ينظر العالم اليوم إلى قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة كأحد الركائز التي تدل على متانة وقوة اقتصاد البلدان، نظراً لدور هذا القطاع في توفير فرص العمل، ودعم الناتج المحلي، وتنويع مصادر الدخل، وتقديم بيئة حاضنة للابتكار كما يعد مفتاحاً للانتعاش الاقتصادي الشامل والمستدام. ووفقاً لإحصائيات صادرة عن منظمة الأمم المتحدة عام 2021، فإن المنشآت المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة تشكل أكثر من 90% من جميع الشركات في العالم، وتنتج 50% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، وتوظف 70% من إجمالي القوى العاملة.
وفي المملكة العربية السعودية، يحظى قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة باهتمام بالغ، بداية بكونه ضمن المستهدفات الرئيسية في رؤية 2030، من خلال تحديد هدف لرفع إنتاجية هذه المنشآت وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي من 20% إلى 35% بحلول عام 2030، وصولاً إلى تكاتف كافة القطاعات في المملكة لدعم وتقديم الخدمات للمنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تعد من أهم محركات النمو الاقتصادي، عن طريق دعم ريادة الأعمال وبرامج الخصخصة وجذب الاستثمارات في الصناعات الجديدة، مما ساهم في نمو عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتصل إلى 571 ألف منشأة في عام 2020، بحسب الأرقام الصادرة عن الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة "منشآت".
كما أشارت ذات الأرقام أن حصة المنشآت الصغيرة والمتوسطة من إجمالي القروض قد زادت إلى 8.3% في 2020، مقارنة بنسبة 2% عام 2015، بسبب المبادرات الحكومية وتعاون البنوك التجارية وشركات التمويل تحت قيادة البنك المركزي السعودي. كل ذلك ساعد في ارتفاع مساهمة قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالمملكة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 29% بدلاً من النسبة المستهدفة بـ23% فقط العام الماضي.
لكن على الرغم من كل هذه النتائج البارزة التي يحققها قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة، إلا أنها ما تزال تواجه تحديات كبيرة خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالتمويل ولاسيما خلال فترة جائحة كورونا التي أثرت على أداء هذا القطاع وتوفر السيولة اللازمة لإدارة عملياته التشغيلية بما فيها تلبية احتياجاته من خدمات التأمين والرعاية الصحية.
وقد قامت حكومة المملكة بتوفير الدعم الكامل لهذا القطاع عبر برامج التمويل المتنوعة، والبرامج التي تشرف على تنفيذها الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، أو من خلال إصدار التشريعات والضوابط للقطاع الخاص من أجل توفير حلول تمويلية مبتكرة وشراكات استراتيجية وطنية تساعد هذا القطاع على النمو وتجاوز كافة التحديات.
ولعل أبرز الأمثلة على دور الشراكات الاستراتيجية في دعم نمو قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة هو الشراكة بين التعاونية للتأمين والنايفات للتمويل التي نتج عنها إطلاق أول برنامج "تمويل منتج التأمين الصحي" الخاص بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة العربية السعودية، بهدف تيسير عملية شراء وثائق التأمين.
فقد أبرمت التعاونية اتفاقية مع شركة النايفات للتمويل، من أجل توفير حلول تمويلية مبتكرة ومتوافقة مع الشريعة الإسلامية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة الراغبة في الحصول على أفضل تغطية صحية لمنسوبيها وأفراد عائلاتهم، ومتوافقة مع متطلبات مجلس الضمان الصحي. كما من شأن هذا البرنامج تعزيز استدامة قوائم الدخل المالية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، إضافةً إلى تحفيز شمول المجتمع بخدمات التأمين الصحي.
اقرأ أيضاً: التعاونية تدعم استخدام التقنية في مجال الموارد البشرية
وعن مزايا هذا البرنامج والإجراءات المتعلقة بالانضمام إلى برنامج تمويل منتج التأمين الصحي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة من التعاونية، أوضح الرئيس التنفيذي لقطاع التأمين الصحي والتكافلي في شركة التعاونية د.عثمان القصبي، أن هذه الاتفاقية تتيح تسهيلات مالية مميزة لأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة لشراء منتجات التأمين الصحي لمنسوبيها من التعاونية، مع إمكانية دفع قيمة التأمين بالتقسيط على 12 شهرًا أو بحسب الاتفاق مع شركة النايفات للتمويل.
هذا، وقد وضعت التعاونية والنايفات آلية ميسرة لتسهيل استفادة أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خدمات برنامج تمويل التأمين الصحي، تبدأ بتقديم صاحب المنشأة طلباً إلى التعاونية للحصول على التأمين الصحي مبدياً رغبته في الاستفادة من خدمة برنامج التمويل ومرفقاً به كافة المستندات المطلوبة لإصدار الوثيقة، ثم تقوم التعاونية بتحويل العميل إلى شركة النايفات لدراسة طلبه حسب سياستها وإجراءاتها واشتراطاتها، وفي حال قبول الطلب تقوم التعاونية بإصدار الوثيقة وربطها إلكترونياً في نظام مجلس الضمان الصحي، ثم تسدد النايفات كامل مبلغ الاشتراك إلى التعاونية نيابة عن العميل، الذي سيقوم بسداد قيمة الاشتراك لشركة النايفات مقسطاً على دفعات شهرية.
وأكد الدكتور القصبي أن الشراكة مع شركة النايفات تأتي انطلاقاً من استراتيجية التعاونية التي تهدف إلى دعم قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة باعتباره أحد المحركات الرئيسية لنمو الاقتصاد الوطني، ولتسهيل تقديم الحلول التأمينية والمالية التي تساعد هذا القطاع على تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 .
وأضاف الدكتور القصبي: من المتوقع أن يساهم برنامج تمويل التأمين الصحي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في تعزيز استدامة واستقرار قوائم الدخل المالية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، فضلاً عن كونه أحد الحلول التي تتيحها التعاونية والنايفات لمساعدة هذا القطاع على مواجهة إشكاليات التمويل التي تعتبر أحد أهم وأكثر التحديات صعوبة خاصة بعد جائحة كورونا وتأثيرها السلبي.
وأشار القصبي إلى تميّز التعاونية بجهودها في تطوير منتجاتها، وتقديمها للحلول المبتكرة بما يتناسب مع مختلف شرائح العملاء، مؤكداً حرص التعاونية على تحسين تجربة العملاء وتسهيل حصولهم على منتجات التأمين سواء بتقديم تسهيلات في عمليات الدفع أو عبر تطوير طرق دفع جديدة. ومع إطلاق برنامج تمويل منتج التأمين الصحي من التعاونية مع النايفات للتمويل، فإننا نؤكد على سعينا المتواصل نحو مواكبة التطورات التي يشهدها السوق والتغييرات في البيئة الاجتماعية والاقتصادية، خصوصاً لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، الذي يحظى بأهمية وعناية كبيرة من حكومة المملكة العربية السعودية.
الجدير بالذكر أن التعاونية توفر لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة منتج التأمين الصحي بعدة فئات من المنافع تتناسب مع احتياجات مختلف وحدات هذا القطاع، وتتيح الفرصة أيضاً للمستفيدين الانضمام إلى برنامج التعاونية فيتالتي والاستفادة من برنامج تاج لخدمات الرعاية الصحية المتكاملة وبرنامج إثراء.
للمزيد: التعاونية فيتالتي... البرنامج الامثل لتحسين بيئة العمل في الشركات