هل نواجه أزمة عقم عالمية؟ تقرير WHO يكشف الحقيقة!

هل نواجه أزمة عقم عالمية؟ تقرير WHO يكشف الحقيقة!

بينما انشغل العالم بتفشي فيروسات خطيرة مثل ماربورغ وعودة موجات كورونا، كانت أزمة صامتة تتصاعد في الخلفية دون أن يلتفت إليها أحد. فقد كشفت منظمة الصحة العالمية (WHO) عن أرقام مقلقة تُظهر ارتفاعًا غير مسبوق في معدلات العقم لدى الرجال والنساء حول العالم. ولأول مرة في تاريخها، تصدر المنظمة توصياتٍ حاسمة لمواجهة هذه الأزمة! 

فما السبب وراء تزايد حالات العقم بهذه السرعة؟ وكيف تحاول منظمة الصحة العالمية قلب المعادلة؟

أرقام صادمة: ما حجم أزمة العقم حول العالم؟

بحسب أحدث تقرير لمنظمة الصحة العالمية، لم يعد العقم مشكلةً فردية أو نادرة كما يظن البعض؛ بل تحول إلى أزمة صحية عالمية يُعاني منها 17.5% من سكان العالم، مما يعني أنّ شخصًا من كل 6 أشخاص أصيبوا بالعقم خلال مرحلة ما من حياته، وهو رقمٌ صادم يكشف عن حجم المشكلة.

واللافت أنّ معدلات العقم كانت متقاربة بين الدول المتقدمة والفقيرة، إذ سجّلت الدول ذات الدخل المرتفع نسبة 17.8%، مقابل 16.5% في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل. مما يعني أن ملايين الرجال والنساء يُواجهون صعوبة في الحمل بشكلٍ طبيعي، بغضّ النظر عن العمر أو المستوى الاقتصادي أو الخلفية الاجتماعية.

لماذا ارتفعت معدلات الإصابة بالعقم؟

كشفت منظمة الصحة العالمية أن هذا الارتفاع المقلق في معدلات العقم ليس مفاجئًا، بل نتيجة مباشرة للتغيرات العميقة التي طرأت على نمط حياتنا اليومي. فالتوتر المزمن، وتناول الأطعمة غير الصحية، والسهر وقلة النوم، والعمل لساعات طويلة، كلها عوامل تُؤثر مباشرةً على الهرمونات الجنسية والخصوبة لدى الرجال والنساء.

ولا يتوقف الأمر عند ذلك؛ فالتعرض المستمر للمواد الكيميائية، والملوثات، والمبيدات بات جزءًا من الحياة اليومية، ما يؤدي إلى انخفاض جودة الحيوانات المنوية لدى الرجال، وضعف وظيفة المبايض لدى النساء مع مرور الوقت.

كما ذكر التقرير أن الخصوبة بطبيعتها تتراجع مع التقدم في العمر، لذا فإن تأجيل الزواج والإنجاب لفترات طويلة يزيد بشكل واضح من احتمالية الإصابة بالعقم. ويزداد المشهد تعقيدًا مع ارتفاع معدلات الأمراض المزمنة عالميًا، مثل السكري والسمنة واضطرابات الغدة الدرقية—وهي جميعها عوامل تُضعف الصحة الإنجابية وتقلل فرص الحمل الطبيعي.

اقرأ أيضًا: ما لا تعرفه عن أسباب العقم!

العقم ليس مشكلة نسائية فقط: ماذا تقول البيانات؟

ينتشر اعتقادٌ خاطئ يُحمِّل النساء مسؤولية العقم دائمًا، إلا أن التقرير الحديث يكشف حقيقة مغايرة تمامًا. فبحسب منظمة الصحة العالمية، نحو 40% من حالات العقم ترتبط بعوامل لدى الرجال، مثل انخفاض عدد الحيوانات المنوية، وضعف حركتها، والاضطرابات الهرمونية، إضافة إلى الأمراض المزمنة غير المعالَجة.

ويؤكد الباحثون أن خصوبة الرجال تتأثر بعوامل عديدة، أبرزها التدخين، والتوتر المزمن، ونمط الحياة غير الصحي، ما يجعل فحص الرجل خطوة أساسية لا يمكن تجاوزها. لذلك يشدد الخبراء على ضرورة بدء تشخيص العقم بفحص الزوجين معًا وليس المرأة فقط، لضمان تحديد السبب الحقيقي بسرعة، وتجنب إضاعة الوقت أو تحميل طرف واحد المسؤولية بالكامل.

تكلفة العقم… عبء مالي يثقل كاهل الملايين

لا يقف العقم عند حدود الألم النفسي والاجتماعي، بل يمتد ليشكّل أزمة مالية خانقة لكثير من الأسر حول العالم. ففحوصات التشخيص الأولية قد تصل تكلفتها إلى 500- 2000 دولار، وهو مبلغ يفوق الراتب الشهري لعدد كبير من الأسر في بعض الدول.

أما عند اللجوء إلى التقنيات الحديثة مثل أطفال الأنابيب (IVF)، فقد تتجاوز كلفة العلاج 20,000 دولار، أي ما يعادل أضعاف متوسط دخل الأسرة السنوي، خاصة مع احتمالية الحاجة إلى أكثر من دورة واحدة لنجاح الحمل.

