اعتمد نجاح اللقاحات المختلفة التي تم استخدامها عبر التاريخ (مثل لقاح الإيبولا والجدري) على إيصال اللقاح للناس وليس فقط على اختراعه، وحتى بالنسبة للقاحات ذات الإمداد المحدود كانت فرق التقصي تتعرف على الأشخاص المصابين بالمرض وتقوم بإعطاء المطعوم للأشخاص الذين على اتصال معهم، مما خلق حصانة ضد المرض وتم الانتصار عليه.

واليوم، تتجه كل الجهود نحو تطوير لقاح (بالإنجليزية: Vaccine) لتحصين الناس ضد فيروس كورونا الجديد (بالإنجليزية: Coronavirus) أو ما يعرف أيضاً باسم كوفيد-19، وتعد السرعة في التقدم نحو الوصول إليه مبهرة، فبعد مرور أشهر قليلة فقط على ظهور المرض أصبح هناك العديد من اللقاحات المعدة للتجربة.

ويتوقع الخبراء أن يكون لدينا لقاح معتمد في غضون عام أو أكثر، وعلى الرغم من أن هذه المدة قد تبدو طويلة جداً للبعض إلا أنه سيكون أسرع تطوير لمطعوم في التاريخ.

وعند تطوير اللقاح هناك العديد من العقبات التي يجب التغلب عليها، ولعل أهمها اختبارات السلامة للتأكد من أن المطعوم لا يزيد المرض سوءاً، وقد كان هذا مصدر قلق أثناء تطوير لقاح لمرض السارس )بالإنجليزية: SARS) وهو أحد أنواع الفيروسات التاجية عام 2003.

يجب على اللقاح أيضاً أن يوفر حماية كافية لكبار السن، نظراً للتدهور في جهاز المناعة المرتبط بالعمر والذي يسمى (الشيخوخة المناعية).

ويمكن للتركيز على العلاج نفسه أن يحجب القضايا المعقدة التي تحيط بعملية إيصاله للناس، حيث أن هذه القضايا حاسمة في تحديد ما إذا كان اللقاح قادرًا على أن يقهر الفيروس. فعلى سبيل المثال، من غير الواضح حالياً كم سيكون عدد الجرعات المطلوبة لمكافحة مرض قد توسع ليشمل معظم سكان الأرض.

وسيحدد عدد الأشخاص الذين طوروا مناعة طبيعية ضد الكورونا (بالإنجليزية: Corona) عند وصول اللقاحات ما إذا كنّا بحاجة إلى ملايين أو مليارات من الجرعات، ونظراً للتكلفة العالية لإنتاج اللقاح - والتي تقدر بحوالي 2 مليار دولار - فإن المستثمرين والشركات والحكومات بحاجة إلى التأكد من أن العاملين على تطوير اللقاح سيقومون بذلك بالشكل الصحيح، بحيث لا يكون إنتاجهم ناقصاً ولا يلبي الاحتياجات منه ومن غير إفراط في إنتاج وإضاعة هذا الاستثمار.

فعلى سبيل المثال، عندما أصبح لقاح إنفلونزا الطيور (H1N1) عام 2009 متاحاً كان تفشي المرض قد توقف وتم التخلص من العديد من الجرعات.

وحتى لو تم التوصل إلى اللقاح المطلوب، فإنه يجب ألا نفشل في إيصاله إلى الأشخاص الذين هم بحاجة إليه، فنحن نواجه نقصاً محتملاً في العاملين في مجال الرعاية الصحية لإدارة جهود التطعيم الجماعي وفي الوقت ذاته هناك خطر لزيادة انتقال المرض عند مطالبة الناس بالحضور لأخذ مطعوم كوفيد-19، وفي حال لم تكن هناك جرعات كافية للجميع فإنه يجب تحديد الأولوية لمن يجب الحصول عليه.

كما يجب التخطيط للتواصل مع الناس حول فعالية اللقاح وسلامته ومراقبته بعناية حتى لا تهتز الثقة في هذا اللقاح الجديد.

وتمثل كل هذه التحديات فرصة للابتكار، بما في ذلك إنشاء لقاحات لا تتطلب التبريد، والأفضل أن تكون لا تتطلب الحقن، وسيكون أمراً رائعاً في حال تم تطوير اللقاح على شكل رقعة جلدية (بالإنجليزية: Skin Patch) يمكن إيصالها للناس عبر البريد ليتم استخدامها ذاتياً.

هل ينتقل الكبد الوبائي بي أو سي لو جاء لعاب على عيني؟

وكملخص للقضايا الأساسية التي يجب مراعاتها عند تطوير اللقاح (منذ اليوم الأول لبدء العمل عليه وليس عند ترخيصه للاستخدام):

  • تحديد عدد الجرعات اللازمة لتأمين متطلبات السوق.
  • تطوير لقاحات لا تتأثر بالحرارة ويمكن استعمالها ذاتياً.
  • ضمان فعالية اللقاح في كبار السن.
  • تأكيد القدرة على تتبع التغيرات في المناعة.
  • المساهمة في زيادة الثقة في المطاعيم عن طريق مراقبة سلامتها بعد إعطائها.

وأخيراً، فإن فيروس كورونا الجديد ليس أكثر مسببات الأمراض عدوانية، لكنه سريع الانتشار ومراوغ؛ لذا فإنه من الضروري وضع استراتيجيات لمحاربته، وعلى الرغم من أن المعركة تبدأ في المختبر، إلا أن ربحها أو خسارتها يكون عند الإيصال.

للمزيد: تاريخ التطعيم

اقرأ أيضاً: كل ما تريد معرفته عن فيروس الإيبولا

اقرا ايضاً :

الشهر العالمي للتوعية بالتهاب الكبد الفيروسي