الإجهاض من أصعب التجارب الجسدية والنفسية التي تمر بها المرأة، وتترك وراءها أسئلةً مؤلمة ومشاعر متداخلة قد يصعب التعبير عنها. وبين صدمة الفقد، والشعور بالذنب والغضب والخوف من المستقبل، تحتاج المرأة إلى دعم حقيقي يعيد إليها توازنها الداخلي قبل أي شيء آخر، خصوصًا أنّ رحلة التعافي النفسي قد تستغرق وقتًا أطول من التعافي الجسدي. [1][9]

في هذا الدليل، نرافقك خطوة بخطوة لتفهمي ما يحدث نفسيًا بعد الإجهاض، وكيف تساعدكِ استراتيجيات الدعم الصحيحة على التعافي والتعامل مع مشاعرك بشكلٍ صحيح.

الآثار النفسية للإجهاض

قد يُولّد الإجهاض موجة معقدة من المشاعر المتضاربة، تختلف حدّتها واستجاباتها من امرأة لأخرى، ولكن من الشائع أن تشكو المرأة من الآتي: [1]

  • الصدمة والارتباك: بسبب صعوبة استيعاب ما حدث والانتقال المفاجئ من انتظار طفل إلى فقدانه.
  • الشعور بالفراغ أو الخدر العاطفي: حيث تشعر بأنها مشاعرها أصبحت خاوية تمامًا.
  • الحزن العميق: من حزن على الجنين المفقود وعلى توقعاتٍ وأحلام كانت ترافق الحمل.
  • الشعور بالذنب: محاولة إيجاد سبب شخصي لما حدث، مع أنّ الإجهاض في معظم الحالات يحدث دون سبب واضح، ولا علاقة له بتصرفات قامت بها المرأة أو لم تقم بها.
  • القلق والخوف: بما في ذلك الخوف من المستقبل أو من تكرار التجربة، والقلق بشأن القدرة على الحمل لاحقًا.
  • الوحدة والعزلة: مثل الشعور بأن الآخرين لا يفهمون حجم الألم، أو عدم الرغبة في مشاركة التجربة.
  • الغضب: سواء أشعرت به تجاه جسدها، أو الظروف، أو تجاه أي شيء له صلة بالتجربة.

هذه المشاعر طبيعية وشائعة، ولا تعكس ضعفًا أو مبالغة؛ بل هي استجابة إنسانية وتحتاج إلى وقت ومساحة للتعافي، علمًا أنّها قد تكون أشد في حال تكرر الأمر أكثر من مرة، كما أنّ فرصة إصابة الأم بالاكتئاب أو القلق تكون أكبر. [1]

اقرأ أيضًا: طرق مختلفة لعلاج الاكتئاب والقلق.

طرق الدعم النفسي بعد الإجهاض: كيف تتعاملين مع الأيام الأولى؟

لا توجد طريقة واحدة أو سهلة للتعامل مع الحزن بعد الإجهاض؛ فكل امرأة تعيش التجربة بطريقتها الخاصة. ومع ذلك، يمكن لبعض الخطوات العملية أن تخفف من حدة الألم وتساعدك على تجاوز الأيام الأولى بشكل أفضل، مثل: [6][7][10]

اسمحي لنفسك بالشعور بالحزن

لا تحاولي إجبار نفسك على تجاوز ما حدث أو التظاهر بأنك بخير. وتذكري الحزن بعد الإجهاض ليس علامة ضعف، بل رد فعل طبيعي لفقدان حقيقي ومؤلم. لذا اسمحي لنفسك بالبكاء، والحزن، وحتى الصمت إذا احتجتِ إليه. [6][7][10]

أما إذا استمر الشعور بالحزن لفترة طويلة وأصبح مرهقًا أو معطّلًا لحياتك اليومية، فقد يكون اللجوء إلى أخصائي نفسي خطوة مهمة لدعمك. [6][7][10]

تذكري أن التعافي يحتاج إلى وقت

لا يوجد "جدول زمني" محدد لتجاوز الحزن، ولا توجد مدة مثالية يجب أن تعودي بعدها إلى طبيعتك. بل يحدث التعافي تدريجيًا، وقد يأتي على شكل خطوات صغيرة: يومٌ أفضل يليه يوم أصعب، ثم يوم يحمل قليلًا من الراحة. [6][7][10]

فلا تضعي على نفسك لتجاوز الألم بسرعة. بل أعطي نفسك الحق في التعافي بالوتيرة التي تناسبك أنت وحدك. [6][7][10]

لا تقسي نفسك واطلبي المساعدة عند الحاجة

قد تشعرين بأنك لا تريدين إزعاج الآخرين، لكن طلب الدعم ليس ضعفًا. اختاري أشخاصًا تثقين بهم واسمحي لهم بالبقاء بالقرب منك، حتى لو كان ذلك فقط للجلوس بصمت أو الاطمئنان عليك. [6][7][10]

أخبريهم بوضوح بما تحتاجينه؛ فالكثيرون لا يعرفون كيف يساعدون دون توجيه منك، وقد يكون مجرد وجودهم بجانبك دعمًا كبيرًا. [6][7][10]

قد يهمك: الاكتئاب بعد الإجهاض، الأسباب والأعراض وطرق العلاج.