وفي عددٍ كبيرٍ من البلدان، لا يُغطي التأمين هذه التكاليف، ويدفعها المريض بالكامل من جيبه، مما يجعل العلاج عبئًا ماديًا ضخمًا لا يستطيع الكثير من الأزواج المجازفة بتحمله إطلاقًا.

توصيات غير مسبوقة من منظمة الصحة: ماذا يتضمن الدليل الجديد؟

لأول مرة في تاريخها، أصدرت منظمة الصحة العالمية دليلًا شاملًا يضم 40 توصية تهدف إلى رفع جودة خدمات تشخيص وعلاج العقم، كان أبرزها الآتي:

  • زيادة الوعي بالوقاية من العقم:

بدلًا من الانتظار حتى تتفاقم المشكلة، تشدد المنظمة على ضرورة نشر حملات توعية واسعة حول العوامل المؤثرة على الخصوبة، مثل التقدم في العمر، السمنة، التدخين، والعدوى المنقولة جنسيًا.

  • التشخيص المبكر والدقيق لكلا الزوجين:

يجب أن يبدأ التشخيص بفحص كلٍ من الرجل والمرأة معًا، بدلًا من فحص الزوجة فقط كما جرت العادة، فهذا يختصر الوقت، والجهد والتكلفة، وويُسرّع الوصول إلى تشخيص دقيق يزيد من فرص نجاح الحمل.

  • الالتزام بأسلوب علاجي تدريجي:

تشدد المنظمة على أهمية البدء بالحلول الأبسط قبل اللجوء إلى التقنيات المتقدمة؛ بدءًا من تغيير نمط الحياة، ثم العلاج الدوائي، وصولًا إلى تقنيات المساعدة على الإنجاب مثل أطفال الأنابيب (IVF) والحقن المجهري، عند الحاجة فقط.

  • تقديم خدمات الدعم النفسي كجزء من العلاج:

من الضروري تقديم الدعم النفسي طوال فترة العلاج؛ خصوصًا أنّ العقم يزيد التوتر والقلق والاكتئاب، كما أنّ الصحة النفسية عنصر أساسي لنجاح العلاج.

كيف نواجه أزمة العقم؟ خطوات بسيطة لكل زوج وزوجة!

تؤكد منظمة الصحة العالمية أن الوقاية من العقم لا تبدأ بإجراءات معقدة، بل بخطوات يومية بسيطة يمكن أن تُحدِث فرقًا كبيرًا في الحفاظ على الخصوبة، ومن أهمها:

  • علاج أي عدوى منقولة جنسيًا فورًا؛ لأنها قد تُسبب أضرارًا دائمة في الجهاز التناسلي لدى الرجال والنساء.
  • الإقلاع عن التدخين؛ لأنه يُقلل جودة الحيوانات المنوية، ويُضعف المبايض.
  • الحفاظ على وزن صحي، فالسمنة والنحافة الشديدة وجهان لعملة واحدة؛ إذ يُؤثرات على التبويض ويُقللان فرص حدوث الحمل.
  • الالتزام بنظام غذائي صحي يُركز على تناول الخضروات الطازجة ومصادر البروتين الصحية، مثل السمك والدجاج.
  • ممارسة النشاط البدني يوميًا، فمجرد 30 دقيقة من المشي أو الرياضة الخفيفة يوميًا تساعد في تنظيم الهرمونات وتحسين صحة الجهاز التناسلي.
  • عدم تأجيل الحمل والإنجاب دون استشارة الطبيب أولًا، فالخصوبة تتراجع طبيعيًا مع العمر، وقد يحتاج علاج بعض مشكلات العقم إلى وقت طويل.

نصيحة الطبي

رغم أن العقم أصبح أزمة صحية عالمية تتسع بصمت، إلا أن جزءًا كبيرًا منها قابل للوقاية والعلاج المبكر. وتُعد توصيات منظمة الصحة العالمية خطوة محورية لتحسين التشخيص والعلاج وتخفيف العبء النفسي والمالي على الأزواج. 

لا تنتظر حتى تواجه المشكلة! ابدأ الآن باتباع خطوات الوقاية والحفاظ على خصوبتك، وتذكّر أن استشارة الطبيب ضرورية إذا استمر تأخر الحمل لمدة عام؛ لضمان التشخيص المبكر والحصول على العلاج المناسب.

هل وجدت هذا المحتوى الطبي مفيدا؟

صيدلانية حاصلة على شهادة البكالوريوس في الصيدلة من جامعة اليرموك عام 2019، أعمل في مجال كتابة وتدقيق المحتوى الطبي منذ عام 2019، وأسعى إلى تقديم معلومات دقيقة وموثوقة تعزز الوعي الصحي

[1] European Medical Journal. Global Infertility Rates Rising, Study Finds. Retrieved on the 1st of December, 2025.

[2] WHO. Infertility. Retrieved on the 1st of December, 2025.

تنبيه

المعلومات الطبية الموجودة على هذه الصفحة تهدف إلى التثقيف العام فقط، ولا تُعد بديلاً عن الاستشارة الطبية. يمكنك الوثوق بخبرة أطباء منصة الطبي المعتمدين للحصول على استشارة طبية دقيقة وشخصية عبر خدمات الرعاية الصحية عن بُعد، المتوفرة على مدار الساعة.

آخر مقاطع الفيديو من أطباء متخصصين

أحدث الفيديوهات الطبية

عرض كل الفيديوهات الطبية
علاج العقم play