تُبنى شخصية الطفل بناءً على طرق وأساليب التربية المتبعة من قبل الوالدين، حيث يعتبر الوالدين هما اول الاشخاص الذين يتعامل معهم الطفل، وهما مصدر تعليمه الأول. يصعب تعميم أسلوب تربوي واحد على جميع الأطفال وجميع البيئات، لذا يجب على الوالدين أن يكونا على درجة كافية من الوعي والدراية في اختيار طرق وأساليب التربية بما يناسب طفلهم والبيئة المحيطة به. من الطبيعي أن تقرن التربية ورعاية الاطفال بخوف وقلق أهاليهم عليهم إذ أن هذا غريزةٌ فطريةٌ، أمّا إذا ازداد هذا الخوف والقلق عن الحد المقبول وأصبح يقيد الأبناء ويؤثر سلباً على شخصياتهم ويقيد تصرفاتهم و نشاطاتهم الحياتية فبهذه الحالة يكون وصل الخوف والقلق لحد الوسواس.
تحول الاهتمام الطبيعي الى وسواس
يشعر الوالدين بالخوف والقلق على أبنائهم حتى من قبل ولادتهم، ويزداد هذا الشعور شيئاً فشيئاً عندما يكبر الأبناء ويبدأون بالاعتماد على أنفسهم أو عند التحاقهم بالمدارس. إذ أن الابناء يقضون معظم وقتهم بعيداً عن إشراف أهاليهم بشكلٍ مباشر مما يستدعي خوف وقلق والديهم عليهم من ناحية جاهزية المكان المتواجدين فيه ونظافته وتوفر إجراءات السلامة العامة فيه ويعد هذا أمرٌ طبيعيٌ ومنطقيٌ، أمّا التفكير والقلق الزائد على الأبناء قد يصنف على أنّه وسواس يؤثرسلباً على شخصياتهم من كافة النواحي الاجتماعية، والعاطفية، والعملية. وبما أنّ للوالدين الدور الأكبر في بلورة وصقل شخصية الطفل، فمن الممكن أن يكتسب الطفل الطبع الوسواسي من أحد والديه. اقرأ أيضاً: الوسواس القهري اضطراب يصيب الأطفال أيضاً
الوسواس القهري
الوسواس القهري هو اضطراب نفسي يتمثل بشكلٍ عام بهواجس وأفكار تتبادر إلى الذهن وتشغل التفكير بشكلٍ متكررٍ ويصعب السيطره عليه، إذ يقوم الشخص المصاب بالوسواس القهري بممارسة بعض التصرفات بشكلٍ لا إراديٍ كردة فعل على الهواجس والافكار التي يفكر بها ظناً منه أنها صحيحة وقد تساعده في الابتعاد عن الهواجس والمخاوف التي تلازمه.
للمزيد: الوسواس القهري.. اضطراب واسع الانتشار
أنواع الهواجس
يعاني الشخص المصاب من الكثير من الهواجس والأفكار التي تتبادر إلى ذهنه وتسبب في قلقه وخوفه من أمرٍ معين، ومن هذه الهواجس ما يلي:
- هاجس الجراثيم والميكروبات.
- هاجس الترتيب والتنظيم.
- هاجس الإصابة بالأمراض.
- هواجس عدوانية تجاه نفسه أو تجاه الآخرين.
اقرأ أيضاً: كيف نحمي الأطفال من جراثيم الصيف؟
للمزيد: أساليب التربية وعدوانية المراهقين
الممارسات الملازمة لمصاب الوسواس القهري
يقوم الشخص المصاب بالوسواس القهري بعدداً من الممارسات التالية:
- غسل اليدين بشكلٍ متكرر وتنظيف جميع الأدوات التي تم استخدامها قبل وبعد الاستخدام.
- المحافظة على ترتيب الأشياء بشكل دقيق ومنظم.
- تكرار التأكد من فعل الشيء بعد القيام به، مثل اغلاق الباب، أو أغلاق الغاز وغيرها من الأفعال.
تشخيص الحالة
يشترط اجتماع النقاط التالية معاً ولفترة طويلة لتشخيص الحالة على أنّها وسواس قهري:
- عدم مقدرة الشخص على التحكم بالهواجس والممارسات التي يقوم بفعلها حتى وإن كان يلاحظ تكرار حدوثها.