هل لديك اسئلة متعلقة في هذا الموضوع؟
اسال سينا، ذكاء اصطناعي للاجابة عن كل اسئلتك الطبية
اكتب سؤالك هنا، سينا يجهز الاجابة لك

تحدثي مع الآخرين وعبّري عن مشاعرك

التعبير عن المشاعر يساعد الدماغ على معالجة التجربة بدلًا من كبتها. جرّبي إحدى الطرق التالية: [6][7][10]

  • كتابة يوميات بسيطة عن مشاعرك وما تمرين به.
  • الحديث مع صديقة أو قريبة تثقين بها.
  • الانضمام إلى مجموعات دعم لنساء مررن بتجارب مشابهة، مثل مجموعات فيسبوك المتخصصة بالدعم بعد الإجهاض.
  • سماع قصص الآخرين ورؤية أن كثيرات مررن بما تمرين به الآن قد يمنحك شعورًا بالطمأنينة والاتصال.

اعتني بصحتك الجسدية لدعم صحتك النفسية

الجسد بعد الإجهاض يمر بالإرهاق والاضطراب، وقد ينعكس ذلك على نومك وشهيتك وطاقة يومك. لهذا السبب، يوصي الأطباء باتباع الخطوات الآتية: [6][7][10]

  • احصلي على قسطٍ كافٍ من النوم لا يقل عن 8 ساعات يوميًا.
  • لا تتخطي وجباتك مهما كنتِ حزينة.
  • ركزي على تناول الأطعمة المغذية لاستعادة طاقتك وتقليل شعورك بالتعب.
  • لا تترددي في التحدث مع الطبيب إذا استمر الأرق أو شعورك بفقدان الشهية.
  • ارتاحي وأجلي أي أنشطة أو مهما تحتاج إلى بذل جهدٍ كبير لفترة.

كيف أتعامل مع زوجتي بعد الإجهاض؟

من المهم أن تذكر نفسك في البداية أن فقدان الحمل ليس خطأ أحد؛ فالكثير من الناس يلقون اللوم على المرأة، لكن معظم حالات الإجهاض تحدث بسبب مشاكل كروموسومية في الجنين وأمور خارجة تمامًا عن سيطرتكما ونبين فيما يأتي بعض النصائح التي تساعدك على التعامل مع زوجتك بعد الإجهاض: [2][3]

وفّر لها الراحة والدعم الجسدي

وهذا يشمل أخذ قسطٍ طويل من الراحة وتناول الطعام الصحي، وتحمّل جزء أكبر من مسؤوليات المنزل لتخفيف الضغط الجسدي والنفسي عنها. وفي حال استدعت حالتها إجراء فحوصات معينة—خاصة في حالات الإجهاض المتأخر أو المتكرر—فوجودك بجانبها يمنحها دعمًا نفسيًا كبيرًا خلال الزيارات الطبية. [2][3]

اقرأ أيضًا: صحة المرأة النفسية في رحلتها الإنجابية.

استمع لها وتحدث معها

قد يبدو الصمت وتجاهل الموضوع هو الخيار الأسهل، خاصة إذا لم تكن معتادًا على التعبير عن مشاعرك، ولكن يُمكن أن يُساعدكما الحوار على تجاوز التجربة، لذا شارك زوجتك الوقت، وامنحها مساحة للتعبير عما تشعر به دون مقاطعة أو تقليل من مشاعرها. [2][3]

واحرص على التحدث معها والاستماع لمشاعرها، وبغض النظر عن أسلوبك في الحزن أو التواصل، حاول أن تكون واعيًا لمشاعرها، واجعل دعمها النفسي أولويتك. [2][3]

تفهم التقلبات المزاجية التي تمر بها

تعاني العديد من النساء من تقلبات مزاجية نتيجة انخفاض هرمونات الحمل، كما قد يكون من الصعب التعامل مع عودة الدورة الشهرية مرة أخرى، لذلك قد تصبح زوجتك عصبية، حزينة أو كثيرة البكاء، لذلك لا تأخذ هذه السلوكيات بشكل شخصي؛ فهي نتيجة طبيعية للألم النفسي وتغير الهرمونات. [2][3]

