسية جزءًا طبيعيًا من الروتين اليومي لأي شخص.
فوائد علمية في مجال الأبحاث
تتيح هذه التطبيقات للعلماء فرصًا غير مسبوقة لتوسيع نطاق أبحاثهم بشكل هائل، حيث يوضح كريزويل: "في الماضي، كنت أدرس تأثير التأمل على 300 مريض يعانون من متلازمة القولون العصبي في مختبري. الآن، يمكننا تسخير قوة هذه التطبيقات، وأجهزة الاستشعار الصحية لدراسة 30 ألف مريض حول العالم".
هذا التحول لا يقتصر فقط على زيادة حجم العينات، بل يتيح أيضًا جمع بيانات لحظية ودقيقة حول كيفية تفاعل الناس مع ممارسات التأمل في حياتهم اليومية.
تحديات
ورغم الانتشار الكبير، تواجه تطبيقات التأمل تحدياً جوهرياً وهو مشكلة الاستمرارية، إذ أن 95% من المستخدمين يتوقفون عن استخدام التطبيق بعد حوالي شهر من تحميله فقط. لذلك، يرى الخبراء أن هذه الصناعة تحتاج إلى ابتكار طرق جديدة للحفاظ على المستخدمين، مثلما فعلت تطبيقات تعليم اللغات.
مستقبل مُدمج مع الذكاء الاصطناعي
مع تطور الذكاء الاصطناعي، يتوقع الباحثون أن توفر التطبيقات قريباً تجارب أكثر تخصيصاً، مثل "مساعدين افتراضيين"، حيث يمكن للتطبيق في المستقبل أن يصمم جلسات تأمل تناسب احتياجات الفرد بدقة، سواء كان رياضيًا يسعى لتحسين تركيزه، أو شخصًا يعاني من ألم مزمن.
استفسر من فريق الطبي من أي مكان، وفي الوقت الذي يناسبك الآن!