تعتبر القراءة من أهم المهارات الأساسية التي يوصى بتطويرها لدى الأطفال منذ الصغر، لما لها أهمية ودور في تحقيق النجاح والتفوق في مختلف مناحي الحياة الدراسية، والاجتماعية، وكل ما يحيط بالطفل.
تساعد قراءة الأطفال للقصص والكتب التي تناسب أعمارهم في إثراء قاموسهم اللغوي، وتعزيز الوعي العام الخاص بهم، وتحسين مهارات التركيز والتفكير التحليلي لديهم.
ولكن يتفاعل الأطفال مع القراءة والكتب بشكل مختلف، فمنهم من لديه حب طبيعي للقراءة، ومنهم من بحاجة إلى تحفيز الدافع لديهم. ومما يشجع الأطفال على القراءة هو استمتاعهم بها، ولهذا فإنه من المهم اتباع الطرق والاستراتيجيات المختلفة التي تجذب الطفل للقراءة وتبني الدافع الأهم بالنسبة له؛ وهو الاستمتاع.
يتناول هذا المقال أهمية القراءة للأطفال، وطرق وأفكار عملية لتشجيع الأطفال على القراءة.
متى يمكن بدء القراءة للاطفال؟
يمكن بدء القراءة للأطفال من أي عمر، وحتى قبل أن يبدأ الطفل بالكلام، حيث كلما كان البدء بالقراءة للطفل من سن صغير كلما كان ذلك أفضل.
لا تعني قراءة الكتب للأطفال في عمر صغير جداً القراءة التقليدية للكتاب، بل تكون كخطوة أولى من خلال وضع الطفل بين ذراعي أحد الوالدين برفقة كتاب مناسب، لتبدأ رحلة تعرف الطفل على الكتاب، والنظر إليه، ورؤية الأم أو الأب كيف يمسك الكتاب ويقلب صفحاته بلطف.
ومع تقدم عمر الطفل، يمكن البدء بقراءة كتاب جيد للأطفال بصوت عال والإشارة إلى الصور التي يحتويها الكتاب، وتسمية الأشياء بأسمائها.
ثم عند تعلم الطفل الحروف الأبجدية وكيفية ربطها مع بعضها البعض ومن ثم قراءتها فإن مفهوم القراءة للأطفال يختلف حينها، حيث يصبح لدى الطفل قدرة على المشاركة في القراءة أكثر من مجرد الاستماع أو إمساك الكتاب والنظر لمحتوياته.
اهمية القراءة للاطفال
تكمن أهمية القراءة للأطفال منذ الصغر في فوائدها العديدة في تطوير قدراتهم العقلية والمعرفية، وذلك من خلال ما يلي:
- تساعد القراءة للطفل في التعرف على الأصوات والإيقاعات المختلفة للصوت ودلالاتها، والكلمات، وبالتالي تطوير مهارات الاستماع والتركيز لديهم.
- تساعد القراءة الأطفال على التطور المعرفي وتنمية الفهم العميق والإدراك لديهم، من خلال التعرف على الإشارات والاستدلالات اللغوية.
- تساعد مشاركة الأطفال القراءة على بناء رابط قوي مع الآخرين وتعزيز مهارات التواصل لديهم، إذ يعزز الوقت المشترك ما بين الطفل والأهل أو الأصدقاء أو الأخوة أثناء القراءة من الترابط فيما بينهم.
- تساعد القراءة على إثارة خيال الأطفال وتحفيز فضولهم للمعرفة.
- توضح القراءة للطفل الفرق ما بين الحقيقة والوهم والخيال.
- تساعد القراءة الطفل على التعرف على أنواع المشاعر المختلفة من خلال القصص والمواقف التي تتضمنها الكتب، بالإضافة إلى دورها في تنمية شعور التعاطف لدى الطفل.
- تساعد قراءة الأطفال للكتب المتنوعة على توسيع معرفتهم عن العالم والثقافات الأخرى التي قد تختلف عن البيئة المحيطة به والمعتاد عليها.
