ابتكار طبي واعد: فقاعات دهنية نانوية لتعديل الحمض النووي في مرض وراثي نادر!

ابتكار طبي واعد: فقاعات دهنية نانوية لتعديل الحمض النووي في مرض وراثي نادر!

في دراسة حديثة نُشرت في مجلة Nature Biotechnology، أعلن باحثون من مركز UT Southwestern الطبي في الولايات المتحدة عن نجاح تجربة علمية واعدة استخدموا فيها فقاعات دهنية نانوية لإيصال علاج جيني مباشر إلى الكبد والرئتين لدى حيوانات مصابة بمرض يُعرف باسم نقص ألفا-1 أنتيتريبسين.

هذه التقنية المبتكرة قد تفتح المجال أمام طرق علاج جديدة لأمراض وراثية مزمنة كانت تعتبر في السابق صعبة أو مستحيلة العلاج.

ما هو نقص ألفا- 1 أنتيرتيبسن؟

نقص ألفا-1 أنتيتريبسين (Alpha-1 Antitrypsin Deficiency) هو اضطراب وراثي يحدث بسبب خلل في جين يُعرف باسم SERPINA1، ما يؤدي إلى نقص في إنتاج بروتين مهم يُدعى "ألفا-1 أنتيتريبسين". هذا البروتين له دور أساسي في حماية أنسجة الرئتين والكبد من التلف.

عندما يقل هذا البروتين أو يتراكم بشكل خاطئ داخل الجسم، يمكن أن يُسبب:

  • مشاكل تنفسية مثل انتفاخ الرئة (Emphysema).
  • تلف الكبد مثل التليف أو الالتهاب المزمن.

ويُقدَّر أن هذا الاضطراب يُصيب ما بين 80 إلى 100 ألف شخص في الولايات المتحدة وحدها.

الحل المبتكر: فقاعات دهنية بحجم النانو

الابتكار الجديد يعتمد على استخدام جسيمات نانوية دهنية، وهي أشبه بـ "فقاعات دقيقة جدًا" مكونة من دهون لا تُرى بالعين المجردة. تعمل هذه الفقاعات كوسيلة ذكية لنقل العلاج الجيني داخل الجسم، وتوصيله مباشرة إلى الخلايا المتضررة في الكبد أو الرئتين.

ما الذي يجعل هذه الفقاعات فعّالة؟

كل فقاعة نانوية تحتوي على مكونات مصممة بدقة:

  • دهون مؤينة: تحفظ شكل الفقاعة واستقرارها.
  • دهون PEG: تحمي الفقاعة من أن يتعرّف عليها جهاز المناعة ويقوم بتدميرها.
  • دهون موجّهة DORI: تعمل مثل "عنوان توصيل"، فترشد الفقاعة إلى خلايا الكبد أو الرئة تحديدًا.
  • دهون فوسفورية: تساعد الفقاعة على الاندماج مع غشاء الخلية المستهدفة.
  • الكوليسترول: بعد اندماج الفقاعة مع غشاء الخلية، يساعد الكوليسترول على تحسين امتصاص محتويات الفقاعة إلى داخل الخلية.
  • محتويات الفقاعة: تحتوي الفقاعة بداخلها على أدوات جينية (مثل تقنية كريسبر) قادرة على تعديل أو إصلاح الحمض النووي.

لماذا يُعتبر هذا إنجازًا مهمًا؟

لأن هذه الطريقة تسمح بإيصال العلاج مباشرة إلى الخلية المصابة بدون جراحة، وبدقة عالية، وبأقل آثار جانبية ممكنة. كما أنها تفتح باب الأمل لعلاج أمراض وراثية مزمنة أخرى بالطريقة نفسها، مثل بعض أنواع التليف أو أمراض الرئة الوراثية.

نتائج الدراسة: أرقام واعدة

عند اختبار هذه التقنية على فئران مصابة بالمرض، كانت النتائج مذهلة:

  • تصحيح الجين: التقنية نجحت في إصلاح الجين المعيب عند حوالي 40% من خلايا الكبد و10% من خلايا الرئة. وهي نسبة تعتبر ممتازة في مجال العلاج الجيني.
  • انخفاض البروتين الضار: بعد إصلاح الجين، انخفض مستوى البروتين الضار المتراكم في الكبد بأكثر من 80%، وهذا يعني أن الخلايا بدأت تعمل بشكل أفضل.

وقد علّق الدكتور تيرنس فلوت، وهو خبير بارز في أمراض الجهاز التنفسي، على هذه النتائج بقوله: "هذه النتائج تعطي أمل كبير بإمكانية استخدام هذا النوع من العلاج الجيني لمساعدة مرضى يعانون من أمراض وراثية أخرى أيضًا".

آفاق مستقبلية واعدة

تأتي هذه النتائج في وقت تعمل فيه شركات رائدة مثل Beam Therapeutics وReCode Therapeutics على تطوير تقنيات مشابهة لاستهداف أمراض وراثية أخرى، وأبرزها مرض التليف الكيسي.

وقد حصلت شركة ReCode بالفعل على تصنيف "الدواء اليتيم" (Orphan Drug) من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، وهو تصنيف يُمنح للأدوية التي تُطوّر لعلاج أمراض نادرة، بهدف تسريع اعتمادها وإيصالها إلى المرضى بشكل أسرع.

هذا التقدم لا يُمثّل فقط خطوة جديدة في مجال العلاج الجيني، بل هو نقلة نوعية؛ إذ أصبح بالإمكان توجيه العلاج بدقة إلى العضو المصاب، ما يُقلل من الآثار الجانبية ويزيد من فعالية النتائج.

وبدلًا من الحديث عن "إمكانية تعديل الجينات" فقط، نحن اليوم نقترب من واقع علاجي جديد قد يُحدث فرقًا حقيقيًا في حياة الملايين حول العالم.

هل لديك أسئلة حول الأمراض الوراثية أو العلاجات الجينية؟ يمكنك دائمًا التواصل مع أطبائنا المعتمدين عبر "الطبي" للحصول على إجابات موثوقة، في أي وقت ومن أي مكان.

هل وجدت هذا المحتوى الطبي مفيدا؟

 دكتورة في الصيدلة تخرّجت من الجامعة الأردنية بتقدير "جيد جدًا"

أسئلة وإجابات مجانية مقترحة متعلقة بالامراض الوراثية

آخر مقاطع الفيديو من أطباء متخصصين

أحدث الفيديوهات الطبية

عرض كل الفيديوهات الطبية
ذات صلة :
حمية الكبد الدهني الكيس الدهني بالثدي

food

قدر وجباتك واحتياجاتك الغذائية على الفور
احصل على تقدير استهلاكك اليومي من الطعام واتخذ خيارات أكثر صحة. جربه الآن
التقط صورة سريعة لوجبتك واكتشف محتواها من السعرات الحرارية بسهولة.