لطالما ارتبط التهاب المسالك البولية (UTI) بالنظافة الشخصية أو النشاط الجنسي، لكن دراسة أميركية جديدة قلبت هذه الصورة رأسًا على عقب؛ إذ كشفت أن قرابة 1 من كل 5 إصابات سببه بكتيريا «إي كولاي» (E. coli) الموجودة في اللحوم الملوّثة؛ وليس نتيجة انتقال العدوى بين البشر كما كان يُعتقد سابقًا.
العلاقة بين التهاب البول واللحوم
أُجريت الدراسة بين عامي 2017 و2021 في جنوب ولاية كاليفورنيا، حيث جمع الباحثون آلاف العينات من بول المرضى المصابين بالتهاب المسالك البولية، إلى جانب عينات من لحوم الدجاج، ولحوم الأبقار، والديك الرومي المباعة في المتاجر.
بعد تحليل الحمض النووي للبكتيريا في العينات، تبيّن أن 18% من الحالات مصدرها بكتيريا قادمة من اللحوم، وفي المناطق منخفضة الدخل، ارتفعت النسبة إلى 21.5%، مما يعني أن البيئة الغذائية قد تكون عاملاً خفيًا في انتشار هذه العدوى.
يقول البروفيسور لانس برايس من جامعة جورج واشنطن، وهو كبير مؤلفي الدراسة: «لبكتيريا إي كولاي مقاطع DNA خاصة تساعدها على العيش في أمعاء الدجاج، وأخرى مختلفة تمكّنها من البقاء في أمعاء البشر.»، وهذا يفسّر كيف يمكن أن تنتقل من الطعام إلى الجهاز البولي.
كيف تتحول اللحوم النيئة إلى مصدر للعدوى البولية؟
عادةً ما تحدث التهابات المسالك البولية عندما تنتقل بكتيريا E. coli من الأمعاء إلى الإحليل (الأنبوب الذي يمرّ عبره البول)، وغالبًا ما تُربط العدوى بعادات النظافة أو العلاقة الحميمة. لكن الدراسة الجديدة تشير إلى طريقٍ آخر للعدوى: المطبخ.
فإذا استخدم الشخص لوح التقطيع نفسه للحوم النيئة والخضروات، أو لم يغسل يديه جيدًا بعد لمس اللحم، فقد تنتقل البكتيريا إلى الطعام النيّ أو الأسطح، ومنها إلى الفم، ثم إلى الأمعاء، ومنها إلى المسالك البولية.
يضيف برايس: «حتى غسيل اليدين غير الكامل بعد التعامل مع اللحم النيئ يمكن أن ينقل البكتيريا مباشرةً إلى الجهاز البولي عند دخول الحمّام.»
العدوى أكثر انتشارًا في الأحياء الفقيرة
لاحظ الباحثون أن معدلات العدوى المرتبطة بالطعام كانت أعلى في المناطق منخفضة الدخل، حيث تتداخل عوامل عدّة:
- التغليف الرديء للحوم في بعض المتاجر يؤدي إلى تسرب العصارات الملوثة إلى منتجات أخرى.
- نقص مواد التنظيف أو أدوات المطبخ النظيفة في بعض المنازل يجعل فرص التلوث أعلى.
وفي دراسة سابقة عام 2017 على 100 منزل في ولاية بنسلفانيا، وُجد أن نقص المناديل الورقية، ومواد التعقيم ارتبط بزيادة تلوث الأسطح ببكتيريا E. coli.
تعلّق الباحثة جينيفر كوينلان، مؤلفة تلك الدراسة ومديرة مركز أبحاث الأمن الغذائي في جامعة Prairie View A&M أنه إذا كان الناس يعانون من ضيق مادي، فلن تكون مواد التنظيف ضمن أولوياتهم، ما يجعل العدوى تنتقل بسهولة أكبر.
كيف نحمي أنفسنا من العدوى المنقولة عبر الطعام؟
رغم خطورة النتائج، إلا أن الخبراء يؤكدون أن الوقاية من التهابات البول ممكنة من خلال ممارسات بسيطة في المطبخ:
- شراء اللحوم المعبأة بإحكام، ومن المصادر الموثوقة.
- طهي اللحوم جيدًا، وعدم تناولها نصف ناضجة.
- استخدام أدوات ولوحات تقطيع منفصلة للحوم والخضروات.
- غسل اليدين والأسطح بعد التعامل مع اللحوم النيئة.
- تطهير الأحواض والإسفنج وأدوات التنظيف بانتظام، باستخدام محلول مبيّض أو حرارة عالية.
كما ينصح الخبراء بحفظ اللحوم في درجة حرارة لا تتجاوز 4 درجات مئوية في الثلاجة، وتجنب غسل اللحم بالماء (إذ قد ينشر البكتيريا بدل إزالتها).