- قضاء الشخص أكثر من ساعة يومياً في التفكير في الهواجس التي تتبادر إلى ذهنه والممارسات التي يقوم بفعلها.
- انزعاج الشخص عند ممارسته هذه الأفعال بالرغم من إحساسه بالراحة، لانّ من هذه الممارسات تساعد في التخفيف من الهواجس التي تتبادر إلى أذهانهم.
- إعاقة مثل هذه الممارسات والهواجس سير حياة الشخص بشكلٍ طبيعيٍ.
دور الأهل في حياة الطفل المصاب بالوسواس القهري
يعتبر الطفل والديه هم المثل الأعلى له، وهم الملاذ والملجأ الذي يحتويه دائماً ويحميه من أي ضرر، فيعمد الطفل دائماً على طرح الاسئلة ذاتها على والديه ليطمئن بخصوص الأمور التي تشكل مخاوف بالنسبة له مثل أن هذا الطعام نظيف ولن يسبب له أيّة أضرار وانّ هذا السلوك آمن وغير خطر عليه. إذ ينتاب الأهل الشعور بالإحباط والتذمر بسبب هذه الاسئلة المكررة التي لا نهاية لها ولن تغير أيّة من الاعتقادات والمخاوف التي تواجه طفلهم.
تختلف أنماط اعتياد الاهل على الممارسات التي يقوم بها الطفل كردة فعل عند مواجهته أيٍ من مخاوفه، فتكون إمّا بعزوفهم عن مشاركة من حولهم أنشطتهم، أو امتناعهم عن الذهاب الى الاماكن العامة، او حتى عدم التلفظ بالكلمات التي من الممكن أن تزيد من مخاوف طفلهم تجاه أمر معين. وللاسف اعتياد الاهل على سلوك طفلهم وعدم محاولتهم على التخفيف منه سيزيد الحالة سوءاً من خلال تمادي الطفل ومبالغته في ردة فعله.
دور الأهل في مساعدة طفلهم المصاب بالوسواس القهري
يشكل دور الوالدين جزءاً كبيراً وهاماً في مساعدة طفلهم للتخلص من مخاوفه بالاضافة لباقي أفراد العائلة مثل الأجداد، والاخوان، والأشخاص المحيطين بالطفل. إذ أنّه يمكن للاهل من خلال النصائح والارشادات التي يقدمها لهم الاخصائيون مراقبة تصرفات طفلهم وإرشاده للأمور التي يستحسن اتباعها للتخلص من القلق والخوف الذي يواجه اتجاه أمرٍ ما.
هرم المخاوف
يستطيع الشخص مواجهة جميع مخاوفه والعمل على حلها واحدة تلوى الأخرى من خلال حصر جميع الأشياء أو المواقف التي من الممكن أن تخيفه أو تشكل قلقاً بالنسبة له وترتيبها تصاعدياً حسب درجة القلق والخوف منها، ثم يتم معالجة كل مشكلة على حدى الى أن يتم تخليصه من جميع مخاوفه.
يواجه الكثير من الأشخاص مخاوف من الميكروبات والجراثيم على سبيل المثال التي يمكن التقاطها من خلال استخدام أدوات معينة ودورها في التسبب في العديد من الأمراض والالتهابات. يمكن من خلال اللجوء إلى فكرة هرم الخوف تحديد الأشياء التي يعتبرها الشخص من أهم مصادر الميكروبات والجراثيم ومواجهته بها ومساعدته على التعامل مع هذه الأشياء لمساعدته على التخلص من المخاوف التي يشعر بها بشكلٍ تدريجيٍ، وينصح بمنع الشخص من ممارسة السلوك الذي اعتاد على القيام به بعد تعامله مع مثل هذه الأشياء مثل غسل الأيدي وتعقيمها. مع تدريب الشخص على مواجهته جميع مخاوفه أيّاً كانت سيبدأ يشعر بأنّ الشيء الذي كان يخيفه أمراً عادياً ولا يستدعي ذلك القلق أو الخوف. ويمكن تعميم فكرة هرم المخاوف وتطبيقها للتخلص من جميع الهواجس والأفكار السلبية.