- تساهم قراءة الأطفال في تعزيز مخزونهم اللغوي، وتركيزهم، وطريقة تفكيرهم، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على تحصيلهم الدراسي.
يجدر الإشارة إلى أهمية تشجيع الطفل على القراءة حتى بعد دخوله المدرسة والبدء بدراسة الكتب الأكاديمية، إذ أن فوائد القراءة لا تقتصر على مرحلة دون أخرى، بل كلما تقدم سن الطفل وتطورت اختياراته للكتب في مجالات متنوعة، كلما زاد معرفة وازدادت شخصيته قوة.
اقرأ أيضاً: كيف يعزز الطالب مهاراته اللغوية والمعرفية بواسطة القراءة؟
افكار لتشجيع الاطفال على القراءة
في السنوات الأولى للطفل، بما في ذلك أولى سنوات المرحلة الابتدائية تكون القراءة عملية معقدة بالنسبة للطفل، ولهذا فمن المهم أن يكون وقت القراءة ممتعاً ومفيداً في ذات الوقت، وعدم المبالغة في التركيز على عملية إتقان القراءة بل التركيز أكثر على تشجيع الطفل على القراءة وممارستها بانتظام حتى تصبح أحد مهاراته وعاداته المستقبلية الدائمة.
هناك العديد من الاستراتيجيات والطرق المختلفة التي يمكن استخدامها لتحفيز الطفل على القراءة وترغيبه بها، ومنها:
- تخصيص منطقة للقراءة في المنزل
يساعد تخصيص مساحة من المنزل للقراءة في تشجيع الطفل على القراءة، ويمكن ترتيب هذه المساحة بطريقة تناسب الطفل من خلال وضع كرسي وإكسسوارات مريحة، ومجموعة متنوعة من الكتب.
- وجود قدوة للطفل
يقتدي الطفل بمن حوله وخاصة في أولى سنواته، ومن هنا جاءت ضرورة أن يكون الأهل نموذجاً للقراءة يحتذي به الطفل، فرؤية الطفل لأحد الكبار يمسك الكتاب أو أحد الصحف والمجلات بصورة مستمرة يشجعه على القراءة.
شجع طفلك على الانضمام إليك بكتابه الخاص أثناء وقت القراءة.
- زيارة المكتبات المحلية
يمكن أن يساعد حصول الطفل على بطاقته الخاصة للمكتبة المحلية على تشجيعه للذهاب والتجول بين الكتب واختيار الكتاب الذي يلفت انتباهه.
- القراءة بمشاركة الآخرين
الطفل كائن اجتماعي، لذا مشاركته القراءة تجعل منها أمراً ممتعاً بالنسبة له. كذلك، إذا كان للطفل أخ أو أخت أصغر منه سناً، فيمكن تشجيعه على القراءة لهما، فالطفل يحب الشعور بأنه أحد الكبار.
- توفير كتب متنوعة للقراءة في المنزل
يساعد توفير كتب مختلفة من الكتب في المنزل على إثارة اهتمام الطفل لاكتشافها، وخاصة الكتب المصورة وكتب الخيال العلمي المخصصة للأطفال.
ويجب الأخذ بعين الاعتبار توفير الكتب التي تثير اهتمامات الطفل، مع محاولة توسيع مدارك الطفل من خلال اقتراح بعض الكتب والروايات التي يفضل الأهل أن يقرأها طفلهم، ولكن من المهم ألا يفرض الأهل على الطفل قراءة كتاب لا يرغب به في ذلك الوقت.
كما أن توفر الكتب في المنزل تعلم الطفل أن القراءة لا تكون فقط في المكتبة أو المدرسة، بل في كل مكان.
اقرأ أيضاً: معرفة القراءة والمخ وطبيعة العلاقة بينهما
- الحفاظ على عادة القراءة بانتظام يومياً
يساعد تخصيص وقت للقراءة مع الطفل بشكل يومي على الالتزام بهذه العادة، مثلاً، يمكن تخصيص آخر عشر دقائق قبل النوم لقراءة قصة قصيرة. وينصح بتبادل القراءة للطفل بين الوالدين، إذ يرسخ هذا أهمية القراءة للأطفال وتوثيق العلاقة مع كلا الوالدين.
