سيجارة أو اثنتين مع القهوة أو في المناسبات قد تدمّران قلبك!

هل تظن أن تدخين سيجارتين مع فنجان القهوة، أو "من باب المجاملة" في المناسبات، عادة بسيطة بلا أي ضرر؟ أعد التفكير من جديد. دراسة حديثة ضخمة كشفت أن ما نسمّيه «تدخينًا خفيفًا» يمكن أن يترك آثارًا عميقة في القلب، ويرفع خطر الجلطات والوفاة المبكرة لسنوات طويلة، واللافت أنها لا تختفي مباشرة بعد الإقلاع، بل قد تلازمك لعقود!

أرقام مقلقة: التدخين الخفيف أخطر مما نتوقع!

إذا كنت من “المدخنين الاجتماعيين” الذين يظنون أن سيجارة مع فنجان القهوة أو في مناسبة عابرة لا تُحدث فرقًا، فقد تكشف لك الأدلة العلمية عكس ذلك تمامًا. 

ففي تحليل ضخم قاده باحثون من جامعة جونز هوبكنز اعتمادًا على بيانات 22 دراسة طويلة المدى شملت أكثر من 300 ألف شخص على مدار أكثر من عقدين، ظهرت أمامهم أرقام مقلقة لا يمكن تجاهلها:

• 125 ألف حالة وفاة.
• 54 ألف إصابة بأمراض القلب، شملت الجلطات القلبية، السكتات الدماغية، وفشل القلب.

ووفق النتائج المنشورة في مجلة PLOS Medicine، فإن تدخين 2- 5 سجائر فقط يوميًا يرتبط بـ:

• ارتفاع خطر فشل القلب بنسبة 50% مقارنة بغير المدخنين.
• زيادة خطر الوفاة المبكرة بنسبة 60%.
• واستمرار هذا الخطر لمدة قد تصل إلى 30 عامًا بعد الإقلاع، ما يعني أن آثار التدخين الخفيف ليست مؤقتة كما يعتقد الكثيرون.

قد يهمك: طرق لتنظيف الرئتين بعد الإقلاع عن التدخين.

لماذا التدخين الخفيف يدمّر القلب؟

يظن الكثيرون أن أضرار التدخين لا تظهر إلا لدى من يدخنون علبة كاملة يوميًا أو أكثر، وأن الخطر يقتصر على "المدخنين الشرهين"، لكن العلم يؤكد عكس ذلك تمامًا؛ فالمواد السامة الموجودة في السجائر- من النيكوتين إلى أول أكسيد الكربون- لا تحتاج إلى كميات كبيرة لتسبب الضرر. 

فحتى بضع سجائر يوميًا تكفي لإطلاق سلسلة من التغيّرات الخطيرة داخل الجسم:

• تلف مبكر في جدران الشرايين يسهّل ترسّب الدهون وتضيّق الأوعية.
• زيادة مستويات الالتهاب المزمن الذي يسرّع تطوّر أمراض القلب.
• إضعاف قدرة القلب على ضخ الدم بكفاءة بسبب نقص الأكسجين المتاح للعضلة القلبية.
• ارتفاع ضغط الدم وتصلّب الشرايين نتيجة التأثيرات الفورية للنيكوتين والمواد الكيميائية الأخرى.

باختصار: لا توجد "كمية آمنة" من التدخين. فقد كشف الباحثون أن حتى السيجارة الواحدة تترك أثرًا يتراكم ويؤذي القلب بمرور الوقت.

قد يهمك: ماذا يحدث للجسم عند الإقلاع عن التدخين؟

لماذا لا يكفي خفض عدد السجائر؟ الإقلاع الكامل هو الحل!

أكد الباحثون أن القلب يبدأ باستعادة عافيته تدريجيًا بعد التوقف عن التدخين بشكل كامل؛ إذ يحدث التحسّن الأكبر خلال السنوات العشر الأولى ثم يستمر بشكل ملحوظ مع مرور الوقت. ولكن يجب أن تدرك أن تقليل عدد السجائر لا يكفي إطلاقًا- فالفائدة الحقيقية لا تتحقق إلا مع الإقلاع الكامل.

وتذكر دائمًا أنّ كل سيجارة- مهما بدت قليلة- تُضيف عبئًا إضافيًا على قلبك. كما أن التوقف عن التدخين قبل سن الثلاثين فرصة ذهبية لخفض مخاطر أمراض القلب والوفاة المبكرة لتقترب من مستويات غير المدخنين تمامًا.

توصيات ونصائح فعّالة للإقلاع عن التدخين

قد يبدو الإقلاع عن التدخين قرارًا صعبًا، خاصة إذا أصبحت السيجارة جزءًا من روتينك اليومي، لكن المفاجأة أن أبسط الخطوات قد تغيّر حياتك وصحة قلبك للأفضل.

ويُمكنك كسر حلقة التدخين إلى الأبد. إليك أبرز النصائح التي تساعدك على اتخاذ الخطوة الأولى بثقة:

• أقلِع تمامًا ولا تكتفِ بخفض عدد السجائر فقط:

لأنه لا يحمي قلبك بالشكل المطلوب؛ فالفائدة الحقيقية تبدأ فقط عند الإقلاع الكامل.

• اطلب الدعم ولا تواجه الأمر وحدك:

استعن بالأسرة، والأصدقاء، وبرامج الإقلاع عن التدخين، أو بالطبيب الذي يمكنه تقديم وسائل مساعدة مناسبة مثل اللصقات أو العلكة النيكوتينية.

• استبدل عادة التدخين بسلوك صحي:

مارس الرياضة، اشرب الماء، امضغ العلكة، أو اشغل يديك بأي نشاط بسيط يساعدك على تجاوز الرغبة المؤقتة بالتدخين.

• ابتعد عن المحفزات التي تُثير الرغبة:

تجنب الأماكن التي ينتشر فيها التدخين، والأنشطة أو الجلسات التي تربطها بعادتك القديمة، وغيّر روتينك اليومي لتقليل فرص الانتكاس.

اقرأ أيضًا: أدوية الإقلاع عن التدخين.

نصيحة الطبي

إذا كانت نتائج الدراسة قد دقت جرس الإنذار لديك، فتذكّر أن القرار بيدك الآن. التدخين الخفيف خطير، لكن الجانب المشرق هو أن جسدك يبدأ بالتعافي فور الإقلاع الكامل. وإن بدا الأمر صعبًا في البداية، فاستشر طبيبك حول بدائل النيكوتين التي قد تساعدك على تجاوز المرحلة الأولى بأمان.