في حين تم إغلاق المدارس والجامعات التونسية كجزء من إجراءات الإغلاق للحد من انتشار فيروس كورونا الجديد، تستمر العديد من المؤسسات الأكاديمية في البحث عن حلول وأدوات لمكافحة تفشي المرض.
أطلقت المدرسة الوطنية للهندسة في سوسة وكلية الطب في المدينة نفسها، التي تقع جنوب العاصمة تونس، برنامجا لتشجيع الطلاب على إجراء البحوث المتعلقة بتصنيع أجهزة التنفس الصناعي للمصابين بفيروس كورونا وقال مدير كلية الهندسة: "نسعى لتحفيز الطلاب على الانخراط في العلوم والمعرفة مع جميع مؤسسات الدولة لمكافحة تفشي الفيروس، صحيح أن الفصول الدراسية مغلقة، لكن هذا لا يعني توقف العلوم والأبحاث".
بدأ مشروع تصنيع أجهزة التنفس الصناعي في منتصف مارس الماضي والذي أطلق عليه "نعم، نحن نتنفس"، ومثل الدول الأخرى، تخشى تونس من زيادة عدد المصابين والذي بدوره سيؤدي إلى زيادة الطلب على أجهزة التهوية الميكانيكية والمعدات الأخرى بما يتجاوز قدرة المستشفيات العامة.
وقال حبيب فتح الله مستشار مكتب وزير التعليم العالي والبحث العلمي: "اليوم جميع الحدود مغلقة بسبب قيود السفر مما يمنعنا من استيراد المعدات التي نحتاجها"، وقال فتح الله أيضاََ: "حتى لو كانت الحدود مفتوحة، فإن كل دولة تفضل الاحتفاظ بالمعدات والأجهزة لشعبها، لذلك، نحن في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي نراهن على طلابنا وباحثينا كركيزة حقيقية لمكافحة الفيروس."
مشاركة واسعة
ومنذ إطلاق مشروع "نعم، نحن نتنفس"، طلب عدد كبير من الطلاب المشاركة، حتى لو كانوا من مسافة بعيدة، حبث قالت إحدى الطالبات في السنة الثانية بالمدرسة الوطنية للهندسة-"إن هذا البرنامج فرصة عظيمة وتجربة فريدة لنا كطلاب، على الرغم من ظروف حظر التجول الحالية"، وأضافت قائلة: "ومع ذلك، استطعنا مع معلمينا تشكيل مجموعة عمل افتراضية ونجحنا خلال عشرة أيام فقط في تصميم نموذج ثلاثي الأبعاد للأقنعة الطبية ونموذج أولي لجهاز التنفس الصناعي".
تشعر الوردي بسعادة بالغة للمشاركة في هذا المشروع، الذي تقول إنه يعيد البحث الجامعي إلى الدور الذي يستحقه، وقالت: "لم تعد أبحاثنا مجرد أوراق مكدسة على رفوف المكتبة".
وقال أحد الأساتذة الجامعين في المدرسة الوطنية للهندسة بصفاقس، التي انضمت إلى المشروع في وقت لاحق: "نحاول تقسيم العمل إلى مجموعات صغيرة للالتزام بقرار حظر التجول وتجنب الإصابة بالعدوى، وبهذه الطريقة تعمل مجموعة صغيرة في المختبر مع اتخاذ جميع الإجراءات الوقائية اللازمة، في حين تعمل مجموعة أخرى عن بُعد ونلتقي باستمرار عبر الإنترنت لمناقشة تطورات العمل".
حتى الآن، تم تطوير نموذج أولي لجهاز تنفس صناعي متنقل لمساعدة مرضى فيروس كورونا على التنفس أثناء التنقل في سيارة إسعاف، وقد تم الاتصال بالخبراء الصناعيين للتأكد من إمكانية تنفيذه لضمان جدوى البحث، كما عُقدت مناقشات مع العديد من الأطباء للتأكد من أن النموذج الأولي مناسب للاحتياجات الطبية للمرضى ،كما يجري العمل حاليا لتصميم جهاز تهوية ميكانيكية للاستخدام في وحدات العناية المركزة.
دفع هذا المشروع العديد من الجامعات الأخرى للانضمام، حيث أعلنت كليات الطب والهندسة في صفاقس وتونس مشاركتها في البحث لتصنيع الأجهزة التي ستساعد على إنقاذ حياة الكثير من المرضى المصابين بفيروس كورونا وحماية أفراد الطاقم الطبي.
جهود مشتركة
وقال مستشار وزير التعليم العالي والبحث العلمي: "لدينا حتى الآن حوالي 100 مبادرة بحث علمي في تونس تضم ما يقرب من 1000 باحث يعملون باستمرار لتوفير حلول تساعد على مواجهة الفيروس"، وأضاف أيضاََ: "ترسل وزارة الصحة تقارير دورية عن احتياجات المستشفيات إلى وزارة التعليم العالي لمخاطبة الجامعات وتوجيهها للعمل بناءً على هذه الاحتياجات".
وأطلقت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أيضًا موقعًا إلكترونيًا حيث يمكن للباحثين معرفة الاحتياجات الوطنية وتقديم مقترحات للمشاريع التي يرغبون في العمل عليها، وقد خصصت الوزارة حوالي 860.000 دولار كميزانية لهذا المشروع.
كما يهتم قادة الصناعة والمستثمرون بتمويل هذا المشروع.