انتبه لأعراض الاكتئاب وأو القلق

قد تعاني بعض النساء بعد الإجهاض من الاكتئاب أو القلق، وفي بعض الحالات قد تُصاب باضطراب ما بعد الصدمة، وربما تتفاقم أعراض الوسواس القهري، وهنا يأتي دورك في ملاحظة التغيّرات التي تبدو غير معتادة، مثل العزلة الشديدة، فقدان الاهتمام، اضطرابات النوم، أو استمرار الحزن لفترة طويلة؛ لتشجيعها على طلب المساعدة الطبية عند الحاجة. [2][3]

اقرأ أيضًا: أعراض الاكتئاب عند النساء النفسية والجسدية.

كيف يُمكن أن يُساعد الآخرون على تجاوز التجربة؟

من طرق الدعم النفسي الي يُمكن أن تُساعد المرأة على تخطي تجربة الإجهاض: [4][5]

تقدير مشاعر الحزن

حتى في المراحل المبكرة من الحمل، تشعر الكثير من النساء بارتباط حقيقي مع الجنين، ويحزنون على فقده، وقد يكون من الصعب إيجاد الكلمات المناسبة لمواساة شخص يمر بهذه التجربة، لكن مجرد الوجود بجانبهم ومشاركتهم الحزن يكون دعمًا كبيرًا لهم. [4][5]

اختيار الكلمات بعناية

تجنب قول عبارات مثل "يمكنك المحاولة مرة أخرى قريبًا" حتى لو كانت بنية طيبة، فقد لا تكون المرأة مستعدة لسماعها، وبدلاً من ذلك، اسأل عن شعورها وما تحتاجه في تلك اللحظة لتقديم الدعم الحقيقي. [4][5]

الاستماع دون محاولة حل الأمور

بعد فقدان الحمل، تمر المرأة بألم عاطفي شديد، وفي هذه المرحلة، قد يرغب من حولها في تقديم النصائح أو التشجيع، خصوصًا إذا مروا بتجارب مشابهة، لكن في أغلب الأحيان، لا تحتاج المرأة في هذه الحالة إلى حلول أو نصائح، بل إلى شخص يستمع لها بتعاطف ويفهم شعورها. [4][5]

البقاء على تواصل

قد يظن البعض أن الأفضل هو ترك المرأة بمفردها بعد فقدان الحمل، لكن هذا قد يجعلها تشعر بالعزلة؛ لذلك إذا لم تكوني متأكدة من الطريقة المناسبة، فيمكنك إرسال رسالة قصيرة لإعلامها أنك تفكرين بها. [4][5]

sina inread banner image
مساعدك الشخصي من الطبي للاجابة على أسئلتك الصحية
الطبي يطلق سينا، ذكاء اصطناعي لخدمتك الصحية!
اسأل سينا

متى يجب مراجعة الطبيب؟

قد يكون اللجوء إلى المعالج النفسي أو الطبيب النفسي خطوة بالغة الأهمية بعد الإجهاض؛ فالعلاج النفسي يساعدك على فهم ما تمرين به، وتنظيم مشاعرك، والتعامل مع التجربة بطريقة صحية، بينما يمكن للطبيب النفسي وصف الأدوية المناسبة عند الحاجة.

ويُنصح بالتواصل مع مختص إذا استمرت لديكِ أي من الأعراض التالية لأكثر من أسبوعين: [8]

  • القلق الشديد أو غير المبرر.
  • صعوبة التركيز أو اضطرابات النوم.
  • أعراض جسدية مرتبطة بالقلق مثل الرجفة أو التعرق أو الغثيان.
  • فقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية أو الأشياء التي كانت تُشعرك بالمتعة سابقًا.
  • الشعور باليأس أو الخدر العاطفي.
  • أفكار بإيذاء النفس أو انعدام الرغبة في الحياة.
  • الكوابيس المتكررة أو المزعجة.

نصيحة الطبي

رغم أن الإجهاض تجربة مرهقة جسديًا ومؤلمة نفسيًا، فإن الحصول على الدعم المناسب يمكن أن يخفف الكثير من العبء ويُسرّع رحلة التعافي. وجود زوج محب، وعائلة متفهمة، أو صديقة تثقين بها قد يكون هو الفارق الذي تحتاجينه لعبور هذه المرحلة بأمان. ومع ذلك، إذا طال الحزن أو بدأ يؤثر على حياتك اليومية، فلا تترددي في طلب مساعدة الطبيب؛ فهذه خطوة شجاعة تُقربك من الشفاء، لا دليل ضعف.

اقرا ايضاً :

الفحوصات الطبية التي تحتاجها كل إمرأة