- القراءة بصوت عال
تحفز القراءة للأطفال بصوت عال الخيال لديهم وقدرتهم على تصور الشخصيات وتخيل الموقف وإدراكه.
ينصح أيضاً أثناء القراءة للطفل بالإشارة بأصبع اليد على الكلمات، والإشارة إلى الصور ليربط الطفل بين الكلمات المقروءة والمكتوبة والصور التوضيحية.
للمزيد: قراءة القصص للأطفال
- تشجيع الأنشطة التي تتطلب القراءة
يمكن تشجيع الطفل على القراءة من خلال جعلها مغامرة أو نشاط حركي، وذلك من خلال قراءة وصفة طبخ وتطبيقها، أو قراءة طريقة صناعة طائرة ورقية وتشكيلها، أو قراءة قائمة الاحتياجات المنزلية ومحاولة العثور عليها أثناء التسوق لشرائها.
- التحدث عما يقرأه الطفل
يوصى بعد إنهاء قراءة كتاب ما للطفل أو إنهاء الطفل القراءة بنفسه لأحد الكتب أن يتم النقاش حول ما جاء فيه، وما الجزء المفضل في الكتاب بالنسبة للطفل، وكيف يمكن تطبيق أو الاستفادة مما جاء في الكتاب في الحياة اليومية. وهذا يعزز الفهم لدى الطفل ويجعل من القراءة نشاطاً عائلياً.
فوائد القراءة على سمات الطفل الشخصية
لا تقتصر القراءة على تطوير الإدراك المعرفي لدى الطفل، بل لها دور كبير في بناء شخصية مميزة للطفل، ومن الأمثلة على الصفات المميزة التي تساعد القراءة في تنميتها لدى الطفل ما يلي:
- الثقة بالنفس: تعزز القراءة المعرفة لدى الطفل من مرحلة الطفولة وحتى البلوغ، ومن هنا يصبح لدى الطفل ثقة وقدرة أكبر في الخوض في حوارات مختلفة والإجابة على أسئلة عديدة، مما ينمي لديه شعور الثقة بالذات.
- فصاحة التعبير: تتميز الشخصيات الغنية بالمعرفة بالقدرة المميزة على تنظيم الأفكار والتركيز، والتعبير عن آرائهم أو رغباتهم بأفضل وأوضح الأساليب الممكنة. حيث أن القراءة تساعد على الحد من التوتر والتشويش وتساعد على الاسترخاء وتصفية الذهن.
- احترام الوقت واستغلاله بطريقة صحيحة: ينتج عن تشجيع الأطفال على القراءة منذ الصغر وترغيبه بها، على حرص الطفل بإيجاد الوقت الكافي للقراءة في الكبر. وهذا يعني تقدير الوقت أكثر في كل مكان وظرف، مثل استغلال أوقات الانتظار بالمطالعة.
- اكتساب الخبرات المتعددة: توفر القراءة الخبرات المتنوعة والدروس المهمة، من خلال القراءة والاطلاع على مواقف حياتية عديدة في الروايات أو السير الذاتية ومختلف أنواع الكتب. وبذلك تختصر القراءة سنوات عديدة من الخبرة في وقت قصير، وتساعد الشخص على تجنب الوقوع ببعض الأخطاء التي وقع فيها الغير.
- التفوق والتميز في الحياة: تساعد بعض أنواع الكتب على تعلم استراتيجيات النجاح ومهارات الحياة سواء بالمرحلة الدراسية أو ما بعدها، مثل مثل اختيار التخصص أو الوظيفة، أو حتى البدء أو إنهاء علاقة ما. كما تساعد القراءة على تقليل مشاعر العزلة والاكتئاب.
اقرأ أيضاً: اضطرابات القراءة وسبل علاجها